1 ـ رواية الفضيل بن يسار 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في الرضاع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7237


ــ[102]ــ

رواية فضيل

إحداها : ما عن الشيخ في التهذيب باسناده إلى حريز ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « لا يحرم من الرضاعإلاّ المخبورة ـ وفي نسخة (المخبور) وفي اُخرى (المجبور) ـ أو خادم ، أو ظئر ، ثمّ يرضع عشر رضعات يروي الصبي وينام »(1).

ضعف سندها

وهذه الرواية ضعيفة السند بمحمّد بن سنان الواقع في طريقها ، فإنّه قد اختلفت الأقوال فيه ، فبعضهم وثّقه(2)، وبعضهم ضعّفه(3)، حتّى قيل : إنّه كذّاب(4)، ومنهم من اعتمد عليه ، كالعلاّمة في بحث الرضاع(5).

وقال السيّد الميرداماد (قدّس سرّه) في دفع الضعف عن هذه الرواية : إنّ للشيخ (قدّس سرّه) طريقين إلى حريز ، ليس فيهما محمّد بن سنان(6).

ولم يظهر لنا وجه ما ذكره (قدّس سرّه) لأنّ الشيخ يروي هذه الرواية في التهذيب عن حريز من طريق محمّد بن سنان ، وثبوت طريقين آخرين له إلى حريز
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 377 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب2 ح11 ، التهذيب 7 : 315 / 1305 [في المصدر : « المجبورة » بدل « المخبورة »] .
(2) [كالشيخ المفيد في الإرشاد 2 (مصنّفات الشيخ المفيد 11) : 248] .
(3) [كالشيخ في رجاله : 364 / 5394 ، والنجاشي في رجاله : 328 / 888 ، والشيخ المفيد في الرسالة العددية (مصنّفات الشيخ المفيد 9) : 20].
(4) [والقائل هو الفضل بن شاذان كما حكاه عنه الكشي في رجاله : 507 / 979] .
(5) المختلف 7 : 31 .
(6) رسالة في الرضاع (ضمن رسائل تسع مسمّاة بالرضاعيات والخراجيات) : 99 .

ــ[103]ــ

ليس فيهما محمّد بن سنان(1) لا ينافي نقل هذه الرواية بهذا الطريق .

والإنصاف : أنّ هذه الرواية ضعيفة السند ، لم تثبت حجّيتها عندنا ، فلا يمكن الاعتماد عليها .

مناقشة الشيخ الأنصاري

وقد ناقش شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(2) في هذه الرواية بوجهين آخرين من حيث المتن .

أحدهما : أنّ هذه الرواية رواها الصدوق (قدّس سرّه)(3) باسناده إلى حريز عن الفضيل ، بلا زيادة قوله : « ثمّ يرضع عشر رضعات يروي الصبي وينام »(4) فتقع المعارضة بين رواية الشيخ ورواية الصدوق من حيث الزيادة والنقيصة ومقتضى القاعدة الكليّة في ذلك ترجيح جانب الزيادة والأخذ به ، لأنّ احتمال السقط في الكتابة سهواً أقوى من احتمال إضافة شيء فيها .

إلاّ أنّه لا يمكن العمل بهذه القاعدة في خصوص روايات الصدوق ، لسبق زمانه على زمان الشيخ ، وأضبطيّته في نقل الأخبار وكتابتها ، حتّى علّل ذلك بأنّه صدوق في نقله ، بخلاف نقل الشيخ في التهذيب ، فإنّا أيضاً قد وجدنا فيه موارد الاشتباه والسهو ، فتقدّم رواية الصدوق، وهي لا تتضمّن الزيادة المذكورة.

هذه هي المناقشة الاُولى من مناقشتي الشيخ (قدّس سرّه) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الفهرست : 62 / 249 .
(2) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 310 .
(3) الفقيه 3 : 307 / 1474 [مع اختلاف يسير عن المتن المتقدّم] .
(4) الوسائل 20 : 376 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب2 ح7 .

ــ[104]ــ

الجواب عنها

أقول : هذه المناقشة مدفوعة ، لأنّها إنّما تتمّ لو كانت الرواية واحدة ، ولكن بعد المراجعة يظهر أنّهما روايتان ، وأنّ رواية الشيخ غير رواية الصدوق سنداً ومتناً .

أمّا اختلاف السند فيظهر بالمراجعة إلى كتاب الفقيه ، فإنّ الصدوق يذكر في آخره(1) إسناده إلى حريز ، وليس في إسناده إليه محمّد بن سنان .

وأمّا اختلاف المتن فرواية الشيخ هي ما ذكرناه ، ورواية الصدوق هي باسناده إلى حريز عن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «لا يحرم من الرضاع إلاّ ما كان مخبوراً ، قلت : وما المخبور ؟ قال : اُمّ تربّي ، أو ظئر تستأجر ، أو خادم تشتري »(2) فإنّ هذه الرواية ـ كما ترى ـ يغاير متنها متن رواية الشيخ بالكليّة ، إذ ليس في رواية الشيخ السؤال عن معنى المخبور ، وإن اشتملت على زيادة : « ثمّ يرضع عشر رضعات ... » هذا .

ولا يخفى أنّ هنا وجهاً آخر لتعدّد الروايتين ، وهو أنّ رواية الصدوق عن أبي عبدالله (عليه السلام) ورواية الشيخ عن أبي جعفر (عليه السلام) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في المشيخة [أي في الفقيه 4 (المشيخة) : 35] ذكر أنّ له في الرواية عن حريز أربعَ طرق كلّها صحيحة ، وليس محمّد بن سنان في أيٍّ من الطرق ، قال : وما كان عن حريز فقد رويته عن أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل بن عيسى، كلّهم عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز . هذا أحد الطرق ، اكتفينا بذكره] الموجود في المصدر : عن أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد وعلي بن حديد وعبدالرحمن بن أبي نجران ، عن حمّاد بن عيسى عن حريز] .
(2) [في الفقيه « ... إلاّ ما كان مجبوراً ، قال قلت : وما المجبور ؟ ... » وذيلها « أو أمة تشترى »] .

ــ[105]ــ

المناقشة الثانية : هي أنّ الحصر الوارد بقوله : « لا يحرم من الرضاع إلاّ المخبور » خلاف الإجماع ، لأنّ نشر الحرمة بالرضاع لا ينحصر بالمخبور المفسّر في الرواية الاُخرى بـ « اُمّ تربّي ، أو ظئر تستأجر ، أو أمة تشتري » لأنّ إرضاع غير هذه الثلاثة يوجب نشر الحرمة أيضاً إذا كان بالشروط المعتبرة في ذلك ، فتطرح الرواية لمخالفة متنها الإجماع .

الجواب عنها

أقول : هذه المناقشة مندفعة أيضاً ، لأنّ الحصر فيها إنّما هو بالإضافة إلى غير المستمرّة في الإرضاع ، بأن ترضع مرّة أو مرّتين أو أكثر ، بحيث لا يبلغ العدد المعتبر في نشر الحرمة ، فيكون المراد : أنّ الرضاع المحرّم هو الرضاع المستمرّ الكثير البالغ إلى الحدّ الذي يوجب نشر الحرمة ، لا الأقلّ من ذلك .

ومن هنا يظهر أنّ نسخة « المخبور » ـ بالخاء المعجمة ـ أصحّ من بقيّة النسخ لأنّه مأخوذ من خبر الأرض إذا كثر زرعها ، وأمّا المجبورة ـ بالجيم ـ بمعنى الملزمة بالرضاع فهي قليلة الاستعمال ، لأنّه يقلّ استعمال لفظ « الجبر » ثلاثياً بهذا المعنى ، وإنّما تستعمل من باب الإفعال ، ويقال : (أجبره) على ذلك أي ألزمه به .

فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّه لا يرد على هذه الرواية سوى أنّها ضعيفة السند بمحمّد بن سنان .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net