اعتبار كون العقد المجاز جامعاً لجميع الشرائط - هل يشترط الشروط إلى زمان الاجازة ؟ 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4540


ــ[47]ــ

الكلام في العقد المجاز

ويقع البحث فيه عن جهات :

الاُولى : يشترط في العقد المتعلّق للاجازة أن يكون مشتملا على جميع الشرائط المعتبرة في صحّة العقد ، فلو كان فاقداً لبعضها فلا يقع صحيحاً بالاجازة المتأخّرة ، وذلك لوضوح أنّ الاجازة ليست بأولى من الاذن السابق حيث إنه إذا أذن في إنشاء عقد فاقد لبعض شرائط الصحّة فلا يكون ذلك موجباً لوقوع العقد على وصف الصحّة ، فكيف بالاجازة المتأخّرة ، بل لو عقد نفس المالك على شيء وكان العقد فاقداً لبعض شرائط الصحّة يقع باطلا فضلا عمّا إذا لحقته إجازته فيما لو عقد الفضولي . وبالجملة لابدّ في صحة العقد الصادر من الفضول أن يكون جامعاً لجميع الشرائط المعتبرة في العقد سوى رضا المالك ، وفي غير تلك الصورة يقع فاسداً ولا يمكن أن تكون الاجازة المتأخّرة مصحّحة للعقد الفاسد ، هذا كلّه بحسب الكبرى .

وأمّا بحسب الصغريات والتطبيق ، فلا إشكال في أنّ العقد لابدّ وأن يكون حاوياً للشرائط الراجعة إلى العقد كالماضوية والعربية والتطابق وغيرها ، فلو كان فاقداً لبعض تلك الشرائط يقع فاسداً .

وأمّا الشرائط المعتبرة في المتعاقدين بما هما متعاقدان (لا بما هما مالكان) كالبلوغ والعقل ونحوهما ، فلا إشكال في اعتبارها أيضاً ، فلو كان المتعاقدان أو

ــ[48]ــ

أحدهما صبياً أو مجنوناً فلا تقع المعاملة بالاجازة المتأخّرة صحيحة ، لأنّ عقدهما كلا عقد .

وأمّا الأُمور والشرائط المعتبرة في العوضين كالمالية أو الطهارة والطلقية ونحوها فهي أيضاً معتبرة في العقد الصادر من الفضولي بحيث لو كان العوضان فاقدين لبعض هذه الشروط كما إذا كان أحدهما خمراً أو كانت الأمة اُمّ ولد أو كان فاقداً للمالية وهكذا ، فلا ينبغي الإشكال في فساد العقد حينئذ وإن انقلب الخمر إلى الخلّ أو مات ولد الأمة أو عرضت المالية عليه حال الاجازة ، وذلك لاعتبار هذه الشروط في متعلّق البيع والعقد ، والاجازة ليست عقداً مستأنفاً ولا بيعاً ثانياً فلابدّ من اتّصاف العوضين بهذه الشروط حال العقد ولعلّه ظاهر .

وأمّا الشرائط الخارجة عن متعلّق البيع والمتعاقدين والعقد وهي الاُمور المعتبرة في المعاملة خارجاً وقد عبّر عنها شيخنا الأنصاري(1) بشرائط تأثير العقد كاشتراط القدرة على التسليم أو الشرائط المعتبرة في المالكين وإن لم يكونا عاقدين كالإسلام في مشتري المصحف والعبد المسلم بناءً على أنّ الكافر لا يملك شيئاً منهما فهي غير معتبرة في العقد بوجه ، بل القدرة على التسليم كما لا تعتبر في حال العقد كذلك لا تعتبر في حال الاجازة أيضاً ، وإنّما تعتبر في ظرف التسليم وهو أمر يختلف باختلاف الأغراض ، فربما يشترط التسليم في ظرف الاجازة واُخرى في غيره من الأزمان كمن باع عشرة أمنان من الحنطة في ذمّة زيد فضولة على أن يسلّمها بعد ستّة أشهر ثمّ أجازها المالك من دون أن يكون قادراً على تسليمها حال الاجازة.

وكذا الإسلام فإنه لا يعتبر حال العقد أبداً ، لأنّ الدليل الدالّ على اعتباره في المشتري بعد الاجماع هو قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 467 .

ــ[49]ــ

سَبِيلا)(1) بأن يكون اختيار المسلم بيد الكافر يفعل في حقّه ما أراد ، ومن الواضح أنّ العقد بمجرده لا يوجب السبيل للكافر على المسلم أبداً ، وإنّما هو يتحقّق بالاجازة ، إذ لا يمكنه التصرف في العبد قبلها ، فإذا فرضنا أنّ المشتري الكافر حال العقد أسلم حين الاجازة صحّ العقد والاجازة بلا إشكال . نعم بناء على الكشف الحقيقي أمكن القول بالفساد لتحقّق الملكية والسبيل حين العقد .

ثم إنّه هل يعتبر الاستمرار في الشروط المعتبرة حال العقد إلى زمان الاجازة بحيث لو انتفى بعضها بعد العقد وقبل الاجازة بطلت الاجازة ، أو لا يعتبر فيها الاستمرار ؟

ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) بالنسبة إلى شروط العوضين : أنّ الظاهر اعتباره على القول بالنقل ، لعدم تمامية البيع قبلها ، وحين تماميته بالاجازة لا شرط بحسب الفرض فتقع المعاملة باطلة . وكذا يعتبر الاستمرار على القول بالكشف من جهة أنّ زمان الاستناد إلى المالك إنّما هو زمان الاجازة ، ومع فقد بعض الشرائط المعتبرة في المعاملة لا يكفي إسناد المعاملة الفاقدة لبعض الاُمور المعتبرة فيها إليه هذا .

والظاهر أنّ الاستمرار إلى حال الاجازة غير معتبر على كلا القولين ، وذلك لأنّ الكلام في شرائط البيع لا الملكية ، وقد فرضناه جامعاً لشرائط البيع حال العقد والبيع ، والاجازة ليست بيعاً ولا عقداً مستأنفاً ، فاعتبارها في حال الاجازة أيضاً يحتاج إلى دليل آخر ، والوجه في ذلك ما عرفت من أنّ شرائط البيع غير شرائط الملكية كما في بيع الكلب والمتنجّس ونحوهما حيث إنّهما مع ماليتهما منع الشارع عن بيعهما تعبّداً ، إذ لا إشكال في أنّ الكلب ملك فلذا أوجب الشارع ضمانه على من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 141 .

ــ[50]ــ

أتلفه ، وكذا الحال في المنع عن بيع اُمّ الولد فإنّها ملك ويجب دفع قيمتها لو قتلها أحد ومع ذلك قد منع عن بيعها ، فهذه شرائط البيع دون الملك ، والمقدار الثابت من أدلّتها اعتبارها حال البيع ، والمفروض أنّها كانت متحقّقة حال البيع والعقد ، واشتراطها واعتبارها حال الاجازة أيضاً يتوقّف على دليل ، وهذا بخلاف الشرائط المعتبرة في الملك فإنّها شرط للملك بغضّ النظر عن وقوع البيع كما في الخمر فإنّها غير قابلة للملك حتّى لو لم يكن بيع أصلا . وكلامنا إنّما هو في شرائط البيع لا شرائط الملك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net