لأقوال في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن اتمام العمرة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3774


ــ[242]ــ

   [ 3211 ] مسألة 4 : اختلفوا في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر وإتمام العمرة وإدراك الحج على أقوال :

   أحدها : أنّ عليهما العدول إلى الإفراد والإتمام ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحج لجملة من الأخبار .

   الثاني : ما عن جماعة من أن عليهما ترك الطواف والإتيان بالسعي ثمّ الإحلال وإدراك الحج وقضاء طواف العمرة بعده ، فيكـون عليهما الطّواف ثلاث مرّات مرّة لقضاء طواف العمرة ومرّة للحج ومرّة للنساء ، ويدل على ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار .

   الثالث : ما عن الإسكافي وبعض متأخري المتأخرين من التخيير بين الأمرين للجمع بين الطائفتين بذلك .

   الرابع : التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطّواف وتتم العمرة وتقضي

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبنفسه ، وأمّا إذا فوت التمكن على نفسه باختياره وعجز نفسه اختياراً فالروايات منصرفة عنه ، فالقاعدة تقتضي فساد الحج ، ولا دليل على العدول ، ولا يقاس المقام بباب الصلاة إذا عجز نفسه اختياراً عن بعض مقدّماتها كما عرفت .

   الثالث : أن يجعل عمرته مفردة إلحاقاً له بمن أحرم للحج ولم يدرك الوقوف بالمشعر فتبطل عمرته فقط دون إحرامه . وهذا أيضاً لا دليل عليه .

   فالصحيح هو الوجه الرابع وهو الحكم ببطلان عمرته وإحرامه ، فإن الإحرام الصحيح هو الإحرام المتعقب بالطواف في سنته ، ومع عدم التعقب ولو كان بالاختيار انكشف بطلان الإحرام من الأوّل ، هذا ومع ذلك فالأحوط أن يأتي ببقية الأعمال بقصد الأعم من إتمامها حج إفراد أو عمرة مفردة ، فيأتي بأعمال الحج رجاءً ثمّ يأتي بالطّواف والسعي بقصد الأعم من حج الإفراد أو عمرة مفردة ، وعليه الحج من قابل إذا كان الحج واجباً عليه .

ــ[243]ــ

بعد الحج ، اختاره بعض بدعوى أنه مقتضى الجمع بين الطائفتين بشهادة خبر أبي بصير «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول في المرأة المتمتعة إذا أحرمت وهي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها : سعت ولم تطف حتى تطهر ثمّ تقضي طوافها وقد قضت عمرتها ، وإن أحرمت وهي حائض لم تسعَ ولم تطف حتى تطهر» ، وفي الرضوي : «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم ـ إلى قوله (عليه السلام) ـ وإن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها فتجعلها حجة مفردة ، وإن حاضت بعدما أحرمت سعت بين الصفا والمروة وفرغت من المناسك كلّها إلاّ الطواف بالبيت ، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت وهي متمتعة بالعمرة إلى الحج وعليها طواف الحج وطواف العمرة وطواف النّساء» . وقيل في توجيه الفرق بين الصورتين ، إن في الصورة الاُولى لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً فعليها العدول إلى الإفراد ، بخلاف الصورة الثانية فإنها أدركت بعض أفعالها طاهراً فتبني عليها وتقضي الطواف بعد الحج . وعن المجلسي (قدس سره) في وجه الفرق ما محصله : أن في الصورة الاُولى لا تقدر على نيّة العمرة لأنها تعلم أنها لا تطهر للطواف وإدراك الحج بخلاف الصورة الثانية فإنها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة والدخول فيها .

 الخامس : ما نقل عن بعض من أنها تستنيب للطواف ثمّ تتم العمرة وتأتي بالحج ، لكن لم يعرف قائله . والأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل ((1)) للفرقة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأقوى هو التفصيل بين ما إذا كان الحيض أو النفاس قبل الإحرام فتحرم لحج الإفراد فتأتي به ثمّ تعتمر عمرة مفردة وبين ما إذا كانت حال الإحرام طاهرة ثمّ حاضت أو نفست ولم تتمكن من الإتيان بالعمرة قبل الحج فهي تتخير بين أن تعدل إلى الإفراد ثمّ تأتي بعمرة مفردة وبين أن تسعى وتقصّر وتحرم للحج وبعد أداء مناسك منى تقضي طواف العمرة ثمّ تأتي بطواف الحج ، ووجه ذلك أن الرواية تعين العدول في الفرض الأوّل ولا معارض لها ، وأمّا الفرض الثاني ففيه طائفتان ظاهر إحداهما تعين العدول وظاهر الثانية المضي كما ذكر والجمع العرفي قاض بالتخيير .

ــ[244]ــ

الاُولى من الأخبار التي هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها ، وأمّا القول الثالث وهو التخيير فإن كان المراد منه الواقعي بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين ، ففيه أنهما يعدان من المتعارضين والعرف لا يفهم التخيير منهما والجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك ، وإن كان المراد التخيير الظاهري العملي فهو فرع مكافأة الفرقتين والمفروض أنّ الفرقة الاُولى أرجح من حيث شهرة العمل بها ، وأمّا التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل ، مع أن بعض أخبار القول الأوّل ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام نعم لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام وعلمت بأ نّها لا تطهر لإدراك الحج يمكن أن يقال : يتعين عليها العدول إلى الإفراد من الأوّل ، لعدم فائدة في الدخول في العمرة ثمّ العدول إلى الحج ، وأمّا القول الخامس فلا وجه له ولا له قائل معلوم (1) .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) اختلف الأصحاب في الحائض والنفساء إذا منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء الإحرام بالحج لضيق وقتهما عن ذلك على أقوال :

   الأوّل : وهو المشهور والمعروف بين الأصحاب بل ادعي عليه الاجماع ، أنها تعدل إلى حج الإفراد وتذهب إلى عرفات وتأتي بجميع المناسك ثمّ تأتي بعمرة مفردة بعد الحج .

   الثاني : أن تأتي بأعمال عمرة التمتّع ولكن تترك الطواف والصلاة وتسعى وتقصر ثمّ تحرم بالحج وتقضي طواف العمرة ، فعليها الطواف ثلاث مرّات ، مرّة لقضاء طواف العمرة ومرّة للحج ومرّة لطواف النّساء ، وقد نسب هذا القول إلى علي بن بابويه(1) وأبي الصلاح(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نقل عنه في الدروس 1 : 406 .

(2) الكافي في الفقه : 218 .

ــ[245]ــ

   الثالث : ما عن الإسكافي(1) والسيّد في المدارك(2) من التخيير بين القولين المتقدّمين ، بدعوى أن ذلك مقتضى الجمع بين النصوص .

   الرابع : التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل ، وبين ما إذا طرأ الحيض أثناء الإحرام فتترك الطواف ولكن تسعى وتقصر ثمّ تحرم بالحج وتقضي العمرة بعد الحج ، اختاره الكاشاني(3) وصاحب الحدائق(4) .

   الخامس : أنها تستنيب للطواف ثمّ تتم العمرة وتأتي بالحج ، ولكن الظاهر انه لا قائل به بل لا وجه له ، لأنّ الروايات الواردة في المقام بين الآمرة بالعدول وبين الآمرة بإتمام العمرة وقضاء طواف العمرة بعد أعمال الحج ولا يستفاد الاستنابة من شيء منها .

   ولعل القائل بالاستنابة يرى أن الروايات بأسرها متعارضة ومتساقطة ولا مجال للرجوع إليها ، فالمتبع حينئذ القاعدة وهي تقتضي الاستنابة ، لأنّ الطواف واجب على كل معتمر بأن يطوف هو بنفسه أو يطاف به فإن لم يتمكن من الأولين ينتقل الأمر إلى الطّواف عنه ، فيتم عمله ولو بإتيان بعض أجزائه نيابة ، وأمّا العدول إلى الإفراد يحتاج إلى الدليل والمفروض عدمه ، وإتيان العمرة الناقصة بدون الطواف لا دليل عليه أيضاً .

   وهذا القول وإن كان على طبق القاعدة إلاّ أنه إنما يتم على تقدير تساقط الروايات وعدم إمكان الرجوع إليها ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فإن طائفة من الروايات سليمة من التعارض فهذا القول ساقط ، وأمّا سائر الأقوال فيظهر حالها كما يظهر الصحيح منها من ذكر الروايات وما يستفاد منها ، فيقع البحث في مقامين :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المختلف 4 : 350 المسألة 294 .

(2) المدارك 7 : 181 .

(3) الوافي 13 : 997 .

(4) الحدائق 14 : 345 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net