تقديم الغسل على الميقات - الغسل في أوّل النهار ليومه وفي أوّل اللّيل لليلته 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3634


ــ[358]ــ

ويجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء ، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضاً والأحوط الإعادة في الميقات (1) ،

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) يجوز تقديم الغسل على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه أو لم يتمكن فيه من الغسل لعذر من الأعذار كالبرد وخوف الضرر ، ويدل عليه صحيح هشام ، قال : «أرسلنا إلى أبي عبدالله (عليه السلام) ونحن جماعة ونحن بالمدينة إنا نريد أن نودعك ، فأرسل إلينا أن اغتسلوا بالمدينة والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ثمّ تعالوا فرادى أو مثاني» (1) وأصرح من ذلك ما رواه الصدوق والشيخ هذه الصحيحة مع زيادة «فلما أردنا أن نخرج قال : لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماءً إذا بلغتم ذا  الحليفة» (2) فإن ذلك صريح في الاكتفاء بالغسل المتقدّم وعدم لزوم إعادته بذي الحليفة وإن وجد الماء .

   بل يجوز تقديمه وإن لم يخف الاعواز ، فيجوز الاتيان بالغسل في المدينة اختياراً من دون عذر عن الاتيان به في الميقات ، ويدل على ذلك إطلاق عدّة من الروايات ، منها : صحيحة الحلبي «عن رجل يغتسل بالمدينة للإحرام أيجزئه عن غسل ذي الحليفة ؟ قال (عليه السلام) : نعم» (3) والظاهر أن المراد بالسؤال عن أصل المشروعية وتقديمه في نفسه في المدينة وليس السؤال عن إجزاء الغسل الواقع في المدينة في فرض مشروعيته ولو للاعواز .

   وأمّا صحيحة معاوية بن وهب فلا يصح الاستدلال بها لجواز التقديم لأنها رويت على نحوين :

   أحدهما : ما رواه الشيخ والصدوق عن معاوية بن وهب ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) ونحن بالمدينة عن التهيؤ للإحرام ، فقال : أطل بالمدينة وتجهز بكل ما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 326 / أبواب الإحرام ب 8 ح 1 .

(2) الفقيه 2 : 201 / 918 ، التهذيب 5 : 63 / 202 .

(3) الوسائل 12 : 327 / أبواب الإحرام ب 8 ح 5 .

ــ[359]ــ

تريد واغتسل ، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة» (1) .

   ثانيهما : ما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب (2) ، وليس فيها ذكر للغسل ، فهي على الرواية الاُولى تنفعنا لا على الثانية .

   هذا كلّه مضافاً إلى إطلاقات ما دلّ على مشروعية غسل الإحرام ورجحانه(3) فإنّها تكفي في الحكم بجواز التقديم اختياراً ولو مع عدم خوف الاعواز ، وقد ذكرنا في محلّه(4) أن المطلق لا يحمـل على المقيّد في باب المسـتحبات ، وإنما يحمل عليه في الواجبات ، للتنافي وعدم إمكان وجوب كل منهما ، ولكن المستحب حيث يجوز تركه اختياراً فلا موجب لحمل المطلق على المقيّد وإنما يكون المقيّد أفضل الأفراد ، وتمام الكلام وتحقيقه في محله .

   بل المستفاد من هذه المطلقات استحباب الغسل وجواز تقديمه في أي بلد شاء ولا يلزم إتيانه في المدينة ، فلو اغتسل في بغداد وذهب مع الطائرة إلى المدينة وأحرم من مسجد الشجرة أجزأ وكفى ، فإن المقصود تحقق الإحرام في حال الغسل وأن يكون مغتسلاً عند الإحرام وإن اغتسل في بلد آخر غير المدينة بعيداً كان أو قريبا .

   وأمّا صحيح هشام فلا يدل على عدم جواز الغسل في غير المدينة المنورة بل يدل على الجواز ، وذلك لأنّ تقديم الغسل إذا كان غير مشروع فخوف الاعواز لا يجعل غير المشروع مشروعاً إلاّ تعبّداً ، والمستفاد من التعليل الوارد فيه أنّ المدار بصدور الإحرام مع الغسل سواء اغتسل في ذي الحليفة أو في المدينة أو في بلد آخر .

   ولو قدمه اختياراً مع عدم خوف الاعواز ، ذكر المصنف أن الأحوط الاعادة في الميقات ، والاحتياط في محله ، لاحتمال عدم مشروعية الغسل الصادر عن المختار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 62 / 196 ، الفقيه 2 : 200 / 915 ، الوسائل 12 : 324 / أبواب الإحرام ب 7 ح 1 .

(2) التهذيب 5 : 64 ح 203 ، الوسائل 12 : 325 / أبواب الإحرام ب 7 ح 3 .

(3) الوسائل 3 : 303 أبواب الأغسال المسنونة ب 1 ، الوسائل 12 : 326 /  أبواب الإحرام ب 8 .

(4) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 384 .

ــ[360]ــ

ويكفي الغسل من أوّل النهار إلى الليل ومن أوّل الليل إلى النهار (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واقعاً ، فلا بأس بالاتيان به رجاءً .

   وهل يعاد الغسل فيما لو كان قد اغتسل لخوف الاعواز فوجد الماء في ذي الحليفة ؟ ربّما يقال باستحباب الاعادة لصحيح هشام ، لقوله (عليه السلام) : «لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماءً إذا بلغتم ذا الحليفة» (1) .

   وفيه : إن كان المراد بقوله «لا عليكم» نفي الحرمة ، أي لا جناح ولا عقوبة عليكم أن تغتسلوا ، نظير ما يقال : لا عليك أن تدخل الماء وأنت صائم ما لم تغمس فيه ، فلا بأس بالاستدلال به على استحباب الاعادة ، لأنه يدل على جواز الغسل ، وحيث إنه أمر عبادي إذا جاز استحب ، كما صرّح بذلك في المستند(2) وقال بأنه إذا لم يكن به بأس كان راجحاً . إلاّ أن ذلك خلاف الظاهر لاحتياجه إلى التقدير ، والظاهر أن المنفي بقوله «لا عليكم» هو الوجوب ، لأنّ النفي وارد على نفس الغسل ، ولا حاجة إلى التقدير ، فالمعنى أن الغسل لا يجب عليكم وغير ثابت ولا آمر به إذا وجدتم ماءً في ذي الحليفة ، فلا يدل على الاستحباب في صورة عدم الأمر به ، ومن الواضح أنّ الاستحباب حكم شرعي يحتاج إلى الدليل .

   (1) صرّح الأصحاب بأنه يجزئ الغسل في أوّل النهار ليومه وفي أوّل الليل لليلته وتدل عليه النصوص ، فإن المستفاد منها وقوع الإحرام مع الغسل ، ولم يؤخذ في شيء منها كون الغسل مقارناً للإحرام أو كان الفصل بينهما قليلاً ، فالعبرة بوقوع الإحرام عن الغسل وإن كان الغسل واقعاً في أوّل النهار والإحرام في آخره ، ويدل عليه أيضاً صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك» (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 326 / أبواب الإحرام ب 8 ح 2 .

(2) المستند 11 : 272 .

(3) الوسائل 12 : 328 / أبواب الإحرام ب 9 ح 2 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net