لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف - عدم جواز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3734


ــ[258]ــ

   [ 2776 ] مسألة 3 : لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف (1) فقط وإن كان مع التأخير المزبور من المالك فكلّ من المالك والأجنبي ضامن(2)، وللفقيه أو العامل الرجوع إلى أ يّهما شاء . وإن رجع على المالك رجع هو على المتلف (3) ، ويجوز له الدفع من ماله ثمّ الرجوع على المتلف .

   [ 2777 ] مسألة 4 : لايجوز  تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب(4) على الأصحّ.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وإنّ شئت قلت : إنّ الموضوع للضمان عدم الدفع مع التمكّن منه ، وحيث لا تمكّن لمكان الجهل فلا مناص .

   (1) لعدم المقتضي لضمان المالك عندئذ ، فلا جرم ينحصر الضمان في المتلف .

   (2) أمّا الأوّل فللتفريط ولو لأجل عدم العزل، وأمّا الثاني فللإتلاف، ولأجله ساغ الفقيه أو العامل الرجوع إلى أيٍّ منهما شاء .

   (3) على ما هو الشأن في مسألة تعاقب الأيدي ، حيث ذكروا أنّ المال الواحد لا يقبل التدارك أكثر من مرّة واحدة ، فعليه لو تصدّق إحدى الأيادي للأداء سقط الضمان عن الآخرين وحينئذ لو رجع المالك إلى الأخير لم يكن له الرجوع إلى من قبله ، ولو رجع إليه رجع هو إلى الأخير ، لأنّ قرار الضمان عليه وتمام الكلام في محلّه .

   (4) قد عرفت حكم التأخير عن وقت الوجوب ، وأمّا التقديم عليه فالمشهور عدم الجواز ، ونُسب الخلاف إلى ابن أبي عقيل وسلاّر فذهبا إلى الجواز(1) استناداً إلى بعض الأخبار :

   منها : صحيحة معاوية بن عمّار: ... قلت : فإنّها لا تحلّ عليه إلاّ في المحرّم ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 5 : 292 .

ــ[259]ــ

فيعجّلها في شهر رمضان ؟ «قال : لا بأس» (1) .

   ومنها : صحيحة حمّاد بن عثمان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين» (2) .

   ومنها : صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام): أ نّه سأله عن رجل حال عليه الحول وحلّ الشهر الذي كان يزكّي فيه وقد أتى لنصف ماله سنة وللنصف الآخر ستّة أشهر «قال : يزكّي الذي مرّت عليه سنة ويدع الآخر حتّى تمرّ عليه سنة» قلت : فإنّه اشتهى أن يزكّي ذلك «قال : ما أحسن ذلك»(3) .

   ونحوها غيرها وإن كانت العمـدة هي هذه الثلاثة ، فلو كنّا نحن وهذه الطائفة لحكمنا بالجواز ، لقوّة السند وصراحة الدلالة ، غير أنّ بإزائها طائفة اُخرى دلّت على المنع :

   منها : صحيحة محمّد الحلبي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يفيد المال «قال : لا يزكّيه حتّى يحول عليه الحول» (4) .

   وهذه الرواية لو كانت وحدها لأمكن الجمع بينها وبين ما تقدّم بالحمل على عدم الوجوب ، لكن الروايتين الآتيتين الواردتين في هذا السياق آبيتان عن ذلك وتكشفان القناع عن المراد من هذه كما ستعرف .

   ومنها : صحيحة عمر بن يزيد، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الرجل يكون عنده المال ، أيزكّيه إذا مضى نصف السنة ؟ «فقال : لا ، ولكن حتّى يحول عليه الحول ويحلّ عليه ، إنّه ليس لأحد أن يصلِّي صلاة إلاّ لوقتها، وكذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 301 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 49 ح 9 .

(2) الوسائل 9 : 302 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 49 ح 11 .

(3) الوسائل 9 : 300 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 49 ح 4 .

(4) الوسائل 9 : 305 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 51 ح 1 .

ــ[260]ــ

الزكاة، ولايصوم أحد شهر رمضان إلاّ في شهره إلاّ قضاءً، وكلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت»(1).

   ومنها : صحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة ؟ «قال : لا ، أيصلي الاُولى قبل الزوال ؟! » (2) .

   وهذه الروايات الثلاثة كالصريح في لزوم التحديد والتوقيت وأنّ حال الزكاة حال الصوم والصلاة في عدم جواز التقديم على أوقاتها، فتعارض الطائفة السابقة الصريحة في الجواز حسبما عرفت ، فلا بدّ من العلاج .

   وقد حمل الطائفة الاُولى جماعة ـ منهم الشيخ (قدس سره) ـ على الدفع بعنوان القرض بشهادة صحيحة الأحول عن أبي عبدالله (عليه السلام): في رجل عجّل زكاة ماله ثمّ أيسر المعطى قبل رأس السنة «قال : يعيد المعطى الزكاة»(3) .

   وجه الاستشهاد : أنّ المدفوع قبل الحلول لو كان تمليكاً للفقير بعنوان الزكاة لم يكن أيّ وجه للإعادة فيما لو أيسر قبل حلول رأس السنة ، ضرورة أنّ العبرة بالفقر حين الدفع ، ولا يكاد يقدح اليسار اللاّحق في صحّة الدفع السابق ، وإنّما يقدح ويستوجب الإعادة فيما إذا كان المدفوع بعنوان القرض ، إذ اللاّزم حينئذ بقاء الفقر إلى حين حلول الوقت ليتمكّن الدافع من احتسابه زكاةً في هذه الحالة ، فحكمه (عليه السلام) بالإعادة خير شاهد على إرادة الدفع بعنوان القرض ، فيكون ذلك كاشفاً عن أنّ المراد به في سائر الأخبار أيضاً هو ذلك .

   ويندفع : بأنّ الوارد في هاتيك النصوص بأجمعها هو عنوان التعجيل ، والمنسبق من هذا التعبير هو الإعطاء بعنوان الزكاة قبل الوقت ، فإنّ هذا هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 305 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 51 ح 2 .

(2) الوسائل 9 : 305 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 51 ح 3 .

(3) الوسائل 9 : 304 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 50 ح 1 .

 
 

ــ[261]ــ

فلو قدّمها كان المال باقياً على ملكه مع بقاء عينه (1) ، ويضمن تلفه القابض إن علم بالحال ، وللمالك احتسابه جديداً مع بقائه أو احتساب عوضه مع ضمانه وبقاء فقر القابض ، وله العدول عنه إلى غيره .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التعجيل ، أمّا القرض فلا يعدّ تعجيلاً للزكاة .

   على أنّ في بعضها تحديد التعجيل بشهرين ، ومن البيّن أنّ هذا التحديد لا يتلاءم مع القرض ، إذ هو يجوز قبله لسنين ولم يكن الجواز محدوداً بحدٍّ أبداً .

   وفي بعضها : إن كان محتاجاً فلا بأس ، ومن الواضح أنّ الدفع بعنوان القرض لم يكن منوطاً بالاحتياج ، لجواز إقراض الغني كالفقير .

   وعلى الجملة : فالحمل المزبور لم يكن جمعاً عرفيّاً بوجه من الوجوه .

   فالصحيح حينئذ أن يقال : إنّ الطائفة الاُولى محمولة على التقيّة ، لذهاب جمع كثير من العامّة إلى جواز التعجيل .

   ومع التنازل وتسليم المعارضة فالمرجع بعد التساقط هو الأدلّة الأوّلية الدالّة على التوقيت في تشريع الزكاة وإناطة الوجوب بحلول الحول ، بل أنّ نفس أدلّة التعجيل تدلّ على التوقيت والتحديد في أصل التشريع كما لا يخفى .

   وبالجملة : فالمستفاد من مجموع الأدلّة أنّ للزكاة وقتاً محدوداً فيحتاج التقديم ـ  الذي هو من إجزاء غير الواجب عن الواجب  ـ إلى الدليل ، ولا دليل بعد فرض سقوط نصوص التعجيل بالمعارضة .

   والمتحصّل : أنّ الأصحّ ما عليه المشهور من عدم جواز التقديم .

   (1) إذ لا موجب للخروج عن ملكه بعد أن لم يقع زكاة ولم يكن غيرها مقصودا .

   هذا ، وقد تقدّم الكلام في بقيّة الأحكام في نظائر المقام ممّا يكون القابض




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net