حكم ما لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعيّن والفرق بينهما 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 11:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6263


   [ 2381 ] مسألة 22 : لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعيّن بطل صومه (1) ، سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فما ذكره (قدس سره) يتمّ على مسلكنا من عدم الدليل على تجديد النيّة ، لا  على مسلكه (قدس سره) حسبما عرفت .

   (1) الفرق بين نيّة القطع والقاطع واضح :

   فإنّ الصائم قد ينوي تناول المفطر فيحرّك عضلاته نحو الطعام ليأكله فيقوم ويذهب ليشـتري خبزاً ـ مثلا ـ ويأكله ، فهذا قد نوى القاطع ، سواء تحقّق الأكل خارجاً أم لا .

   وأُخرى ينوي القطع ، أي أن لا يكون صائماً باعتبار أنّ الصوم قصدي فيرفع اليد عن قصده وينوي أن لا يمسك عن المفطرات من دون أن يقصد تناول المفطر، بل نفس عدم نيّة الإمساك .

   هذا هو الفرق الموضوعي .

   وأمّا بحسب الحكم فقد يفصل بينهما، فيّدعى أنّ نيّة القطع تضرّ بالصوم، للإخلال بالنيّة كما عرفت، بخلاف نيّة القاطع، فإنّها لا تنافيه ، بل هي تؤكّد الصوم ، حيث يبني على القطع فيما بعد ،فهو بالفعل صائم لا محالة ليّتصف بعدئذ بالقطع ، فإن بدا له وجدّد النيّة قبل تناول المفطر فلا مانع من الصحّة .

ــ[85]ــ

   وببالي أنّ صاحب الجواهر يقوّي هذا التفصيل ، كما أ نّه قد يفصل أيضاً بين نيّة الإتيان بالمفطر فعلا ، وبين الإتيان فيما بعد ، ببطلان الصوم في الأول ، دون الثاني(1) .

   والظاهر أنّ كلا التفصيلين مبنيّان على شيء واحد ، وهو الخلط بين أمرين ، إذ الكلام يقع تارةً في عنوان الصوم المقابل للإفطار ، واُخرى في صحّة الصوم وفساده .

   أمّا الأوّل :  ـ  أعني : أصل الصوم الذي هو عبارة عن الإمساك عن نيّة  ـ فالذي ينافيه إنّما هو نيّة القطع ، إذ معه لا يكون صائماً بالفعل ، لعدم كونه قاصداً للصوم ، وأمّا لو نوى القاطع فهو ممسك فعلا ولم يرفع اليد عن صومه بوجه ، فعنوان الصوم باق إلى أن يرتفع بمفطر ، ومن هنا لا يترتّب شيء من الكفّارات على النيّة المحضة ما لم تتعقّب باستعمال المفطر خارجاً ، فإن نوى أن يأكل فلا شيء عليه ما لم يأكل ، لأنّ الكفّارة مترتّبة على عنوان المفطر ، وليست النيّة مفطرة ، وإنّما هي نيّة المفطر لا واقعه .

   فبالنسبة إلى عنوان الصوم والإفطار الأمر كما ذكر ، والتفصيل المزبور بهذا المعنى صحيح ، وكذلك التفصيل الثاني كما لا يخفى .

   ولكن ليس كلامنا في أصل الصوم، بل في المعنى الثاني ـ أعني : الصوم الصحيح القربي ـ الذي هو عبارة عن نيّة الإمساك الخاصّ المحدود فيما بين الفجر إلى الغروب ، ولا شكّ أنّ كلا من نيّتَي القطع والقاطع الحالي أو الاستقبالي تنافيه، ضرورة أ نّه كيف يجتمع العزم على الإمساك إلى الغروب مع نيّة القاطع ولو بعد ساعة ؟! فنيّة القاطع فضلا عن القطع ولو فيما بعد لا تكاد تجتمع مع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جواهر الكلام 16 : 215 ـ 216 .

ــ[86]ــ

وكذا لو تردّد (1) .

   نعم ، لو كان تردّده من جهة الشكّ في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض ، لم يبطل وإن استمرّ ذلك إلى أن يسأل .

   ولا فرق في البطلان بنيّة القطع أو القاطع أو التردّد بين أن يرجع إلى نيّة الصوم قبل الزوال أم لا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القصد إلى الصوم الصحيح ، فهو نظير من شرع في الصلاة بانياً على إبطالها في الركعة الثالثـة ، فإنّ مثله غير قاصد لامتثال الأمر الصلاتي المتعلّق بمجمـوع الأجزاء بالأسر بطبيعة الحال ، وإن لم يكن بالفعل قاطعاً للصلاة .

   فما ذكره في المتن من الحكم بالبطلان مطلقاً هو الصحيح ، والتفصيل مبنيٌّ على الخلط بين أصل الصوم وبين الصوم الصحيح المأمور به حسبما عرفت .

   (1) قد عرفت أنّ الصوم المأمور به عبارة عن الإمساك الخاصّ المحدود فيما بين الطلوع إلى الغروب ، وبما أنّ الواجب ارتباطي فلا بدّ وأنّ يكون قاصداً للصيام في تمام هذه الأجزاء ، فلو نوى الإفطار في الزمان الحاضر أو فيما بعده إلى الغروب فهو غير ناو للصوم ومعه يبطل ، ولا أثر للرجوع بعد ذلك ، بداهة أنّ مقداراً من الزمان لم يكن مقروناً بالنيّة ، وقد عرفت اعتبارها في تمام الأجزاء والآنات ، بمقتضى افتراض الارتباط بين أجزاء المركّب .

   ومنه تعرف أ نّه لا فرق في البطلان بين البناء على الإفطار وبين التردّد فيه ، ضرورة أنّ المتردّد أيضاً غير ناو للصوم فعلا فيبطل ، نظراً إلى أنّ المعتبر هو نيّة الصـوم ، لا أنّ المبطل هو نيّة الإفطار ، والبطلان في هذه الصورة إنّما هو لأجل فقدان نيّة الصوم ، لا لأجل خصوصيّة لنيّة الإفطار كما هو ظاهر ، فإذا لم

ــ[87]ــ

   وأمّا في غير الواجب المعيّن فيصح لو رجع قبل الزوال (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكن ناوياً ولو لأجل التردّد فلا مناص من الحكم بالبطلان .

   نعم ، لو لم يكن ترديده لأمر راجع إلى فعله الاختيـاري ، بل كان مستنداً الشكّ في صحّة الصـوم المسبَّب عن الجهل بالحكم الشرعي ، كما لو استيقظ في نهار رمضان محتلماً شاكاً في بطلان الصوم بذلك لجهله بالمسألة ، المستلزم للترديد في النيّة بطبيعة الحال مع العزم على الصوم على تقدير الصحّة واقعاً ، فمثله لا يستوجب البطلان بوجه ، إذ لا ترديد فيما يرجع إلى الاختيار ، وانّما هو في حكم الشارع ، فلا يدري أنّ الشارع يعتبر هذا صوماً أو لا . وعليه فلا مانع من أن يسترسل في النيّة ، ويتمّ صومه رجاءً إلى أن يسأل عن حكم المسألة ، فهو في المقدار الفاصل بين تردّده ومسألته بان على الاجتناب عن المفطرات على تقدير صحّة الصوم .

   وهذا النوع من الترديد لا بأس به ، بعد أن لم يكن راجعاً إلى فعله من حيث الاجتناب وعدمه ، بل كان عائداً إلى الحكم الشرعي ، فينوي احتياطاً ثمّ يسأل في النهار إن امكن والا ففي الليل ، ويبني على الصحّة لو تبيّن عدم قدح ما تخيّل أو توهّم كونه مفطراً ، كما لو سـافر من دون تبييت نيّة السـفر ، ولم يدر أ نّه يوجب الإفطار أو لا ، فأمسك رجاءً ثمّ سأل فظهر أ نّه لا يوجبه .

   والحاصل : أنّ هذا يجري في جميع موارد الشكّ في صحّة الصوم وبطلانه ، ولا يكون مثل هذا الترديد مضرّاً ، لعدم تعلّقه بفعل المكلّف ، بل يتعلّق بفعل الشارع ، ومثله لا بأس به .

   (1) كما لو صام عن كفّارة أو نذر غير معيّن ، ثمّ تردّد أو بنى على الإفطار ، ثم رجع وعزم على الصـوم ، فإنّه يصحّ صومه ، لأنّ غاية ما يترتّب على نيّة




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net