ترك الإحرام نسياناً أو عن جهل - ترك الإحرام نسياناً أو عن جهل 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3911


ــ[177]ــ

   مسألة 362 : من ترك الاحرام نسياناً أو جهلاً منه بالحكم إلى أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم

بالحكم ، وجب عليه الرجوع إلى مكة ـ ولو من عرفات ـ والاحرام منها ، فان لم يتمكن من

الرجوع لضيق الوقت أو لعذر آخر يُحرم من الموضع الذي هو فيه . وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم

بعد الوقوف بعرفات ، وإن تمكن من العود إلى مكة والاحرام منها ، ولو لم يتذكر ولم يعلم بالحكم إلى

أن فرغ من الحج صح حجّه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

فان المقصود عدم الخروج من مكة إلاّ محرماً .

   نعم ، الأفضل هو الاحرام من المسجد من أيّ مكان منه ، والأفضل منه الاحرام من الحجر (1) .

   ولكن الأحوط وجوباً الاحرام من بلدة مكة القديمة ، ولا يكتفي بالاحرام من الأحياء والمحلات

الجديدة المستحدثة ، لما يستفاد من بعض الروايات الواردة في قطع التلبية ، أن العبرة في الأحكام

المترتبة على مكة إنما هي بمكة القديمة ، ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال

: «إذا دخلت مكة وأنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية ، وحدّ بيوت مكة التي كانت قبل

اليوم عقبة المدنيين ، فان الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن» (2) .

   (1) إذا ترك الاحرام نسياناً أو جهلاً منه بالحكم أو بالموضوع إلى أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم

، فان تمكن من التدارك والرجوع إلى مكة ولو من عرفات ، ولم يفت منه الموقف يتعين عليه الرجوع

والاحرام من مكة ، ولا موجب لسقوط التكليف بالاحرام من مكة بعد التمكن من ذلك ، وهذا

حكم على القاعدة ولا يحتاج إلى دليل خاص .

   وربما يقال : إن المستفاد من صحيح علي بن جعفر عدم لزوم الرجوع إلى مكة ولو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 339 / أبواب المواقيت ب 21 ح 1 ، 3 .

(2) الوسائل 12 : 388 / أبواب الاحرام ب 43 ح 1 .

ــ[178]ــ

كان متمكناً منه ، قال «سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات فما حاله ؟ قال : يقول

: اللهم على كتابك وسنة نبيك ، فقد تم إحرامه» (1) فانه مطلق من حيث التمكن من الرجوع

وعدمه .

   وفيه : أن مورد السؤال في الصحيحة من تذكر أو علم ترك الاحرام وهو في عرفات ، ومن المعلوم

أن عرفات تبعد عن مكة بمقدار أربع فراسخ والسير في الأزمنة السابقة ذهاباً وإياباً يستغرق عدة

ساعات، لأن السير كان إما ماشياً أو على دابة فيفوت عنه الموقف على كل تقدير غالباً ولذا لم يأمره

بالرجوع . وأمّا في زماننا الذي يتمكن من الرجوع والعود إلى عرفة قبل فوات الموقف فلا موجب

لسقوط الواجب عنه .

   وأمّا من ترك الاحرام نسياناً أو جهلاً ثم تذكر أو علم ولم يتمكن من الرجوع إلى مكة ، يحرم من

الموضع الذي هو فيه وصح حجّه ، سواء تذكر أو علم بالحكم في عرفات أو بعد جميع الأعمال ،

ويدل على الصحة في جميع هذه الصور صحيحة علي بن جعفر على ما رواه الشيخ باسناده عن

العمركي عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى ابن جعفر (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل نسي

الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات ما حاله ؟ قال ، يقول : اللهم على كتابك وسنة نبيك ، فقد تم

إحرامه ، فان جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده ، إن كان قضى مناسكه كلها فقد تم

حجّه» (2) فان السائل وإن اقتصر في سؤاله عن التذكر في عرفات في مورد النسيان ولم يسأل عن

التذكر بعد إتيان جميع الأعمال في مورد النسيان ، ولكن يستفاد حكم ذلك من الحكم بالصحة في

مورد الجهل بالاحرام والعلم به بعد قضاء المناسك كلها وذلك لأن الإمام (عليه السلام) ذكر حكم

الجهل ابتداءً من دون أن يسأله السائل وحكم بالصحة في مورده ، ولو علم بترك الاحرام بعد الاتيان

بالمناسك كلها ولو في بلده ، فيعلم من ذلك أن حكم الجهل والنسيان واحد ، ويستكشف من ذكر

حكم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 338 / أبواب المواقيت ب 20 ح 3 .

(2) الوسائل 11 : 330 / أبواب المواقيت ب 15 ح 8 ، التهذيب : 5 : 175 / 586 .

ــ[179]ــ

الجهل ابتداءً منه (عليه السلام) أنه لا فرق بين الجهل والنسيان من هذه الجهة وما حكم به في مورد

الجهل يحكم به في مورد النسيان .

   نعم ، لو تذكر أو علم بالحكم في المشعر يحرم في نفس المكان الذي تذكر أو علم فيه وليس عليه

الرجوع إلى مكة ، وإن تمكن من ذلك والاحرام منها ، إذ لا أثر لهذا الاحرام والمفروض أن موقف

عرفة فات عنه بلا إحرام ، ولا دليل على لزوم العود إلى مكة في هذه الصورة ، لأن العود إلى مكة إنما

وجب ليدرك موقف عرفة مع الاحرام وقد فرضنا أن موقف عرفة فاته فلا أثر للاحرام المتأخر ، فلا

فرق في التذكر بعد عرفات بين التمكّن من الرجوع إلى مكة وعدمه .

   هذا كلّه بناء على ما يستفاد من هذه الصحيحة .

   وأمّا بناء على أن كلاً من النسيان والجهل وقع في السؤال مستقلاً كما جاء ذلك في الصحيحة

بطريق آخر فقد روى الشيخ باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن

رجل كان متمتعاً خرج إلى عرفات وجهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده ، قال : إذا

قضى المناسك كلّها فقد تم حجّه» (1) وعنه ، عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل نسي

الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات فما حاله ؟ قال : يقول : اللّهم على كتابك وسنّة نبيّك ، فقد تمّ

إحرامه» (2) ومورد السؤال الأول هو الجهل بالاحرام والعلم به بعد إتيان المناسك كلّها ، ومورد

السؤال الثاني هو نسيان الاحرام وتذكره في عرفات ، فيبقى تبدل الجهل بالعلم في أثناء الأعمال

مسكوتاً عنه ، وكذلك التذكر بعد الوقوف بعرفة في مورد النسيان كما لو تذكر في المشعر ، فمن أين

يستفاد حكم هذين ؟

   ويمكن أن يقال : إنه إذا حكم بالصحة فيما إذا علم بالحكم بعد إتيان جميع الأعمال فالحكم بالصحة

فيما إذا علم في الأثناء يثبت بالأولوية . وإذا ثبت الحكم بالصحة في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 338 / أبواب المواقيت ب 20 ح 2 .  التهذيب 5 : 476 / 1678 .

(2) الوسائل 11 : 338 / أبواب المواقيت ب 20 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net