ذا صالحه على شيء بشرط الحج عنه فهل يحسب الحج من الثلث 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4359


   [ 3178 ] مسألة 10 : إذا صالحه على داره مثلاً وشرط عليه أن يحج عنه بعد موته صح ولزم وخرج من أصل التركة وإن كان الحج ندبياً ولا يلحقه حكم الوصية . ويظهر من المحقق القمي (قدس سره) في نظير المقام إجراء حكم الوصية عليه بدعوى أنه بهذا الشرط ملك عليه الحج ((1)) وهو عمل له اُجرة فيحسب

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا لو أوصى ابتداءً باُمور ولم تكن وصيته مسبوقة بتعيين الثّلث وإخراجه كما إذا أوصى بالحج ابتداءً فهل يرجع المال ميراثاً أو يصرف في وجوه البر ؟ وجهان ، قد يقال بالأوّل لعدم إمكان العمل بالوصية فيرجع المال إلى الوارث لفقد المانع .

   ولكن ذهب جماعة منهم الماتن (قدس سره) إلى الثاني للقرينة العامّة الخارجيّة على تعدد المطلوب ، فإن الظاهر من حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه وإنما عيّن عملاً خاصّاً لكونه أنفع في نظره من غيره ، فتعيينه لمثل الحج ونحوه من الاُمور القربية على نحو تعدد المطلوب وإذا تعذر بعضه لا يسقط الآخر .

 ويؤكد ذلك عدّة من الروايات الواردة في باب نسيان الوصية وعدم وفاء المال للعتق(2) ، ويظهر من ذلك كلّه أن غرض الموصي لا خصوصية له بالنسبة إلى ما عيّنه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الصحيح في الجواب أن يقال : إن الشارط لا يملك على المشروط عليه العمل المشروط حتى ينتقل إلى الورثة .

(2) الوسائل 19 : 393 / كتاب الوصايا ب 61 ، 73 .

ــ[107]ــ

مقدار اُجرة المثل لهذا العمل ، فإن كانت زائدة عن الثّلث توقف على إمضاء الورثة ، وفيه : أنه لم يملك عليه الحج مطلقاً في ذمّته ثمّ أوصى أن يجعله عنه بل إنما ملك بالشرط الحج عنه وهذا ليس مالاً تملكه الورثة ، فليس تمليكاً ووصية وإنّما هو تمليك على نحو خاص لا ينتقل إلى الورثة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل يرجع تعيينه لمثل ذلك إلى تعدّد المطلوب .

   وقد استشهد في المتن بخبر علي بن سويد(1) ، والخبر على ما ذكره صحيح السند إلاّ أن المذكور في السند ليس علي بن سويد ، بل هو إما علي بن مزيد كما في الفقيه(2) أو علي بن فرقد كما في الكافي(3) والتهذيب (4) ، وعلى كل تقدير لم يوثق ، فتكون الرواية ضعيفة .

   نعم لو علمنا بالخصوصية وأن الوصية على نحو التقييد تبطل في صورة التعذّر فلا مانع إذن من رجوع المال إلى الوارث . وأمّا قاعدة الميسور فقد عرفت غير مرّة أنه لا أساس لها ، على أنها مخدوشة في المقام صغرى لأنّ الجنس لا يعد ميسوراً للنوع .

   (1) وقع الخلاف بين السيّد المصنف والمحقق القمي (قدس سرهما) في هذه المسألة .

   اختار المصنف خروج الحج من أصل التركة وإن كان الحج ندبياً ولا يلحقه حكم الوصية ، وذلك لأنّ الحج عن الميت ليس مالاً تملكه الورثة ، وإنما هو ملك للميت على نحو خاص من الملكية غير قابل للانتقال إلى الوارث .

   واختار المحقق القمي إجراء حكم الوصية عليه ، فيلاحظ مع الثّلث (5) فإن كان بمقداره ينفذ وإن كان أزيد توقف على إمضاء الورثة ، بدعوى أنّ الموصي قد ملك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 19 : 349 / كتاب الوصايا ب 37 ح 2 .

(2) الفقيه 4 : 154 / 534 .

(3) الكافي 7 : 21 / 1 .

(4) التهذيب 9 : 224 / 881 .

(5) جامع الشتات 1 : 227 كتاب الصلح السطر 29 ـ 30

ــ[108]ــ

وكذا الحال إذا ملّكه((1)) داره بمائة تومان مثلاً بشرط أن يصرفها في الحج عنه أو عن غيره أو ملّكه إيّاها بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحج أو نحوه ، فجميع

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحج على ذمّة المصالَح ـ  بالفتح  ـ بهذا الشرط ، وهو عمل له اُجرة فصار من جملة ممتلكات الموصي ويعامل معه معاملة الأموال المتروكة من احتساب مقدار اُجرة المثل لهذا العمل وملاحظة زيادتها على الثّلث وعدمها .

   وبعبارة اُخرى : الحج الثابت في ذمّة المصالَح ـ  بالفتح  ـ بسبب الشرط مملوك للمصالِح ـ  بالكسر  ـ  ، فإذا مات ينتقل إلى ورثته كسائر الأموال المتروكة فحينئذ يكون أمر الموصي للمصالَح ـ  بالفتح  ـ  بفعل الحج عنه وصية منه بذلك فاللاّزم خروجه من الثّلث .

   وأورد عليه المصنف بأن الموصي قد يملك الحج مطلقاً في ذمّة شخص آخر ، فإذا ملك عليه الحج مطلقاً ثمّ أوصى أن يجعله عنه يعامل معه معاملة الأمـوال المتروكة لأنه عمل له مالية واُجرة فينتقل من الميت إلى الوارث ويجري عليه أحكام الوصية وقد يملك عليه الحج عنه وهذا ليس مالاً تملكه الورثة فليس تمليكاً ووصية ، وإنما هو تمليك على نحو خاص لا ينتقل إلى الورثة .

   ولزيادة التوضيح نقول : الحج الذي وجب على المشروط عليه بسبب الشرط وإن فرض أنه ملك للميت لكنه غير قابل للانتقال إلى الورثة ، فإن المملوك وهو الحج عن الموصي بسبب الشرط إذا أتى به المشروط عليه فقد سلمه إلى مالكه وهو الميت الموصي ، ومع تسليم المال إلى مالكه وهو الميت تفرغ ذمّة المشروط عليه علم به الوارث أو جهل به فلا موجب لاحتسابه من الثّلث ، والاخراج من الثّلث إنما هو في الأموال القابلة للانتقال إلى الوارث ، فليس الحج المفروض من قبيل بقيّة الأموال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ليس هذا كالصلح المشروط بالحج أو التمليك بشرط بيع العين وصرف الثمن في الحج ، وذلك فإن مائة تومان في المثال ملك للشارط حال حياته وقد شرط على من ملكه الدار أن يصرفها في الحج فإن كان بمقدار ثلثه نفذت الوصية وإلاّ فلا .

ــ[109]ــ

ذلك صحيح لازم من الأصل وإن كان العمل المشروط عليه ندبياً ، نعم له الخيار عند تخلّف الشرط وهذا ينتقل إلى الوارث بمعنى أن حق الشرط ((1)) ينتقل إلى الوارث فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتروكة ، نظير ما لو باع شيئاً واشترط على المشتري بناء داره مثلاً ، فإنه يجب عليه تسليم العمل في الخارج ، وتسليمه إنما هو بوجوده وتحققه خارجاً ، فما ذكره القمي من الاحتساب من الثّلث لا وجه له .

   والصحيح أن يقال : إنه لا وجه لما ذكره المصنف من أنه ملك بالشرط ، وهو تمليك على نحو خاص لا ينتقل إلى الورثة ، لأنه لو سلمنا أنه ملك للميت فلا مانع من انتقاله إلى الوارث ، ومجرّد أنّ الثابت في الذمّة هو الحج عن الميت لا طبيعي الحج لا يكون مانعاً عن الانتقال إلى الوارث فيكون له الابراء والاسقاط أو إيقاع مصالحة جديدة عليه ، كما يكون له مطالبته وتسليمه بالحج عن الميت .

   كما لا وجه لما ذكره المحقق القمي من أنه يحسب من الثّلث ، وذلك فإنّ الحج المشروط به الصلح ليس مالاً وملكاً للميت لينتقل إلى الوارث ، فإنّ الاشتراط لا يوجب كون الشرط ملكاً للشارط ، لأنّ غاية ما يقتضيه الاشتراط لزوم العمل بالشرط وثبوت الخيار عند التخلّف كما هو كذلك في غير المقام .

   وبعبارة اُخرى : الاشتراط لا يوجب ملكية الشرط للشارط ولا يملك الشارط على المشروط عليه العمل بالشرط حتى ينتقـل إلى الورثة ، وإنما يترتّب على الاشتراط الالزام من الشارط والالتزام بالشرط من المشروط عليه ، فهو يقتضي إلزاماً من شخص والتزاماً من شخص آخر ، فالحج المشروط به الصلح في المقام ليس

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إن هذا الحق الذي لا ينتفع به الوارث ولا يمكنه إسقاطه لا ينتقل إلى الوارث ، بل الظاهر أنه باق على ملك الميت فإذا تخلف المشروط عليه يفسخ الحاكم عليه بالولاية ويصرف المال فيما شرط على المشروط عليه .

ــ[110]ــ

ممّا تركه الميت حتى يتنازع في خروجه من الثّلث أو من الأصل وإنّما يجب الاتيان به على المشروط عليه بمقتضى الوفاء بالشرط ، فلو وفى بالشرط وأتى بالحج فقد أتى بما وجب عليه وليس للورثة معارضته ، ولو تخلف وترك الحج يثبت الخيار لتخلف الشرط .

   وهل يثبت الخيار للوارث أو أن الوارث أجنبي عن ذلك ؟ وجهان ، اختار المصنف الأوّل وذكر أن حق الشرط ينتقل إلى الوارث فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة .

   ويردّه : أن الحج كما لا ينتقل إلى الوارث لعدم كونه ملكاً للميت كذلك حق الخيار بتخلّف الشرط لا ينتقل إلى الوارث . بيان ذلك : أن حق الخيار كسائر الحقوق وإن كان ينتقل إلى الوارث ومنه خيار تخلف الشرط ، فلو باع شيئاً واشترط على المشتري بناء داره مثلاً ثمّ مات وتخلف المشتري عن العمل بالشرط كان لورثة البايع الخيار ، فلهم إسقاط الخيار ولهم فسخ البيع ومطالبة المشتري بالمبيع .

   والوجه في ذلك : أن الشرط وهو البناية في مفروض المثال يرجع نفعه إلى الوارث فلذا كان الخيار المترتب على تخلفه داخلاً فيما ترك فينتقل إلى الوارث ، فلهم إسقاطه كما أن لهم إعماله ، وأمّا الشرط الذي لا ينتفع به الوارث أصلاً كما في المقام فلا يكون الخيار المترتب على تخلفه مما تركه الميت ، فإن الانتفاع به خاص بالميت نفسه فيكون الخيار أيضاً مختصاً به ، ومن هنا ليس للورثة إسقاط هذا الخيار بل هم أجنبيون عنه وبما أن الميت لا يتمكن من إعمال الخيار ، للوصي أو الحاكم صرف المال فيما شرط على المشروط عليه .

   والحاصل : أدلّة الارث لا تشمل المقام ، بل يلزم على المشروط عليه الوفاء بالشرط والاتيان بالحج ، وإن تخلف يلزمه الحاكم أو الوصي بالاتيان به ، وإن امتنع المشروط عليه من الوفاء يفسخ الحاكم أو الوصي ، ويصرف الحاكم أو الوصي المال في الحج باستئجار شخص آخر .

   ثمّ إن المصنف ذكر مثالين آخرين لمورد الكلام بينه وبين المحقق القمي :

   أحدهما : ما إذا باع داره بمائة دينار واشترط على المشتري أن يصرف المائة في




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net