ترك الطواف عمداً ، عالماً أو جاهلاً - ترك الطواف نسياناً 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5568


   مسألة 321 : إذا ترك الطّواف في عمرة التمتّع عمداً مع العلم بالحكم أو مع الجهل به ولم يتمكن

من التدارك قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته وعليه إعادة الحج من قابل ، وقد مرّ أن الأظهر بطلان

إحرامه أيضاً ، لكن الأحوط أن يعدل إلى حج الافراد ويتمه بقصد الأعم من الحج والعمرة المفردة .

وإذا ترك الطّواف في الحج متعمداً ولم يمكنه التدارك بطل حجه ولزمته الاعادة من قابل ، وإذا كان

ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنه أيضاً (2) .

ـــــــــــــــــــــــــ
   (2) ذكرنا في أوّل البحث عن الطّواف(5) أن الطّواف من أركان الحج والعمرة ويفسدان بتركه

عمداً ، سواء كان عالماً بوجوبه أو جاهلاً به ، وكذا يبطل إحرامه ، فان الاحرام إنما يكون جزءاً للحج

إذا لحقته بقية الأجزاء وإلاّ ينكشف بطلان الاحرام من الأوّل وعليه الحج من قابل ، وقد تقدم جميع

ذلك مفصلاً فلا موجب للاعادة .

   نعم ، لو تركه من جهة الجهل بالحكم يجب عليه كفـارة بدنة ، لصحيح علي بن يقطين قال: «

سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف

ـــــــــــــ
(5) في ص 1 .

ــ[88]ــ

   مسألة 322 : إذا ترك الطّواف نسياناً وجب تداركه بعد التذكّر ، فان تذكّره بعد فوات محلّه قضاه

وصحّ حجّه ، والأحوط إعادة السعي بعد قضاء الطّواف وإذا تذكره في وقت لا يتمكّن من القضاء

أيضاً كما إذا تذكره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة ، والأحوط أن يأتي النائب بالسعي

أيضاً بعد الطّواف(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الفريضة ، قال : إن كان على وجه الجهالة في الحج أعاد وعليه بدنة»(1) ويؤيد بخبر علي بن أبي حمزة

(2) .

   (1) من ترك الطّواف نسياناً وغفلة ، فتارة يفرض بقاء المحل وإمكان التدارك كما إذا تركه في عمرة

التمتّع ، أو تركه في الحج وتذكّره في شهر ذي الحجة ويمكنه الرجوع واُخرى لا يمكنه التدارك .

   أمّا الأول : فلا ريب في لزوم التدارك والاتيان به ، لتمكنه منه والمفروض بقاء الوقت وإمكان

التدارك ، وتدل عليه روايات عديدة :

   منها : معتبرة إسحاق بن عمار قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل طاف بالكعبة ثم

خرج فطاف بين الصفا والمروة . فبينما هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت ، قال : يرجع

إلى البيت فيتم طوافه، ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي . قلت : فانه بدأ بالصفا والمروة قبل أن

يبدأ بالبيت ، فقال : يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة . قلت : فما الفرق بين

هذين ؟ قال : لأن هذا قد دخل في شيء من الطّواف ، وهذا لم يدخل في شيء منه»(3) .

   ومنها : خبر منصور بن حازم «عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا والمروة ، قال : يرجع فيطوف

بالبيت ثم يستأنف السعي»(4) وهذا الخبر رواه الشيخ (5) باسناده عن موسى بن القاسم ، عن محمد

عن سيف بن عميرة عن منصور ، وهذا السند بعينه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 13 : 404 / أبواب الطّواف ب 56 ح 1 ، 2 .

(3) ، (4) الوسائل 13 : 413 / أبواب الطّواف ب 63 ح 3 ، 1 .

(5) التهذيب 5 : 129 / 427 .

ــ[89]ــ

مذكور في عدّة من الروايات ، وفي بعضها موسى بن القاسم عن محمد بن سيف بن عميرة (1) وهذا

الاسم لا وجود له في الرجال ، والصحيح هو الأول أي محمد عن سيف .

   والرواية ضعيفة ، لأن موسى بن القاسم يروي عن عدة أشخاص مسمّين بمحمد ـ  وهم يروون

عن سيف بن عميرة  ـ بعضهم ثقات وبعضهم غير ثقة ، ولم يعلم أنّ محمد من هو .

   ومنها : صحيحة منصور بن حازم «عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، قال :

يطوف بالبيت ، ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما»(2) .

   وهذه الرواية يرويها الكليني بلا واسطة عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان(3) ومحمد بن

إسماعيل هذا هو محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري ، واحتمل بعضهم أنه محمد بن إسماعيل بن بزيع

، وهذا بعيد جداً ، لأن ابن بزيع من أصحاب الرضا (عليه السلام) ولا يمكن أن يروي الكليني عنه

بلا واسطة ، كما أن ما احتمله بعضهم بأنه محمد بن إسماعيل البرمكي صاحب الصومعة بعيد أيضاً ،

فان طبقته متقدمة على طبقة الكليني ، فالظاهر بل المتعين أنه النيسابوري الذي يروي عنه الكشي أيضاً

بلا واسطة ، فان الكشي والكليني في طبقة واحدة ، والرجل وإن لم يوثق في الرجال ولكنه من رجال

كامل الزيارات ، مضافاً إلى أن كثرة رواية الكليني عنه التي تبلغ أكثر من سبعمائة مورداً توجب

الاطمئنان بوثاقة الرجل ، هذا كله فيما إذا أمكن التدارك .

   وأمّا الثاني : وهو ما إذا تذكّره في وقت لا يتمكّن من القضاء والتدارك فتكليفه بالأداء ساقط جزماً

لفوات محل التدارك ، فهل يحكم ببطلان الحج ووجوب الحج عليه من قابل ، أو يحكم بصحة حجّه

وقضاء الطّواف بنفسـه ولو بعد انقضاء الوقت أو يستنيب إن تعذر العود ؟ وجهان .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 141 / 466 .

(2) الوسائل 13 : 413 /  أبواب الطّواف ب 63 ح 2 .

(3) الكافي 4 : 421 / 2 .

ــ[90]ــ

   اختار الثاني صاحب المدارك(1) والجواهر(2) بل قال في الجواهر بلا خلاف معتدّ به ، وذلك يشعر

بوجود المخالف ، ويظهر من الشيخ الحكم بالبطلان (3) ، لأنه استدل للبطلان بنسيان الطّواف

بروايتين ـ موردهما الجهل لا النسيان ـ الاُولى : رواية على ابن أبي حمزة قال : «سئل عن رجل جهل

أن يطوف بالبيت حتى رجع إلى أهله ، قال : إذا كان على جهة الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة» (4) .

   الثانية : صحيحة علي بن يقطين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل جهل أن يطوف

بالبيت طواف الفريضة ، قال : إن كان على وجه الجهالة في الحج أعاد وعليه بدنة»(5) .

   ثم روى صحيحة علي بن جعفر «عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء

كيف يصنع ؟ قال : يبعث بهدي ، إن كان تركه في حج بعث به في حج وإن كان تركه في عمرة بعث

به في عمرة، ووكّل من يطوف عنه ما ترك من طوافه»(6) .

   والظاهر من صحيحة علي بن جعفر صحة الحج ، ولذا أمر (عليه السلام) بأن يوكّل شخصاً يطوف

عنه ، ولو كان الحج باطلاً برأسه لا مجال لمثل هذا الأمر منه ، ولذا حملها على طواف النساء ، فالحكم

بصحة الحج إنما هو في فرض ترك طواف النساء ، وأمّا طواف الحج فلم يرد فيه نص في نسيانه ، فيعلم

أن النسيان حاله حال الجهل في وجوب الاعادة .

   والحاصل : يظهر من استدلال الشيخ بالروايتين المتقدمتين أن النسيان كالجهل في الحكم بالاعادة

وبطلان الحج ، لأنه استدل بهما لما حكاه من كلام المقنعة في حكم من نسي الطّواف وأن عليه بدنة

وإعادة الحج .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 8 : 175 .

(2) الجواهر 19 : 374 .

(3) التهذيب 5 : 127 .

(4) ، (5) الوسائل 13 : 404 / أبواب الطّواف ب 56 ح 2 ، 1 .

(6) الوسائل 13 : 405 / أبواب الطّواف ب 58 ح 1 .

ــ[91]ــ

   ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه المشهور من الحكم بالصحـة ، لا لحديث الرفع لأن حديث الرفع

مقتضاه رفع الأحكام ولا نظر له إلى الاثبات والحكم بالصحة وأن ما أتى به مجزئ ومسقط للواجب

كما حقق في محله(1) .

   ويكفينا في الحكم بالصحة صحيح علي بن جعفر المتقدم ، فان قوله : «ووكّل من يطوف عنه ما

تركه من طوافه» ظاهر في الحكم بالصحة ، وحمله على طواف النساء ـ  كما صنعه الشيخ  ـ  بعيد

جداً ، لأن طواف النساء ليس من طواف الفريضة ، أي ما فرضه الله تعالى في الكتاب ، وإنما هو

واجب مستقل سنّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والظاهر من طواف الفريضة المسؤول عنه

في الرواية هو الطّواف الواجب في الحج لا الطّواف الواجب المستقل الذي يؤتى به بعد الحج ، والذي

تركه عمداً لا يوجب البطلان ، مضافاً إلى أن تفصيل الإمام (عليه السلام) «إن كان تركه في حج بعث

بهديه في حج ، وإن كان تركه في عمرة بعث في عمرة» كالصريح في طواف الحج وحمله على طواف

النساء الواجب في الحج وحمل العمرة على العمرة المفردة بعيد جداً .

   ويظهر من هذه الرواية الصحيحة وجوب الطّواف على الناسي نفسه إن تمكن من العود وإلاّ

فيستنيب ، إذ لا نحتمل وجوب الاستنابة مطلقاً حتى إذا تمكن بنفسه من الطّواف كما نسب إلى بعض

المتأخرين .

   والمتحصل : أنّ من نسي الطّواف له صور :

   الاُولى : ما إذا فات عنه الطّواف نسياناً وتذكره وقد بقي من الوقت ما يتمكّن تداركه.

   الثانية : ما إذا نسيه وفات الوقت ولكن يتمكّن من التدارك بنفسه .

   الثالثة : ما إذا فات الوقت ولا يتمكّن من التدارك بنفسه .

 أمّا الاُولى: فلا إشكال في وجوب التدارك بلا كلام . وأمّا في الصورتين فالحج صحيح ويجب عليه

التدارك بنفسه أو الاستنابة . وعن الشيخ في الخلاف (2) وعن الغنية(3)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أشار إلى ذلك في مصباح الاُصول 2 : 267 ذيل الأمر الثالث .

(2) لاحظ الخلاف 2 : 324 ، نسبه إليه في الرياض 7 : 55 .

(3) الغنية : 171 .

ــ[92]ــ

الاجماع على الصحة، ولكن الشيخ ذهب إلى البطلان في كتابي التهذيب(1) والاستبصار(2) واستدل

بصحيحة علي بن يقطين وخبر علي بن أبي حمزة الواردين في الجاهل(3) لا  الناسي ، ثم ذكر صحيح

علي بن جعفر الدال على الصحة(4) ولكنه حمله على طواف النساء وأيّد ذلك برواية معاوية بن عمار

الواردة في من ترك طواف النساء(5) .

   وهذا من غرائب ما صدر منه (قدس سره) فان المسألة إجماعية ، حتى أن الشيخ بنفسه ادعى الاجماع

على الصحة في كتاب الخلاف(6) . على أن المراد بالطواف الوارد في صحيح علي بن جعفر ليس هو

طواف النساء ، لأن المسؤول هو طواف الفريضة وظاهره الطّواف الذي فرضه الله تعالى في كتابه

العزيز ، وهو طواف الحج في قبال ما سنّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وطواف الفريضة

وإن اُطلق على طواف النساء أحياناً في بعض الروايات ولكنه لا بدّ من حمله على نحو من المسامحة

والعناية .

   وبالجمة طواف النساء وإن كان واجباً ولكنه ليس ممّا فرضه الله في الكتاب ، بل هو عمل واجب

مستقل سنّه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتركه عمداً لا يضر بالحج فضلاً عن النسيان .

   ثم إنّ كلمة الفريضة لم توجد في البحار الناقل عن قرب الاسناد (7) وطريق المجلسي إلى قرب

الاسناد نفس طريق الشيخ إليه ، وفي قرب الاسناد «رجل ترك طوافاً أو نسي من طواف الفريضة»

(8) وفي التهذيب ورد «طواف الفريضة» .

   ثم إنّ المقابلة بين الحج والعمرة المذكورة في صحيح علي بن جعفر قرينة قطعية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 127 .

(2) الاستبصار 2 : 228 .

(3) الوسائل 13 : 404 / أبواب الطواف ب 56 ح 1 ، 2 .

(4) الوسائل 13 : 405 / أبواب الطّواف ب 58 ح 1 .

(5) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 6 .

(6) تقدّم مصدره في الصفحة السابقة .

(7) البحار 96 : 206 / 3 وفيه «عن رجل ترك طوافاً أو نسي من طواف الفريضة» .

(8) قرب الاسناد : 244 / 969 .

ــ[93]ــ

   مسألة 323 : إذا نسي الطّواف حتى رجع إلى بلده وواقع أهله ، لزمه بعث هدي إلى منى إن كان

المنسي طواف الحج ، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة، ويكفى في الهدي أن يكون شاة(1).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

على أن المراد بطواف الفريضة هو طواف الحج ، فلا موجب لحمله على طواف النساء وحمل العمرة

على المفردة .

   ثم إن الظاهر من قوله «رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده»(1) عدم إمكان التدارك بنفسه

، ولذا أمر أن يوكل من يطوف عنه ، ولا نحتمل وجوب الاستنابة تعبّداً ، بل الاستنابة في فرض عدم

تمكن المكلف من التدارك بنفسه كما تقتضيه القاعدة الأوّلية أيضاً .

   وممّا يؤكد ما ذكرنا : صحيح هشام بن سالم «عمّن نسي زيارة البيت حتى رجع إلى أهله ، فقال : لا

يضرّه إذا كان قد مضى مناسكه» (2) .

   والشيخ في التهذيب حمل هذه الصحيحة على طواف الوداع ، لأنه (قدس سره) ذكرها في باب

الوداع (3) واحتمله صاحب الوسائل أيضاً، ولا يخفى أنه لا موجب لذلك، بل الظاهر منها هو طواف

الحج، فان المراد بزيارة البيت هو طواف الحج ولا وجه لحمله على خصوص طواف الوداع .

   (1) نسب إلى أكثر الفقهاء وجوب بدنة . وذهب جماعة منهم المحقق (4) وصاحب الجواهر(5) إلى

أنه لا كفارة عليه. واحتمل المحقق أن القائلين بالكفارة إنما أرادوا وجوب الكفارة إذا واقع أهله بعد

التذكر ، وأمّا إذا واقع وهو في حال النسيان فلا شيء عليه . فاذن يرتفع الخلاف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في صحيح علي بن جعفر المتقدِّم في ص 90 .

(2) الوسائل 14 : 291 / أبواب العود إلى منى ب 19 ح 1، 244 / أبواب زيارة البيت ب 1

ح 4.

(3) التهذيب 5 : 282 / 961 .

(4) الشرائع 1 : 310 .

(5) الجواهر 19 : 386 .

ــ[94]ــ

   مسألة 324 : إذا نسي الطّواف وتذكّره في زمان يمكنه القضاء قضاه باحرامه الأول من دون حاجة

إلى تجديد الاحرام . نعم ، إذا كان قد خرج من مكة ومضى عليه شهر أو أكثر لزمه الاحرام لدخول

مكة كما مر (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   واستدل لوجوب الكفارة بروايات ثبوت الكفارة على من واقع قبل الطّواف وأجابوا عن ذلك

بالروايات النافية للكفارة على الناسي وبحديث الرفع ، إلاّ إذا اُريد ثبوت الكفارة بعد التذكر فلا

خلاف .

   ولكن الظاهر ثبوت الكفارة إلاّ أنه ليست بدنة ، للروايات النافية وحديث الرفع إلاّ أن صحيح

علي بن جعفر صريح في وجوب بعث الهدي الوارد في النسيان(1) فيكون مخصصاً لما دل على عدم

ثبوت الكفارة على الناسي ، فان الظاهر من قوله : «نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده» استمرار

النسيان إلى المواقعة وتحقق الوقاع حال النسيان .

   ثم إن في النسخة اختلافاً، فان نسخ الرواية الموجودة في التهذيب «يبعث بهدي»(2) والموجود في

قرب الاسناد «يبعث بهديه إن كان تركه الخ» (3) وفي البحار «ببدنة» (4) وقد ذكرنا غير مرّة أن

طريق الحميري إلى قرب الاسناد ضعيف بعبدالله بن الحسن ولكن طريق الشيخ إليه صحيح ، وطريق

المجلسي نفس طريق الشيخ ، فاذن المعتمد كتاب التهذيب وليس فيه بدنة ، والهدي صادق على الشاة

.

   ولو تنزّلنا عن ذلك ، فالمورد من الشك بين الأقل والأكثر والمرجع البراءة عن الأكثر وهو بدنة .

   (1) من نسي طوافه قد يلتفت ويتذكر في زمان يمكنه التدارك في الوقت ، بلا حرج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 405 /  أبواب الطّواف ب 58 ح 1 .

(2) التهذيب 5 : 127 / 421 .

(3) قرب الاسناد : 244 / 969 .

(4) البحار 96 : 206 / 3 ، ثم ان الموجود في البحار هو بعينه المنقول في قرب الاسناد فراجع .

ــ[95]ــ

ولا مشقة من دون أن يفوته شيء ، كما إذا كان الوقت باقياً للتدارك ، وكما لو تذكر فوات طواف

عمرته قبل الوقوفين بأيام ، أو تذكر فوات طواف حجه في العشرة الثانية من شهر ذي الحجة ، ففي

مثله يجب عليه الاتيان بالطواف بلا حاجة إلى إحرام جديد ، سواء كان في مكة أو في خارجها .

   وقد يتذكّر الفوات في أواخر شهر ذي الحجّة بحيث لو أراد الرجوع إلى مكة ضايقه الوقت ولا

يتمكّن من إتيان الطّواف مع مقدّماته من الوضوء وغيره قبل نهاية الشهر ، بل لابد من إيقاعه في أول

شهر محرم مثلاً ، ففي مثله أيضاً لا يحتاج إلى إحرام جديد ، بل يجب عليه أن يأتي بالطواف ولو قضاء .

   وقد يفرض أنه يذكر الفوات وقد مضى على إحرامه الأوّل شهر واحد ، كما إذا تذكر في أواسط

شهر محرم ، فهل يجب إحرام جديد لمضي شهر من إحرامه الأوّل لأن من يدخل مكة يجب عليه الاحرام

لدخولها في كل شهر ، أو لا يجب عليه إحرام جديد فانه محرم والمحرم ليس عليه إحرام جديد وإن أحل

ودخل في الشهر الثاني ؟ وجهان .

   اختار الجواهر عدم الحاجة إلى الاحرام الجديد لبقائه على إحرامه الأوّل(1) وتمسك بعضهم

باستصحاب بقائه على الاحرام الأول بعد أن شك في خروجه منه ، فيدخل مكة بغير إحرام ويأتي

بالطواف المنسي .

   إلاّ أن الصحيح لزوم الاحرام ثانياً ، والوجه فيه : ما تقدم منّا في محله(2) أن إحرام العمرة والحج

عبارة عن نفس التلبية التي معناها القيام بالأعمال المفروضة من بداية الحج إلى نهايته، وأمّا المحرّمات التي

هي خمس وعشرون أمراً فهي أحكام ثابتة للمحرم لا ترتبط بحقيقة الاحرام ، فالاحرام يتحقق بالتلبية

كما يتحقق بالاشعار والتقليد في حج القارن ، وقد ذكرنا أن التلبية نظير تكبيرة الاحرام للصلاة التي

يدخل بها في الصلاة ويخرج منها بالتسليم ، فمعنى الاحرام القيام والالتزام بالواجبات المفروضة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ الجواهر 19 : 377 .

(2) في شرح العروة 28 : 254 ذيل المسألة 178 ، و ص 262 المسألة 184 .

ــ[96]ــ

   مسألة 325 : لا يحل لناسي الطّواف ما كان حله متوقفاً عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

عليه ، فلو فرغ من أعمال حجه وحكم بصحته ، أو ببطلانه لتركه الطّواف عمداً حتى خرج الشهر ،

فلم يكن معنى لبقاء إحرامه، لأن الاحرام كما عرفت مقدّمة للاتيان بتلك الأعمال ، فاذا أتى بها

وخرج منها فلا معنى لبقاء الاحرام لانتفاء موضوعه ، كما إذا انتهى من الصلاة وحكم بصحتها أو

ببطلانها لا معنى لبقائه على تكبيرة الاحرام والالتزام باتيان واجبات الصلاة ، فكذا المقام فاذا أراد

الدخول بعد شهر وجب عليه الاحرام الجديد لدخول مكة وخروجه من الاحرام، ولا ينافي ذلك بقاء

بعض الأحكام عليه كحرمة الطيب والنساء ، نظير ما إذا ترك طواف النساء فانه تحرم عليه النساء حتى

يطوف وإن كان حجه صحيحاً وخرج عن إحرامه بالمرّة .

   وبالجملة : لو قلنا بصحة الحج عند نسيان الطّواف ، أو قلنا ببطلانه بسبب نسيان الطّواف ، ففي

كلتا الحالتين لم يبق موضوع للاحرام ، ومعه لا مجال لجريان الاستصحاب ، أمّا أوّلاً : فلأنه من

الشبهات الحكمية ، ولا نرى حجيته فيها .

   وثانياً : لاختلاف الموضوع ، فان الطّواف الثاني قضاء وليس بأداء ، فان أراد الدخول إلى مكة بعد

شهر يجب عليه الاحرام الجديد لدخول مكة .

   وبعبارة اُخرى : المتيقن هو الاحرام للاتيان بالأعمال السابقة ، والمشكوك فيه هو الاحرام لقضاء

الطّواف ، والاحرام الأول قد انتهى بمجرد الفراغ من الحج ، والاحرام لدخول مكة وقضاء الطّواف

موضوع جديد يحتاج إلى إحرام جديد .

   ويؤكِّد ما ذكرنا : صحيح علي بن جعفر(1) الذي حكم فيه بالكفارة وأنه يبعث بهدي إذا رجع إلى

بلده وواقع أهله ، ولا تنافي بين الحكمين ، الحكم بالخروج من الاحرام ، والحكم بلزوم الاحرام عليه

من جديد .

   (1) لإطلاق ما دل على حرمة النساء والطيب قبل الطّواف ، وقد عرفت أنه لا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدِّم في ص 94 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net