لو خرج وقت الفطرة ولم يخرجها - هل يجوز تقديم الفطرة على شهر رمضان ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3798


ــ[470]ــ

   وإن خرج وقتها ولم يخرجها (1) فإن كان قد عزلها دفعها إلى المستحقّ بعنوان الزكاة ، وإن لم يعزلها فالأحوط الأقوى عدم سقوطها ((1)) ، بل يؤدّيها بقصد القربة من غير تعرّض للأداء والقضاء .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولكن الاستصحاب ممنوع على مسلكنا . إذن لا دليل على بقاء الوقت بعد الزوال ، ومقتضى الأصل البراءة عن الوجوب زائداً على المقدار المعلوم من الوقت ، فإنّ المتيقّن من الجعل تعلّق التكليف إلى هذا الحدّ ، فيرجع في الزائد عليه إلى أصالة البراءة .

   والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أنّ منتهى الوقت بالإضافة إلى من يصلّي هو صلاة العيد حتّى وإن صلاّها أوّل وقتها ، وبالنسبة إلى غيره هو الزوال كما ذكره في المتن ، فلاحظ .

   (1) إذا خرج وقت الفطرة ـ سواء أكان هو الصلاة أم الزوال أم الغروب حسبما عرفت ـ ولم يكن مخرجاً لها فقد يكون ذلك مع العزل ، واُخرى بدونه .

   أمّا مع العزل : فلا إشكال في جواز التأخير إلى أن يدفع المعزول إلى المستحقّ بعنوان الزكاة كما ذكره في المتن ، فإنّ ذلك هو مقتضى مفهوم العزل المفروض جوازه كما سيجيء(2) ، وقد تعيّن المعزول في الزكاة بالعزل فلا بدّ من صرفه فيها ، ولا يجوز الرجوع عنها ، فإنّ ما كان لله لا يرجع فيه . هذا ، مضافاً إلى التصريح بجواز التأخير في موثّق إسحاق بن عمّار المتقدّم (3) .

   وأمّا بدونه : فهل يسقط الوجوب بخروج الوقت ؟ أم لا بدّ من إخراجها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل لا يبعد السقوط .

(2) في ص 474 .

(3) الوسائل 9 : 357 /  أبواب زكاة الفطرة ب 13 ح 4 .

ــ[471]ــ

خارج الوقت أيضاً ولو قضاءً ؟

   قد يقال بالثاني ، نظراً إلى أنّ التوقيت راجع إلى الحكم التكليفي ـ أعني : وجوب الأداء والإعطاء ـ وأمّا الحكم الوضعي ـ أي اشتغال الذمّة بالمال ـ فلا توقيت فيه ، فلا مانع من استصحاب بقائه .

   ولكنّه مبني على تضمّن الفطرة وضعاً زائداً على التكليف كما في زكاة المال بأن تكون الذمّة مشغولة بها ، وتخرج عن التركة كما في سائر الديون كما أنّ زكاة المال حقّ ثابت في العين .

   وقد عرفت في ما سبق منعه، لعدم نهوض أيّ دليل عليه ، بل هي حكم تكليفي محض كسائر التكاليف الإلهية مثل الصلاة والصيام ، فإذا خرج الوقت لم تكن الذمّة مشغولة بشيء ليجب الخروج عن عهدتها .

   وقد يقال أيضاً بوجوب الإخراج ، نظراً إلى استصحاب بقاء الوجوب بعد خروج الوقت ، ولا ينافيه التوقيت ، لعدم تعدّد الموضوع بعد أن كان الاعتبار فيه بالنظر العرفي ، ولا ريب في اتّحاد القضيّتين ـ المتيقّنة والمشكوكة ـ كذلك بحيث لو كان الوجوب ثابتاً بعد الوقت فهو بقاء لما كان لا أ نّه حكم جديد .

   ولكنّه كما ترى ، أمّا أوّلاً : فلمنع جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة والأحكام الكلّيّة كما أوضحناه في محلّه .

   وثانياً : ما ذكرناه في مباحث القضاء من كتاب الصلاة من امتناع جريان الاستصحاب الشخصي في خصوص المقام ، إذ الوجوب المحدود بوقت خاصّ ينتفي بانتفاء وقته وينتهي بانتهاء أمده ولا يعقل بقاؤه بعد الوقت ، فلا شكّ في ارتفاعه ليجري فيه الاستصحاب، فلو كان ثابتاً فهو فرد آخر من الوجوب حدث لموضوع آخر، ومن ثمّ لو جرى الاستصحاب فهو من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، من أجل احتمال بقاء كلّي الوجوب في ضمن فرد

ــ[472]ــ

   [ 2863 ] مسألة 1 : لا يجوز تقديمها على وقتها (1) في شهر رمضان على الأحوط ((1)) ، كما لا إشكال في عدم جواز تقديمها على شهر رمضان . نعم ، إذا أراد ذلك أعطى الفقير قرضاً ثمّ يحسب عند دخول وقتها .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

آخر حدث مقارناً لارتفاع الفرد الأوّل الثابت في الوقت أو قارنه في الوجود ، والمقرّر في محلّه عدم حجّيّة هذا القسم من استصحاب الكلّي (2) ، بل المرجع أصالة البراءة عن تعلّق الوجوب بعد الوقت .

   هذا ، مع أنّ صحيحة عبدالله بن سنان دلّت على أ نّها بعد الوقت صدقة وليست من الفطرة في شيء ومعها لا تصل النوبة إلى التمسّك بالاستصحاب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : وإعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل ، وبعد الصلاة صدقة» (3) .

   فإنّ المراد بالصدقة هي المستحبّة ، وإلاّ فالصدقة الواجبة هي الفطرة ، والتفصيل قاطع للشركة ، وقد تقدّم المراد بالأفضليّة وأ نّها بالقياس إلى التقديم في شهر رمضان لا التأخير عن الصلاة ، وهذه الصحيحة وإن كان موردها الصلاة إلاّ أ نّه يتمّ الحكم فيمن لم يصلّ بعدم القول بالفصل .

   فتحصّل : أنّ الأقوى عدم الوجوب بعد الوقت وإن كان الإخراج أحوط بأن يأتي به بالعنوان الجامع بين الصدقة الواجبة أو المستحبّة ، لا الجامع بين الأداء والقضاء الذي ذكره في المتن .

   (1) لا إشكال كما لا خلاف في عدم جواز تقديم الفطرة على شهر رمضان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وإن كان جواز التقديم أظهر .

(2) مصباح الاُصول 3 : 114 .

(3) الوسائل 9 : 353 /  أبواب زكاة الفطرة ب 12 ح 1 .

ــ[473]ــ

بعنوان أ نّها فطرة ، كما لا إشكال في جواز ذلك بعنوان القرض ثمّ احتساب الدين منها عند دخول وقتها بشرط البقاء على شرائط الاستحقاق كما في زكاة المال ، فإنّ نصوص الاحتساب من الزكاة مطلقة تعمّ كلتا الزكاتين .

   وإنّما الكلام في تقديمها على وقتها في شهر رمضان ، فقد ذهب جماعة إلى الجواز ، وجماعة آخرون إلى المنع ، بل ذهب بعضهم إلى القولين في كتابيه وهو المحقّق، فقد اختار المنع في الشرائع(1)، والجواز في المعتبر(2)، بل قد نسب كلا القولين إلى الشهرة، فعن المدارك نسبة المنع إلى المشهور(3)، وعن الدروس نسبة الجواز إليهم(4) . وكيف ما كان ، فالمتّبع هو الدليل.

   ولا ينبغي الإشكال في أنّ مقتضى القاعدة هو عدم الجواز ، ضرورة أنّ المؤقّت لا أمر به قبل مجيء وقته ، فالاجتزاء بالفعل المأتيّ به قبل ظرف تعلّق الوجوب والاكتفاء به في مقام الامتثال يحتاج إلى الدليل ، ويعضده ما ورد في زكاة المال من المنع عن التعجيل قبل حولان الحول بل في بعضها تشبيه ذلك بالصلاة قبل الوقت .

   إلاّ أنّ صحيحة الفضلاء قد تضمّنت جواز ذلك صريحاً ، عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبدالله (عليه السلام) أ نّهما قالا: «على الرجل أن يعطي عن كلّ من يعول، من حرّ وعبد، وصغير وكبير ، يعطي يوم الفطر قبل الصلاة فهو أفضل ، وهو في سعة أن يعطيها من أوّل يوم يدخل من شهر رمضان» (5) .

   وحملها على صورة القرض ـ كما عن بعضهم ـ بعيدٌ عن مساقها جدّاً ، لعدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 203 .

(2) المعتبر 2 : 613 .

(3) المدارك 5 : 345 .

(4) الدروس 1 : 250 .

(5) الوسائل 9 : 354 /  أبواب زكاة الفطرة ب 12 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net