اعتبار الإيمان في الفقير والمُهدى إليه - لو لم يعمل الناسك بوظيفته من التقسيم 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3947


   الرابع : اعتبر المشهور الايمان في الفقير والمهدى إليه ، وذكروا أنه لا دليل عليه سوى الاجماع ، فان

تم فهو وإلاّ فيشكل الحكم بلزوم ذلك .

   ولكن يمكن الاستدلال على اعتبار ذلك في المقام بالروايات الواردة في باب الزكاة المانعة عن

إعطائها إلى غير المؤمن ، ولا يخفى أن التعدي من مورد الزكاة إلى باب


ــ[313]ــ

الهدي ليس من باب القياس حتى يقال بأنه لا عبرة به في الفقه أصلاً ، بل التعدي لأجل ما يستفاد من

تلك الروايات أن غير المؤمن لا يستحق الاحسان إليه وأنه لا قابلية له لذلك لا لخصوصية في الزكاة ،

فانه ورد في بعض الروايات المعتبرة أنه ليس له إلاّ الحجر أو إلاّ التراب (1) . ويكشف ذلك عن عدم

قابليته للاحسان إليه ، فلا فرق بين إعطاء الزكاة أو إعطاء غيرها من الصدقات والمبرّات .

   هذا مضافاً إلى صحيح علي بن بلال قال : «كتبت إليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال والصدقة

إلى محتاج غير أصحابي ؟ فكتب : لا تعط الصدقة والزكاة إلاّ لأصحابك»(2) فانه دل على عدم

إعطاء الصدقة لغير المؤمن ، والصدقة عنوان عام يشمل الصدقة في باب الهدي خصوصاً من ذكرها في

قبال الزكاة ، والمستفاد منه منع إعطاء الصدقات إلى المخالف ، خرجنا عن ذلك في خصوص

الصدقات المندوبة للنص ، وأمّا مطلق الصدقات الواجبة ومنها صدقة الهدي مشمول للمنع المذكور في

النص ، ويكفينا ذلك في المنع بعد عدم الدليل على الجواز .

   وأمّا ما ورد من إعطاء علي بن الحسين والباقر (عليهم السلام) ثلث الأضاحي صدقة على
جيرانهم(3) مع أنه لا يخلو جيرانهم من المخالفين ، فليس من الهدي وإنما هو من الاُضحية المستحبة كما

هو واضح جدّاً ، فلا ينبغي الريب في الحكم المذكور .

   الخامس : لو لم يعمل الناسك بوظيفته ولم يقسّم الهدي ولم يعط ثلث الهدية ولا ثلث الصدقة فهل

يضمن أم لا ؟

   لا ريب في أنه لا ضمان بالنسبة إلى الاخلال بالأكل لعدم تعلق حق الغير به ، وإنما ترك واجباً

تكليفياً لا يترتب عليه الضمان ، وأمّا بالنسبة إلى الثلثين لو أخل بهما كما لو باع الثلث أو أكله أو

أتلفه بسبب من الأسباب ، والجامع أنه صرفه في غير مورده فهل يضمن أم لا ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 222 / أبواب المستحقين للزكاة ب 5 ح 6 ، 7 .

(2) الوسائل 9 : 222 / أبواب المستحقين للزكاة ب 5 ح 4 .

(3) الوسائل 14 : 163 / أبواب الذبح ب 40 ح 13 .

ــ[314]ــ

   فنقول : لو تصرف نصف الثلث بأن أهداه للغني وأهدى البقيّة للفقير فلا ضمان عليه أصلاً ،

لصدق الاهداء على ما أعطاه للفقير ، لعدم أخذ الغنى في الهدية ، فان الهدية إعطاء شيء مجاناً سواء

كان المهدى له غنياً أو فقيراً ، فحينئذ قد عمل بوظيفته من إعطاء الثلث هدية وإعطاء الثلث الآخر

صدقة .

   نعم ، لو عكس الأمر وأعطى جميع الثلثين للغنى ، أو أعطى بعض الثلث للفقير والبقيّة للغني ، فعلى

مسلك من لا يرى التثليث بالتساوي فقد عمل بوظيفته أيضاً وعلى مسلك من يرى التثليث بنسبة

متساوية كما هو المختار يكون ضامناً لحصة الفقراء.

   وأمّا لو باعه أو أتلفه باختياره ولو باعطائه لغير أهله ضمن الثلثين ، وعللوا الضمان بأن الفقير له

حق في المال ، فالمال مما تعلق به حق الغير فاتلاف المال إتلاف لحق الغير وذلك يوجب الضمان .

وناقش فيه بعضهم بأن في المقام ليس إلاّ حكماً تكليفياً وهو الذبح وإعطاؤه للغير ، ولو تركه فقد ترك

حكماً تكليفياً وذلك غير موجب للضمان .

   ولكن الظاهر أن الضمان لا يتوقف على ثبوت حق للفقير أو الصديق في المال ، بل سبب الضمان

قاعدة على اليد ، فانها وإن لم تثبت بدليل لفظي ولكن السيرة قائمة على الضمان في الاتلاف

الاختياري واليد العادية ، فاذا كان التلف بتفريط ممن وضع يده على مال أحد يضمن له بالسيرة

العقلائية، ولا يتوقف الضمان على أن يكون المال ملكاً لأحد أو متعلقاً لحق الغير ، بل كل مال له

مصرف خاص وفرّط الشخص ولم يصرفه في المصرف الخاص يكون ضامناً له ، ومن ذلك الأموال التي

تصرف في المواكب الحسينية ، فلو أعطى أحد مقداراً من المال للصرف في المواكب فقد خرج المال عن

ملكه ولا يدخل في ملك الغير ، فلا بدّ من صرفه في سبيل الحسين (عليه السلام) فلو أتلف الآخذ

المال ولم يصرفه في سبيل الحسين (عليه السلام) فهل يحتمل أنه لا ضمان عليه ، لأن المال لم يكن ملك

أحد وخرج من ملك مالكه ، فان السيرة قاضية بالضمان قطعاً في أمثال هذه المـوارد ، بل صريح

أخبار الزكاة الضمان لو فرّط في المال الزكوي مع أن الزكاة ليست ملكاً لأحد ، وما ذكر في الآية

الشريفة من الأصناف إنما هو لبيان مصرف الزكاة ، لا أنها ملك الفقراء أو المساكين ، نعم لو أخذها

الفقير يملك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net