هل يعتبر في المستحقّين العدالة ؟ - عدم وجوب البسط على الأصناف 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3930


ــ[316]ــ

   ولا يعتبر في المستحقّين العدالة (1) وإن كان الأولى ملاحظة المرجّحات ، والأولى أن لا يعطى لمرتكبي الكبائر خصوصاً مع التجاهر ، بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم ، ولا سيّما إذا كان في المنع الردع عنه ، ومستضعف كلّ فرقة ملحق بها (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   أمّا إذا قلنا بحرمة الإعانة فظاهر ، ضرورة أنّ الحرام لا يكون مصداقاً للواجب ، وكذا لو قلنا بعدم الحرمة ، نظراً إلى اختصاص الحرام بالتعاون دون الإعانة كما هو الصحيح، وذلك لكونه مبغوضاً للمولى جزماً ، فلا يرضى الشارع بأن يقع مثله مصداقاً للخمس الواجب العبادي كما لا يخفى . وقد تقدّم مثله في الزكاة (1) وكلاهما من واد واحد ، فلا يجوز دفع الخمس لمن يصرفه في الحرام بحيث يعدّ إعانة على الإثم حسبما عرفت .

   (1) هذا ممّا ينبغي الجزم به ، إذ لا دليل على الاعتبار بوجه كما تقدّم في الزكاة (2) .

   نعم، ورد هناك عدم جواز الدفع لشارب الخمر وقلنا ثمّة: إنّه يمكن التعدّي إلى ما هو أهمّ كتارك الصلاة ، فيمكن التعدّي حينئذ إلى الخمس بمقتضى البدليّة ، وأنّ موردهما واحد لا يفترق عن الآخر إلاّ من حيث الهاشميّة وعدمها ، ولا أقلّ من الاحتياط في ذلك .

   (2) كما في سائر الأحكام من الزواج والإرث والزكاة ونحوها ، فإنّه يلحق بتلك الفرقة ، للصدق العرفي كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة  24 : 151 .

(2) شرح العروة  24 : 152 ـ 156 .

ــ[317]ــ

   [ 2962 ] مسألة 2 : لا يجب البسط على الأصناف (1)، بل يجوز دفع تمامه إلى أحدهم ، وكذا لا يجب استيعاب أفراد كلّ صنف ، بل يجوز الاقتصار على واحد ، ولو أراد البسط لا يجب التساوي بين الأصناف أو الأفراد .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هذه المسألة ممّا وقع الخلاف فيها بين الأصحاب ، فذهب جماعة ـ ولعلّه المشهور ـ إلى عدم وجوب البسط على الأصناف ، وذهب جماعة آخرون إلى الوجوب فيجب التوزيع على كلّ من الأصناف الثلاثة : اليتيم ، والمسكين ، وابن السبيل .

   وأمّا اعتبار البسط على الأفراد من كلّ صنف فلم يذهب إليه أحد ، ولعلّه أمر متعذّر خارجاً ، أو أنّ المال لا يفي بذلك غالباً كما لو كان الخمس قليلاً جدّاً ، أو من الميقات كشاة واحدة .

   وكيفما كان ، فما نسب إلى المشهور من عدم الوجوب على الأصناف فضلاً عن الأفراد هو الصحيح .

   والوجه فيه : أنّ الآية المباركة وإن تضمّنت تقسيم الخمس على ستّة أقسام إلاّ أنّ وجوب البسط على الأصناف الثلاثة من النصف الآخر ـ اليتيم والمسكين وابن السبيل ـ يتوقّف على ظهورها في ملكيّة كلّ صنف من هذه الأصناف ، بحيث يكون الطبيعي من كلّ صنف مالكاً لسدس المجموع حتى يجب التوزيع من باب وجوب إيصال المال إلى مالكه .

   أمّا لو كان المالك هو الطبيعي الجامع بين هذه الأصناف وكانت هي مصارف لذلك الطبيعي بحيث يكون الصرف في كلّ منها إيصالاً لذاك الجامع ، فلا وجه لوجوب البسط عندئذ .

   والظاهر من الآية المباركة هو الثاني ، لقرينتين تمنعان عن الأخذ بالأوّل :

ــ[318]ــ

   إحداهما : أنّ من تلك الأصناف ابن السبيل ، ولا ينبغي الشكّ في قلّة وجوده بالنسبة إلى الصنفين الآخرين ، بل قد لا يوجد أحياناً ، فهو نادر التحقّق .

   ولازم القول بالملكيّة تخصيص سدس المغنم من كلّ مكلّف ـ لوضوح كون الحكم انحلاليّاً ـ لهذا الفرد الشاذّ النادر الذي ربّما لا يوجد له مصداق بتاتاً ، فيدّخر له إلى أن يوجد ، وهو كما ترى . بخلاف ما لو كان مصرفاً وكان المالك هو الطبيعي الجامع كما لا يخفى .

   ثانيتهما ـ وهي أوضح وأقوى ـ أنّ الآية المباركة دالّة على الاستغراق لجميع أفراد اليتامى والمساكين ، بمقتضى الجمع المحلّى باللام المفيد للعموم .

   وعليه ، فكيف يمكن الالتزام باستغراق البسط لآحاد الأفراد من تلك الأصناف بحيث لو قسّم على بعض دون بعض يضمن للآخرين ؟! فإنّ هذا مقطوع العدم ، ومخالف للسيرة القطعيّة القائمة على الاقتصار على يتامى البلد ومساكينهم ، بل قد وقع الكلام في جواز النقل وعدمه مع الضمان أو بدونه كما سيجيء إن شاء الله تعالى (1) .

   وأمّا جواز الصرف في خصوص البلد فمّما لا إشكال فيه ، وقد جرت عليه السيرة . ومن البديهي أنّ كلمة اليتامى ـ مثلاً ـ لا يراد بها يتامى البلد فقط .

   فهذه قرينة قطعيّة على عدم إرادة الملك وأنّ الموارد الثلاثة مصارف محضة ، ومن الواضح أنّ جعل الخمس لهم إنّما هو بمناط القرابة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عوضاً عن الزكاة المحرّمة عليهم ، ومرجع ذلك إلى أنّ النصف من الخمس ملك لجامع بني هاشم والقرابة المحتاجين من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، فالمالك إنّما هو هذا الجامع الكلّي القابل للانطباق على كلّ فرد فرد .

   وعليه ، فأفراد هذه الأصناف كنفسها مصارف للخمس ، لأنّ الكلّي قابل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 338 .

ــ[319]ــ

للانطباق على كلّ فرد فيجوز الدفع إليه ، كما كان هو الحال في مصارف الزكاة الثمانية وإنّ كان الأمر فيها أوضح ، فيتم التحفّظ على الاستغراق بعد عدم ظهور شيء من الأدلّة في كون الجعل بعنوان الملكيّة بالرغم من ظهور اللاّم فيها ، فترفع اليد عنه ويحمل على المصرفيّة ، ومقتضـاه عدم وجوب البسط على الأصـناف فضلاً عن الأفراد ، لقصور الجعل من الأوّل وعدم الدليل على الاستيعاب .

   إذن فلا يجب التوزيع بتثليث نصف الخمس وإعطاء كلّ ثلث لكلّ صنف منهم ، بل يجوز دفع جميع النصف إلى صنف واحد .

   وعلى الجملة : بعدما عرفت من السيرة القائمة على عدم البسط ، ومن وضوح ندرة ابن السبيل في كلّ بلد ، بل انتفاء وجوده أحياناً كما أنّ اليتيم أقلّ وجوداً من المسكين بالضرورة . إذن فالتسوية بين العناوين الثلاثة بالتقسيم على سبيل التثليث لعلّها مقطوعة العدم ، لعدم احتمال التعادل بين حصصهم بعد الاختلاف المزبور .

   على أنّ اللازم من وجوب البسط بعد ملاحظة الندرة المذكورة تعطيل سهم ابن السبيل أو الادّخار له ، وكلاهما كما ترى .

   وهذا يصلح أن يكون قرينة على أنّ التسهيم إلى الثلاثة في الآية المباركة والروايات إنّما هو لبيان المصرف وليس تمليكاً لثلث النصف لكلّ صنف منهم .

   وبعبارة اُخرى : بعد الفراغ عن عدم إرادة التمليك بالنسبة إلى أفراد كلّ صنف على نحو الاشتراك ، وإنّما المراد مصرفيّة كلّ منهم حسبما عرفت، فيدور الأمر حينئذ بين إرادة تمليك جنس اليتيم وجنس المسكين وكذا ابن السبيل ليقتضي البسط على الأصناف ولزوم التقسيم بينهم أثلاثاً ، وبين إرادة تمليك جنس الثلاثة الجامع بينهم وهو المحتاج من بني هاشم ليقتضي عدم البسط .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net