منها : مقام الشهادة \ منها : القواعد من النساء 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6057


ــ[64]ــ

   ومنها : مقام الشهادة تحمّلاً أو أداءً (1) مع دعاء الضرورة (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وتدلّ عليه صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام)، قال: «لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة إذا عرفت بعينها أو حضر من يعرفها ، ولا يجوز عندهم أنْ يشهد الشهود على اقرارها دون أن تسفر وينظرون إليها» (1) .

   وصحيحة الصفار قال : كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم ، هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد رجلان عدلان أ نّها فلانة بنت فلان التي تشهد بهذا كلامه ، أو لا تجوز له الشهادة عليها حتى تبرز ويثبتها بعينها ؟ فوقع (عليه السلام): «تتنقب وتظهر للشهادة إن شاء الله» (2) .

   وصحيحة ابن يقطين عن أبي الحسن الأوّل (عليه السلام)، قال: «لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة إذا عرفت بعينها أو حضر من يعرفها ، فأما إذا كانت لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها، فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى إقرارها دون أن تسفر وينظرون إليها»(3).

   فإنّ هذه الروايات الثلاث تدل على جواز النظر إليها عند أداء الشهادة . والمذكور في الروايتين الاُولى والثالثة كلمة (تسفر) وهي تدلّ بإطلاقها على جواز النظر إلى تمام الوجه ، إلاّ أ نّه لا بدّ من تقييد إطلاقهما بما يظهر بعد لبس النقاب ، وذلك لأجل ما ورد في مكاتبة الصفار .

   (2) وهو إنّما يتمّ لو غضضْنا النظر عن النصوص المتقدمة ، فإنّه حينئذ لا بدّ من التقييد بدعاء الضرورة ، كي يدخل المورد في باب التزاحم ، ويكون الحكم بالجواز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1، 2، 3) النصوص الثلاثة ساقطة في أكثر نسخ الوسائل ومنها الطبعة الحديثة إلاّ نص واحد ذكر في باب 43 من أبواب الشهادات ، غير أ نّه مركب من صدر النص الأوّل وذيل النص الثالث . نعم ، النصوص الثلاثة مذكورة في نسـختين منه مطبوعتين بطهران ، الاُولى سنة 1288 هـ   ، والثانية في سنة 1313 هـ   ، فراجع .

ــ[65]ــ

وليس منها ما عن العلاّمة من جواز النظر إلى الزانيين لتحمّل الشهادة(1) فالأقوى عدم الجواز . وكذا ليس منها النظر إلى الفرج للشهادة على الولادة ، أو الثدي للشهادة على الرضاع وإن لم يمكن إثباتها بالنساء (2) وإن استجوده الشهيد الثاني .

   ومنها : القواعد من النساء (3) اللاّتي لا يرجون نكاحاً بالنسبة إلى ما هو المعتاد له (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأجل تقديم الأهمّ على المهمّ . أمّا بملاحظة تلك النصوص فلا وجه للتقييد بذلك فإنّها مطلقة وغير مقيدة بالضرورة ، فيكون الحكم بالجواز في المقام من باب تخصيص عمومات عدم جواز النظر إلى الأجنبية .

   (1) فإنّه لا دليل على الجواز ، إذ النصوص المتقدمة إنما تختص بالشهادة على إقرار المرأة وليس هناك حكم آخر يزاحمه ، فالمتعيّن هو القول بعدم الجواز .

   (2) لما سبق .

   (3) بلا خلاف في ذلك ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَالقَواعِدُ مِنَ النّساءِ اللاّتي لاَ يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتبرِّجات بزِينَة) (1) .

   (4) وقع الكلام بين الأعلام في حدّ ما يجوز للقواعد إبداؤه . فنسب إلى العلاّمة والشهيد (قدس سره) القول بجواز إبداء ما عدا العورة (2) في حين اختار الماتن (قدس سره) وجماعة جواز إبداء ما هو معتاد لها من الكشف خاصة .

   ولعلّ مستند القول الأوّل هو إطلاق الآية الكريمة ، لا سيما بملاحظة أنّ المذكور فيها الثياب بصيغة الجمع ، فإنّ ذلك يدلّ على جواز وضع جميع ثيابهن . نعم ، لا بدّ من تقييد الاطلاق في خصوص العورة لما علم من الخارج عدم جواز إبدائها .

   وعلى كلّ فلو كنّا نحن وهذه الآية الكريمة ، ولم نستظهر منها بأنّ جمع الثياب إنّما هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النور 24 : 60 .

(2) تذكرة الفقهاء 2 : 574 . الجواهر 29 : 86 .

ــ[66]ــ

بلحاظ إفراد القواعد لا بلحاظ كلّ واحدة على حدة ـ كما هو قريب ـ لكان هذا القول قوياً جداً ، إلاّ أنّ في المقام عدّة نصوص تقيد ـ على اختلاف مضمونها ـ إطلاق الآية الكريمة وتمنع من العمل به .

   ففي صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ : (وَالقَواعِدُ مِنَ النّساءِ اللاّتي لاَ يَرْجُونَ نِكاحاً) ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهنّ ؟ قال : «الجلباب» (1) .

   فهذه الصحيحة وغيرها تقيّد إطلاق الآية بالجلباب وحده .

   ولكن في صحيحة حريز بن عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) أ نّه قرأ يضعن من ثيابهنّ قال : «الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنّة» (2) .

   فتقيّد الآية الكريمة بالجلباب والخمار ، فتكون منافية للصحيحة الاُولى ، فلا بدّ من حمل الاُولى على الاستحباب ، والقول بأ نّه يستحب في مقام إبداء الزينة للقواعد وضع الجلباب خاصة ، عملاً بمقتضى قاعدة تعارض الظاهر والنصّ .

   هذا كلّه لو كنّا نحن وهاتين الصحيحتين ، لكن رواية أبي الصباح الكناني قد تضمنت التفصيل بين الحرة والأمة ، وأنّ الحرة لا تضع إلاّ جلبابها في حين يحقّ للأمة وضْع خمارها أيضاً .

   فقد روى محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القواعد من النساء ، ما الذي يصلح لهنّ أنْ يضعن من ثيابهن ؟ فقال : «الجلباب ، إلاّ أن تكون أَمة فليس عليها جناح أن تضع خمارها» (3) .

   فقد يقال إنّه لا بدّ من الجمع بين الصحيحتين المتقدمتين بالعمل بمضمون هذه الرواية ، فيتعيّن تخصيص صحيحة محمد بن مسلم بالحرة وصحيحة حريز بالأمة، إلاّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 110 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 110 ح 4 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 110 ح 6 .

ــ[67]ــ

من كشف بعض الشعر (1) والذراع ونحو ذلك ، لا مثل الثدي والبطن ونحوهما مما يعتاد سترهنّ له (2) .
ــــــــــــــــــــــ

أنّ هذه الرواية ضعيفة السند بمحمد بن الفضيل ، فإنّه مشترك بين الثقة والضعيف .

   على أ نّه لو تمّ سندها فلا بدّ من حملها على الأفضلية ، وذلك لصريح صحيحة البزنطي عن الرضا (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يحلّ له أن ينظر إلى شعر اُخت امرأته ، فقال : «لا ، إلاّ أن تكون من القواعد» . قلت له : اُخت امرأته والغريبة سواء ؟ قال : «نعم» . قلت : فما لي من النظر إليه منها ؟ فقال : «شعرها وذراعها» (1) .

   فهي بملاحظة أنّ الغالب والمتعارف في الزوجة واُختها كونهما حرتين ، تدلّ بالصراحة على جواز النظر إلى شعر وذراعي القواعد من الحرائر ، وعليه فلا محيص عن حمل رواية الكناني لو تمّ سندها على الأفضلية .

   ومن هنا يتّضح أنّ الصحيح في المقام هو حمل ما دلّ على وضع الجلباب فقط على الأفضلية ، عملاً بقانون تعارض الظاهر والنص .

   (1) لا وجه لتخصيص الجواز ببعض الشعر ، بعد ما دلّت الأخبار الصحيحة على جواز وضع الخمار المستلزم لكشف الشعر كلّه .

   (2) لما تقدّم من عدم سلامة إطلاق الآية الكريمة .
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 107 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net