حكم تعذّر الطواف لمرض ونحوه 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4196


ــ[97]ــ

   مسألة 326 : إذا لم يتمكن من الطّواف بنفسه لمرض أو كسر أو أشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير

في طوافه ، ولو بأن يطوف راكباً على متن رجل آخر ، وإذا لم يتمكّن من ذلك أيضاً وجبت عليه

الاستنابة فيطاف عنه، وكذلك الحال بالنسبة إلى صلاة الطّواف فيأتي المكلف بها مع التمكّن ويستنيب

لها مع عدمه ، وقد تقدّم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطّواف (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

منافاة بين الاحتياج إلى الاحرام لدخوله مكة إذا مضى عليه شهر ، وبين عدم حل النساء والطيب عليه

إذا كان تاركاً للطواف .

   ويؤكد ذلك صحيح علي بن جعفر المتقدم(1) الآمر ببعث الهدي إلى مكة أو إلى منى ، ويوكِّل من

يطوف عنه ، إذ يظهر منه أن النساء لا تحل له قبل البعث والتوكيل .

   (1) قد عرفت أن الطّواف واجب من واجبات الحج وركن يبطل الحج بتركه عمداً ، وهو لا

يختلف عن سائر الواجبات الالهية من قيام المكلف به مباشرة وصدوره عنه خارجاً عن إرادة واختيار ،

كما هو ظاهر كل تكليف متوجه نحو المكلّف ، فيلزم أن يطوف بنفسه ، غاية الأمر لا يجب عليه المشي

وإنما يجوز له الركوب والاطافة حول البيت بنحو يستند حركة الدوران حوله إلى إرادة نفس الشخص

ليصدق عليه أنه طاف بنفسه .

   وأمّا الاطافة به بنحو يقوم الفعل به لكن لا باختياره وإنما تستند الحركة والدوران إلى غيره ، أو

الطّواف عنه بحيث يقوم الفعل بشخص أجنبي وتستند الحركة إلى ذلك الأجنبي ، فصحة ذلك تحتاج إلى

الدليل ، هذا ما تقتضيه القاعدة الأولية .

 ولكن دلت الأخبار في المقام على أن المكلف إذا تعذر عليه الطّواف مباشرة بنفسه جاز لآخر حمله

والاطافة به(2) إلاّ أنه لا يمكن العمل باطلاق هذه الروايات ، وأن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 94 .

(2) الوسائل 13 : 389 / أبواب الطّواف ب 47 .

ــ[98]ــ

المريض والكبير يجوز حملهما في الطّواف وإن تمكنا المباشرة ، بل يجب تقييدها بصورة عدم استطاعتهما

من المباشرة ، كما دلت عليه صحيحة صفوان وغيرها ، ففي صحيحة صفوان «عن الرجل المريض

يقدم مكة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، قال : يطاف به محمولاً» (1) .

   فالنتيجة : أن الطائف إذا كان مستطيعاً من المباشرة وجب عليه أن يطوف بنفسه وأمّا لو كان مريضاً

لا يستطيع من ذلك حَمَله آخر وطاف به ، فالميزان بالاستطاعة بنفسه وعدمها .

   وإن لم يتمكن من ذلك أيضاً ، وجبت عليه الاستنابة ليطاف عنه ، فيكون ما أتى به النائب من

الطّواف في مرتبة ثالثة للمريض الذي تعذّر عليه الطّواف مباشرة وتعذّر عليه أن يطاف به ، وذلك

استناداً لأخبار صرّح في بعضها بالاطافة عنه ، وفي بعضها التخيير بين الاطافة به والطّواف عنه ، ولكن

تلك الأخبار التي دلت على جواز الطّواف عنه يجب تقييدها بما إذا لم يتمكن من حمله والاطافة به ، فان

الطّواف إذا كان قائماً به وإن كان لا باختياره مقدّم على الطّواف عنه القائم بالأجنبي كما في معتبرتي

إسحاق بن عمار «المريض المغلوب يطاف عنه ؟ قال : لا ، ولكن يطاف به» وفي الاُخرى «عن المريض

يطاف عنه بالكعبة ؟ قال : لا ، ولكن يطاف به» (2) ودلالتهما واضحة على أن الطّواف به مقدّم

على الطّواف عنه .

   وأمّا سندهما ، فقد روى موسى بن القاسم عن عبدالله عن إسحاق ، والمسمى بعبدالله ثلاثة أشخاص

الذين يمكن رواية موسى عنهم ، وروايته عن إسحاق ، هم عبدالله بن سنان ، وعبدالله بن جبلة ،

وعبدالله الكناني .

   أمّا الكناني فليس له رواية في الكتب الأربعة إلاّ النزر اليسير ، وليس هو بمعروف لينصرف اللّفظ

إليه ، فينحصر التردد بين ابن جبلة وابن سنان وكل منهما ثقة ، ولا يضر التردّد بينهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 389 / أبواب الطّواف ب 47 ح 2 .

(2) الوسائل 13 : 390 / أبواب الطّواف ب 47 ح 5 ، 7 .

ــ[99]ــ

   والظاهر أن المراد بعبدالله هذا هو ابن جبلة ، فان ابن سنان روى عن إسحاق في موارد قليلة ،

ولكن ابن جبلة روى عن إسحاق في موارد كثيرة تبلغ أكثر من سبعين مورداً ، وذلك يوجب الظن

القوي أو الاطمئنان أن عبدالله الذي روى عنه موسى بن القاسم وروى هو عن إسحاق هو ابن جبلة .

   وليعلم أن ابن جبلة أيضاً لقّب بالكناني ، ولكن يحتمل أن عبدالله الكناني الذي ورد في موردين أو

ثلاثة موارد من التهذيب هو شخص آخر ، والظاهر انصرافه في المقام إلى ابن جبلة كما عرفت .

   فالمتحصِّل من الروايات أن مراتب الطّواف ثلاثة لا ينتقل من واحدة إلى الاُخرى إلاّ بعد العجز عن

المرتبة السابقة .

   الاُولى : الطّواف بنفسه مباشرة .

   الثانية : الطّواف به ، بأن يقوم العمل بنفس الطائف لكن بتحريك الغير ودورانه .

   الثالثة : الطّواف عنه ، وهو قيام الفعل بشخص أجنبي .

   ثم إن جميع ما تقدم يجري في صلاة الطّواف عدا المرتبة الثانية ، بمعنى أنه إن تمكن من الصلاة بنفسه

تعين عليه ذلك وإلاّ فيصلى عنه ، وأمّا الصلاة به فلا معنى لذلك . إذن فالصلاة ذات مرتبتين بخلاف

الطّواف فانه ذو مراتب ثلاث كما عرفت ، وقد ورد في روايتين معتبرتين أنه يرمى عنه ويصلّى عنه

(1) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 394 / أبواب الطّواف ب 49 ح 6 ، 7 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net