جواز العكس أو جهل العمة والخالة على الأقوى - حكم اقتران العقدين 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6863


ــ[290]ــ

من غير فرق بين الدوام والانقطاع (1) ولا بين علم العمّة والخالة وجهلهما (2) . ويجوز العكس (3) وإن كانت العمّة والخالة جاهلتين بالحال على الأقوى (4) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لإطلاق الأدلة .

   (2) لإطلاق الأدلة أيضاً .

   (3) وهو المعروف والمشهور، بل لم ينسب الخلاف فيه إلى أحد إلاّ الصدوق (قدس سره) ، حيث منع عنه مطلقاً أيضاً ، فجعل ابنة الأخ مع العمة وابنة الاُخت مع الخالة كالاُختين ، لا يجوز لأحد الجمع بينهما(1) .

   وكأنّ ذلك لرواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها» (2) .

   إلاّ أنّ هذه الرواية ضعيفة السند بمحمد بن الفضيل ، فإنّه الأزدي الصيرفي ـ  بقرينة الراوي والمروي ّ عنه  ـ وهو ضعيف . نعم ، أصرّ الشيخ الأردبيلي (قدس سره) على أ نّه محمد بن القاسم بن فضيل الثقة ، وقد ذكر لذلك عدّة قرائن (3) وقد تعرّضنا لدفعها في كتابنا (معجم رجال الحديث) ، فراجع (4) .

   على أنّ هذه الرواية لا دلالة لها على المنع إلاّ بالإطلاق ، وإلاّ فهي غير صريحة في عدم جواز التزوج بالعمة أو الخالة على ابنة الأخ وابنة الاُخت ، وهو يقيد بصريح صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة وصحيحته الاُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) أيضاً ، قال : «لا تنكح ابنة الاُخت على خالتها وتنكح الخالة على ابنة اُختها، ولا تنكح ابنة الأخ على عمتها وتنكح العمة على ابنة أخيها»(5).

   (4) وفي المسالك أ نّه : على تقدير جهلها بالحال ، فهل يقع العقد باطلاً ، أم يتوقف عقد الداخلة على رضاها، أم عقدها وعقد المدخول عليها ؟ أوجه، أوجهها الوسط(6) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المقنع : 328 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 30 ح 7 .

(3) جامع الرواة 2 : 174 ، 183 .

(4) معجم رجال الحديث 18 : 153 .

(5) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 30 ح 12 .

(6) مسالك الافهام 7 : 292 .

ــ[291]ــ

   والمحتمل في مستنده اُمور :

   الأوّل : دعوى كونه مقتضى احترام العمة والخالة ، نظير ما ورد فيمن تزوج حرة جاهلة بأنّ له زوجة أَمة ، فإنّها تتخيّر في إبطال عقدها بعد علمها بالحال ، فإنّ مقتضى اشتراك المسألتين في حكمة الحكم ـ أعني الاحترام ـ هو ثبوت الحكم فيما نحن فيه أيضاً .

   وفيه : أ نّه قياس لا نقول به . على أنّ لازم الالتزام بهذه الحكمة هو القول بتخير كل امرأة لها احترام خاص ، فيما إذا علمت بأنّ لزوجها زوجة هي دونها في الاحترام ، كما لو تزوج بمسلمة ثم علمت بأنّ له زوجة كتابية ، أو تزوج بعلوية ثم علمت بأنّ له زوجة عامية ، والحال إنّه مما لا يقول به أحد من الفقهاء .

   الثاني : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «لا تزوج الخالة والعمة على بنت الأخ وبنت الاُخت بغير إذنهما» . بدعوى رجوع الضمير إلى العمة والخالة .

   وفيه: أ نّه لا شكّ في اشتباه الشهيد (قدس سره) في نقل هذه الرواية، فإنّما المثبت في كتب الأحاديث أجمع هو «تزوج الخالة والعمة ...» بالإثبات(1) وأما نسخة النفي فلم نعثر عليها في غير المسالك(2). على أننا لو سلمنا النسخة فالظاهر منها هو رجوع الضمير إلى بنت الأخ وابنة الاُخت لقربهما ، فدعوى رجوعه إلى العمة والخالة بعيدة جداً ، وعلى هذا التقدير تكون الرواية معارضة لما دلّ على عدم اعتبار إذنهما .

   الثالث : خبر أبي الصباح الكناني المتقدم ، حيث ورد فيه : «لا يحلّ للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها» . فإنّ مقتضاه عدم الجواز مطلقاً سواء أذنتا أم لم تأذنا ، كان عقدهما متقدماً أم متأخراً ، غير أننا خرجنا عنه في صورة إذنهما لما دلّ على الجواز فيها ، فيبقى الباقي ومنه المقام مشمولاً للإطلاق .

   وفيه : أنّ الخبر ضعيف السند بمحمد بن الفضيل على ما تقدم . على أ نّها لو صحت فمن المظنون قوياً صدورها مورد التقية ، حيث ذهب العامّة إلى حرمة الجمع بين كل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 30 ح 5 .

(2) مسالك الافهام 7 : 290 .

ــ[292]ــ

   [ 3746 ] مسألة 10 : الظاهر عدم الفرق (1) بين الصغيرتين والكبيرتين والمختلفتين ، ولا بين اطلاع العمّة والخالة على ذلك وعدم اطلاعهما أبداً ، ولا بين كون مدّة الانقطاع قصيرة ولو ساعة أو طويلة ، على إشكال في بعض هذه الصور ، لإمكان دعوى انصراف الأخبار (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

امرأتين أو فرض إحداهما رجلاً حرم التناكح بينهما كالمقام ، حيث لو فرض كون ابنة الأخ رجلاً حرم عليها التزوج بعمتها ، كما لو فرض كون العمة رجلاً حرم عليها التزوج بابنة أخيها ، وهكذا لو فرض ابنة الاُخت رجلاً حرم عليها التزوج بخالتها أو فرض كون الخالة رجلاً حرم عليها التزوج بابنة اُختها (1) .

   وقد رووا في صحاحهم عدّة روايات عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تدلّ على حرمة الجمع بين العمة وابنة أخيها وبين الخالة وابنة اُختها مطلقاً (2) .

   ولو تنزلنا عن ذلك فإطلاق النصوص الصحيحة الدالة على جواز التزويج بالعمة على ابنة الأخ والخالة على ابنة الاُخت، المقتضي لعدم الفرق بين علم الداخلة وجهلها ، موجب لرفع اليد عن إطلاق هذه الرواية وتقييدها بما إذا كان عقد العمة أو الخالة متقدماً على عقد ابنة الأخ أو ابنة الاُخت .

   على أننا لو فرضنا تساقطهما بالتعارض ، فعمومات الحلّ في المقام محكمة .

   ثم إنّ ما ذكره (قدس سره) من احتمال تخيرها في عقد ابنة الأخ وابنة الاُخت لم نعرف له وجهاً بالمرة ، فإنّه بعد فرض وقوع عقدهما صحيحاً في مرحلة سابقة على عقد العمة والخالة ، لا وجه لتوقفه على إذنهما وتخيرهما فيه .

   إذن فالصحيح في المقام هو ما اختاره الماتن (قدس سره) من الالتزام بالجواز مطلقاً .

   (1) كل ذلك لإطلاقات الأدلة .

   (2) إلاّ أ نّه لا وجه له بعد ترتب جميع الآثار على ذلك العقد ، من حرمة اُمها والتزوج باُختها وثبوت الإرث وغيرها من الأحكام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المغني 7 : 479 .

(2) صحيح البخاري 3 : 365 .

ــ[293]ــ

   [ 3747 ] مسألة 11 : الظاهر((1)) أنّ حكم اقتران العقدين حكم سبق العمّة والخالة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إلاّ أ نّه مشكل جداً ، بل الظاهر عدم جريان حكم تأخر عقد ابنة الأخ وابنة الاُخت على التقارن .

   والوجه في ذلك هو أ نّه لو لم تكن الأدلة الخاصة والنصوص المتقدمة ، لكان مقتضى عمومات الحلّ هو جواز الجمع بين العمة وابنة الأخ والخالة وابنة الاُخت مطلقاً ، سواء أتقدم عقد العمة والخالة على عقدهما أم تأخر أم كان مقارناً لعقدهما لكننا وبمقتضى هذه النصوص قد خرجنا عن العموم وقلنا بعدم جواز إدخال ابنة الأخ وابنة الاُخت على العمة والخالة إلاّ بإذنهما ، إلاّ أنّ عنوان الإدخال لما لم يكن صادقاً مع الاقتران لم تكن النصوص شاملة له ، ومن هنا فتكون عمومات الحلّ محكمة فيه .

   نعم ، قد يقال بأنّ الحكم بالتوقف على إجازة العمة والخالة في المقام هو مقتضى احترامهما على ما رواه الصدوق (قدس سره) في العلل (2) ، نظير الخيار الثابت للحرة إذا اقترن عقدها بعقد الأَمة .

   إلاّ أ نّه مردود بأنّ الرواية ضعيفة السند ، فلا مجال للاعتماد عليها . على أ نّها لو صحت فالظاهر منها أ نّها في مقام بيان حكمة الحكم لا علته وبينهما بون بعيد ، إذ لا يفهم من الأول العموم حيث لا يفهم منه أنّ الحكمة هي موضوع الحكم بخلاف الثاني . وأما تنظير المسألة بمسألة التزوج بالحرة والأَمة معاً بعقد واحد ، فهو قياس لا نقول به .

   نعم ، لو فرضنا صحّة سند رواية أبي الصباح الكناني المتقدمة لكانت دليلاً على المنع في المقام أيضاً ، حيث ورد فيها النهي عن الجمع بينهما ، وهو صادق على كل من التقدّم والتأخر والاقتران ، فيكون مقتضاها الحرمة مطلقاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والإحتياط لا ينبغي تركه .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 30 ح 10 .

         علل الشرائع : 499 .

ــ[294]ــ

   إلاّ أننا قد خرجنا عن ذلك فيما إذا دخلت العمة أو الخالة على ابنة الأخ أو ابنة الاُخت، أو دخلتا هما على العمّة والخالة لكن برضاهما ، استناداً إلى ما دلّ على ذلك فيبقى الباقي ـ بما في ذلك صورة اقتران عقد العمة مع عقد ابنة الأخ ، وعقد الخالة مع عقد ابنة الاُخت ، من غير إذن العمة والخالة ـ مشمولاً لإطلاق المنع . وأما مع إذنهما فالعقد صحيح بلا إشكال ، حيث لا يزيد حاله عن حال تأ خّر عقد ابنة الأخ أو ابنة الاُخت عن عقد العمة أو الخالة ، وقد التزمنا فيه بالصحة .

   إلاّ أ نّك قد عرفت أنّ الرواية لضعف سندها بمحمد بن الفضيل غير قابلة للاعتماد عليها ، وحينئذ فالمتعيّن هو الرجوع إلى عمومات الحلّ والالتزام بالجواز في المقام مطلقاً ، سواء أرضيت العمة أو الخالة أم لم ترضيا .

   والمتحصل من جميع ما تقدم أنّ للجمع بين العمة أو الخالة وبنت الأخ أو ابنة الاُخت وبين الحرة والأَمة صوراً ثلاث :

   الاُولى : تأخر عقد ابنة الأخ أو ابنة الاُخت أو الأَمة عن عقد العمة أو الخالة أو الحرة . وفيها فالحكم في كلتا المسألتين ـ  أعني الجمع بين الحرة والأَمة ، والجمع بين العمة أو الخالة وبنت الأخ أو بنت الاُخت  ـ واحد ، حيث تتوقف صحة عقد المتأ خّر على إذن العمة أو الخالة أو الحرة .

   الثانية : تأ خّر عقد العمة أو الخالة أو الحرة عن عقد ابنة الأخ أو عقد ابنة الاُخت أو عقد الأَمة . وفيها فالحكم في كلتا المسألتين في فرض العلم واحد أيضاً ، حيث يصح العقد الثاني بلا إشكال وليس لأحد الخيار في العقد المتقدم . وأما في فرض الجهل : فإن كانت الداخلة هي الحرة فالحكم فيه هو ثبوت الخيار للحرة في عقدها ، فلها البقاء مع الزوج كما أنّ لها فسخ العقد . وأما إذا كانت الداخلة هي العمة أو الخالة ، فقد عرفت أنّ صاحب المسالك (قدس سره) قد اختار ثبوت الخيار لهما في عقدهما أيضاً كالحرة ، إلاّ أ نّه قد تقدمت منّا المناقشة في ذلك باعتباره قياساً محضاً إذ لا نص عليه .

   الثالثة : اقتران عقد الحرة مع عقد الأَمة ، أو عقد العمة مع عقد ابنة الأخ ، أو عقد الخالة مع عقد ابنة الاُخت . ففيها يختلف الحكم في المسألتين ، إذ الثابت في مسألة الحرّة والأَمة هو صحّة عقد الحرة مع تخيّرها في عقد الأَمة ، وذلك لدلالة النص الصحيح عليه . وأما في مسألة العمة وابنة الأخ أو الخالة وابنة الاُخت ، فقد عرفت أنّ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net