4 ـ الاستدلال برواية « لا يحلّ مال امرئ ... » 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثالث : الخيارات-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5075


ومن جملة الوجوه التي استدلّ بها شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) في المقام قوله (صلّى الله عليه وآله) : « لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسه »(2) ذكر (قدّس سرّه) أنّ وجه الاستدلال به يظهر ممّا قدّمه في الاستدلال بقوله تعالى (وَلاَ تَأْكُلُوا)  الخ .

ولا يخفى أنّ الحلّية تارةً تحمل على الحلّية التكليفية فحسب فيقال لا يجوز التصرف في مال المسلم إلاّ عن طيب نفسه ، وعليه فلا مانع من الاستدلال به على حرمة الفسخ تكليفاً ، لأنه تصرف في مال المسلم من دون رضاه وهو أمر محرّم . واُخرى تحمل على الحلّية الوضعية كذلك أي فحسب بمعنى عدم الامضاء والنفوذ أي لا ينفذ تصرف الغير في مال المسلم إلاّ بطيب نفسه ، وعلى هذا أيضاً لا مانع من الاستدلال به على عدم نفوذ الفسخ وعدم إمضائه ، لأنّه أيضاً متعلّق بمال المسلم لا عن طيب نفسه ، هذا بالاضافة إلى إرادة الحلّية التكليفية بمجردها أو الوضعية كذلك  .

ولكن هل يصحّ في المقام إرادة الجامع بين الحلّيتين كما صحّ ذلك في مثل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) على ما أشرنا إليه سابقاً حتى يمكننا أن نستدلّ بهذه الرواية على اللزوم وعدم تأثير الفسخ في المعاملات ، أو أنّ إرادته غير ممكنة ؟ الظاهر هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 5 : 20 .

(2) الوسائل 5 : 120 / أبواب مكان المصلّي ب3 ح1 (مع اختلاف يسير) .

ــ[36]ــ

الثاني  ، لأنّ ظاهر قوله (صلّى الله عليه وآله) « لا يحلّ مال امرئ مسلم » أنّ الموضوع للحكم هو المال الذي يكون مضافاً إلى المسلم والغير ومقارناً للتصرف فيه بحسب الزمان . وبعبارة اُخرى : ظاهر الرواية أنّه لابدّ وأن يكون مال الغير متحققاً في رتبة سابقة على التصرفات وزمان سابق عليها بأن يحرز أنّ المال مال زيد مثلا حينما يتصرف فيه المتصرف بالأكل والتملّك وأشباههما ، ومعلوم أنه مع الفسخ لا يمكن إحراز هذا المعنى بأن يحرز أنّ المال الذي يتصرف فيه هذا المتصرف هو مال زيد المشتري ، وذلك لاحتمال أنه مال نفس هذا المتصرف بسبب الفسخ .

وعلى الجملة : إرادة الحلّية التكليفية بمجردها بالاضافة إلى مورد والوضعية بالاضافة إلى مورد آخر وإن كان ممكناً في نفسه ، إلاّ أنّ ظهور المال في المقام في كونه مالا للغير المسلم في زمان سابق على التصرفات يمنعنا عن إرادة الجامع بينهما  ، وبما أشرنا إليه يظهر أنّ ارادة الحلّية الوضعية أيضاً أمر غير صحيح ، هذا أوّلا .

وثانياً : أنّ الحل والحرمة المضافتين إلى الموضوعات الخارجية لا معنى لهما ظاهراً ، إذ لا معنى مثلا لحرمة ذات الماء أو الخمر أو الاُمّهات أو غير ذلك من الأعيان الخارجية ، فلابدّ أن يراد في موارد إضافة الحرمة أو الحلّية إليها الآثار الظاهرة فيها ، أو إرادة جميع الآثار بحسب المناسبات الموجودة بين الأحكام وموضوعاتها حسب اختلاف الموارد والمقامات . مثلا إذا ورد أنّ الخمر حرام فبما أنه لا معنى لأن تكون ذات الخمر محرّمة فلابدّ أن نقدّر إرادة شربه ، لأنه أظهر الآثار المترتّبة على الخمر ، فنحكم بذلك على حرمة شرب الخمر فقط ولا نتعدّى منها إلى حرمة بيعه أيضاً بنفس هذا الدليل ، وإذا ورد (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)(1) فلا محالة تحمل على إرادة حرمة نكاحهنّ ، لأنه الأثر الظاهر في النساء دون مثل النظر إليها أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النساء 4 : 23 .

ــ[37]ــ

المعاملة معها ونحو ذلك . وفي المقام حيث اُسندت الحلّية إلى نفس المال وهي كما عرفت ممّا لا معنى لها ، فلا مناص من حمله على الأثر المناسب له وليس هو إلاّ التصرف فيه بأكل أو بنقل من مكان إلى مكان أو بنحو ذلك من التقلّبات الخارجية .

وأمّا التصرفات الاعتبارية كتملّك المال ونحوه فالحرمة منصرفة عنها كما لا يخفى . إذن لا دلالة للحديث على عدم حصول التملّك بالفسخ كما أراده شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net