كراهية الجلوس في مجلس المرأة - كراهية دخول الابن على أبيه وعنده زوجته 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 17886


ــ[86]ــ

   [ 3674 ] مسألة 42 : يكره الجلوس في مجلس المرأة إذا قامت عنه إلاّ بعد برده (1) .

   [ 3675 ] مسألة 43 : لا يدخل الولد على أبيه إذا كانت عنده زوجته إلاّ بعد الاستئذان (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ففي رواية جابر بن يزيد الجعفي ـ في حديث ـ قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: «وإذا قامت المرأة من مجلسها ، فلا يجوز للرجل أن يجلس فيه حتى يبرد»(1). إلاّ أ نّها ضعيفة السند بأحمد بن الحسن القطان ـ شيخ الصدوق ـ حيث لم يرد فيه أي توثيق .

   نعم ، في معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إذا جلست المرأة مجلساً فقامت عنه ، فلا يجلس في مجلسها رجل حتى يبرد» (2) .

   وهي وإنْ كانت بحسب ظاهرها دالّة على الحرمة ، إلاّ أ نّه لا بدّ من رفع اليد عن ظهورها وحملها على الكراهة ، لقيام السيرة القطعية على الجواز . فإنّ الرجال يجلسون مجالس النساء من دون تقيد بكونها من المحارم ، كما يتفق ذلك كثيراً في العوائل المتعددة الساكنة في بيت واحد لا سيما إذا كان يجمعهم نوع من العلقة والارتباط ، فإنّ الرجل يجلس في مكان زوجة أخيه أو اُخت زوجته من دون أن يثبت في ذلك ردع .

   على أنّ الحكم بالتحريم لو كان ثابتاً لكان ينبغي أن يكون من أوضح الواضحات لما عرفت من كثرة الابتلاء به ، فكيف ولم ينسب القول به إلى أحد من الأصحاب !

   (2) استدل على ذلك برواية محمد بن علي الحلبي ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الرجل يستأذن على أبيه ؟ فقال : «نعم ، قد كنت أستأذن على أبي وليست اُمي عنده ، إنّما هي امرأة أبي توفيت اُمي وأنا غلام ، وقد يكون في خلوتهما ما لا اُحب أن أفجأهما عليه ولا يحبّان ذلك منّي ، والسلام أحسن وأصوب» (3) . إلاّ أ نّها ضعيفة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 123 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 145 ح 1 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 119 ح 2 .

ــ[87]ــ

السند بأبي جميلة الذي يروي عن محمد بن علي الحلبي ، فإنّه ممن عرف بالكذب .

   نعم ، في صحيحة أبي أيوب الخراز عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ، ولا يستأذن الأب على الابن» (1) .

   وهذه الرواية وإن كانت صحيحة سنداً إلاّ أ نّها غير مقيدة بما إذا كانت عنده زوجته أو كان في ساعات الخلوة ، ومن هنا يفهم أنّ الحكم أخلاقي صرف لحفظ مقام الاُبوة وكرامته ، فإنّ ذلك يقتضي عدم دخول الولد على أبيه من دون استئذان حتى لو لم يكن للأب زوجة ولم يكن في ساعات الخلوة .

   وعلى هذا فتكون هذه الصحيحة أجنبية عن محلّ الكلام ، فإنّها غير ناظرة إلى وجود الزوجة عنده وعدمه، بل تتكفل بيان ما يقتضيه الأدب واحترام الأب، فتُحمل على الاستحباب لا محالة ، لقيام السيرة القطعية على جواز الدخول على الأب إذا لم تكن زوجته عنده من غير استئذان ، فإنّه لو كان الحكم بالوجوب ثابتاً لظهر وبان .

   نعم ، في خصوص ما لو كانت زوجته معه ، أو كان في ساعات الخلوة ، يمكن استفادة لزوم الاستئذان من قوله تعالى : (يا أَ يُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحلُمَ مِنْكُمْ ثلاثَ مَرّات مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُم مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشاءِ ثَلاثُ عَوْرات لَكُم لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ الآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكيمٌ * وإِذا بَلَغَ الأَطفالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَما استَأذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبلِهمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَليمٌ حَكيمٌ) (2) .

   فإنّ هذه الآية الكريمة تدلّ على لزوم الاستئذان عند إرادة الدخول على الرجل إذا كان في ساعات الخلوة مطلقاً ، من دون تخصيص بكون المدخول عليه أباً أو ولداً أو غيرهما . فإنّ ذكر ما ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم ، أمّا هو من جهة كثرة الابتلاء بدخولهم عليه ، وأمّا من جهة التصريح بعموم الحكم لهم كي لا يتوهّم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 119 ح 1 .

(2) سورة النور 24 : 58 ، 59 .

ــ[88]ــ

خروجهم عنه .

   فإنّ هذه الساعات ساعات عورة للإنسان ، بمعنى كونها ساعات خلوة له ، فلا بدّ أن يخلى هو ونفسه ويترك بحاله ، سواء كان له زوجة أم لم تكن ، كانت زوجته عنده أم لم تكن . فإنّ المفروض ترك الرجل بحاله في هذه الساعات مطلقاً ، من دون تقييد بكونه أباً أو ولداً ، كما يشهد لذلك قوله عزّ وجلّ في ذيل الآية : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض) .

   والحاصل أنّ الاستئذان في هذه الأوقات المعبَّر عنها في الآية الكريمة بالعورة ، وفي الروايات الصحيحة بساعات الخلوة ، واجب مطلقاً من دون خصوصية لكون الرجل أباً وكونه متزوِّجاً فضلاً عن كونها عنده ، فإنّه يجب حتى عند دخول الأب على الابن .

   وأمّا في غيرها فإن لم يكن الرجل متزوِّجاً ، أو لم تكن زوجته عنده ، فيستحب الاستئذان للابن خاصة ، حفاظاً على مقام الاُبوة وكرامته .

   وإن كان متزوِّجاً وكانت زوجته عنده وجب الاستئذان مطلقاً أيضاً ، وذلك لذيل صحيحة الخراز المتقدمة حيث ورد فيها : «ويستأذن الرجل على ابنته واُخته إذا كانتا متزوِّجتين» (1) .

   فإنها بضميمة بعض الروايات المعتبرة التي دلّت على وجوب استئذان الرجل عند إرادة الدخول على المرأة مطلقاً ، والتي لا بدّ من تقييدها بما إذا كانت متزوجة لصحيحة الخراز ، تدل بمفهومها على جواز الدخول على غير المتزوجة .

   وحيث إنّ من المقطوع به أنّ مجرّد التزويج لا أثر له ، وإنّما الحكم من أجل أن لا  يراها في حالة غير مناسبة، وإلاّ فلا مانع من الدخول على التي زوجها في السفر، أو التي لم تزف إليه بعد ، ينتج اختصاص الحكم بما إذا علم بوجود زوجها عندها أو احتمل ذلك .

   ولما كان هذا الحكم ثابتاً في أب البنت صريحاً ثبت في الأب للولد أيضاً ، ولو من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 120 ح 1 ، وتقدّم صدر الرواية في ص 87 هـ 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net