منها : غير المميز من الصبي والصبيّة 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7235


   ومنها : غير المميز من الصبي والصبية ، فإنّه يجوز النظر إليهما بل اللّمس ، ولا يجب التستّر منهما (3) بل الظاهر جواز النظر إليهما قبل البلوغ (4) إذا لم يبلغا مبلغاً

ـــــــــــــــــــــــــــ
   (3) كلّ ذلك لعدم المقتضي إذ لا تشملهما أدلّة المنع ، فإنّهما بحكم الحيوان ، بل يمكن القول بأنّ مقتضى السيرة القطعية هو الجواز . على أنّ ما يأتي من الدليل على الجواز في المميز يدلّ على الجواز فيما نحن فيه بالأولوية القطعية .

   (4) والكلام فيه تارة في حكم النـظر إلى عورتهما أو نظرهما إلى عورة الغير واُخرى في حكم النظر إلى غير عورتهما أو نظرهما إلى ذلك من الغير .


ــ[68]ــ

   أمّا المقام الأوّل : فلا ينبغي الشك في عدم جواز النظر إلى عورتهما ، ووجوب حفظ الفرج عنهم ، لإطلاق أدلّة المنع إذ لا موجب لتخصيصها بالبالغ ، فإنّ مقتضى قوله (عليه السلام) : «عورة المؤمن على المؤمن حرام» (1) هو حرمة النظر إلى عورة المؤمن من دون تقييد بكونه بالغاً فإنّ المميز من غير البالغين إذا أدرك وجود الله تبارك وتعالى وآمن به صدق عليه عنوان المؤمن ، وبذلك يصبح مشمولاً لأدلّة المنع .

   وأمّا نظرهما إلى عورة الغير فلا ينبغي التأمّل في جوازه ، فإنّ حرمة النظر إلى عورة الغير مختصة بالمكلفين ، أمّا غيرهم فلا يجب عليهم الامتناع من ذلك ، كما لا  يجب عليهم حفظ عورتهم والتستر عليها من الغير ، فإنّ كلّ ذلك من شؤون المكلفين والمفروض أ نّهم ليسوا منهم .

   نعم ، نسب الخلاف في جواز نظرهما إلى عورة الغير إلى المحقق النراقي (قدس سره) حيث ذهب إلى عدم الجواز، مدّعياً تخصيص ما دلّ على رفع القلم من الصبي وعدم تكليفه بقوله تعالى: (يا أَ يُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتأذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمانُكُم وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغوا الحلمَ مِنكُم ثَلاثَ مَرَّات مِنْ قَبلِ صَلاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُم مِن الظَّهِيرةِ وَمن بَعْدِ صَلاةِ العِشاءِ ثَلاثُ عَوْرات لَكُم لَيسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدهُنَّ) (2) .

   فإنّ الخطاب في الآية الكريمة وإنْ كان متوجّهاً إلى المكلّفين ، إلاّ أنّ الأمر بالاستئذان متوجه إلى غير المكلّفين كما هو واضح ، فيتحصل منها أنّ الصبيان مكلّفون في هذا المورد بعدم النظر إلى عورة الغير ويجب عليهم ذلك ، ويكون ذلك استثناءً وتخصيصاً لحديث رفع القلم عن الصبيان (3) .

   إلاّ أنّ فيه :

   أوّلاً : ما تقدّم منّا في مباحث الاُصول من أنّ الوجوب غير مستفاد من صيغة الأمر بحدّ ذاتها ، وإنّما هو مستفاد من حكم العقل بلزوم إطاعة المولى حيث لم يرد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 2 كتاب الطهارة ، أبواب آداب الحمام ، ب 9 ح 4 .

(2) سورة النور 24 : 58 .

(3) مستند الشيعة 2 : 469 .

ــ[69]ــ

ترخيص ، وعليه فالآية الكريمة وإنْ تضمّنت الأمر بالاستئذان إلاّ أ نّه لا مجال لاستفادة الوجوب من ذلك ، باعتبار ثبوت الترخيص بحديث الرفع وما في معناه فلا  يبقى مجال لاستفادة الوجوب .

   وبعبارة اُخرى نقول : إنّ ثبوت الأمر شيء وثبوت الوجوب شيء آخر ، إذ لا  ملازمة بينهما أصلاً ، فقد يثبت الأمر ولا يثبت الوجوب كما هو الحال في الأوامر الاستحبابية ، بل لا بدّ في إثبات الوجوب ـ مضافاً إلى الأمر ـ من إثبات عدم الترخيص ، فمن دون ذلك لا مجال لإثبات الوجوب .

   ومن هنا فحيث إنّ الآية الكريمة لا تتكفل إلاّ الجهة الاُولى ـ  أعني ثبوت الأمر  ـ فلا مجال للتمسّك بها وحدها لإثبات الوجوب ، بل لا بدّ من البحث عن وجود ما  يدلّ على الترخيص ، فإنْ وجد ما يدلّ على ذلك فلا مجال للقول بالوجوب ، وإلاّ فمقتضى حكم العقل بلزوم إطاعة المولى هو ذلك ، وحيث إنّ مقامنا من قبيل الأوّل حيث دلّ حديث رفع القلم على الترخيص فلا وجه للالتزام بالوجوب .

   ثانياً : إنّ الآية الكريمة أجنبية عن محل الكلام بالمرة ، فإنّها واردة في مقام رؤية المميز للرجل والمرأة في حالة غير مناسبة ، بحيث يطلع على ما يستقبح التطلع عليه حتى لو لم يستلزم ذلك النظر إلى عورتهما ، فلا تصلح للاستدلال بها على حرمة نظر الصبي أو الصبية إلى عورة الغير كما لا يخفى .

   وأمّا المقام الثاني : فلا ينبغي الشك أيضاً في جواز نظر كلّ منهما إلى بدن غير المماثل له من البالغين ، وذلك لحديث الرفع حيث تختصّ الحرمة بالمكلفين .

   وأما جواز نظر كل من الرجل إلى الصبية والمرأة إلى الصبي ـ  لو قلنا بحرمة نظرها إلى الرجل ـ فيمكن الاستدلال عليه :

   أوّلاً : بعدم وجود مقتض للحرمة، نظراً لاختصاص قوله تعالى : (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتهُنَّ إِلاَّ لِبُعولَتِهنَّ) بالبالغات، حيث إنّ التكليف لا يشمل غير البالغ فلا يجب على الصبية التستّر. ومن هنا فيجوز النظر إليها ، باعتبار أنّ حرمة النظر إلى المرأة إنّما استفيدت من وجوب التستّر عليها، حيث استظهرنا من ذلك كونه مقدمة لعدم النظر إليها، وحيث إنّ وجوب التستّر غير ثابت على الصبية فلا بأس بالنظر إليها .

ــ[70]ــ

يترتّب على النظر منهما أو إليهما ثوران الشهوة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ثانياً : صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الجارية التي لم تدرك ، متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم ؟ ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصلاة ؟ قال : «لا تغطّي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة» (1) . فإنّها دالّة بكلّ وضوح على عدم وجوب الستر عليها ، وجواز إبدائها لشعرها ما لم تحِضْ ، وبثبوت ذلك يثبت جواز النظر إليها بالملازمة العرفية كما عرفت .

   هذا كلّه بالنسبة إلى حكم الصبي ، وأمّا بالنسبة إلى المرأة فهل يجوز لها إبداء زينتها للصبي المميز أم يجب عليها التستّر منه ؟

   ظاهر قوله تعالى : (أَوِ الطّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهرُوا عَلَى عَوْراتِ النِّساءِ) (2) هو الثاني ، باعتبار أنّ المستثنى هو غير المميز فقط ، فيبقى المميز على عموم المنع .

   لكن للبزنطي صحيحتان تدلاّن بالصراحة على عدم وجوب التستّر من الصبي حتى يبلغ ، فقد روى عن الرضا (عليه السلام) أ نّه قال : «يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا تغطي المرأة شعرها منه حتى يحتلم» (3) .

   وروى أيضاً عنه (عليه السلام) قال : «لا تغطّي المرأة رأسها من الغلام حتى يبلغ الغلام» (4) .

   ومن الواضح أنّ مقتضى الجمع بين هاتين الصحيحتين والآية المباركة هو تقييد إطلاق الآية الكريمة بمفادهما ، فيتحصل من ذلك جواز الكشف وعدم وجوب التستّر على المرأة ما لم يبلغ الصبي الحلم .

   وأخيراً فمن غير البعيد دعوى قيام السيرة على الجواز أيضاً .

   (1) والحكم بعدم الجواز في الأوّل مبنيٌّ على ما تقدم في غير مورد من أن ما علم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 126 ح 2 .

(2) سورة النور 24 : 31 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 126 ح 3 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 126 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net