الوقوف الاضطراري - ترك الوقوف 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4060


ــ[187]ــ

   مسألة 369 : من لم يدرك الوقوف الاختياري ـ الوقوف في النهار ـ لنسيان أو لجهل يعذر فيه أو

لغيرهما من الأعذار لزمه الوقوف الاضطراري ـ الوقوف برهة من ليلة العيد ـ وصح حجّه ، فان

تركه متعمداً فسد حجّه (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

آناً ما ، وعدم فساد الحج بالافاضة قبل الغروب ولو عمداً كما صرح في النص بأنه لو كان متعمداً

فعليه بدنة ، هذا من ناحية المنتهى .

   وأمّا من حيث عدم لزوم الوقوف من أوّل الزوال فيدل عليه صحيح جميل الدال على جواز إتيان

عمرة التمتّع إلى زوال الشمس من يوم عرفة(1) ومن المعلوم أن عرفات تفصل عن مكة بأربعة فراسخ

، فاذا فرغ المكلف من عمرته عند الزوال وسار إلى عرفات يفوت عنه الوقوف من أوائل الزوال قطعاً

. وأوضح من ذلك ما دل على جواز إتيان عمرة التمتّع في يوم عرفة إلى أن يدرك الناس بعرفة وما لم

يخف فوت الموقفين (2) وإطلاق ذلك يقتضي كفاية درك الوقوف ولو ساعة ما ، فلا ريب أن المسمّى

هو الركن والذي يوجب فسـاد الحج وبطلانه هو ترك الوقـوف بالمرّة ، وتدل على ذلك أيضاً

الروايات الدالّة على أن أصـحاب الأراك الذين يقفـون تحت الأراك لا حجّ لهم(3) وذلك لأن

الأراك ليس من عرفات ، فالبطلان مستند إلى عدم الوقوف في الموقف .

   (1) إذا فاته الوقوف الاختياري من عرفة ـ الوقوف في النهار ـ فان كان مستنداً إلى العمد فسد

حجّه بلا إشكال ، وإن كان مستنداً إلى العذر فقد يكون عذراً خارجياً كالمرض وشدة البرد أو شدة

الحر ونحو ذلك من الأعذار الخارجية ، فالواجب عليه الوقوف الاضطراري ـ الوقوف برهة من ليلة

العيد ـ وصح حجّه ، وهذا هو القدر المتيقن من الروايات (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 295 / أبواب أقسام الحج ب 20 ح 15 .

(2) الوسائل 11 : 291 / أبواب أقسام الحج ب 20 .

(3) الوسائل 13 : 532 / أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 10 ح 3 ، 11 .

(4) الوسائل 14 : 35 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 .

ــ[188]ــ

   وإن لم يتمكّن من الوقوف الاضطراري أيضاً فحينئذ يسقط عنه الوقوفان الاختياري والاضطراري

من عرفة ويتعين عليه الوقوف في المشعر ويصح حجّه «فان الله تعالى أعذر لعبده ، فقد تم حجّه إذا

أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس» كما في صحيح الحلبي (1) .

   والحكم بالصحة في هذا الفرض هو القدر المتيقن من الادراك ، فاذا ترك ذلك عمداً بطل حجّه .

   وقد يكون العذر جهله بالموضوع كما إذا تخيل أن يوم عرفة غير هذا اليوم أو جهله بالحكم صح

حجّه أيضاً كالصورة السابقة ، وتشمله الروايات الواردة في المقام وعمدتها صحيحتا معاوية بن عمار

(2) ومضونهما أنه إذا أدرك الناس بالمشعر فقد تم حجّه .

   وقد ذكرنا في كتاب الصلاة أن الادراك إنما يتحقق فيما إذا فاته الواجب من دون اختيار ولا يشمل

الفوت الاختياري العمدي (3) .

   ولو ترك الوقوف بعرفة نسياناً للحكم أو للموضوع فهل يشمله هذا الحكم من الاكتفاء بالموقف

الاضطراري إذا فاته الموقف الاختياري عن عذر أم لا ؟ وأن الروايات هل تشمل النسيان أم لا ؟

   ذهب المشهور إلى شمول الروايات للناسي ، وخالف صاحب الحدائق وقال : إن الروايات خالية عن

ذكر الناسي ، وأمّا قوله (عليه السلام) : «إن الله أعذر لعبده» فلا يشمل النسيان فانه من الشيطان

وما كان من الشيطان لا يجري فيه العذر . وأمّا في مورد الجهل فانما نقول بهذا الحكم للنص وهو غير

شامل للنسيان ، ولا بأس بتغاير حكم الجاهل والناسي كما في باب الصلاة بالنسبة إلى نسيان النجاسة

والجهل ، بها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 36 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 2 .

(2) الوسائل 14 : 36 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 1 ، 4 .

(3) لم يخطر في بالي عاجلاً أنه ذَكَره في أيّ موضع ، نعم تعرّض لقاعدة مَن أدرك في ذيل المسألة [

1190 ]  فلاحظها .

ــ[189]ــ

فانه يحكم بالفساد في صورة النسيان ويحكم بالصحة في فرض الجهل بها (1) .

   ويرد عليه : أنه لا ريب في أن النسيان عذر بل من أقوى الأعذار ، لعدم تمكنه من الامتثال وعدم

صحة توجه التكليف إليه ، ولذا ذكروا أن الرفع في مورد النسيان رفع واقعي فقوله (عليه السلام) :

«الله أعذر لعبده» يشمل النسيان أيضاً .

   على أنه لو لم تكن هذه الجملة مذكورة في الصحيحة لكانت نفس الصحيحة كافية في معذورية

الناسي ، لقوله : «عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات»(2) فان إطلاقه يشمل الناسي

والجاهل ولا يختص بالعاجز والجاهل إذ لم يذكر سبب التأخير في الرواية .

   وقد يتوهم أن إطلاقه يشمل العامد في التأخير أيضاً وهو غير مراد قطعاً فلا يمكن الأخذ بالاطلاق .

   وفيه أوّلاً : أنه لا إطلاق له بالنسبة إلى العامد ، لانصراف الرواية عن العامد ، فان قوله : «الله

أعذر لعبده» ظاهر في الاختصاص بالمعذور وغير العامد .

   وثانياً : لو فرض له الاطلاق يقيد بما دل على الفساد في صورة العمد من النصوص(3) والاجماع .

   وبما ذكرنا يعلم الحال في الجاهل المقصّر فانه غير معذور فلا مجال لمناقشة الحدائق .

   فتحصل : أن كل من كان معذوراً بعذر خارجي كالمرض وشدة البرد أو الحر أو كان الترك مستنداً

إلى الجهل عن قصور أو إلى النسيان يجب عليه الوقوف ليلاً إن تمكن ، وإلاّ فيقف بالمشعر .

   ثم إنّ الروايات التي دلّت على الاكتفاء بالوقوف الاضطراري ـ أي ليلة العيد ـ أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 16 : 405 .

(2) الوسائل 14 : 36 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 22 ح 2 .

(3) المرويّة في الوسائل 13 : 548 /  أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 19 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net