الخامس : ستر العورة حال الطواف 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4694


ــ[37]ــ

   الخامس :  ستر العورة حال الطّواف على الأحوط (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الاستطاعة، والمفروض أن هذا الشخص غير مستطيع لعدم تمكنه من مباشرة الأعمال في هذه السنة.

   ويستفاد ما ذكرناه من معتبرة حنان بن سدير المتقدمة (1) فانّ المتفاهم منها أنّ الأمر دائر بين الحج

والخروج مع الرفقة وبين أن يختتن ، ولكن لو اختتن لا يتمكّن من الحج في هذه السنة ، فحكم (عليه

السلام) بأ نّه لا يحج ويبدأ بالسُنّة أي بالختان المؤيدة برواية إبراهيم بن ميمون المتقدمة (2) .

   هذا فيما إذا كان متمكناً من الختان ولو في السنين القادمة ، وأمّا إذا لم يكن متمكناً من الختان أصلاً

للحرج والضرر ونحوهما ، فقد ذهب بعضهم إلى سقوط الحج عنه بالمرة لعدم كونه مستطيعاً .

   وفيه : أ نّه لاوجه لسقوط الحج، فانّ الاستطاعة المالية كافية في وجوب الاستنابة نظير المريض الّذي

لا يرجو زوال مرضه، فلا وجه لسقوط الحج عنه ، فيدور الأمر بين وجوب الحج عليه والطّواف بغير

اختتان لسقوط الشرط حينئذ، وبين أن يستنيب للطواف فيدخل هذا في المرتبة الثالثة للطواف من

الطّواف بنفسه أو إطافته أو الطّواف عنه ، ومن المعلوم أنّ الاطافة به أيضاً طواف صادر منه فيتعين

الثالث ، لأن مقتضى الاطلاق اعتبار الختان في الطّواف فهو غير مأمور بالطواف بنفسه ، فيدخل تحت

عنوان من لا يستطيع الطّواف ، والأحوط أن يطوف بنفسه غير مختون ويطاف عنه أيضاً .

   (1) المعروف وجوب ستر العورة في الطّواف، وناقش فيه بعضهم وذهب إلى العدم.

 واستدلّ للمشهور بالنبوي المعروف «الطّواف بالبيت صلاة» (3) ولكنّه غير ثابت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) في ص 35 .

(3) سنن الدارمي 2 : 44 ، سنن النِّسائي 5 : 222 .

ــ[38]ــ

من طرقنا ، ولم يعلم استناد المشهور إليه حتّى يقال بالانجبار .

   والعمدة في المقام الروايات الناهية عن الطّواف عرياناً (1) وهي مروية بطرق كثيرة منّا ومن العامّة

(2) ، ولكنها جميعاً ضعيفة السند إلاّ أ نّها كثيرة متظافرة لا يمكن رد جميعها ، بل عن كشف اللِّثام أ

نّها تقرب من التواتر من طريقنا وطريق بقيّة المذاهب(3) .

   ولكن لا يمكن الاستدلال بها لوجوب ستر العورة في الطّواف ، لأنّ النسبة بين العِراء وستر العورة

عموم من وجه ، لأنّ المراد بالعريان من لم يكن لابساً للثوب ويمكن أن يكون الشخص غير عار

ولابساً للثوب وعورته مكشوفة ، كما إذا كان في ثوبه ثقب تظهر عورته منه ، كما يمكن أن يكون

الشخص مستور العورة وهو عار ، كما إذا ستر عورته بيده أو بحشيش أو طين ونحو ذلك ، وقد

اعتبروا في الطّواف ستر العورة لا اللباس ، فيظهر الفرق بين الستر في باب الصلاة وفي الطّواف ، فانّ

المعتبر في الصلاة هو الستر باللباس ولا يكفي مجرد ستر العورة ، والمعتبر في الطّواف هو ستر العورة

بأيّ نحو كان ولو بيده أو بالحشيش ولا يعتبر اللباس قطعاً ، للاجماع على صحّة طواف الرجل عارياً مع

ستر عورته ، وهذه الروايات لو فرض صحّة أسانيدها لا بدّ من حملها على الاستحباب .

   وبالجملة : لا دليل على اعتبار ستر العورة في الطّواف ، وما دلّ عليه هذه الروايات الكثيرة وهو

اللبس في الطّواف فهو غير واجب . وما ذهب إليه المشهور من وجوب ستر العورة لا تدل عليه هذه

الروايات .

   فما ذهب إليه بعضهم من عدم وجوب ستر العورة في الطّواف هو الصحيح ، وإن كان الأحوط

الستر كما في المتن .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 400 /  أبواب الطّواف ب 53 .

(2) سنن الترمذي 5 : 276 ، مستدرك الحاكم 2 : 331 .

(3) كشف اللّثام 5 : 408 .

ــ[39]ــ

ويعتبر في الساتر الاباحة ، والأحوط اعتبار جميع شرائط لباس المصلي فيه (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) قد عرفت أ نّه لا دليل على اعتبار ستر العورة في الطّواف ، ولكن بناءً على اعتباره لا بدّ أن

يكون الساتر مباحاً وإلاّ بطل طوافه ، لأنّ الستر المأمور به لا يمكن أن يكون بالمحرّم، والحرام لا يكون

مصداقاً للواجب ، فاذا كان الساتر محرّماً ومغصوباً يخرج عن كونه مأموراً به .

   وأمّا إذا كان غير الساتر مغصوباً ومحرّماً أو لم نعتبر الستر فهل يبطل طوافه أم لا باعتبار تصرفه فيه ؟

   يبتني ذلك على ما ذكرنا في الاُصول في بحث اجتماع الأمر والنهي(1) وهو أن مورد الأمر والنهي

إن كان متحداً في الوجود فلا يمكن التقرب به لعدم إمكان التقرب بالحرام، وإن كان متعدداً وإن اقترنا

في الوجود الخارجي فلا تسري حرمة أحدهما إلى الآخر، كالصلاة وغصبية اللباس فانّ الصلاة عبارة

عن الأذكار وأفعال خاصّة ، وحرمة شيء خارجي وإن كان مقارناً للصلاة لا تسري إلى الأذكار

والأفعال ، لعدم اتحادهما وجوداً وإن اقترنا خارجاً ، ولذا لم نستشكل في صحّة الصلاة إذا كان غير

الساتر مغصوباً .

   وربما يقال بحرمة الطّواف ، لأ نّه مقدمة للتصرف في الثوب المغصوب ، لأ نّه يتحرك بتحرك

الشخص وبطوافه حول البيت .

   ولكن قد ذكرنا في المباحث الاُصولية أنّ الأفعال قد تكون توليدية كالقتل والتطهير والتنجيس ونحو

ذلك ، فانّ الصادر من الشخص إنّما هو الذبح ونحوه أو الغسل بالماء وإلاّ فنفس القتل وزهاق الروح

لا يصدر من الفاعل ، وكذلك الطهارة لا تحصل من الفاعل وإنّما المقدمات تصدر منه ، والقتل يترتب

على الذبح ويتولد منه ، فاذا نهينا عن القتل فبالمتفاهم العرفي يكون إيجاد المقدمات كالذبح محرماً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع محاضرات في اُصول الفقه 4 : 165  وبعدها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net