الاستدلال على البطلان بقوله « لا تبع ما ليس عندك » 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4164


وقد استدلّ شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(2) أيضاً على المقام بالنبوي المستفيض من قوله (صلّى الله عليه وآله) « لا تبع ما ليس عندك »(3) بناءً على عدم إرادة الحضور من قوله (صلّى الله عليه وآله) عندك لجواز بيع الغائب والسلف إجماعاً . ولا يخفى أنّ قوله (قدّس سرّه) والسلف لعلّه سهو من القلم ، لأنّ بيع السلف بيع الكلّي وبيع ما لا يملكه فهو صحيح وخارج عن محلّ الكلام بأي معنى فسّرنا قوله (صلّى الله عليه وآله) « لا تبع » الخ ، وأيضاً ليس المراد من كلمة عندك مجرّد الملك وإلاّ كان المناسب أن يقول (صلّى الله عليه وآله) ما ليس لك ، وأيضاً ليس معناه مجرّد السلطنة عليه والقدرة على تسليمه لمنافاته مع تمسّك العلماء طرا بالنبوي المذكور على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير ولو كان المبيع تحت قدرته وكان قادراً على

ـــــــــــــ
(2) المكاسب 4 : 183 .

(3) الوسائل 18 : 47 / أبواب أحكام العقود ب7 ح2 (مع اختلاف يسير) .

ــ[323]ــ

تسليمه خصوصاً إذا كان وكيلا عن مالكه في بيعه ولو من نفسه ، مضافاً إلى ما ذكره العلاّمة (قدّس سرّه) في التذكرة كما نقل عنه الشيخ (قدّس سرّه) في باب الفضولي(1) من أنّ مورد الرواية بيع ما لا يملك ثمّ شراؤه من صاحبه والردّ إلى المشتري ، فالحقّ في معناه أن يقال إنّ المراد منه السلطنة التامّة الفعلية المتوقّفة على الملك والقدرة على التسليم .

ثمّ قال : ودعوى أنّ المراد به الاشارة إلى ما هو المتعارف في تلك الأزمنة من بيع الشيء غير المملوك ثمّ تحصيله بشرائه ودفعه إلى المشتري فمدفوع بعدم الشاهد على اختصاصه بهذا المورد ، ثمّ استدرك وقال إنّه يمكن أن يقال إنّ غاية ما يدلّ عليه هذا النبوي بل النبوي المتقدّم فساد البيع بمعنى عدم كونه علّة تامّة فلا مانع من وقوعه مراعى بانتفاء صفة الغرر وتبدّل عدم القدرة بالقدرة ، ولو سلّمنا أنّ الظاهر من النبويين فساد العقد رأساً يعني كونه لغواً بالمرّة فلابدّ إمّا من ارتكاب خلاف الظاهر وإمّا من إخراج بيع الراهن العين المرهونة لما ذكرناه من صحّة عقده بعد إجازة المرتهن مع أنّه كان غير قادر على تسليمها ، وكذا بيع العبد الجاني عمداً والمحجور عليه لسفه بعد إجازة وليّه أو رقّ بعد إجازة سيّده أو فلس بعد ارتفاع حجره .

وللمناقشة فيما ذكره (قدّس سرّه) مجال واسع ، أمّا ما ذكره (قدّس سرّه) أوّلا في معنى النبوي من قوله فيتعيّن أن يكون كناية عن السلطنة التامّة الفعليّة الخ فغير سديد ، وذلك لأنّ هذا التعبير أي « عندك » تعبير متعارف في زماننا هذا أيضاً كما يقال : عندي من الأملاك كذا ومن النقدين كذا ، ويراد منه كون هذه الأشياء ملكاً له ، ويُعبّر عند عدم كونه مالكاً لشيء ما عندي شيء . وبعبارة واضحة أنّه تارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 367 .

ــ[324]ــ

نلاحظ في كلمة عندك معناه الابتدائي وفي بدو النظر فعليه يكون معناه عدم كونه حاضراً عنده كما يقال ما عندي ساعة في جواب من يسأل عن مقدار الساعة من النهار مع كونه مالكاً لساعات وهي غائبة عنه ، واُخرى نلاحظ معناه غير الابتدائي فهو عبارة عمّا ذكرناه من أنّ هذا التعبير إنّما يكون في موارد عدم كونه مالكاً كما يقال ليس عندي شيء يعني لست بمالك وليس الشيء مملوكاً لي ، فعليه يكون المراد من النبوي النهي عن بيع ما ليس ملكاً للبائع .

وأمّا ما ذكره (قدّس سرّه) بقوله : وأمّا الإيراد عليه بدعوى أنّ المراد به الاشارة إلى ما هو المتعارف في تلك الأزمنة الخ ، فمناف لما ذكره هو (قدّس سرّه) في بيع الفضولي ونقله عن العلاّمة (قدّس سرّه) في التذكرة من أنّ مورد الرواية بيع الشيء غير المملوك ثمّ تحصيله من صاحبه ودفعه إلى المشتري .

وأمّا ما ذكره (قدّس سرّه) من عدم الرجحان لهذه التخصيصات وعدم المانع من الالتزام بوقوع البيع مراعى في كلّ مورد يعجز عن تسليمه الخ فلا يمكن المساعدة عليه ، وذلك .

أوّلا : أنّ الالتزام بهذه التخصيصات لا محذور فيه لعدم الاستهجان بخروج ثلاثة موارد من تحت الرواية .

وثانياً : أنّه لو دار الأمر بين ارتكاب خلاف الظاهر والالتزام بهذه التخصيصات فالثاني أولى ، بداهة أنّ الظهور حجّة ولا يرفع اليد عنه إلاّ بالمقدار المتيقّن منه ولذا لم يتوهّم أحد في دلالة قولنا أكرم العلماء على الوجوب بعد ورود التخصيصات عليه بقولنا ولا تكرم زيداً ولا عمراً ولا بكراً ولم يحمله على الاستحباب مع الاعتذار عن هذا الحمل بأنّه لو لم يحمل على الاستحباب يلزم التخصيصات .

وثالثاً : أنّ ما ذكره من الموارد إنّما يكون تخصيصاً بالنسبة إلى قوله (صلّى الله

ــ[325]ــ

عليه وآله) « لا تبع » الخ دون قوله (صلّى الله عليه وآله) « نهى النبي (صلّى الله عليه وآله) عن بيع الغرر » لعدم تحقّق الغرر في تلك الموارد المذكورة ، بداهة أنّ المرتهن والولي إمّا أن يجيزا العقد أو لا ، فعند الاجازة يكون المبيع للمشتري وعند عدم الاجازة يبقى الثمن في ملكه فلا يتحقّق الخطر كما هو الظاهر ، ولذا لم يتمسّك أحد لبطلان الفضولي بقوله (صلّى الله عليه وآله) « نهى النبي (صلّى الله عليه وآله) عن بيع الغرر » .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net