حكم ما لو كان الجهل بالحالة السابقة وأ نّها الجنون أو العقل 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4274


ــ[73]ــ

   كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة وأ نّها الجنون أو العقل كذلك (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) أي يحكم بعدم الوجوب ، استناداً إلى أصالة البراءة .

   أقول : قد يُفرَض الكلام فيما إذا لم تكن الحالة السابقة معلومة بوجه ، فكانت هي كالحالة الفعليّة مجهولة بقول مطلق ، كما لو ملك شخصٌ مقداراً من المال وشكّ من أوّل أمره أ نّه هل كان عاقلاً أو مجنوناً .

   والظاهر حينئذ وجوب الزكاة عليه ، سواء أقلنا بأنّ الجنون مانع ، أم أنّ العقل شرط .

   أمّا على الأوّل : فلإطلاقات الزكاة بعد دفع الجنون المشكوك بأصالة العدم ، كما ذكرنا (1) نظيره في الميّت الذي يشكّ في إسلامه من وجوب تجهيزه ، استناداً إلى عمومات تجهيز الميّت ، بعد دفع العنوان الخارج عنها وهو الكفر ـ الذي هو بمثابة المانع ـ بأصالة العدم ، فإنّ الكفر وإن كان أمراً عدميّاً كالجنون في المقام إلاّ أ نّهما من قبيل الأعدام والملكات كما لا يخفى ، فلا جرم كان أمراً حادثاً مسبوقاً بالعدم ، فلا مانع إذن من نفيه بالأصل .

   وأمّا على الثاني ـ أعني القول بشرطيّة العقل في وجوب الزكاة ، كشرطيّته في عامّة التكاليف ، وأنّ ما دلّ على أ نّه لا زكاة في مال المجنون حكمٌ تأكيدي يراد به شرطيّة العقل لا مانعيّة الجنون ـ : فلاستقرار بناء العقلاء على أصالة السلامة في كافّة الموارد التي يحتمل فيها نقصٌ في الخلقة الأصليّة التي من أبرز مصاديقها الجنون ، فإنّهم لا يزالون يبنون على الصحيح في كلّ مورد دار الأمر بينه وبين المعيب ، فلا يُعتنى باحتمال كون المبيع معيباً ، ولا تعدّ المعاملة غرريّة ، ولو ادّعاه المشتري ليطالب بالفسخ أو الأرش كان عليه الإثبات . كما لا يُصغى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 62 ـ 67 .

ــ[74]ــ

إلى دعوى جنون القاتل أو الجاني أو الشارب للخمر ليدرأ عنه الحدّ أو القصاص ما لم تثبت بحجّة شرعيّة ، وهكذا .

   وعلى الجملة : أصالة السلامة من الاُصول العقلائيّة المطّردة في جميع المقامات ، والتي جرى عليها ديدنهم في كافّة الموارد ومنها المقام .

   إذن فلا يُعتنى باحتمال جنون من عنده عين زكويّة ، بل يُحكَم بوجوب إخراج زكاته ، استناداً إلى أصالة السلامة ما لم يثبت خلافها .

   ومنه يظهر الحال فيما لو فُرِض الكلام في مورد عُلِم فيه بالجنون في زمان وشُكّ في تقدّم التعلّق عليه وتأخّره ولم تكن الحالة السابقة معلومة ، فإنّ الأمر حينئذ أيضاً كذلك ، إذ أنّ أصالة السلامة تبيّن لنا أنّ الحالة السابقة هي العقل ، فيندرج حينئذ في المسألة المتقدّمة، أي ما كان العقل متيقّناً سابقاً وعُلِم بعروض الجنون والتعلّق مع الشكّ في المتقدّم منهما والمتأخّر ، غاية الأمر أنّ التيقّن بالعقل نشأ هنا من بناء العقلاء على أصالة السلامة، التي هي ـ  بعد الحجّيّة  ـ بمثابة العلم الوجداني.

   ففي هذين الموردين لم نعرف أيّ وجه لما ذكره (قدس سره) من عدم وجوب الزكاة استناداً إلى أصالة البراءة ، إذ لا تصل النوبة إليها بعد وجود الأصل الموضوعي الحاكم عليها والمقتضي لوجوب الزكاة حسبما عرفت .

   والمظنون قويّاً أنّ الماتن أيضاً لا يريد ذلك، إذ كيف تخفى عليه أصالة السلامة وقد ذكرها مبسوطاً في حاشيته على المكاسب ؟!

   وعليه ، فلا يبعد أن يريد بجهالة الحالة السابقة في المقام مورداً لا تجري فيه أصالة السلامة ، بأن يكون مفروض كلامه صورة توارد الحالتين مع الشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، فكان عاقلاً في زمان ومجنوناً في زمان آخر ، وتعلّق الزكاة بعدهما ، ولم يعلم أنّ التعلق كان في زمان الجنون أو العقل .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net