اعتبار نيّة القربة في الزكاة - اعتبار التعيين مع تعدّد ما عليه من الزكاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3803


ــ[269]ــ


فصل

[  في أنّ الزكاة من العبادات  ]

   الزكاة من العبادات فيعتبر فيها نيّة القربة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ويدلّ عليه بعد الإجماع القطعي ـ بل تسالم الفريقين إلاّ من شذّ ، بل الارتكاز الثابت في أذهان عامّة المتشرّعة ـ اُمور :

   منها : التعبير عنها بالصدقة في الكتاب والسنّة ، بل عبّر عن العامل في لسان الأخبار بالمصدّق ، ومن المعلوم أنّ الصدقة واجبة كانت أم مندوبة يعتبر في مفهومها قصد القربة ، بل كان ذلك هو الفارق بينها وبين الهديّة .

   ومنها : عدّها من مباني الإسلام الخمس في جملة من الأخبار ، بل في بعضها أنّ إحداها لا تقبل إلاّ بصاحبتها ، فإنّ مناسبة الحكم والموضوع ومقارنتها مع إخواتها من سائر العبادات ولا سيّما الصلاة تقضي بأنّ الكلّ من سنخ واحد في اعتبار العباديّة كما لا يخفى .

   ومنها : ما ورد في الكتاب والسنّة من أنّ الله سبحانه هو الذي يباشر بنفسه لأخذ الصدقة، قال تعالى: (هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ)إلخ(1) .

   وفي صحيح سالم بن أبي حفصة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إنّ الله يقول : ما من شيء إلاّ وقد وكّلت به من يقبضه غيري، إلاّ الصدقة ، فإنّي اتلقّفها بيدي تلقّفاً» إلخ (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التوبة 9 : 104 .

(2) الوسائل 9 : 382 /  أبواب الصدقة ب 7 ح 7 .

ــ[270]ــ

والتعيين (1) مع تعدّد ما عليه بأن يكون عليه خمس وزكاة وهو هاشمي فأعطى هاشميّاً فإنّه يجب عليه أن يعيّن أ نّه من أ يّهما ، وكذا لو كان عليه زكاة وكفّارة فإنّه يجب التعيين .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومن ثمّ ورد استحباب تقبيل اليد لدى التصدّق ، فإنّ مناسبة الحكم والموضوع تقضي بأنّ الشيء الذي يباشر سبحانه بنفسه لأخذه لا بدّ وأن يكون منسوباً ومضافاً إليه جلّ شأنه .

   (1) هذا لايتوقّف على العباديّة، بل لأجل أ نّه لابدّ في تحقّق العناوين القصديّة ـ ومنها الزكاة ـ من تعلّق القصد بها بخصوصها وتعيينها لتمتاز عمّا عداها ، وبدونه لا يتحقّق المأمور به في الخارج ، فلا يكاد يكون المأمور بإكرام زيد ممتثلاً إلاّ إذا قصد هذا العنوان وإن تحقّق ذات الإكرام خارجاً ، كما لا يكفي الإتيان بذات الركعتين ما لم يقصد عنوان الفجر أو نافلته ـ مثلاً ـ وبدونه لا يتحقّق شيء منهما .

   وعليه ، فلا يتّصف المدفوع بعنوان الزكاة التي لها عنوان خاصّ في مقابل الخمس والكفّارة وما شاكلهما إلاّ مع قصد ذلك العنوان ، لجواز انطباق سائر العناوين عليه ، ولا يكاد يمتاز عن غيرها إلاّ بالقصد ، فلا بدّ من مراعاته في تحقّق الامتثال .

   بل لا يبعد أن يكون الحال كذلك في الأفعال التكوينيّة الخارجيّة من المشي والقيام والقعود ونحوها ، نظراً إلى أنّ ذات الفعل وإن صدق كيفما تحقّق لكن المأمور به لمّا كانت هي الحصّة الاختياريّة المتقوّمة بالقصد فلا بدّ من رعايته في تحقّق امتثاله ، إلاّ إذا نهض دليل خارجي على أنّ العبرة بتحقّق ذات الفعل كيفما كان ، كما في تطهير الثوب ونحوه .

   وكيفما  كان ، فلا بدّ من قصد التعيين في المقام حسبما عرفت ، فلو كان على

ــ[271]ــ

بل وكذا إذا كان عليه زكاة المال والفطرة فإنّه يجب التعيين على الأحوط (1) بخلاف ما إذا اتّحد الحقّ الذي عليه فإنّه يكفيه الدفع بقصد ما في الذمّة وإن جهل نوعه ، بل مع التعدّد أيضاً يكفيه التعيين الإجمالي بأن ينوي ما وجب عليه أوّلاً أو ما وجب ثانياً ـ مثلاً ـ ولا يعتبر نيّة الوجوب والندب .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هاشمي خمس وزكاة فأعطى لهاشمي ولم يعيّن لا يقع امتثال لأيّ منهما ، ونحوه ما لو كانت عليه زكاة وكفّارة يمكن إعطاؤها من النقود ، كما في كفّارة الوطء في الحيض .

   نعم ، لا يجب عليه القصد التفصيلي ، بل تكفي النيّة الإجماليّة ، فيجزئ قصد ما في الذمّة مع اتّحاد الحقّ والجهل بنوعه وقصد ما وجب أوّلاً أو ثانياً مع التعدّد حسبما اُشير إليه في المتن .

   (1) هذا الاحتياط وإن كان في محلّه لاحتمال تغاير الحقّين واختلاف حقيقة الزكاتين ، ولكنّه لا يبعد الاتّحاد وأ نّهما فردان من حقيقة واحدة وهي الصدقة الواجبة وإن تسبّبت إحداهما عن ملك النصاب والاُخرى عن دخول شهر شوال ، فالتعدّد إنّما هو في ناحية السبب دون المسبّب ، ومعه لا حاجة إلى قصد التعيين .

   وكون إحداهما زكاة عن المال والاُخرى عن البدن كالاختلاف من ناحية الوقت لا يستوجب اختلافاً في الحقيقة والماهية بعد الاتّحاد في متعلّق الوجوب أعني الزكاة ، ولا سيّما بعد ملاحظة ما ورد من أنّ الآية المباركة إنّما نزلت في زكاة الفطرة ، حيث لم يكن يومئذ للمسلمين مال وبعد ذلك أمر (صلّى الله عليه وآله) بإلحاق زكاة المال بها .

   وبالجملة : حال اختلاف السبب في المقام حال اختلاف الأسباب في الأجناس الزكويّة ، فكما أنّ سبب الوجـوب قد يكون ملكيّة عشرين ديناراً واُخرى




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net