التفات من قصد القصر جهلاً بالحكم في أثناء الصلاة - قصر المسافر الصلاة اتّفاقاً لا عن قصد 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3812


ــ[382]ــ

   [ 2352 ] مسألة 8 : لو قصّر المسافر اتفاقاً لا عن قصد فالظاهر صحّة صلاته ، وإن كان الأحوط الإعـادة ، بل وكذا لو كان جاهلاً بأنّ وظيفـته القصر فنوى التمام لكنّه قصّر سهواً  (1) ، والاحتياط بالإعادة في هذه الصورة آكد وأشد .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا الزيادة المأتي بها عن علم وعمد كما في المقام ـ حيث إنّ الأجزاء المأتي بها بعد التذكّر أو الالتفات عمدية لا محالة   ـ  فلم يقم أيّ دليل على اغتفارها ومعه كيف يسوغ له إتمام الصلاة ، وكيف يأتي بهذه الزيادات أعني الأقل من الركعة عالماً عامداً ، ولم ترد ولا رواية ضعيفة تقتضي العفو عنها حتّى يخرج بها عن عموم دليل قدح الزيادة . فمقتضى القاعدة البطلان ولزوم الإعادة ، وحيث لا تتيسّر لفرض ضيق الوقت فلا مناص من الانتقال إلى القضاء .

   وممّا ذكرنا يظهر حكم عكس المسألة ، أعني ما لو قصد القصر في موضع الإتمام جهلاً بالحكم ، كمن لم يعلم أنّ ناوي الإقامة وظيفته الإتمام ثمّ التفت في الأثناء ، فانّه يعدل حينئذ إلى التمام ، ولا تضرّه نيّة الخلاف ، فانّه من باب الخطأ في المصداق كما مرّ .

   ولا تتصوّر الزيادة هنا ، إذ لا يزيد القصر على التمام في مفروض المقام إلاّ بالنسبة إلى السلام المستحب ، ولا بأس به كما هو ظاهر .

   (1) هذا هو الفرع الذي تقدّمت (1) الإشارة إليه إجمالاً ، وعرفت أنّ المحقّق في الشرائع حكم فيها بالبطلان ، ولعلّه المشهور بين الفقهاء ، أي المتعرِّضين للمسألة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 380 .

ــ[383]ــ

   وتفصيل الكلام : أنّ من يقصّر اتفـاقاً قد يفرض غفلته عن القصر والتمام بأن لم يكن حين شروعه في الصلاة ملتفتاً إلى شيء منهما ، ومن باب الاتفاق سلّم في الركعة الثانية ، كما لو ائتم المسافر بامام في ركعته الثالثة وسلّم بتبعه في الرابعة ثمّ التفت بعد السلام . ولا ينبغي الشكّ في الصحة حينئذ .

   والظاهر أنّ المحقّق وأمثاله لا يريدون البطلان هنا ، لعدم كونه ناوياً للتمام بخصوصه ، وإنّما نوى امتثال الأمر الواقعي ، وقد أتى بمصداقه خارجاً ، كلّ ذلك بقصد التقرّب . فليس ثمّة ما يستوجب احتمال البطلان بوجه كما هو ظاهر جدّاً .

   واُخرى :  يفرض نسـيانه السفر أو حكمه ، ولأجله دخل في الصلاة بنيّـة التمام ، ولكنّه سها بعد ذلك فسلّم على الركعـتين اتفاقاً . وهذا الفرض قد تقدّم حكمه(1) ، وعرفت أنّ الأقوى حينئذ الصحّة، لأ نّه قد نوى الأمر الواقعي المتعلّق بصلاة الظهر مثلاً ، غايته أ نّه اشتبه في التطبيق فاعتقد أنّ مصداقه التمام ولأجله نواه . ولا ضـير فيه بعد أن أتى بأجزاء الواجـب خارجاً على ما هي عليه مع قصد التقرّب .

   نعم ، يتّجه البطلان لو كان ذلك على سبيل التشريع ، لعدم كونه في الحقيقة قاصداً للأمر الفعلي . على أنّ التشريع بنفسه محرّم ، ولا يمكن التقرّب بالحرام . لكنّه خارج عن محلّ الكلام ، ومن البعيد جدّاً أن يريده المحقّق أو غيره .

   وثالثة :  يفرض جهله بالحكم فنوى التمام جاهلاً بأنّ وظيفته القصر ، ولكنّه قصّر سهواً . وقد ذكر في المـتن أنّ الصلاة حينئذ وإن كانت صحيحة إلاّ أنّ الاحتياط بالإعادة في هذه الصورة آكد وأشد .

   وقد ظهر ممّا قدّمناه الفرق بين هذه الصورة وسابقتها ، المستوجب لآكدية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 380 .

ــ[384]ــ

الاحتياط ، حيث إنّه قيل هنا بانقلاب التكليف عن القصر إلى التمام، وأنّ وظيفة الجاهل بالحكم هو التمام حتّى واقعاً . فعلى هذا المبنى لا مناص من الإعـادة فانّ القصر المأتي به لم يكن مأموراً به حسب الفرض ، وما تعلّق به الأمر وهو التمام لم يأت به خارجاً ، ولا دليل على إجزاء القصر عن التمام إلاّ في صورة واحدة بمقتضى صحيحة منصور (1) ، وهي غير ما نحن فيه كما سبق .

   ولكنّك عرفت (2) فساد المبنى ، وأنّ الانقلاب ممّا لا أساس له من الصحّة بوجه ، حتّى أنّ تعيّن التقصير لم ينقلب إلى التخيير وإن سبق التعبير به منّا في مطاوي ما مرّ ، فانّه كان مبنياً على ضرب من المسامحة ، والمراد أنّ زيادة الركعتين مغتفرة ، وأ نّها لو حصلت جهلاً لم تقدح في الصحّة بمقتضى النصوص المتضمّنة لإجزاء التمام عن الجاهل بالقصر ، لا أ نّه مخيّر واقعاً بين القصر والتمام وموظّف بالجامع بينهما ، فانّ النصـوص المزبورة غير وافية لإثبات ذلك كما لا يخفى .

   وعلى الجملة : الوظيفة الواقعية هي تعيّن القصر ، من غير فرق بين الجاهل وغيره من المسافرين ، غاية الأمر أنّ الروايات دلّت على أنّ الزيادة لو حصلت من الجاهل فهي مغتفرة، وأ نّه لو زاد ركعتين لم تبطل صلاته ، ومن باب الاتفاق لم يزد في المقام لأجل غفلة أو نحوها .

   وعليه بما أنّ المأمور به الواقعي وهو القصر قد تحقّق مقروناً بقصد القربة فلا مناص من الحكم بالصحّة ، من غير حاجة إلى الإعادة ، وقد عرفت(3) أنّ القصر والتمام طبيعة واحدة ، وليسا حقيقتين متغايرتين ليكون قصد أحدهما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدمة في ص 374 .

(2) في ص 377 ، 381 .

(3) في ص 379 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net