هل الاجازة كاشفة أم ناقلة ؟ - الكلام في تأثير الاجازة بعد الردّ 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4434


وجوابه ما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) من أنّ الاجازة كما تكون كاشفة عن صحّة البيع تكون كاشفة عن عدم الرهن أيضاً . وبعبارة اُخرى أنّ الاجازة في بيع الفضولي كما تكون كاشفة عن صحّة وقوع العقد من زمانه وعن لازمه وهي عبارة عن كونها كاشفة أيضاً عن خروج العين عن ملكه من زمان العقد  ، كذا تكون في المقام كاشفة عن صحّة البيع وعن لازمه الذي هو عدم الرهن نعم لهذا الكلام مجال في صورة فكّ العين عن الرهن بأداء حقّ الرهانة أو بإسقاط المرتهن حقّه وسيجيء الكلام فيه مفصّلا إن شاء الله تعالى .

ثمّ إنّه يقع الكلام في كون الاجازة كاشفة أو ناقلة في المقام ، وقد ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) في المقام أنّ الظاهر من بعض الأخبار كون الاجازة كاشفة وإن كان مقتضى القاعدة هو النقل كما تقدّم في بيع الفضولي ، فإذا كانت الاجازة كاشفة هناك ففي المقام بطريق أولى ، لأنّ إجازة المالك هناك كانت أشبه شيء بجزء المقتضي وفي المقام من قبيل رفع المانع ولذا جوّزوا عتق الراهن هنا مع تعقّب الاجازة من المرتهن مع أنّهم قائلون بعدم جريان الفضولي في الايقاعات والاعتذار عنه ببناء العتق على التغليب كما فعله جامع المقاصد(2) مناف لتمسّكهم في ذلك بعمومات أدلّة العتق ، هذا ملخّص مرامه (قدّس سرّه) .

والذي ينبغي أن يقال : إنّه لو قلنا إنّ مقتضى القاعدة كون الاجازة ناقلة فلابدّ في الموارد التي تكون الاجازة كاشفة من إقامة الدليل عليه ، ولمّا كان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 160 .

(2) جامع المقاصد 5 : 146 .

ــ[313]ــ

الدليل(1) وارداً في مورد تزويج الصغيرين اللذين مات أحدهما قبل بلوغ الآخر وحكم الإمام (عليه السلام) بتحليف الآخر بأنّه لو كان الآخر باقياً لكان يختاره حتّى يرثه منه ، وقلنا في بيع الفضولي إنّه لا فرق بين تزويج الصغيرين وبيع الفضولي بالقطع الوجداني ، وأمّا التعدّي من هذه الموارد إلى مثل المقام فلابدّ من إقامة الدليل عليه .

وبعبارة واضحة : أنّ الدليل على كاشفية الاجازة إنّما كان في الموارد التي لم يكن المباشر للعقد فيها هو طرف العقد ومن يكون العقد منتسباً إليه بل العقد ينتسب إليه بعد الاجازة ، وأمّا الموارد التي يكون المباشر للعقد هو نفس من ينتسب إليه العقد كما في المقام فلابدّ في التعدّي إلى هذه الموارد من إقامة الدليل وحيث لا دليل في المقام فلابدّ من القول بالنقل على تقدير كونه مقتضى القاعدة ، وأمّا إذا قلنا إنّ مقتضى القاعدة كون الاجازة كاشفة بالكشف الحقيقي بالمعنى الذي ذكرناه في بيع الفضولي تكون الاجازة في المقام أيضاً بنحو الكشف على القاعدة .

ومن هنا يظهر أنّ مقالة الأولوية في المقام في غير محلّها ، لأنّه بناءً على النقل لا يمكن القول بالكشف هنا كما ذكرناه ، وأمّا بناءً على أنّ مقتضى القاعدة هو الكشف تكون الاجازة كاشفة في المقام بمقتضى القاعدة فلا أولوية . وأمّا عتق العبد المرهون فلا يكون دليلا للأولوية لما ذكرناه في بيع الفضولي من أنّ المانع من عدم وقوع الفضولي في الإيقاعات كان هو الإجماع والمتيقّن منه ما كان الإيقاع من الأجنبي فلا يعمّ ما إذا كان من المالك وتوقّف على إجازة غيره كما في عتق الراهن فتشمله العمومات .

وأمّا الكلام في تأثير الاجازة بعد الردّ بمعنى أنّه هل يكون الرد موجباً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 26 : 219 / أبواب ميراث الأزواج ب11 ح1 ، 4 .

ــ[314]ــ

لسقوط العقد عن التأثير بحيث لو أجاز المرتهن بعد الردّ لا يؤثّر أم لا يكون كذلك فقد ذكر الشيخ (قدّس سرّه)(1) فيه وجهين : من أنّ الردّ في المقام بمنزلة عدم رفع اليد عن حقّه فله إسقاطه بعد ذلك ، ولا يقاس ذلك بالردّ في بيع الفضولي لأنّ المجيز هناك أحد المتعاقدين وقد ذكرنا في محلّه أنّ ردّ أحد المتعاقدين يوجب إبطال إنشاء العاقد الآخر ، بخلافه في المقام بداهة أنّ المرتهن أجنبي عن طرفي العقد بل ليس له إلاّ حقّ الرهانة في العين ، ومن أنّ الإيجاب المؤثّر لا يتحقّق إلاّ برضا المالك والمرتهن فكما أنّ ردّ المالك يبطل العقد في الفضولي كذا ردّ المرتهن يكون موجباً لسقوط العقد عن التأثير .

ولعمري أنّ الحقّ هو الأوّل ، لا لما ذكره الشيخ (رحمه الله) بل من جهة أنّه لم يكن دليل على عدم تأثير الاجازة بعد الردّ إلاّ الإجماع على التفصيل الذي ذكرناه في موطنه وبديهي أنّ القدر المتيقّن منه إنّما هو العقد الذي يكون فيه الرادّ ممّن يكون العقد منتسباً إليه على تقدير الاجازة ومشمولا لـ (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) مثلا ، وأمّا في المقام الذي لم يكن الرادّ هو أحد المتعاملين ومن يكون العقد منتسباً إليه بل يكون له حقّ قد تعلّق بالعين فلم يتحقّق الإجماع فلا مانع من القول بعدم كون ردّ المرتهن موجباً لسقوط العقد عن التأثير على تقدير الاجازة بعده بناءً على اعتبار إجازة المرتهن في صحّة العقد .

بل لعلّه يمكن أن يقال بقيام الدليل على نفوذ الاجازة وصحّة العقد بعد الردّ وهي رواية محمّد بن قيس الواردة في من باع وليدة كما تقدّم في بيع الفضولي وإن كان الاستدلال بتلك الرواية محلّ المنع والمناقشة كما ذكرناه هناك فراجع(2).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 161 .

(2) راجع المجلّد الأول من هذا الكتاب الصفحة 380 ـ 382 .

ــ[315]ــ

ثمّ إنّه قد وقع الكلام في كون فكّ الرهن بل مطلق السقوط الحاصل بالاسقاط أو الابراء أو غيرها من أسباب السقوط بعد البيع بمنزلة الاجازة بحيث يقع عقد الراهن صحيحاً أو أنّه ليس كذلك ، وقد ذهب بعض إلى الفرق بين الاجازة وبين فكّ الرهن بل مطلق السقوط ، وحكم بالصحّة في الاجازة دون غيرها ، لأنّ الاجازة إمضاء وإنفاذ للعقد السابق في زمان ثبوت حقّه . وبعبارة واضحة أنّ الاجازة متعرّضة لإنفاذ عقد الراهن وإمضائه وتصرّف من المرتهن في حال ثبوت حقّه بخلاف الاسقاط أو السقوط ضرورة أنّه ليس متعرّضاً لمعنى العقد وإنفاذه فالعقد باق على حاله ، وحيث كان العقد عند وقوعه من الراهن متعلّقاً لحقّ الغير ولم يعقّب باجازة من له حقّ فهو باق كما وقع ، والمفروض عدم وقوع عقد آخر من الراهن فعليه لا يكون صحيحاً وهو أشبه شيء بمسألة من باع شيئاً ثمّ ملك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net