حكم قطع شجر المدينة - حكم صيد المدينة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4980


ــ[480]ــ

وهما جبلان يكتنفان المدينة من المشرق والمغرب ، وذهب بعض الفقهاء إلى أن الاحرام وإن كان لا

يجب فيه (1) إلاّ أنه لا يجوز قطع شجرة ولا سيما الرطب منه إلاّ ما استثني ممّا تقدّم في حرم مكة، كما

أنه لا يجوز صيد ما بين الحرتين منه(2)، ولكن الأظهر جوازهما وإن كان رعاية الاحتياط أولى ، وكيفية

زيارة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يقول :

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لعدم الدليل ومقتضى الأصل عدم الوجوب .

   (2) يقع الكلام في مقامين: أحدهما: في حرمة قطع شجره، ثانيهما: في حرمة صيده .

   أمّا المقام الأول : فقد نسب إلى الأكثر أو المشهور الحرمة ، بل عن المنتهى أنه لا يجوز عند علمائنا

(1) وفي الجواهر بل لم أجد من نص على الكراهة قبل العلامة في القواعد (2) . وقيل بالكراهة وبه

صرح المحقق في الشرائع (3) والعلامة في القواعد (4) بل ذكر في المسالك أن هذا القول هو المشهور

(5) .

   هذا بحسب الأقوال ، وأمّا بحسب الروايات فظاهرها الحرمة للنهي عنه في بعض الروايات المعتبرة

كصحيحة معاوية بن عمار «وأن المدينة حرمي ، ما بين لابتيها حرمي لا يعضد شجرها» (6) .

 وفي صحيح زرارة «حرّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المدينة ما بين لابتيها (7) صيدها ،

وحرّم ما حولها بريداً في بريد أن يختلي خلاها أو يعضد شجرها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المنتهى 2 : 799 السطر 12 .

(2) الجواهر 20 : 77 .

(3) الشرائع 1 : 320 .

(4) القواعد 1 : 450 .

(5) المسالك 2 : 382 .

(6) الوسائل 14 : 362 ، 366 / أبواب المزار ب 17 ، 1 ، 10 .

(7) اللابة : هي الحرة ذات الحجارة السود . مجمع البحرين 2 : 168 .

ــ[481]ــ

إلاّ عودي الناضح» (1) . فربما يقال بأن الروايات مطبقة على التحريم من دون معارض وقد عمل بها

المشهور فلا مناص إلاّ من القول بالتحريم .

   ولكن لا يمكن الالتزام بالتحريم ، إذ لو كانت الحرمة ثابتة لكان هذا الحكم من جملة الواضحات

التي لا يشك فيه اثنان ، لكثرة الابتلاء والحاجة إلى قطع الأشجار لأن بقرب المدينة أشجاراً وزروعاً

كثيرة بخلاف مكة ، فلو منع من القطع والاحتشاش لظهر وبان وللزم الحرج الشديد حتى ولو قلنا

باستثناء ما استثني مما تقدم في حرم مكة ، خصوصاً بملاحظة ما ورد من المنع عن اختلاء خلاها كما في

صحيح زرارة المتقدم(2) المفسر بكل نبات رطب أو كل بقلة ، وكيف يمكن الحكم بحرمة ذلك مع

شدّة الحاجة وكثرة الابتلاء بذلك ، فان أهل المدينة يجلبون النباتات الرطبة كل يوم من مزارعهم

وبساتينهم الواقعة في أطراف المدينة وفي قربها من دون أيّ رادع .

   ثم إنه كيف يمكن القول بالحرمة مع عدم تعرض القدماء في متونهم الفقهية مع شدّة حرصهم (

رضوان الله عليهم) لذكر المكروهات والسنن فضلاً عن المحرمات التي يبتلى بها كثيراً .

   هذا كله مضافاً إلى موثقة يونس بن يعقوب «أنه قال لأبي عبدالله (عليه السلام) يحرم عليَّ في حرم

رسول الله ما يحرم عليَّ في حرم الله ؟ قال : لا» (3) فان الظاهر أن النفي نفي لمطلق ما يترتب على

حرم مكة ، إذ لو كان النفي مختصاً للصيد لكان ذلك من حمل الشيء على الفرد النادر جداً ، لأن

الصيد بين حرتي المدينة نادر جداً ، فلا بدّ من إرادة نفي المنع من قطع الشجر والصيد ، فلابد من حمل

الروايات المانعة على الكراهة وضرب من الآداب والاحترام لحرم النبي (صلّى الله عليه وآله) ولكن

مع ذلك كله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 365 / أبواب المزار ب 17 ح 5 ، 1 ، 12 : 555 / أبواب تروك الاحرام

ب 87 ح  4 .

(2) آنفاً  .

(3) الوسائل 14 : 365 / أبواب المزار  ب 17 ح 8 .

ــ[482]ــ

السلام على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا صفوة الله

، السلام عليك يا أمـين الله ، أشهد أنك قد نصحت لاُمتك وجاهدت في سبيل الله وعبدته حتى أتاك

اليقين ، فجزاك الله أفضل ما جزى نبياً عن اُمته، اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد أفضل ما صلّيت على

إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد [ (1) ] .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

لا ينبغي ترك الاحتياط ، والله العالم .

   وأمّا المقام الثاني : فالمنسوب إلى المشهور أيضاً حرمة صيد ما بين الحرّتين (2) وفي المسالك نسب

الكراهة إلى الشهرة أيضاً كالمقام الأول (3) .

   ويدل على الحرمة صحيح ابن سنان «يحرم من صيد المدينة ما صيد بين الحرتين»(4) ولكن مقتضى

جملة من الأخبار كصحيح معاوية بن عمار(5) وخبر أبي العباس(6) وخبر معاوية بن عمار المروي في

معاني الأخبار (7) وخبر يونس المتقدم هو الجواز ، وأن صيد المدينة غير محكوم بصيد حرم مكة ،

فمقتضى الجمع بين النصوص هو الكراهة هذا مضافاً إلى ما ذكرناه في المقام الأول ، ولكن الأحوط

أيضاً الترك .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

[ 1 ] الوسائل 14 : 343 / أبواب المزار ب 6 ح 3 .

(2) الحرة بالفتح والتشديد : أرض ذات أحجار سود ومنه حرة المدينة . مجمع البحرين 3 : 263 .

(3) المسالك 2 : 382 .

(4) الوسائل 14 : 365 / أبواب المزار ب 17 ح 9 .

(5) الوسائل 14 : 362 / أبواب المزار ب 17 ح 1 .

(6) الوسائل 14 : 364 / أبواب المزار ب 17 ح 4 .

(7) الوسائل 14 : 366 / أبواب المزار ب 17 ح 10 ، معاني الأخبار : 338 / 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net