حكم الأسير والمحبوس إذا لم يتمكّنا من تحصيل العلم بالشهر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4585


ــ[126]ــ

   [ 2519 ] مسألة 8 : الأسير والمحبوس إذا لم يتمكّنا من تحصيل العلم بالشهر عَمِلا بالظنّ (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كذلك ، فاللازم حينئذ العمل على طبق العلم ، فيفطر في اليوم المذكور في المثال المزبور كما هو ظاهر .

   والحاصل : أنّ عدّ الثلاثين أمارة على دخول الشهر الجديد ، ومعلوم أنّ حجّيّة الأمارة خاصّة بظرف الشك ، فمع العلم بالخلاف لا حجّيّة لها .

   (1) على المشهور بل ادّعي عليه الإجماع .

   والكلام فعلا فيما تقتضيه وظيفته الفعليّة من حيث تعيين وقت الصيام ، وأمّا الاجتزاء به لدى انكشاف الخلاف فسيجيء حكمه(1) .

   وقد عرفت أنّ المشهور هو العمل بالظنّ ، فإنّه وإن لم يكن حجّة في نفسه ، بل قامت الأدلّة الأربعة على عدم حجّيّته ، لكنّه فيما إذا لم يقم دليل على حجّيّته بالخصوص وإلاّ فهو المتّبع ، كما في الظنّ بالقبلة والظنّ بعدد الركعات ، ومنه المقام، لصحيحة عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له: رجل أسرته الروم ولم يصحّ له شهر رمضان ولم يدر أىّ شهر هو «قال : يصوم شهراً يتوخّى (يتوخاه) ويحسب ، فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر رمضان لم يجزه ، وإن كان بعد شهر رمضان أجزأه»(2) ، ورواها الشيخ الكليني أيضاً بطريق صحيح .

   وموردها وإن كان هو الأسـير لكن يتعدّى منه إلى المحبوس ، لا لوحدة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 134 ـ 135 .

(2) الوسائل 10 : 276 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 7 ح 1 ، الكافي 4 : 180 / 1 .

ــ[127]ــ

ومع عدمه تخيّرا في كلّ سنة بين الشهور ((1)) (1) فيعيّنان شهراً له .

   ويجب مراعاة المطابقة بين الشهرين في سنتين بأن يكون بينهما أحد عشر شهراً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المناط كما قيل فإنّه قياس محض ، بل لفهم المثاليّة من ذكر الأسير ، إذ لا يكاد يُتأمّل في أنّ العرف يفهم من مثل هذه العبارة أنّ نظر السائل معطوف إلى ما ذكره بعد ذلك من قوله : ولم يصحّ له شهر رمضان ، فالمقصود بالذات من مثل هذا السؤال التعرّف عن حكم من لم يعرف شهر رمضان ولم يميّزه عمّا عداه ، وإنّما ذكر الأسـير تمهيداً ومن باب المثال من غير خصوصيّة فيه ، ولا في خصوصيّة الأسير من كونه من الروم بحيث لو كان من الزنج أو من غيرهم من المشركين لم يعمّه الحكم ، فإنّ هذا غير محتمل جزماً .

   إذن فالسؤال عن موضوع كلّي ينطبق على الأسير تارةً كما مثّل به السائل ، وعلى الحبوس اُخرى ، وعلى غيرهما ثالثة ، كما لو غرقت السفينة فألقاها الموج في جزيرة لا يسكنها أحد أو لا يسكنها مسلم فلم يتعرّف رمضان فإنّه يشمله الحكم قطعاً مع عدم كونه من الأسير ولا المحبوس ، فلأجل هذه الصحيحة يخرج عن عموم عدم حجّيّة الظنّ حسبما عرفت .

   (1) على المشهور(2) ، حيث ذهبوا إلى التخيير في تعيين الشهر لدى فقد الظنّ وتساوي الاحتمالات ، بل نُسب ذلك إلى قطع الأصحاب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل منع .

(2) ما أثبتناه في هذا التعليق ملفّق ممّا استفدناه من مجلس الدرس ، وما أفاده (دام ظلّه) بعد إعادة النظر عند التقديم للطبع .

ــ[128]ــ

   ولو بانَ بعد ذلك أنّ ما ظنّه أو اختاره لم يكن رمضان : فإن تبيّن سبقه كفاه ، لأ نّه حينئذ يكون ما أتى به قضاءً ، وإن تبيّن لحوقه وقد مضى قضاه ، وإن لم يمض أتى به .

   ويجوز له في صورة عدم حصول ((1)) الظنّ أن لا يصوم حتّى يتيقّن أ نّه كان سابقاً فيأتي به قضاءً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويستدلّ له بأنّه يعلم إجمالا بوجوب صوم شهر من شهور السنة ولا يمكنه الاحتياط للتعذّر أو للتعسّر ، فهو مضطرّ إلى الإفطار في بعض أطراف العلم الإجمالي غير المعيّن . وقد تقرّر في الاُصول أنّ مثل هذا الاضطرار لا يستوجب سـقوط التكليف الواقعي المتعلّق بالمعلوم بالإجمال ، لعدم تواردهما على محلّ واحد ، فإنّ متعلّق الاضطرار هو الجامع بين الأطراف بمقتضى تعلّقه بغير المعيّن منها ، ومتعلّق التكليف هو الشخص فلم يتعلّق به الاضطرار ليرفعه ، وفي مثله يتخيّر في اختيار أىّ طرف شاء ، كما لو اضطرّ إلى شرب الواحد غير المعيّن من الإناءين المعلوم نجاسة أحدهما إجمالا .

   ويندفع : بأنّ لازم ذلك هو الاقتصار في الإفطار على ما تندفع به الضرورة، فإنّها تقدّر بقدرها، فلو ارتفع الاضطرار بالإفطار في خمسة أشهر أو ستّة ـ مثلا ـ لزمه الصيام في الباقي ، عملا بالعلم الإجمالي المنجّز ، فيتنزّل عن الامتثال القطعي والاحتياط التامّ إلى التبعيض فيه والامتثال الاحتمالي على النهج الذي عرفت ، لا الصيام في شهر واحد مخيّراً فيه والإفطار في بقيّة الشهور كما عليه المشهور .

   وتفصيل الكلام في المقام : أ نّا إذا لم نقل بالحرمة الذاتيّة لصوم يوم العيد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، بل الظاهر عدم الجواز .

ــ[129]ــ

ـ  كما هو الصحيح  ـ فلا مجال حينئذ للقول بالتخيير ، بل لابدّ للمكلّف من أن يصوم تمام الأيّام التي يعلم بوجود شهر رمضان فيها ، عملا بالعلم الإجمالي فيما إذا لم يكن في ذلك حرج أو ضرر ، وأمّا مع أحدهما فالحكم يبتني على مسألة الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي غير المعيّن .

   فإن قلنا بعدم التنجيز وأنّ الاضطرار يرفع الحكم الواقعي ، فمقتضى القاعدة حينئذ هو سقوط التكليف رأساً وعدم وجوب أىّ شيء عليه ، وهو خلاف ما ذهب إليه المشهور في المقام .

   وإن قلنا بالتنجيز وعدم سقوط التكليف الواقعي، نظراً إلى أنّ الاضطرار إنّما تعلّق بالجامع ، ومتعلّق التكليف ـ وهو صوم شهر رمضان ـ لم يتعلّق الاضطرار بتركه بالخصوص ، فلا موجب لسقوط التكليف ـ على ما أشبعنا الكلام حوله في محلّه ـ بل غاية ما هناك عدم وجوب الاحتياط التامّ لمكان الاضطرار . فيجوز له الإفطار بمقدار تندفع به الضرورة ، بمعنى : أ نّه يجب عليه الصيام إلى أن يصل إلى حدّ الحرج أو الضرر فيجوز له الإفطار بعد ذلك ، للقطع بعدم وجوب الصوم عليه حينئذ ، إذ لو كان شهر رمضان قبل ذلك فقد أتى به ولو كان بعده لم يجب صومه ، لارتفاعه بسبب الاضطرار .

   هذا ، وقد يقال في مفروض الكلام بعدم وجوب الصيام إلى أن يتيقّن بدخول شهر رمضان ، عملا بالاستصحاب ، وبعد اليقين المزبور يجب الصوم ، أخذاً باستصحاب بقاء الشهر إلى أن يتمّ ، فلأجل هذا الأصل الموضوعي الحاكم يسقط العلم الإجمالي عن التنجيز .

   ويردّه : أ نّه لامجال للاستصحاب المزبور ـ أعني : استصحاب بقاء شهر رمضان بعد اليقين بدخوله ـ لا ندراج المقام في كبرى تحقّق الحالتين السابقتين المتضادّتين مع الشك في المتقدّم منهما والمتأخّر المحكوم فيها بتعارض الاستصحابين، فإنّه إذا

ــ[130]ــ

علم بدخول شهر رمضان ولم يعلم أ نّه دخل في هذا اليوم ـ مثلا ـ حتّى يبقى إلى شهر أو أ نّه قد دخل قبل ذلك وانصرم فهو ـ  طبعاً  ـ يعلم بأنّ أحد الشهرين السابقين على زمان اليقين لم يكن من شهر رمضان ، غير أ نّه لم يميّز المتقدّم منهما عن المتأخّر ، ولم يدر أنّ ذاك هل هو العدم السابق عليهما أو غيره ، وكما ساغ له استصحاب بقاء رمضان ساغ له استصحاب عدم الخروج من ذاك الزمان ، فيتعارضان بطبيعة الحال .

   وإن شئت قلت: العدم الأزلي السابق عليهما قد انتقض بالعلم بدخول رمضان جزماً ، وأمّا العدم المعلوم كونه من أحد الشهرين المتقدّمين المردّد بين أن يكون هو العدم الأزلي الزائل ـ فيما لو كان دخول شهر رمضان بعده ـ أو عدما حادثاً باقياً إلى الآن ـ لو كان دخول الشهر قبله ـ فهو قابل للاستصحاب الذي هو من سنخ استصحاب القسم الرابع من أقسام استصحاب الكلّي ، فنقول مشيراً إلى ذاك الزمان : إنّا كنّا على يقين من عدم رمضان والآن كما كان ، وبعد تعارض الاستصحابين كان المتّبع العلم الأجمالي الذي مقتضاه الاحتياط والعمل على طبقه بقدر الإمكان ، وذلك من أجل أنّ وجود شهر رمضان بعد ذلك مشكوك فيه والمرجع فيه ـ طبعاً ـ هو أصالة البراءة ، لكنّها معارضة باستصحاب عدم دخوله إلى زمان اليقين به فيتساقطان ، ومعه لم يكن بدّ من الاحتياط إلى أن يتيقّن بانقضائه .

   توضيح المقام : أ نّه متى تردّد شهر رمضان بين شهور فكلّ شهر ما عدا الشهر الأخير يشك فيه في دخول شهر رمضان فيجري فيه استصحاب عدم الدخول ، وأمّا الشهر الأخير فاليوم الأوّل منه يتيقّن بدخول شهر رمضان إمّا فيه أو فيما قبله ، ومع اليقين ينقطع الاستصحاب ، ولكن لا يثبت كون هذا اليوم من شهر رمضان ، بداهة أنّ استصحاب عدم الدخول قبله لا يثبت به لازمه وهو كون هذا اليوم من رمضان ، وبما أنّ هذا اليوم مسبوق بحالتين سابقتين

ــ[131]ــ

متضادّتين ، إحداهما : دخول شهر رمضان ، والاُخرى : كون الشهر من غيره ، وبطبيعة الحال يشك في المتقدّم منهما والمتأخّر ، فيتعارض الاستصحابان ويتساقطان ، وحينئذ بما أنّ كون هذا اليوم من شهر رمضان مشكوك فيه فوجوب الصوم فيه بخصوصه غير معلوم ومقتضى الأصل البراءة عنه ، ولكن جريان البراءة فيه والاستصحاب فيما قبله مخالف للعلم الإجمالي ، فيتساقطان لا محالة ، ونتيجة ذلك هو الاحتياط كما ذكرناه .

   ولمزيد التوضيح نقول : متى تردّد شهر رمضان بين شهور فبطبيعة الحال لا يتيقّن بدخول شهر رمضان إلاّ في اليوم الأوّل من الشهر الأخير ، ولكنّه لا يدري أنّ هذا اليوم هل هو اليوم الأوّل ، أو أنّ شهر رمضان قد دخل قبل ذلك ، فهنا استصحابان :

   أحدهما : استصحاب عدم دخول الشهر إلى زمان اليقين بدخوله ، وهذا الاستصحاب لا يعارضه إلاّ أصالة البراءة بالتقريب الآتي .

   ثانيهما : اسـتصحاب بقاء عدم الشهر إلى ذلك اليوم ـ  أي يوم اليقين بدخوله  ـ فإنّ اليقين بدخوله مع عدم العلم بزمان الدخول يلازم الشكّ في التقدّم والتأخّر بالنسبة إلى زمان الدخول ، بمعنى : أ نّه لا يدري أنّ شهر رمضان قد تحقّق وانقضى فعدمه باق إلى هذا اليوم ، أو أ نّه كان متأخّراً وذلك العدم قد انقضى فالباقي هو شهر رمضان ، ففي مثل ذلك يتعارض الاستصحابان لا محالة، فيسقطان وتصل النوبة إلى أصالة البراءة عن وجوب الصوم في هذا اليوم ، فإنّا وإن علمنا إجمالا بوجوب الصوم في هذا اليوم يقيناً إمّا تعييناً لكونه من رمضان، أو تخييراً بينه وبين سائر الأيّام لو كان الشهر قد انقضى ـ وبعبارة اُخرى : نعلم بوجوبه إمّا أداءً أو قضاءً ـ إلاّ أنّ في موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير تجري البراءة عن التعيين .

ــ[132]ــ

   إذن فوجوب الصوم في خصوص هذا اليوم مشكوك فيه فتجري فيه البراءة عنه ، إلاّ أنّها معارضة بالاستصحاب الأوّل ، للعلم الإجمالي بمخالفة أحدهما حسبما عرفت بما لا مزيد عليه .

   هذا كلّه على تقدير القول بعدم الحرمة الذاتيّة لصوم يوم العيد .

   وأمّا على القول بها فهناك صورتان :

   إذ تارةً : يعلم المكلّف بأول كلّ شهر وآخره غير أ نّه لا يميّز رمضـان عن غيره .

   فالحكم في هذه الصورة كما تقدّم من تنجيز العلم الإجمالي المقتضي للاحتياط بقدر الإمكان إلاّ في اليوم الأوّل من كلّ شهر وعاشره ، إذ هو كما يعلم إجمالا بوجوب الصوم في هذين اليومين من كلّ شهر لاحتمال كونهما من رمضان كذلك يعلم إجمالا بحرمته لاحتمال كونهما من العيدين ، وكما أنّ مقتضى العلم الأوّل وجوب الصوم في جميع الأطراف المحتملة ، كذلك مقتضى العلم الثاني وجوب تركه في جميعها ، وبما أنّ المكلّف لا يتمكّن من الجمع بينهما فلا جرم ينتهي الأمر إلى التخيير بمناط الدوران في هذين اليومين بين المحذورين .

   ونتيجة ذلك : وجوب صوم يوم واحد مخيّراً بين هذه الأيّام وترك صوم يوم آخر كذلك ، حذراً عن المخالفة القطعيّة ، ويتخيّر في سائر الأيّام بين الإفطار والصيام .

   وتارةً اُخرى : لا يعلم بذلك أيضاً ، بمعنى : أنّ كلّ يوم من الأيّام التي تمرّ عليه كما يحتمل أن يكون من شهر رمضان يحتمل أيضاً أن يكون من يوم العيد ، فحينئذ بما أ نّه لا يتمكّن من الاحتياط فينتهي الأمر أيضاً إلى التخيير كسابقه .

   إذن فعليه أن يصوم شهراً واحداً لئلاّ تلزم المخالفة القطعيّة ، كما أنّ عليه أن

ــ[133]ــ

يترك الصوم يوماً بعد هذا الشهر ويوماً آخر بعد مضىّ سبعين يوماً منه المحتمل كونهما يومي العيدين ، ويتخيّر في الباقي بين الصيام وتركه .

   وعلى الجملة : فمستند المشهور على الظاهر هو ما أشرنا إليه من التنزّل من الامتثال القطعي إلى الظنّي ومنه إلى الاحتمالي ، ومن ثمّ افتوا بالتخيير ، وإلاّ فلا يحتمل أنّهم استندوا إلى مدرك آخر لم يصل إلينا وإنّما مضوا على ما تقتضيه القواعد الأوّلية .

   ولكن عرفت أنّ المقام وإن كان مندرجاً في كبرى الاضطرار إلى الاقتحام في بعض أطراف العلم الإجمالي ، إلاّ أنّ حكم هذه الكبرى هو الاقتصار على مقدار الضرورة والاحتياط في الباقي ، لا التخيير بين جميع الأطراف ليكون له الخيار في تطبيق شهر رمضان على أىّ شهر شاء .

   وممّا ذكرنا يعلم فساد ما اختاره في المتن من جواز أن لا يصوم في صورة عدم حصول الظنّ حتّى يتيقّن أ نّه كان سابقاً فيأتي به قضاءً ، فإنّه مبني بحسب الظاهر على عدم تنجيز العلم الإجمالي لدى تعلّق الاضطرار ببعض الأطراف غير المعيّن وأ نّه لا فرق بينه وبين تعلّقه بالبعض المعيّن في عدم التنجيز على ما صرّح به صاحب الكفاية(1) . إذن لا ملزم له في الإتيان بالصوم فعلا ، بل يؤخّر حتّى يتيقّن بمضىّ رمضان ثمّ يقضيه .

   ولكنّه بمراحل عن الواقع ، بل فاسد جزماً كما بيّناه في الاُصول(2) ، للفرق الواضح بين التعلّق بالمعيّن وغير المعيّن ، إذ في الأوّل يحتمل الاتّحاد بين متعلّقي الاضطرار والتكليف المعلوم بالإجمال ، المستلزم لسقوطه حينئذ ، فلا جزم معه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول : 360 .

(2) مصباح الاُصول 2 : 363 ـ 364 .

ــ[134]ــ

بالتكليف الفعلي المنجّز على كلّ تقدير الذي هو مناط التنجيز . وهذا بخلاف الثاني، إذ لايحتمل فيه الاتّحاد أبداً ، فإنّ مرجع الاضطرار إلى البعض غير المعيّن إلى تعلّقه بالجامع بين الأطراف، إذ لا خصوصيّة لطرف دون طرف حسب الفرض، فمتعلّق الاضطرار هو الجامع ، إمّا المعلوم بالإجمال فهو فرد معيّن وطرف خاص لا محالة ، فلا علاقة ولا ارتباط ولا اتّحاد بينهما بوجه كي يستوجب سقوط التكليف ، فلا قصور في تنجيز العلم الإجمالي بوجوب صيام شهر من شهور السنة أبداً ، ومعه كيف يسوغ له التأخير إلى أن يعلم بالمضىّ فيقضي ؟ !

   هذا كلّه حكم الوظيفة الفعليّة قبل الانكشاف .

   وأمّا لو انكشف الحال : فإن تبيّن مطابقة المأتي به مع رمضان فلا إشكال ، وإن تبيّن تأخّره عنه وأنّ صومه كان واقعاً في شهر ذي القعدة ـ مثلا ـ أجزأه وحسب له قضاءً ، فإنّه وإن نوى الأداء وهو يغاير القضاء ويباينه في الماهيّة ولابدّ من تعلّق القصد بكلّ منهما بالخصوص ولا يجزئ أحدهما عن الآخر حسبما مرّ في محلّه ، إلاّ أ نّه يحكم في خصوص المقام بالإجزاء بمقتضى صحيحة عبدالرحمن المتقدّمة المصرّحة بذلك وبها يخرج عن مقتضى القواعد .

   فالمقام نظير صوم يوم الشك بعنوان القضاء أو الندب ، وقد تبيّن بعد ذلك أ نّه كان أوّل رمضان فإنّه يجزيه عن الأداء ويوم وفّق له وإن كان هو قد نوى القضاء .

   وأمّا لو تبيّن تقدّمه عليه وأ نّه كان شهر رجب ـ مثلا ـ فلا يجزي ، إذ لا دليل على إجزاء غير المأمور به عن المأمور به ، بل الدليل قام على العدم ، فإنّ الصحيحة المتقدّمة تضمّنت التصريح بعدم الإجزاء حينئذ ، فلاحظ .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net