اختصاص جواز التصرّف بالشيعة - وجوب الخراج وعدمه 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5161


الجهة الثانية : في أنّ جواز التصرّف في هذه الأراضي وتعميرها هل هو مختصّ بالشيعة أو يعمّهم وجميع المسلمين أو يعمّ الكفّار أيضاً ؟ ويمكن الاستدلال على الثاني بما في النبويين من قوله (صلّى الله عليه وآله) : « موتان الأرض لله ولرسوله ثمّ هي لكم منّي أيّها المسلمون »(1) وقوله (صلّى الله عليه وآله) : « عادي الأرض لله ولرسوله ثمّ هي لكم منّي »(2) والمراد من العادي القديم الظاهر في الأرض الميتة .

ولكن الحقّ عدم دلالة النبويين على المطلب ، مضافاً إلى كونهما ضعيفتي السند لأنّ المستفاد كون موتان الأرض للمسلمين حتّى قبل الإحياء ، وهو كما ترى مخالف لمذهب الشيعة لأنّها للإمام (عليه السلام) فافهم .

والأولى الاستدلال بما ورد في صحيحتي محمّد بن مسلم وأبي بصير فراجع الوسائل كتاب إحياء الموات باب 1 أنّ من أحيا أرضاً الخ وفي الصحيحة الاُولى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 17 : 111 / أبواب كتاب إحياء الموات ب1 ح2 ] لكن ليس فيه قوله «  ثمّ هي لكم ... » [ .

(2) نفس المصدر ح5 .

ــ[232]ــ

قال : « سألته عن الشراء من أرض اليهود والنصارى ؟ فقال (عليه السلام) ليس به بأس ـ إلى أن قال (عليه السلام) ـ وأيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض أو عملوه فهم أحقّ بها وهي لهم »(1) وفي الصحيحة الثانية قال : « سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن شراء الأرضين من أهل الذمّة ، فقال (عليه السلام) لا بأس بأن يشترى منهم إذا عملوها وأحيوها فهي لهم » الخ(2) ومثل قوله (عليه السلام) « كل أرض ميتة لا ربّ لها فهو للإمام (عليه السلام) »(3) فإذا كان الأمر في مطلق الكافر أو الذمّي كذلك يعني إذا جاز لهم بل لكلّ الناس كما يستفاد من كلمة قوم في قوله « أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض » فما ظنّك لغير الشيعي من المسلمين .

الجهة الثالثة : في وجوب الخراج وعدمه ، الظاهر أنّ حكم هذه المسألة مبنيّ على أنّ المحيي يكون مالكاً بالإحياء أو يكون له التصرف فيها ، والذي هو المتسالم فيه بين الإمامية عدم وجوب الخراج على الشيعي ولكنّ صحيحة الكابلي «  قال أبو جعفر (عليه السلام) وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) (إِنَّ الاَْرْضَ للهِِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) إلى أن قال فمن أحيى أرضاً من المسلمين فليعمّرها وليؤدّ خراجها إلى الإمام (عليه السلام) من أهل بيتي وله ما أكل منها »(4) وفي مصحّحة عمر بن يزيد « سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أخذ أرضاً مواتاً ـ إلى أن قال (عليه السلام) ـ كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : من أحيى أرضاً من المؤمنين فهي له وعليه طسقها يؤدّيه إلى الإمام (عليه السلام) »

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 25 : 411 / كتاب إحياء الموات ب1 ح1 .

(2) نفس المصدر ب4 ح1 .

(3) الوسائل 9 : 524 / أبواب الأنفال ب1 ح4 .

(4) الوسائل 25 : 414 / كتاب إحياء الموات ب3 ح2 .

ــ[233]ــ

الخ(1) وقد ذكر الشيخ (قدّس سرّه)(2) أنّه يمكن حمل هذه الروايات على بيان أصل الاستحقاق ، ولا ينافي ذلك عدم وجوب الأداء على الشيعة لأجل إسقاط الأئمّة (عليهم السلام) ذلك بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) وتحليلهم لشيعتهم ، كما أنّه يمكن حملها على زمان الحضور بأن يقال إنّه يجب الأداء في حال الحضور دون الغيبة .

ولكن لا يخفى ما فيه ، أمّا حمله الأول فإنّ الظاهر من الصحيحتين بيان الحكم والوظيفة الفعلية للسائل دون مجرّد أصل الاستحقاق بل هو (عليه السلام) بصدد بيان أنّ وظيفتك أن تؤدّي الخراج إلى الأئمّة (عليهم السلام) . وأمّا حمله الثاني فأبعد من الأول لأمرين : أحدهما أنّ هذه الروايات مطلقة وشاملة لعصري الحضور والغيبة . وثانيهما : أنّ قوله (عليه السلام) : « ما كان لنا فهو لشيعتنا » ونحوه ناظر إلى زمن الحضور أو هو مطلق للعصرين إلاّ أنّ أبرز مصاديقه عصر الحضور فيتنافى مع حمل الصحيحتين على زمن الحضور .

فعليه يكون المستفاد من الصحيحتين وجوب أداء الخراج إلى الأئمّة ، إلاّ أنّ الذي يسهّل الخطب في عدم وجوب أداء الخراج على الشيعة قوله (عليه السلام) في رواية مسمع بن عبدالملك « كلّ ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون يحلّ لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا (عليه السلام) فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم ، وأمّا ما كان في أيدي غيرهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام » الخ(3) فيخصّص عموم الصحيحتين ويقال بوجوب الخراج على غير الشيعي فافهم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 549 / أبواب الأنفال ب4 ح13 .

(2) المكاسب 4 : 14 .

(3) الوسائل 9 : 548 / أبواب الأنفال ب4 ح12 .

ــ[234]ــ

والذي يدلّنا على هذا الجمع أيضاً الروايات العامّة(1) الواردة في تحليل ما يكون لهم (عليهم السلام) لشيعتهم بداهة أنّ كون الشيعة فيه محلّلون ليس إلاّ عبارة عن عدم وجوب الخراج عليهم وإلاّ لا إشكال في حلّية التصرف في الأرض مع أداء الخراج للسنّي ولجميع الناس ، فتخصيصه (عليه السلام) بالشيعة ليس إلاّ من هذه الجهة  .

وأيضاً يدلّ على ما ذكرناه ما في رواية مسمع بن عبدالملك من قوله « فإنّ كسبهم من الأرض حرام عليهم » وليس حرمة الكسب لهم إلاّ من جهة عدم إعطاء الخراج للأئمّة (عليهم السلام) وصدره أيضاً يدلّ على عدم وجوب الخراج على الشيعة كما ذكرناه .

لا يقال : إنّه كيف يمكن هذا الجمع مع أنّ مورد السؤال في صحيحتي الكابلي وعمر بن يزيد هم الشيعة لأنّه لو قلنا بخروج الشيعة عن مورد الخراج يلزم تخصيص المورد ، وهو كما ترى لأنّه كيف يمكن أن يسأل عن حكم الشيعة ويجيب الإمام (عليه السلام) عن حكم الأشخاص الآخرين .

فإنّه يقال : إنّ الأمر ليس كذلك ، أمّا في صحيحة الكابلي فلم يسبقه سؤال فيه عن الإمام (عليه السلام) حتّى يقال بتلك المقالة ، نعم الراوي لها شيعي وهذا غير كون المورد هم الشيعة . وأمّا مصحّحة عمر بن يزيد فلم يعلم أنّ السؤال كان عن الشيعة بل السائل على ما ذكر في الوسائل كان رجلا من أهل الجبل الذين هم الآن من المتعصّبين من أهل السنّة غالباً فما ظنّك بذلك الزمان ، مع أنّ قوله (عليه السلام) في آخر الرواية فليوطّن نفسه على أن تؤخذ منه قرينة على أنّ مورد السؤال كان من غير الشيعة فإنّ الشيعي لا تؤخذ منه الأرض عند قيام القائم (عجّل الله تعالى فرجه)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 543 / أبواب الأنفال ب4 .

ــ[235]ــ

وكيف كان أنّ ما ذكرناه من الجمع في غاية المتانة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net