عدم إعتبار ملكيّة الزّاد والرّاحلة - حصول الاستطاعة بالوصيّة التمليكيّة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4156


   [ 3027 ] مسألة 30 : الظاهر عدم اعتبار الملكية في الزاد والراحلة ، فلو حصلا بالإباحة اللاّزمة ((2)) كفى في الوجوب لصدق الاستطاعة ، ويؤيده الأخبار الواردة في البذل ، فلو شرط أحد المتعاملين على الآخر ـ في ضمن عقد لازم ـ أن يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلاً وجب عليه الحجّ ويكون كما لو كان مالكاً له (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اعتباره ، وإنما التزمنا بذلك لنفي الحرج ولا يجري في المقام لأنه خلاف الامتنان ، إذ لا  امتنان في الحكم بالفساد بعد إتيان الأعمال ، كما هو الحال في موارد الوضوء أو الغسل الحرجي ، فإنه إذا توضأ أو اغتسل ثمّ علم بأن وضوءه أو غسله لم يكن واجباً لكونه حرجياً لا نحكم بفساد الوضوء أو الغسل ، لأنّ الحكم بفساده خلاف الامتنان وحديث نفي الحرج إنما يجري في مورد الامتنان كرفع الوجوب والالزام ، ولا امتنان في الحكم بالفساد بعد إتيان الأعمال .

   ثمّ إن المصنف (قدس سره) قرب الإجزاء في المقام بما ورد فيمن مات بعد الاحرام ودخول الحرم أنه يجزئه عن حجّة الإسلام . ولكن لم يظهر لنا وجه التقريب والتأييد لأن تلك الأدلة دلت على إجزاء الجزء والبعض عن الكل ، ومحل الكلام هو الاتيان بتمام الأعمال ولكن انكشف عدم الاستطاعة . وبعبارة اُخرى : مورد تلك الروايات إتيان بعض الأعمال واجزائه عن الكل ، والمفروض في المقام هو الاتيان بجميع الأعمال ولكن البحث عن إجزاء غير الواجب عن الواجب ، فالمورد مختلف فلا وجه للتقريب .

   (1) الظاهر أن الاسـتطاعة لا يعتبر فيها ملكية الزاد والراحلة ، فإن الاستطاعة

ــــــــــــ
(2) بل الظاهر كفاية الإباحة غير اللازمة أيضاً .

ــ[114]ــ

عبارة عن القدرة على الزاد والراحلة والتمكن من التصرف فيهما ، ولا ريب في صدق الاستطاعة بذلك وإن لم يكن ما يحج به ملكاً له .

   وربّما يناقش في صدق الاستطاعة بأنها بالنظر إلى الروايات (1) المفسرة لها ليست مجرد التمكن من التصرف وإباحته ، فإن مقتضى قوله (عليه السلام) «له زاد وراحلة» هو اعتبار الملك لظهور اللام في ذلك فلا يكفي مجرد الاباحة ، وأما الاكتفاء بالبذل فقد ثبت بدليل خاص . وأما ما في صحيح الحلبي : «إذا قدر الرّجل على ما يحجّ به»(2) وفي صحيح معاوية : «إذا هو يجد ما يحج به» (3) مما ظاهره الأعم من الملك فاللازم تقييده بالملك لحمل المطلق على المقيد . وفيه : أن المطلق إنما يحمل على المقيد إذا وردا في متعلقات الأحكام كقولنا : اعتق رقبة واعتق رقبة مؤمنة ، لا في موضوعاتها لعدم التنافي كنجاسة الخمر والمسكر .

   وبعبارة اُخرى : إنما يحمل المطلق على المقيد لأجل التنافي بينهما ولذا يحمل المطلق على المقيد في المثال الأوّل بعد إحراز وحدة المطلوب لحصـول التنافي بينهما حينئذ وهذا بخلاف المثال الثاني لعدم التنافي بين الحكم بنجاستهما أو حرمتهما معاً ، والمقام من قبيل الثاني ، فإن قوله : «له زاد وراحلة» وإن كان ظاهراً في الملكية إلاّ أنه لا ينافي ثبوت الاستطاعة في غير مورد الملك أيضاً كموارد الاباحة وجواز التصرف ، فلا موجب لحمل المطلق المستفاد من صحيح الحلبي وصحيح معاوية على المقيد كقوله : «له زاد وراحلة» مما ظاهره الملك .

   وأما قياس الإباحة المالكية بالإباحة الشرعية كالأنفال والمباحات الأصلية في عدم تحقق الاستطاعة بذلك ففي غير محله ، لعدم صدق الاستطاعة بمجرد الاباحة الشرعية وجواز التصرّف ، ومن الواضح عدم صدق الاستطاعة وعدم كونه واجداً للزاد والراحلة بمجرّد إباحة الأسماك في البحر والأنفال له ، وإنما يصدق أنه واجد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 33 / أبواب وجوب الحجّ ب 8 .

(2) الوسائل 11 : 26 / أبواب وجوب الحجّ ب 6 ح 3 .

(3) الوسائل 11 : 25 / أبواب وجوب الحجّ ب 6 ح 1 .

ــ[115]ــ

   [ 3028 ] مسألة 31 : لو اُوصي له بما يكفيه للحج فالظاهر وجوب الحجّ عليه بعد موت الموصي خصوصاً إذا لم يعتبر القبول((1)) في ملكية الموصى  له وقلنا بملكيته ما لم يرد فإنّه ليس له الرد حينئذ (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومستطيع بصيد الأسماك خارجاً وحيازة المباحات والاستيلاء عليها خارجاً ، ومجرّد الإباحة الشرعية لا يحقق موضوع الاستطاعة ، وهذا بخلاف المقام الذي يجوز له التصرف من قبل المالك فعلاً ومستول على المال ومسلط عليه فإنه يصدق أنه مستطيع .

   ومما ذكرنا ظهر أن تقييد الاباحة باللازمة غير لازم ، بل الاباحة إذا حصلت يصدق عنوان الاستطاعة سواء كانت لازمة أو جائزة ، فإن قوله : «له زاد وراحلة» «أو عنده ما يحج به» صادق على المقام مطلقاً من دون فرق بين الاباحة اللازمة وغير اللازمة .

   (1) لصدق الاستطاعة بذلك ، هذا بناء على أن الوصيّة التمليكية إيقاع لا عقد ، ولا حاجة إلى القبول من الموصى  له كما هو المختار فالأمر واضح ، لأنه بمجرّد موت الموصي يصدق على الموصى له أنه مستطيع ، نعم له الرد لأنّ التمليك القهري مخالف لسلطنته ، وذلك يقتضي سلطنته على الرد لا على احتياجها إلى القبول ، ويؤيد أو يدل على أنها إيقاع انتقال القبول والرد إلى ورثة الموصى له ، ولو كانت عقداً لاحتاجت إلى قبول نفس الموصى له ولا ينتقل القبول إلى الوارث ، وكان مقتضى القاعدة بطلان الوصيّة حينئذ . وبالجملة : بمجرد الوصيّة التمليكية تحصل الاستطاعة وليس له الرد لأنه إزالة للاستطاعة وتفويت لها ، هذا كله بناء على أنّ الوصيّة من الايقاعات لا من العقود .

   وأمّا بناء على أنها من العقود وتحتاج إلى القبول فلم يظهر لنا الوجه في صدق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يختص الوجوب بهذا الفرض .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net