استحقاق النائب الاُجرة إذا مات قبل النسك وكان أجيراً على تفريغ ذمّة المنوب عنه 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4033


ــ[31]ــ

   [ 3152 ] مسألة 11 : إذا مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم((1)) يستحق تمام الاُجرة إذا كان أجيراً على تفريغ الذمّة ، وبالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا  كان أجيراً على الإتيـان بالحج بمعنى الأعمال المخصـوصة ، وإن مات قبل ذلك لا يستحق شيئاً سواء مات قبل الشروع في المشي أو بعده وقبل الإحرام أو بعده ((2)) وقبل الدخول في الحرم ، لأنه لم يأت بالعمل المستأجر عليه لا كلاًّ ولا بعضاً بعد فرض عدم إجزائه ، من غير فرق بين أن يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدّمات من المشي ونحوه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما تقدّم أن موضوع الإجزاء هو الشروع في العمل وذلك صادق على من أحرم وإن لم يدخل الحرم، فإن الإحرام أوّل أعمال الحج .

   وممّا ذكرنا ظهر عدم الإجزاء إذا مات في الطريق قبل الإحرام ، لعدم صدق الشروع في الأعمال ـ الذي هو موضوع الإجزاء ـ بمجرد السفر والخروج من البيت فإن ذلك من مقدّمات الحج للوصول إلى أعماله وأفعاله لا من أعماله ، فلا ظهور لموثق إسحاق لما قبل الإحرام ، فالمرجع حينئذ القاعدة الأولية المقتضية لعدم الإجزاء مضافاً إلى موثقة عمّار الساباطي ، وقد ظهر بما ذكرنا أيضاً عدم الإجزاء في الصورة الرابعة كالاُولى ، فيختص الإجزاء بالصورة الثانية والثالثة .

   (1) يقع الكلام في مقامين :

   المقام الأوّل : إذا مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم فقد عرفت بما لا مزيد عليه أنه لا ينبغي الريب في الإجزاء ، وهل يستحق تمام الاُجرة أم لا ؟ فيه تفصيل وهو أن النائب إذا كان أجيراً على تفريغ ذمّة الميت يستحق تمام الاُجرة ، لأنّ المفروض فراغ ذمّة الميت بذلك ، وقد ذكرنا في محلّه صحّة الإجارة على ذلك ، فإنّ التفريغ وإن لم يكن مقدوراً للنائب ولكنّه مقدور له بالواسطة وبأسبابه وهذا المقدار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل بعد الإحرام ولو قبل دخول الحرم .

(2) مرّ استحقاقه فيما إذا مات بعد الإحرام .

ــ[32]ــ

نعم ، لو كان المشي داخلاً في الإجارة على وجه الجزئية بأن يكون مطلوباً في الإجارة نفساً استحقّ مقدار ما يقابله من الاُجرة بخلاف ما إذا لم يكن داخلاً أصلاً ، أو كان داخلاً فيها لا نفساً بل بوصف المقدّمية ، فما ذهب إليه بعضهم من توزيع الاُجرة عليه أيضاً مطلقاً لا وجه له ، كما أ نّه لا وجه لما ذكره بعضهم من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام ، إذ هو نظير ما إذا استؤجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثمّ اُبطلت صلاته ، فإنّه لا إشكال في أنه لا يستحق الاُجرة على ما أتى به .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكفي في صحّة الاجارة ، نظير الاستئجار على التطهير فإنّه مقدور بالواسطة وإلاّ فالتطهير بنفسه غير مقدور له .

   وأمّا إذا كان أجيراً على الأعمال والمناسك نفسها فلا بدّ من تقسيط الاُجرة وتوزيعها حسب الاتيان بالأعمال . نعم ، إذا مات قبل الإحرام فلا يستحق من الاُجرة شيئاً وإن أتى ببعض المقدّمات كالسفر ونحوه ، لعدم تفريغ ذمّة الميت بذلك وعدم الإتيان بالأعمال والأفعال المستأجر عليها ، ودعوى تقسيط الاُجرة حتى بالنسبة إلى المقدّمات لا شاهد لها .

   كما أن دعوى أنه يستحق اُجرة المثل لما أتى به من المقدّمات لاحترام عمل المسلم نظير استحقاق اُجرة المثل في الاجارة الفاسدة لا وجه لها ، لأ نّه إنّما أتى بالمقدّمات باختياره لأجل الوصول إلى العمل المستأجر عليه ، والمفروض أنه لم يكن مغروراً من قبل المستأجر ولم يكن صدور هذه المقدّمات مستنداً إلى أمر المستأجر ، فلا يقاس المقام بباب الاجارة الفاسدة الموجبة لاستحقاق اُجرة المثل لأنّ إتيان العمل في باب الاجارة الفاسدة مستند إلى أمر المستأجر وذلك موجب للضمان ، بخلاف المقـام فإنّ إتيان المقدّمات لم يكن بأمر المستأجر وإنما أتى الأجير بها باختياره لغرض الوصول إلى العمل المستأجر عليه ، فهي أجنبية عن متعلق الاجارة بالمرّة ، نظير ما لو استأجر على الصلاة فتوضّأ الأجير أو اغتسل ثمّ عجز عن أداء الصلاة فإنّه لا يستحق اُجرة المثل لوضوئه أو غسله .

ــ[33]ــ

   ودعوى أنه وإن كان لا يستحق من المسمّى بالنسبة لكن يستحق اُجرة المثل لما أتى به حيث إن عمله محترم ، مدفوعة بأنه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه، والمفروض أنه لم يكن مغروراً من قبله، وحينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحج في سنة معيّنة ويجب عليه الإتيـان به((1)) إذا  كانت مطلقـة (1) من غير استحقاق لشيء على التقديرين .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   المقام الثاني : إذا مات الأجير بعد الإحرام وقبل دخول الحرم ، فإن قلنا بالإجزاء ـ  كما هو المختار  ـ فحكمه حكم ما لو مات بعد دخول الحرم من كون الاُجرة في قبال التفريغ أو في قبال الأعمال ، وإن قلنا بعدم الإجزاء فحاله حال الموت قبل الإحرام في عدم استحقاق شيء من الاُجرة ، لأنّ المستأجر عليه ليس هو الإحرام فقط وإنما هو الإحرام المتعقب لسائر الأعمال ، فالإحرام وحده لا يوجب استحقاق الاُجرة ، نظير ما إذا استؤجر للصوم فمات الأجير في أثناء النهار ، فإنّ إمساك مقدار من النهار لم يكن متعلقاً للاجارة ، وكذا لو استؤجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثمّ اُبطلت صلاته فإنه لا إشكال في عدم استحقاق الاُجرة على ما أتى به لعدم كونه من العمل المستأجر عليه ، بل لو فرضنا تعلق الاجارة بنفس الإحرام وحده بطل عقد الاجارة ، لأنّ الإحرام وحده من دون تعقبه لأعمال الحج عبادة غير مشروعة ، فإن ذلك نظير الاستئجار لركعة واحدة أو الصوم بمقدار نصف النهار .

   وأمّا استحقاق الاُجرة للمقدّمات فيجري فيه ما تقدّم من أن المقدّمات كالمشي ونحوه لو كانت متعلقة للاجارة وداخلة فيها على وجه الجزئية توزع الاُجرة عليها وإلاّ فلا .

   (1) في العبارة تشويش لأنّ مفروض كلامنا فيما إذا مات الأجير ، فلا مجال لقوله :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في العبارة تشويش ، والصحيح أن يقال : إن الإجارة إذا كانت مقيّدة بالمباشرة فهي تنفسخ بالموت من غير فرق بين أن تكون الإجارة في سنة معيّنة أو كانت مطلقة ، وأمّا إذا لم يقيد الإجارة بالمباشرة وجب الاستئجار من تركة الأجير من غير فرق أيضاً بين السنة المعيّنة وغيرها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net