الركن من الوقوف - ترك الوقوف عمداً 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3693


ــ[207]ــ

فان الافاضة والشروع في الخروج لا يلازم جواز الخروج قبل طلوع الشمس ولا يلازم عدم وجوب

البقاء في المشعر ، لأن الشروع في الخروج والافاضة يستلزم وقتاً كثيراً خصوصاً في الزحام حتى يخرج

، فما ذكره المشهور من وجوب الوقوف من طلوع فجر يوم العيد إلى طلوع الشمس على نحو

الاستيعاب هو الصحيح .

   ويؤيد بعدة من الروايات :

   منها : ترخيص النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الضعفاء والنساء الافاضة ليلاً (1) فان المستفاد من

هذا الترخيص لهؤلاء المذكورين هو وجوب الوقوف بالمشعر فيما بين الطلوعين لغيرهم .

   ومنها : معتبرة مسمع الآتية (2) .

   إنما الكلام في الركن منه الذي بتركه يفسد الحج، نسب إلى الشيخ في الخلاف(3) وابن إدريس

(4) أن الركن هو الوقوف فيما بين الطلوعين في الجملة ، فلو أفاض قبل الفجر بطل حجّه . ونسب

إلى المشهور أن الركن هو الوقوف من أول الليل إلى طلوع الشمس ، بمعنى أنه لو وقف مقداراً من

الليل وأفاض قبل الفجر صح حجّه ، لأنه قد أتى بالركن وإن ترك واجباً ولكن يجبره بشاة .

   أمّا الاجتزاء بالوقوف في الجملة فيما بين الطلوعين فقد دلت عليه النصوص الدالة على أن من لم

يدرك المشعر فلا حج له (5) .

   وأمّا بالنسبة إلى ما قبل الفجر فهل يجزئ الوقوف ليلاً ويكون حجّه صحيحاً أم يبطل ؟

   ذهب المشهور إلى الاجتزاء ، وأنه لو أفاض قبل الفجر عامداً بعد أن وقف قليلاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 28 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 .

(2) في الصفحة الآتية .

(3) الخلاف 2 : 344 / 166 .

(4) السرائر 1 : 589 .

(5) الوسائل 14 : 37 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 .

ــ[208]ــ

ليلاً لم يبطل حجّه، واستدل لهم بمعتبرة مسمع عن أبي إبراهيم (عليه السلام) «في رجل وقف مع الناس

بجمع ، ثم أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : إن كان جاهلاً فلا شيء عليه ، وإن كان أفاض قبل

طلوع الفجر فعليه دم شاة» (1) . فان المستفاد منها أن من أفاض قبل طلوع الفجر عالماً عامداً لا

يفسد حجّه وإنما ترك واجباً يجبره بشاة .

   ولا يخفي أن الاستدلال بهذه الرواية لمذهب المشهور يتوقف على أن يكون الحكم الثاني المذكور في

الرواية حكماً للعالم العامد .

   وأشكل عليهم صاحب الحدائق بأن الرواية غير ناظرة إلى حكم العامد وإنما نظرها إلى حكم الجاهل

من حيث الافاضة قبل الفجر وبعده ، فموضوع السؤال في الرواية أنه وقف مع الناس الوقوف

المتعارف ، وهو الوقوف من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، خصوصاً أن قوله «وقف مع الناس»

ظاهر جداً في أنه وقف معهم في هذا الوقت ، فان الناس يقفون ويجتمعون في هذا الوقت ، ولكن

أفاض قبل أن يفيض الناس ، أي قبل طلوع الشمس فقـال (عليه السلام) «لا شيء عليه» ثم إن

الإمام (عليه السلام) تدارك وذكر أنه إنما لا شيء عليه إذا أفاض بعد الفجر ، وإن لم يصبر إلى طلوع

الشمس، ولكن لو أفاض الجاهل قبل الفجر فعليه دم شاة ، فالرواية في الحكمين ناظرة إلى حكم

الجاهل، وأمّا العالم العامد فالرواية ساكتة عنه ولا دليل عليه بخصوصه فاذن تشمله الروايات الدالة على

أن من لم يدرك المشعر مع الناس فقد فاته الحج ، ولا أقل من إجمال رواية مسمع ، فالمرجع أيضاً تلك

العمومات الدالة على بطلان الحج بترك الوقوف في المشعر، فحاصل المعنى من الرواية بعد فرض

الافاضة في كلام السائل بعد الفجر وقبل طلوع الشمس هكذا : إن كان جاهلاً فلا شيء عليه في

إفاضته في ذلك الوقت، وإن كانت إفاضته قبل طلوع الفجر فعليه شاة(2).

   وما ذكره (قدس سره) متين جداً ، فاذن لا دليل على الصحة فيما إذا أفاض قبل الفجر عمداً ،

فالصحيح ما ذهب إليه ابن إدريس والشيخ في الخلاف ، من أن الركن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 27 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 16 ح 1 .

(2) الحدائق 16 : 440 .

ــ[209]ــ

من الوقوف هو الوقوف في الجملة فيما بين الطلوعين .

   وممّا يؤيد أن رواية مسمع موردها خصوص الجاهل : صحيحة علي بن رئاب أن الصادق (عليه

السلام) قال «من أفاض مع الناس من عرفات فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمداً أو مستخفاً

فعليه بدنة» (1) . فان وجوب البدنة على المتعمد يكشف عن أن وجوب الشاة ـ  كما في رواية

مسمع  ـ في مورد الجاهل ، وإلاّ فكيف يحكم في مورد واحد تارة بأنه عليه شاة واُخرى بأنه عليه

بدنة .

   ثم إنّ شيخنا الاُستاذ النائيني (قدس سره) بعد ما اختار مذهب المشهور من أن الركن مسمّى الوقوف

في جزء من الليل إلى طلوع الشمس ، ذكر أنه لو أفاض قبل طلوع الشمس صح حجّه مطلقاً ، أي

ولو كان عمداً ، ولكن الأحوط أن يجبره بشاة (2) .

   والظاهر أنه لا وجه لهذا الجبر ، فانّ رواية مسمع إنما دلت على الجبر فيما إذا أفاض قبل طلوع

الفجر ولم يدرك الفجر في المشعر ، وأمّا إذا أفاض بعد الفجر وقبل طلوع الشمس فلا دليل على الجبر

. إلاّ الفقه الرضوي(3) الذي لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتباره .

   فالمتحصل من جميع ما تقدم : أن الواجب الركني الذي يفسد الحج بتركه هو الوقوف في الجملة فيما

بين الطلوعين ، وإن كان الواجب هو الاستيعاب من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وأمّا المبيت ليلاً

فغير واجب لعدم الدليل عليه ، ولو أفاض قبل الفجر جهلاً منه بالحكم صح حجّه ولكن عليه شاة ،

ولو أفاض بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس جهلاً فلا شيء عليه ، وأمّا لو أفاض في الليل قبل

طلوع الفجر عمداً ، وترك الوقوف فيما بين الفجر وطلوع الشمس رأساً فقد فسد حجّه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 48 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 26 ح 1 .

(2) دليل الناسك (المتن) : 344 .

(3) فقه الرضا : 224 .

ــ[210]ــ

   مسألة 374: من ترك الوقوف فيما بين الفجر وطلوع الشمس رأساً فسد حجّه ويستثنى من ذلك

النساء والصبيان والخائف والضعفاء كالشيوخ والمرضى فيجوز لهم حينئذ الوقوف في المزدلفة ليلة

العيد والافاضة منها قبل طلوع الفجر إلى منى (1) .
ــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لا ينبغي الريب في فسـاد الحج بترك الوقوف فيما بين الطلوعين رأساً للعامد المختار ،

للروايات المستفيضة المعتبرة (1) مضافاً إلى عدم الخلاف .

   وأمّا جواز الافاضة ليلاً للطوائف المذكورين في المتن فللنصوص المعتبرة المستفيضة فان رسول الله

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) رخّص لهم الافاضة ليلاً والرمي ليلاً  (2) .
ـــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 37 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 .

(2) الوسائل 14 : 28 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 ، 11 : 213 / أبواب أقسام الحج ب 2

ح 4 ، 14 : 70 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 14 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net