حكم ما إذا لم يكن عازماً على الإقامة عشرة اُخرى في مفروض المسألة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4001


   وأمّا في الثاني :  فلم يتحقّق منه السفر الشرعي ، وحينئذ إن كان عازماً على إقامة عشرة اُخرى في محلّ الإقامة فبما أ نّه لم يتخلّل السفر الموجب للقصر بين الإقامتين أتمّ في محلّ البداء وفي الإياب .

   وهل يعيد ما صلاه قصراً في ذهابه المستند إلى عزم السفر آنذاك ؟ فيه كلام قد تقدّم في من خرج للسـفر ثمّ رجع قبل أن يبـلغ الأربعة وقد صلّى قصراً وعرفت أنّ مقتضى القاعدة حينئذ هو الإعادة، لأنّ العزم على السفر مع التلبّس به خارجاً وإن كان مسوغاً للتقصير لكنّه مشروط في صقع الواقع ببلوغ السير حدّ المسافة الشرعية ، فما لم يتعقّب بهذا المقدار لم يتحقّق موضوع القصر وإن اعتقد هو تحقّقه لبنائه على الاسترسال في السير ، فانّه حكم اعتقادي مضروب في مرحلة الظاهر مغيى بطبيعة الحال بعدم انكشاف الخلاف ، فمع الكشف تجب الإعادة رعاية للوظيفة الواقعية .

   إلاّ أنّ صحيحة زرارة تضمّنت نفي الإعادة على خلاف القاعدة ، فلو كنّا نحن وهذه الصحيحة لأخذنا بمقتضاها ، ولكنّها معارضة في موردها بصحيحة أبي ولاد المثـبتة لها ، إذن يرجع إلى ما تقتضـيه القاعـدة السليمة عمّا يصـلح للتخصيص . ومن ثمّ تقدّم (1) أنّ الأحوط إن لم يكن أقوى وجوب الإعادة ،

   وأمّا إذا لم يكن عازماً على إقامة جديدة فقد اختار في المتن لزوم البقاء على القصر حتّى في محلّ الإقامة ، نظراً إلى أ نّه بخروجه وإعراضه قد ارتفع حكم الإقامة السـابقة ، فيحتاج ضمّ الإقامة الثانية التي هي دون العشرة إلى دليل يتكفّل الالتحاق والانضمام ، وحيث لا دليـل وهو مسافر بالفعل وجداناً  كان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في المسألة الرابعة والعشرين من صدر المبحث [ في ص 83  وما بعدها ] .

ــ[311]ــ

المرجع عمومات القصر لكلّ مسافر .

   وبعبارة اُخرى :  هذا مسافر حكم عليه بالتمام حينما كان في محلّ الإقامة وما دام كونه مقيماً فيه ، وقد زال هذا الحكم بخروجه وسفره وإعراضه ، فيحتاج استعادة الحكم بعد العود إلى هذا الموضع غيرَ قاصد لإقامة مستأنفة إلى الدليل فانّ هذه الإقامة في نفسها لا أثر لها بعد فرض كونها دون العشرة ، ولا دليل على ضمّها إلى السابقة بعد الانفصال بينهما بالإعراض . فعمومات القصر هي المحكّمة ، ومقتضاها القصر في محلّ البداء وفي الإياب وفي محلّ الإقامة .

   ولكنّه غير سديد ، ولا يمكن المساعدة عليه بوجه ، إذ لم يدلّ دليل على أنّ الإعراض مسقط للإقـامة ورافع لحكمها ، بل مقتضى إطـلاق دليل المخـصّص ـ  أعني صحيحة أبي ولاد الدالّـة على أ نّه يتم حتّى يخرج ـ أ نّه ما لم يتحقّق الخروج يبقى على التمام ، سواء أعرض أم لم يعرض . وقد عرفت أنّ المراد به الخروج السفري لا مطلق الخروج ، فالغاية هو السفر لا الإعراض ، إذ المحكّم إطلاق دليل المخصّص لا عموم العام .

   ومن الواضح : أنّ المراد بالسفر المجعول غاية للحكم بالتمام هو واقع السفر لا خياله واعتقاده ، ولم يتحقّق في المقام حسب الفرض ، وإنّما هو خـيال محض وخيال السـفر لا أثر له ، وقد عرفت أنّ الحكم بالقصر لدى الخروج بقصـد السفر كان حكماً ظاهرياً مراعى بعدم انكشاف الخلاف ، ومع كشفه يتبيّن أ نّه حكم اعتقادي لا واقعي ، لعدم كونه من المسافر في شيء بعد حصول البداء وعدم قطع المسافة الشرعية ، ومعه كيف يمكن الرجوع إلى عمـومات القصر بل المرجع إطلاق دليل المخصّص ، المقتضي للبقاء على التمام ما لم يتحقّق السفر الجديد ، المنفي في المقام كما عرفت .

   فتحصّل : أنّ الأظهر إلحاق هذه الإقامة بالإقامة السابقة، فيبقى على التمام في محلّ الإقامة وفي الإياب وفي موضع البداء . وقد تقدّم حكم تقصيره في الذهاب .

ــ[312]ــ

كما مرّ سابقاً (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ

   نعم ، لو فرضنا أنّ العود إلى محلّ الإقامة كان بعنوان الاستطراق وبما أ نّه منزل من منازل سفره من غير عدول عن أصل السفر اتّجه الحكم بالقصر حينئذ في جميع تلك المواضع ، ووجهه ظاهر .

   ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرناه بين ما إذا كان العود إلى محلّ الإقامة لحصول البداء أو لأجل أنّ الريح ردّتـه ، أو رجع لقضاء حاجة كما نبّه عليه في المـتن ، وهو واضح ، فانّ الكلّ من باب واحد .

   (1) لم يسبق منه (قدس سره) التعرّض لحكم هذه المسألة أعني العود إلى محلّ الإقامة . نعم ، تقدّم في المسألة التاسعة والستّين من الفصل الأوّل(1) حكم العود إلى ما دون حدّ الترخّص إمّا لاعوجاج الطريق أو لغير ذلك ، لا إلى البلد نفسه . وعرفت ثمّة أنّ الأظهر هو التفصيل بين الوطن ومحلّ الإقامة ، فيعود إلى التمام في الأوّل دون الثاني .

   وكيف ما كان ، فلم يمر سابقاً حكم العود إلى محلّ الإقامة نفسه ، الذي هو محلّ الكلام في المقام ، وكأنّ مراده (قدس سره) أ نّه تقدّم نظير المقام لا عينه فلاحظ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 226 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net