العدول عن الإقامة بعد خروج الوقت والشك في الصلاة في الوقت - قاعدة الحيلولة من الأمارات الشرعية 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5335


ــ[328]ــ

   [ 2334 ] مسألة 33 : إذا نوى الإقامة ثمّ عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة ، وشكّ في أ نّه هل صلّى في الوقت حال العزم على الإقامة أم لا ؟ (1) بنى على أ نّه صلّى ، لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام إشكال وإن كان لا يخلو من قوّة ، خصوصاً إذا بنينا على أنّ قاعدة ((1)) الشك بعد الفراغ أو بعد الوقت إنّما هي من باب الأمارات لا الاُصول العملية .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وعلى الجملة : ظاهر الصحيحة أ نّه يتم في الصلوات اللاحقة دون السابقة وهذا مساوق لفرض صحّتها .

   نعم ، لا يعتبر أن تكون الصحّة محرزة وجداناً ، بل يكفي تعـبّداً من أجل قاعدة الفراغ، فلو شكّ بعدما سلّم في أ نّه سلّم على الأربع أو أقل بنى على الأربع لعدم الاعتناء بالشكّ بعد السلام ، فهو في نظر الشـارع محكوم بأ نّه صلّى أربعاً إذ لا أثر لشكّه ، فيترتّب عليه حكمه من البقاء على التمام وإن عدل .

   وهل يلحق بقاعدة الفراغ قاعدة الحيلولة التي يكون الشكّ في موردها في أصل الوجود في الوقت لا في صحّة الموجود ؟ سنتعرّض له في المسألة الآتية إن شاء الله .

   (1) لا إشكال في أ نّه يبني حينئذ على أ نّه صلّى ، بقاعدة الحيلولة ، وبطبيعة الحال صلّى تماماً ، لفرض عدم العدول في الوقت .

   إنّما الكلام في أنّ هذا هل يكفي في البقاء على حكم التمام ؟ استشكل فيه (قدس سره) نظراً إلى التردّد في أنّ مفاد القاعـدة هل هو البناء على الإتيان بالصلاة في ظرفها ، أو أنّ النظر فيها مقصور على نفي القضاء فحسب ، من غير تعرّض للإتيان وعدمه كي يترتّب عليه الأثر المرغوب في المقام ، فيرجع إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا أثر لكون القاعدة من باب الأمارات أو من باب الاُصول في المقام .

ــ[329]ــ

أصالة العدم من هذه الجهة كما ربّما يساعده الجمود على ظاهر دليلها وهو صحيح زرارة والفضيل ، حيث قال (عليه السلام) : «وإن شككت بعدما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن ... » (1) .

   وأخيراً استقرب (قدس سره) البقاء على حكم التمام ، خصوصاً إذا بنينا على أنّ القاعدة من باب الأمارات لا الاُصول العملية .

   أقول :  ما أفاده (قدس سره) أخيراً هو الصحيح .

   أمّا بناءً على أنّ قاعدة الحيلولة من الأمارات فظاهر ، وهذا هو الأقوى كما ذكرنا ذلك في تقرير حجّية قاعدتي الفراغ والتجاوز (2) ، حيث قلنا إنّ الترك العمدي مفروض العدم ، والترك غفلة خلاف ظاهر حال المتصدّي للامتثال ، إذ هو بطبعه وبمقتضى كونه في مقام تفريغ ذمّته يراعي الإتيان بالعمل في ظرفه على وجهه ، فيكون التجاوز عن المحلّ في قاعدة التجاوز وعن الوقت في قاعدة الحيلولة وعن العمل في قاعدة الفراغ موجباً للظنّ النوعي والكاشفية النوعية عن الإتيان بالصلاة في ظرفها على النهج المقرّر لها .

   نعم ، هذا الظنّ بمجرّده حتّى الشخصي منه فضلاً عن النوعي لا يغني عن الحق ما لم يقترن بدليل الإمضاء ، ولكن الشارع قد أمضاه ، وقام الدليل على حجّيته بالخصوص بمقتضى النصوص الواردة في موارد هذه القواعد التي مرجعها إلى إلغاء الشكّ وتقرير الكاشفية النوعية ، فيكون لسان حجّيتها من باب الأمارات بطبيعة الحال .

   بل يمكن أن يقال : إنّ هذه القاعدة ـ قاعدة الحيلولة ـ داخلة في قاعدة التجاوز حقيقة ، لا أ نّها قاعدة اُخرى . فلو فرضنا أنّ الروايات ـ  وعمدتها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 282 /  أبواب المواقيت ب 60 ح 1 .

(2) مصباح الاُصول 3 : 262 .

ــ[330]ــ

واحدة  ـ لم ترد في هذه القاعدة لقلنا بمضمونها في المقام ، إذ التجاوز عن الشيء تارة يكون حقيقياً ، واُخرى مجازياً بعناية التجاوز عن محلّه ، وبذلك يفترق التجاوز عن الفراغ .

   فالمضيّ في قاعدة الفراغ حقيقي، لتعلّق الشكّ بوصف الصحّة لا بذات المشكوك بخلافـه في قاعدة التجاوز ، لتعلّق الشكّ حينئذ بأصل الوجود ، فلا يجـامع مع المضيّ عن نفس المشكوك ، بل باعتبار التجاوز عن محلّه . فيستفاد من صحيحة زرارة(1) الواردة في هذه القاعدة أنّ التجاوز عن محلِّ المشكوك فيه بمنزلة التجاوز عن نفسه .

   فعلى هذه الكبرى يكون الشكّ بعد الوقت داخلاً في قاعدة التجاوز ، لأ نّه شكّ في وجود الشيء بعد مضيّ محلّه ، ضرورة أنّ محلّه قبل خروج الوقت فيصدق أ نّه خرج من شيء ودخل في غيره ، باعتبار ما بينهما من الترتّب المحقّق للخروج عن المحلّ وهو الوقت .

   وعلى الجملة : فبناءً على أنّ هذه القاعدة أمارة شرعية لما فيها من الكاشفية النوعية عن تحقّق المشكوك فيه في ظرفه كما هو الأظهر حسبما عرفت فالأمر ظاهر ، ونتيجته البقاء على التمام في الصلوات الآتية ، وعدم أثر للعدول .

   وأمّا بناءً على أ نّها أصل عملي فلا بدّ من النظر حينئذ إلى مدلول هذا الأصل ، وأ نّه ناظر إلى التعبّد بنفي القضاء فقط ، أو التعبّد بالوجودِ ونفيُ القضاء من آثار هذا التعبّد . فعلى الأوّل يرجع إلى استصحاب عدم الإتيان ، وأمّا على الثاني فيبقى على التمام ، سواء أكان التعبّد بالوجود بلسان الأمارة أم الأصل .

   والظاهر من صحيحة زرارة والفضيل هو الثاني ، لقوله (عليه السلام) : «وإن شككت بعدما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شكّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 237 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 23 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net