قضاء طواف النِّساء عن الميت من صلب ماله - تقديم طواف النِّساء على السعي 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4186


ــ[367]ــ

فاذا مات قبل تداركه فالأحوط أن يقضى من تركته (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

للمقام .

   (1) لو مات ولم يطف هو ولا نائبه يظهر من جماعة منهم المحقق(1) أنه يقضي عنه وليه كما في

الصلاة والصوم، وليس في كلامهم أنه يقضي من تركته. ولكن الشيخ النائيني صرّح بأنه يقضى من

صلب ماله كالديون(2) ولكن لم يذكر وظيفة الولي وأن عليه أن يقضي عنه .

   والصحيح ما ذكره المحقق النائيني لكن على سبيل الاحتياط ، بيان ذلك : أن الروايات الواردة في

المقام مختلفة ، فبعضها يدل على أنه يقضي عنه وليه كصحيحة معاوية بن عمار «فان توفي قبل أن يطاف

عنه فليطف عنه وليه»(3) ، ولو كنّا نحن وهذه الصحيحة لقلنا بمقالة المحقق من أنه لو مات قضاه وليه

، ولكن في صحيحتين لمعاوية ابن عمار أنه يقضي عنه وليه أو غيره (4) .

   ولا نحتمل وجوبه على غير الولي وجوباً كفائياً على المسلمين . وبعبارة أوضح : ليس قضاء طواف

النساء عن الميت من الواجبات الكفائية على الولي وغيره من أفراد المسلمين ، فيكون الأمر بالقضاء

للولي وغيره إرشاداً إلى اشتغال ذمّة الميت ، وأن تفريغ ذمته أمر مرغوب فيه في الشريعة سواء بواسطة

الولي أو غيره ، ولعلّ ذكر خصوص الولي في الروايات من باب الأولوية .

   فالنتيجة : أنه لا دليل على وجوب القضاء على الولي ، فالولي وغيره من هذه الجهة سيان ، فانّ كل

أحد له إفراغ ذمة الميت عما اشتغلت به .

   وأمّا أنه يقضى من تركته ومن صلب ماله ، فيبتني على أمرين :

   أحدهما : أن كل واجب مالي أو كل واجب يحتاج إلى صرف المال يؤخذ من صلب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 310 .

(2) دليل الناسك (المتن) : 422 .

(3) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 3 .

(4) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 2 ، 6 .

ــ[368]ــ

ماله ، لكونه ديناً ودين الله أحق أن يقضى كما في رواية الخثعمية (1) .

   والجواب عن ذلك : أن الثابت أخذ الدين الحقيقي المالي من صلب المال ، ولا دليل على أخذ

الواجبات من صلب المال ، وإطلاق الدين على بعض الواجبات الشرعية ليس إطلاقاً حقيقياً ، وأمّا

رواية الخثعمية فضعيفة سنداً ، وقد تقدم الكلام في ذلك مفصّلاً في شرحنا على كتاب العروة (2) .

   ثانيهما : أنّ ما دلّ على قضاء الحج من صلب المال ـ بل ورد في بعض النصوص تقدّمه على

الدّين(3) ـ يشمل قضاء طواف النساء ، لأن الحج فيه طواف النساء ، بمعنى أنه لو استأجرنا للحج

عن الميت فلا ريب في شمول الاجارة لطواف النساء أيضاً فاُجرة طواف النساء من صلب مال الميت

كاُجرة الحج نفسه .

   والجواب : أن طواف النساء إذا كان في ضمن استئجار الحج ، فلا ريب في خروج اُجرته من صلب

المال ، بمعنى أن اُجرة الحج تشمل طواف النساء أيضاً قطعاً ، لأنه في ضمن الحج ، وأمّا إذا كانت

الاجارة واقعة على طواف النساء فقط ، والمفروض أنه واجب مستقل ، فلا دليل على خروج اُجرته

من صلب المال .

   والحاصل : لا دليل على وجوب القضاء على الولي كما لا دليل على خروج اُجرته من صلب المال

، فالحكم في كلا الموردين احتياطي .

   ولا بأس بذكر الروايات الواردة في المقام ، فليعلم أن ما دل على وجوب القضاء على الولي خاصة

روايات ثلاث كلها عن معاوية بن عمار :

   منها : ما رواه الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم عن النخعي عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن

عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «عن رجل نسي طواف النساء ـ إلى أن قال ـ فان مات فليقض

عنه وليه» (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 8 : 26 / أبواب وجوب الحج ب 18 ح 3 .

(2) شرح العروة  26 : 242 .

(3) كما في صحيحة بريد العجلي المرويّة في الوسائل 11 : 68 / أبواب وجوب الحج ب 26 ح

2.

(4) الوسائل 13 : 406 / أبواب الطّواف ب 58 ذيل ح 2 . التهذيب 5 : 253 / 857 .

ــ[369]ــ

   ومنها : ما رواه عن حماد عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «فان توفي قبل أن يطاف

عنه فليطف عنه وليه» (1) .

   ومنها : ما رواه عن علي عن فضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «فان توفي

قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه» (2) .

   والظاهر من كلام الشيخ أن علياً هذا هو علي بن جعفر ، لذكر علي بن جعفر في سند الخبر المتقدم

على هذا الخبر بلا فصل ، ولكن صاحب الوسائل صرح بأنه علي ابن مهزيار ، ولعل وجهه لأجل

عدم رواية علي بن جعفر عن فضالة ، وإن كان ممكناً بحسب الطبقة بخلاف علي بن مهزيار ، فان له

روايات عن فضالة وله كتاب الحج ، فيترجح أن يكون علي هو ابن مهزيار ، وعلى كل الرواية

صحيحة ، وهذه روايات صحاح كلها عن معاوية بن عمار تدل على القضاء على الولي .

   وبازائها صحيحتان عن معاوية بن عمار تدلان على أنه يقضي عنه وليه أو غيره .

   الاُولى : ما رواه الشيخ عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن رجل عن معاوية بن عمار «

فان توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره» (3) .

   وفي الكافي : ابن أبي عمير بدل رجل (4) وصرح الوافي أن نسخ الكافي فيها ابن أبي عمير (5) فما

في التهذيب اشتباه .

   الثانية : عن فضالة عن معاوية بن عمار «فان هو مات فليقض عنه وليه أو غيره»(6) .

   فهذه خمس روايات كلها عن معاوية بن عمار بعضها بواسطة فضالة وبعضها بواسطة حماد ، وبعضها

بواسطة ابن أبي عمير ، والراوي واحد وهو معاوية بن عمار ، فتارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 3 ، التهذيب 5 : 255 / 866 .

(2) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 3 ، التهذيب 5 : 488 / 1746 .

(3) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 6 ، التهذيب 5 : 128 / 422 .

(4) الكافي 4 : 513 / 5 .

(5) الوافي 14 : 1232 / 9 .

(6) الوسائل 13 : 406 / أبواب الطّواف ب 85 ح 2 ، التهذيب 5 : 255 / 865 .

ــ[370]ــ

   مسألة 421 : لا يجوز تقديم طواف النِّساء على السّعي ، فان قدّمه فان كان عن علم وعمد لزمته

إعادته بعد السّعي ، وكذلك إن كان عن جهل أو نسيان على الأحوط (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

نقول بأن الرواية متعددة ، وقال (عليه السلام) لمعاوية بن عمار تارة يقضي عنه وليه ، واُخرى قال (

عليه السلام) يقضي عنه وليه أو غيره ، فحينئذ يجري ما ذكرنا من عدم الالتزام بالوجوب الكفائي ،

فيكون الأمر إرشاداً إلى اشتغال ذمة الميت بهذا الواجب ، فاذن لا دليل على وجوب القضاء عن الميت

.

   وإن قلنا بأن الرواية واحدة فكان الأمر دائراً بين الزيادة والنقيصة ، ولم نعلم أن الصادر من الامام

(عليه السلام) هو الزائد أي «يقضي عنه وليه أو غيره» ، أو أن الصادر النقيصة أي قوله : «يقضي

عنه وليه» فيقع التعارض ، ويتساقطان فلا دليل على وجوب القضاء على الولي .

   والظاهر أن ما في الكافي هو الصحيح فانه أضبط ، وما فيه مشتمل على قوله : «أو غيره» فاذا قلنا

باشتمال الرواية على هذه الزيادة فلا يمكن القول بالوجوب كما عرفت .

   ثم إن هنا رواية اُخرى رواها ابن إدريس عن نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي
ن الحلبي «عن رجل نسي طواف النساء ـ إلى أن قال ـ وإن مات قبل أن يطاف عنه طاف عنه

وليه»(1) ولو كانت هذه الرواية صحيحة سنداً لوجب القضاء على الولي لعدم المعارض لها ، ولكنها

ضعيفة سنداً لجهالة طريق ابن إدريس إلى نوادر البزنطي .

   (1) قد عرفت قريباً أنه لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي ، وإنما محله بعد الفراغ من السعي

، ولكن لو قدّمه على السعي ، فان كان عن علم وعمد فلا ريب في البطلان وعدم الإجزاء ، لأنه أتى

به على خلاف الترتيب ، فلم يأت بالمأمور به على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 409 / أبواب الطّواف ب 58 ح 11 ، السرائر 3 : 562 .

ــ[371]ــ

وجهه ، ولا دليل على الإجزاء فتجب عليه الإعادة بعد السعي .

   وأمّا لو قدّمه نسياناً أو عن جهل فهل يجزئ أم لا ؟ نسب إلى جماعة من الأكابر الإجزاء ومنهم

الشيخ النائيني في مناسكه(1) بل قيل إنه لا خلاف فيه .

   أقول : إن تمّ إجماع في المقام فهو ، وإلاّ كما هو الصحيح فيشكل الحكم بالصحة والإجزاء ،

والوجه في ذلك : أن عمدة ما استدل به للإجزاء أمران :

   أحدهما : استدلوا بصحيحتي جميل ومحمد بن حمران الواردتين في من قدّم ما حقه التأخير وأخر ما

حقه التقديم(2) فحكم (عليه السلام) بالصحة والإجزاء ، وقد جعل بعض العلماء ذلك أصلاً وقاعدة

كلية متبعة في باب الحج إلاّ إذا قام الدليل على الخلاف ، وإلاّ فمقتضى القاعدة المستفادة من الخبرين

هو الإجزاء في موارد النسيان في جميع موارد أعمال الحج .

   والجواب عن ذلك : أن الأمر وإن كان كذلك ولكن إنما يتم في أجزاء الحج وأفعاله فان المسؤول

عنه في الخبرين هو أجزاء الحج وأعماله ، وطواف النساء ليس من أعمال الحج ، وإنما هو واجب

مستقل وموضعه بعد الفراغ من أعمال الحج كما عرفت ، فلو أتى به في أثناء أعمال الحج أي قبل

السعي فلم يأت بالواجب على وجهه ، والخبران لا يشملانه ولا دليل على الإجزاء ، فحال طواف

النساء حال المبيت في منى والرمي في اليوم الحادي عشر والثانية عشر ، فانه لا يجزئ لو أتى بذلك قبل

العيد ، بل لا بدّ له من الرمي في اليوم الحادي عشر والثانية عشر ، وعليه المبيت ولا يفيده المبيت قبل

ذلك ولو نسياناً .

 ثانيهما : موثق سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل طاف

طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : لا يضرّه يطوف بين الصفا

والمروة وقد فرغ من حجّه» (3) فان مقتضاه الإجزاء ولو تعمد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دليل الناسك (المتن) : 423 .

(2) الوسائل 14 : 155 / أبواب الذبح ب 39 ح 4 ، وص 215 / أبواب الحلق ب 2 ح 2 .

(3) الوسائل 13 : 418 / أبواب الطّواف ب 56 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net