5 ـ أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الخامس : الخيارات-3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7611


الشرط الخامس

فلابدّ من صرف عنان الكلام إلى تنقيح الفرق بينهما وبيان الضابط للمخالفتين ليتّضح حال الفروع المتقدّمة وينقّح بذلك الشرط الخامس إن شاء الله تعالى فنقول : إنّ ما يعدّ شرطاً في ضمن العقود لا يخلو إمّا أن يرجع إلى تقييد في المنشأ أو في أحد العوضين بحسب ظاهره (أي بلا تأويله وارجاعه) وإمّا أن لا يرجع إلى تقييد في ناحية الأمرين المذكورين وتضيّقهما ابتداء وإن رجع إليه بالأخرة ، بل كان راجعاً إلى أمر آخر .

فأمّا ما يرجع إلى تضيّق في دائرة المنشأ فهو نظير شرط الخيار أو اشتراط عدم الغبن أو اشتراط التسليم في بلد المعاملة بناءً على ما ذكرناه سابقاً من أنّ جعل الخيار في معاملة مرجعه إلى تضيّق دائرة المنشأ أعني الملكية ، بمعنى أنّ الملكية التي أنشأها البائع مثلا ليست ملكية مطلقة بل هي ملكية موقّتة بوقت الفسخ . وكذا اشتراط عدم الغبن وغيره ممّا يقتضيه إطلاق العقد ، لأنّ معناه أنه أنشأ الملكية المقيّدة بعدم الغبن لا مطلق الملكية . وكذا شرط التسليم في بلد المعاملة لأنه إذا باع شيئاً في بلد والمشتري أراد تسليم ثمنه في غير هذا البلد فإنّ للبائع أن لا يقبله فيفسخ العقد ، ومعناه أنّ الملكية المنشأة موقّتة ومضيّقة لا أنّها مطلقة ، وهذا مبني على ما ذكرناه في معنى جعل الخيار وهو ظاهر .

وأمّا ما يرجع إلى تضيّق أحد العوضين فهو كاشتراط كون الحنطة من

ــ[53]ــ

المزرعة الفلانية ، فإنّ معناه أنّ ما أنشأ تمليكه هو حصة خاصة من الحنطة لا مطلقاً حتى لو أراد البائع تسليم غيرها لا يقع صحيحاً لأنه أمر آخر مغاير للمبيع اللهمّ إلاّ بمراضاة جديدة .

وبالجملة : أنّ كل شرط رجع إلى تضيّق الدائرة في المنشأ حتى مثل شرط الكتابة في العبد ، لأنّ معناه أنّ الملكية المنشأة مقيّدة بالكتابة لا مطلقاً ممّا لابدّ من العمل على طبقه ولا إشكال في صحته ، إلاّ أنّ صحتها ووجوب العمل على طبقها غير محتاج إلى أدلّة وجوب الوفاء بالشروط فلو فرضنا أنه لم يكن في العالم دليل على وجوب الوفاء بالشروط مع ذلك يجب العمل على الشروط الراجعة إلى تضيّق الدائرة في طرف المنشأ أو العوضين ، وذلك لكفاية الأدلّة الدالّة على وجوب الوفاء بالعقود ، لأنّ إمضاء الشارع إنما يرد على طبق جعل المتعاقدين ، فإذا جعلا الملكية المطلقة فيمضي الشارع هذه الملكية المطلقة ، وإن كان المجعول والمنشأ خاصاً ومضيّقاً  ، فلا محالة يمضي ذلك الخاص أو المقيّد .

إلاّ فيما علمنا من الشرع عدم قبول المنشأ فيه للتوقيت والتضيّق كما في النكاح  ، لأنه لا يقبل التضيّق أو التقيّد إلاّ بالزمان وهو المعبّر عنه بالتمتّع ، أمّا تضييقه بغير الزمان فهو باطل وغير ممضى في الشريعة المقدّسة ، وفي غير ذلك يكون إمضاء الشارع على طبق جعل المتعاقدين إن مطلقاً فمطلق وإن مضيّقاً فمضيّق ، وهذا ظاهر .

وأمّا الشروط التي لا ترجع ابتداءً إلى تضيّق الدائرة في طرف المنشأ أو العوضين ، فهي إن رجع إلى ما يخالف المنشأ كاشتراط عدم التملّك في البيع بأن يقول بعتك بشرط أن لا تملكه أو زوّجتك بشرط أن لا أكون زوجتك أو آجرتك بشرط أن لا تكون المنفعة ملكك إلى غير ذلك ممّا هو على خلاف المنشأ في العقود ، فإنّ المنشأ في البيع هو التمليك وفي النكاح هو الزوجية وفي الاجارة ملكية المنفعة ، فلا محالة لا تكون نافذة وتقع باطلة ، وهذا من غير توقّف فيه على دليل لأنّ دليل

ــ[54]ــ

بطلانها معها ، وذلك لأنه من التناقض الظاهر والتناقض يستحيل تحقّقه ، فلا محالة يكون الاشتراط المذكور باطلا ، وبطلان هذه الطائفة من الشروط التي تخالف مقتضى العقد لا يحتاج إلى دليل واستدلال وهذا ظاهر .

وربما يتخيّل أنّ من هذا القبيل ما إذا باع بشرط عدم الثمن بدعوى أنّ البيع يقتضي تبديل شيء بشيء فيكون اشتراط عدم الثمن منافياً لمقتضى العقد .

وفيه : أنّ هذا صحيح لو اُريد من البيع البيع الواقعي وأمّا لو جعل هذا الشرط قرينة على إرادة الهبة من البيع فلا يكون الاشتراط المذكور منافياً لمقتضى العقد الذي أوجده أعني الهبة ، نعم يبتني هذا على البحث المتقدّم في أنه يشترط في صحة العقد إنشاؤه بالألفاظ الموضوعة لذلك العقد أو تصح مطلقاً ولو مع إنشائها بالألفاظ المجازية ، فإنّ إرادة الهبة من البيع مجاز .

ومن هنا يظهر الفرق بين الشرط المخالف لمقتضى العقد والشرط المخالف للكتاب ، فإنّ الشرط في الثاني لا يكون من التناقض بل الالتزام بالمنشأ والشرط أمر ممكن إلاّ أنه يخالف الأحكام المترتّبة على ذلك الشرط شرعاً ، لا أنه يخالف نفس المنشأ ليرجع إلى التناقض ، مثلا اشتراط عدم تملّك المشتري في البيع يخالف نفس المنشأ في البيع فإنه عبارة عن اعتبار الملكية والتمليك ولا يجتمع مع اعتبار المشتري عدم كونه مالكاً ، ولذا قلنا إنه من التناقض ، إذ لا معنى لقوله إنّي أعتبرك مالكاً ولكنّك اعتبر عدم كونك مالكاً .

وأمّا اشتراط بيع المبيع من أحد أو عدم بيعه في المعاملة فهو ليس منافياً لما اُنشئ في البيع ، لأنّ المنشأ فيه كما عرفت هو الملكية (أي حدوثها) والسلطنة ، وأمّا بقاء الملكية وارتفاعها وبيعه من زيد وعدمه فكلّها خارجة عن المنشأ ولا اقتضاء له بالاضافة إليها ، أفهل معنى البيع عدم بيع المشتري من أحد أو بيعه منه كلاًّ وحاشا وعليه فلا يكون اشتراط بيعه أو عدمه من الشرط المخالف لمقتضى العقد . نعم لو

ــ[55]ــ

فرضنا في مورد كان عدم بيعه واجباً واشترط عليه بيعه يكون هذا الاشتراط مخالفاً للكتاب دون مقتضى العقد .

وعليه فلا وجه لعدّ مثل اشتراط عدم البيع أو البيع مخالفاً لمقتضى العقد وظنّي بل وقطعي أنّ هذا كلّه ناش عن عدم تنقيح المخالفة للعقد والكتاب ولذا ترى أنّهم يعدّون في مخالف العقد ما عدّوه في مخالف الكتاب مع أنّهما على ما بيّناه لا يجتمعان في مورد ، لأنّ المناط في مخالف العقد ما يكون منافياً للمنشأ فيه ومناط المخالفة للكتاب ما يكون منافياً للأحكام الشرعية المرتّبة عليه لا أن يكون منافياً للمنشأ فكيف يجتمعان .

توضيح وتحقيق : قد عرفت أنّ الفروع المتقدّمة قد وقعت مورد الخلاف والإشكال بين الأصحاب ونظائرها كثيرة ، وإنّما نشأ ذلك كلّه من جهة عدم التميّز بين مخالف الكتاب والسنّة وما يخالف مقتضى العقد ، بل قد أوجب عدم التميّز بينهما ذكر بعض الفروع في عداد ما يخالف الشرع تارةً وفي عداد ما ينافي مقتضى العقد ثانياً ، ولكنّك بما ذكرناه من الميزان تقدر على تمييز ما يخالف الكتاب عمّا ينافي مقتضى العقد .

ونزيدك توضيحاً لما حقّقناه في المقام : بأنّ لكل عقد مقتضيين ـ بالفتح ـ بلا واسطة ومع الواسطة ، أمّا المقتضى الأول فهو ما ينشئه العاقد ويوجد بانشائه نظير الملكية في البيع والزوجية في النكاح ونحوهما من المنشآت المتحقّقة بنفس العقد وكل شرط يكون على خلاف هذا المقتضى الأول يعدّ من الشروط المنافية لمقتضى العقد كالبيع بشرط أن لا يملك المشتري والنكاح بشرط أن لا تكون المرأة زوجة ونحوهما كما تقدّم .

وأمّا المقتضى الثاني الذي يرتّب على العقد بواسطة المقتضى الأول فهو الأحكام الشرعية أعم من التكليفية والوضعية التي تترتّب على العقود بواسطة

ــ[56]ــ

المقتضى الأول نظير جواز النظر إلى المرأة في النكاح وجواز وطئها وغيره من الاستمتاعات الجائزة فإنها مترتّبة على الزوجية الحاصلة بالعقد ، ونظير جواز البيع وجواز الأكل وغيرهما من الآثار في المبيع المترتّبة على الملكية الحاصلة بالبيع ، أو وجوب الانفاق في الزواج وجواز الارث وغيرهما من الأحكام الشرعية التي تترتّب على المقتضى الأول للعقود .

فإذا كان شرط على خلاف تلك المقتضيات الثانوية فلابدّ من ملاحظة أنه يرجع إلى ترك مباح أو فعله فيحكم بجوازه أو إلى ترك واجب أو فعل حرام فيحكم ببطلانه لأنه على خلاف الكتاب ، والمتحصّل أنّ مقتضى العقد أمران ولا ثالث لهما .

ومنه يظهر أنّ العقود لا تقتضي شيئاً من الأفعال الخارجية كالأكل والنظر والبيع وغيرها ، لأنها إن اقتضت فإنما تقتضي جواز الأكل في البيع أو جواز النظر في النكاح لأنّها المقتضى الثاني للعقد ، وأمّا نفس الأفعال فهي ممّا لا يقتضي العقد وجودها ولا عدمها ، فلا تكون الأفعال مقتضى للعقود بوجه ، لأنّ مقتضاها منحصر في الأمرين المتقدّمين أعني المقتضى الأول والمقتضى الثاني ، والأفعال الخارجية ليست ممّا يقتضيه العقد بلا واسطة ولا ممّا يقتضيه معها .

وعليه فلا وجه لعدّ مثل اشتراط عدم البيع منافياً لمقتضى العقد(1) فإنّك عرفت أنّ العقد لا يقتضي بنفسه فعلا من الأفعال وإنّما يقتضي الملكية فقط ، فلو اقتضى العقد في المقام شيئاً فهو إنّما يقتضي جواز البيع الذي ذكرنا أنه من المقتضيات الثانوية للبيع لا نفسه أو عدمه ، ثم إنه على هذا التقدير يكون اشتراطه على خلاف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل قد نقل سيدنا الاُستاذ رواية صرّحت بجواز هذا الاشتراط في بيع الجارية بشرط أن لا تباع ولا توهب وقال إنما الممنوع هو اشتراط عدم التوارث حكاه (دام ظلّه) في بيان أحكام الشرط الصحيح عند تقسيمه الشروط وتعرّضه لشرط النتيجة .

ــ[57]ــ

الاباحة الشرعية وهو ممّا لا ضير فيه ولا يكون منافياً لمقتضى العقد ، والعجب أنّهم صرّحوا بجواز اشتراط عدم بيعه من زيد ومنعوا عن اشتراط عدم بيعه مطلقاً مع أنّك عرفت أنّ البيع أو عدمه خارجان عمّا يقتضيه العقد ، وعلى تقدير كونه منافياً لمقتضاه فأي فرق بين اشتراط عدم بيعه من زيد وبين اشتراط عدمه مطلقاً مع أنه لا خلاف ظاهراً من أحد من الأصحاب في جواز اشتراط بيعه من زيد ، وليت شعري أنه هل هناك فرق بين شرط الوجود والعدم وأنّ شرط عدمه يكون منافياً ولا يكون اشتراط وجوده كذلك .

ومن الغريب استدلال بعضهم على عدم جواز شرط عدم البيع بقوله (صلّى الله عليه وآله) « الناس مسلّطون على أموالهم »(1) لأنه يقتضي سلطنة المالك على ماله مطلقاً .

وفيه : أنّ الحديث إنّما يقتضي جواز البيع وجواز سائر التصرّفات لا وجوبها  ، فلا يكون اشتراط عدمه إلاّ شرطاً لترك أمر مباح وليس فيه مانع ولا مخالفة للكتاب ، وهذا ظاهر .

ثمّ إنّ الشروط أي ما يعدّ شرطاً بحسب الاصطلاح وإن لم يكن شرطاً حقيقياً في بعض الموارد على أقسام : منها ما يرجع إلى تضيّق المنشأ أو تضيّق أحد العوضين  ، والأول كاشتراط عدم الغبن في البيع فإنّ معناه جعل الخيار لنفسه على تقدير الغبن بمعنى أنه ينشئ ملكية مقيّدة بعدم التفاوت بين القيمتين لا الملكية على كل تقدير ، ونظيره أيضاً اشتراط التسليم في بلد المعاملة لأنّ معناه إنشاء الملكية الخاصة لا الملكية على كل تقدير ، ومنه اشتراط الكتابة في العبد . والثاني

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عوالي اللآلي 3 : 208 ح49 ، بحار الأنوار 2 : 272 .

ــ[58]ــ

كاشتراط(1) وصف في بيع الكلّي في الذمّة .

وهذا القسم في الحقيقة ليس بشرط ، لأنّ العقد لم يرتبط بشيء وإنما هو تقييد في المنشأ أو العوضين ، ولكن وجوب العمل بهذا القسم من الشروط لا يحتاج إلى دليل بل يكفي في لزوم العمل على طبقه إطلاقات ذلك العقد إن كانت ، وإلاّ فإذا شككنا في صحته فنرجع إلى أصالة الفساد .

والقسم الثاني من الشروط شرط ترك عمل أو فعله كاشتراط عدم البيع أو عدم الأكل أو اشتراط البيع ونحوها ، ولابدّ في هذا القسم من ملاحظة أنّ العمل المشروط تركه أو فعله من المباحات بالمعنى الأعم فينفذ الشرط ويجب عليه الوفاء به ، أو أنه من شرط ترك الواجب أو الحرام فيبطل لأنه على خلاف الكتاب .

ومن الأوّل شرط عدم البيع أو البيع أو شرط الأكل وعدمه كما مرّ ، ومنه أيضاً اشتراط ترك الوطء فإنه لا إشكال في جوازه في عقد الانقطاع ، إلاّ أنهم اختلفوا فيه في عقد النكاح الدائم ، ولكنّك عرفت أنّ الوطء من الأفعال وليس من مقتضيات نفس العقد أي ما ينشأ به ولا من مقتضيات العقد بمعنى الأحكام الشرعية المترتّبة عليه ، نعم جواز الوطء من مقتضيات عقد النكاح أي من الأحكام الشرعية المترتّبة عليه دون فعله أو تركه ، واشتراط ترك الجائز جائز وليست فيه مخالفة للكتاب، نعم لو اشترط عدم الوطء مطلقاً يمكن أن يقال إنه مخالف للكتاب لوجوبه في كل أربعة أشهر فيبطل ، إلاّ أنه مبني على أن يكون وجوب الوطء في أربعة أشهر وجوباً تكليفياً ، وأمّا إذا كان وجوباً حقّياً بمعنى أنه حق للزوجة وهوقابل للاسقاط فلا محذور في اشتراط تركه مطلقاً لأنها بقبولها يسقط

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا مثال لتقييد المبيع وأمّا تقييد الثمن فهو كانصراف الثمن إلى نقد البلد فإنه شرط يوجب تضيّق الثمن .

ــ[59]ــ

حقّها ، وهذا ظاهر .

ومنها أيضاً : شرط الوقف ولو للبائع وأولاده ، فإنه شرط فعل مباح بالمعنى الأعم ولا محذور فيه ، ولا مخالفة فيه للكتاب لأنه ليس بواجب ولا حرام ، وليس منافياً لمقتضى العقد لأنه لا يقتضي فعله أو تركه ، فإنّ الأفعال خارجة عمّا تقتضيه العقود ، نعم جوازه من المقتضيات الثانية للعقد ولا مانع من اشتراط فعله أو تركه .

ومنها أيضاً : اشتراط البيع كما عرفت ، واشتراط عدمه مطلقاً وإن كان مورداً للخلاف عندهم إلاّ أنّ اشتراط عدمه أو وجوده بالاضافة إلى شخص خاص ممّا لا كلام فيه عند الأصحاب ، نعم في خصوص اشتراط بيعه من البائع إشكال تعرّض له العلاّمة (قدّس سرّه) ومنعه من جهة لزوم الدور ، واستدلّ في الحدائق على بطلانه بالرواية وسيأتي التعرّض لهذا الفرع(1) عن قريب إن شاء الله تعالى .

ومن جملة ذلك : اشتراط العتق في بيع العبد لأنه خارج عن مقتضى العقد كما تقدّم وقلنا إنّ الأفعال لا ترجع إلى مقتضيات العقود ، نعم جوازه من المقتضيات الثانوية للعقد ، واشتراط فعل الجائز أو تركه ممّا لا محذور فيه ، وذلك لما عرفت سابقاً من أنّ اشتراط أمر مباح لا يكون مخالفاً للكتاب والحكم بجواز اشتراط العتق على طبق القاعدة ، نعم يظهر من العلاّمة (قدّس سرّه)(2) خلاف ذلك وأنّ جواز اشتراط العتق على خلاف القاعدة وأنه باطل في حدّ نفسه ، حيث علّل جوازه بأنّ العتق مبني على التغليب وكأنه لولا ذلك لكان اشتراط العتق باطلا ، ولكنه منه (قدّس سرّه) عجيب لأنّ العقد كما مرّ لا يقتضي العتق ولا غيره من الأفعال ، ولو اقتضى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في الشرط السابع .

(2) تحرير الأحكام 2 : 354 ، التذكرة 10 : 246 .

ــ[60]ــ

يقتضي جوازه ، وشرط ترك الجائز سائغ إذ لو كان محرّماً فلا يجدي في جوازه كون العتق مبنياً على الغلبة .

والقسم الثالث من الشروط : شرط النتيجة أعني الأحكام الوضعية الشرعية  ، وهي إن رجعت إلى خلاف مقتضى العقد بالمعنى المتقدّم فتبطل نظير اشتراط عدم الملكية في البيع وعدم الزوجية في عقد النكاح ، لأنه من التناقض الظاهر ، وبطلان مثله لا نحتاج إلى دليل .

وأمّا البيع بشرط عدم الثمن فقد عرفت أنه إن اُريد منه البيع الحقيقي أعني المعاوضة وتبديل شيء بشيء مشروطاً بعدم العوض فهو تناقض وخلاف مقتضى البيع كما مرّ ، وأمّا إذا اُريد منه التمليك بلا عوض المعبّر عنه بالهبة فلا محذور ، وعليه يخرج عن محل الكلام ويدخل في بحث جواز العقد بالألفاظ المجازية وعدمه .

وأمّا إذا لم يرجع إلى خلاف مقتضى العقد ، فإن لم يجعل الشارع لها سبباً خاصاً وكان ممّا اختياره بيد المكلّف فهو شرط سائغ يجب الوفاء به كشرط ملكية شيء ونحوها ، وأمّا إذا كان لها سبب خاص ولم يكن اختياره بيد المكلّف فيقع باطلا لأنه مخالف للكتاب .

وأمّا اشتراط عدم الخسران في عقد الشركة فهو إن رجع إلى عدم نقص في ماله وحصته عند الخسران فيكون على خلاف الكتاب والسنّة لأنّهما إذا اشتريا فرشاً بعشرة دنانير على نحو الشركة ثمّ باعاه بخمسة فمقتضى صحة تلك المعاملة وجوازها أن يذهب من مال كل منهما ديناران ونصف دينار ، فاشتراط أن يكون التالف راجعاً إلى حصة شريكه غير سائغ شرعاً ، وأمّا إن رجع إلى تتميم الشريك خسرانه بمعنى أن يجبره من ماله فهو شرط أمر مباح ، لأنّ إعطاء الشريك مقداراً من المال لشريكه سائغ ولو بلا خسران فلا مانع من اشتراطه .

 
 

ــ[61]ــ

وأمّا الصحيحة(1) الواردة في شراء الجارية بالاشتراك واشتراط عدم الخسران وقال (عليه السلام) « لا أرى به بأساً » فإن كان اشتراط عدم الخسران فيها بالمعنى الثاني أعني إعطاء شريكه مقدار الخسران له من مال نفسه فهو على طبق القاعدة ولا بأس به ، وأمّا إذا اُريد منه اشتراط عدمه بالمعنى الأول فيكون الرواية على خلاف القاعدة ، وحيث إنها صحيحة يعمل بها في خصوص موردها ولا يتعدّى عنه إلى غيره ، ومعناه أنّ النقص الوارد على هذا الشريك المشروط له يرجع إلى حصة شريكه وهو على خلاف القاعدة ، وأنت بعد ما عرفت معنى المقتضى وأنّ للعقد مقتضيين ، وعرفت معنى الشروط لا يبقى لك شك وتردّد في مورد في أنه شرط مخالف للكتاب أو أنه مناف لمقتضى العقد ، وتقدر على تمييز أحدهما من الآخر لأنه ضابط تامّ ، وبه تعرف أنّ أكثر الفروعات المتقدّمة التي وقعوا فيها في الإشكال حتى أنّ المحقّق الثاني (قدّس سرّه)(2) مع تبحّره في الفقه وقد ثُني به المحقّق أي صار اثنين أو سُمّي به المحقّق وقع في الإشكال والتجأ إلى إرجاعه إلى نظر الفقيه ، مع أنّ نظره مقصور على ما يستفيده من الأدلّة وهو إحالة إلى المجهول ممّا لا إشكال فيه ، هذا تمام الكلام في الشرط الخامس ويقع الكلام بعد ذلك في الشرط السادس.
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 19 : 7 / كتاب الشركة ب1 ح8 .

(2) جامع المقاصد 4 : 415 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net