ذكر الشرط الفاسد قبل العقد - ما استثني من إبطال الشرط الفاسد للعقد 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الخامس : الخيارات-3   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4903


الأمر الثالث : أنّ المتعاملين إذا تبانيا على شرط فاسد قبل المعاملة إلاّ أنّهما لم يذكراه في ضمن العقد لفظاً مع إيقاع المعاملة عليه بالتباني فهل يكون هذا التباني أيضاً موجباً للبطلان فيما إذا قلنا بسراية فساد الشرط إلى العقد أو لا يوجب البطلان ؟ نقل شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(3) وجهين في المسألة ونقل عن

ـــــــــــــــ
(3) المكاسب 6 : 105 .

ــ[125]ــ

المسالك(1) كلاماً تركناه لاغلاقه .

والصحيح في المقام أن يقال : إذا قلنا كما قلنا بأنّ ذكر الشرط لفظاً في ضمن العقد غير معتبر في وجوب الوفاء على طبقه بل تبانيهما عليه قبل المعاملة وإيقاعها عليه كاف في وجوب الوفاء على طبقه ، فلا محالة يكون التباني نفس الاشتراط فيترتّب عليه ما يترتّب على الشرط الملفوظ في العقد ، فإذا فسد وقلنا بأنه يفسد العقد فلا محالة نلتزم بالإفساد في صورة التباني أيضاً .

وأمّا إذا قلنا إنّ التباني قبل العقد ممّا لا أثر له ولا يجب الوفاء به وأنه ليس بشرط ووجوده كعدمه ، فلا يكون التباني في حكم الاشتراط ولا يرتّب عليه أحكامه ، فإذا كان فاسداً فلا يوجب فساد العقد إذا قلنا بأنّ الشرط الفاسد يفسد العقد ، هذا .

ويمكن أن يقال : إذا قلنا بأنّ التباني كالاشتراط وأنه واجب الوفاء أيضاً ولكن اعتمدنا في إبطال الشرط الفاسد وسرايته إلى العقد على الأخبار كأخبار العينة(2) وما دلّ(3) على بطلان البيع بشرط عدم الوضيعة للمشتري ، فلا يكون التباني موجباً للافساد فيما إذا كان فاسداً ، وذلك لانصراف الروايات إلى الاشتراط اللفظي ودلالتها على بطلان المعاملة عند اشتراط عدم الوضيعة أو البيع ثانياً من البائع لفظاً في ضمن العقد ، فلا يشمل صورة التباني على الشرط أصلا .

وبعبارة اُخرى : إذا قلنا بأنّ فساد العقد عند فساد شرطه على وفق القاعدة ومن جهة قصور المقتضي للصحة حينئذ لأنّ للشرط قسطاً فإذا فسد واُخرج قسطه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المسالك 3 : 308 ـ 309 .

(2) الوسائل 18 : 41 / أبواب أحكام العقود ب5 ح4 ، 6 .

(3) الوسائل 18 : 95 / أبواب أحكام العقود ب35 ح1 .

ــ[126]ــ

يكون الثمن مجهولا والمعاملة غررية ، أو لأنّ الرضا إنما وقع على عقد خاص وهو المعاملة بهذا الشرط الفاسد فإذا انتفى القيد ينتفي المقيّد ، فلا محالة نلتزم بالافساد عند التباني أيضاً فيما إذا قلنا إنه في حكم الشرط الملفوظ ، لأنّ إخراج قسطه من الثمن فيه أيضاً يوجب الجهالة في الثمن ، والرضا بالمعاملة مقيّد باقترانها بالشرط فإذا انتفى ينتفي الرضا ، فلا تشمله الأدلّة لقصور العقد بحسب المقتضي فيفسد العقد عند فساد التباني .

وأمّا إذا كان فساد العقد عند فساد الشرط على خلاف القاعدة ومن جهة دلالة الأخبار على بطلان العقد حينئذ مع كونه تاماً من حيث المقتضي فلنقتصر فيه على مورد النص وهو صورة فساد الاشتراط اللفظي ولا نتعدّى إلى صورة التباني ولو مع القول بأنه في حكم الشرط وأنه واجب الوفاء .

ثمّ لا يخفى أنّ محل الكلام في المقام هو ما إذا تبانيا على الشرط وقد عقدا عليه وإنما لم يتلفّظا به في ضمن العقد فقط ، وأمّا إذا تبانيا قبل العقد ولكنّهما نسياه عند العقد وقد أوقعاه مطلقاً بحسب اللفظ والقصد فلا ينبغي الاشكال في صحة العقد حينئذ وعدم فساده بفساد التباني وإن قلنا إنه في حكم الاشتراط اللفظي أيضاً وذلك لأنّ العقد لم ينعقد مشروطاً بشيء وإنما انعقد على وجه الاطلاق وبلا اشتراط ولو كان بحيث لو التفتا إليه ولم ينسياه لأوقعاه مشروطاً به ولكنه لا يضرّ بانعقاده على وجه الاطلاق عند نسيانه في مقام المعاملة نظير ما ذكرناه في انعقاد عقد الانقطاع دائمياً فيما إذا نسيا ذكر الأجل وعقدا على وجه الدوام فإنه عقد دائمي حينئذ وعليه حملنا ما ورد في الأخبار من أنّ ترك ذكر الأجل في العقد يوجب وقوعه على وجه الدوام وقلنا إنه على وفق القاعدة (لا على ما إذا كانا متذكّرين وتركاه خجلة ونحوها) فصورة نسيان الشرط خارجة عن محل الكلام.

الأمر الرابع : قد استثنوا من حكمهم بافساد الشرط الفاسد ما إذا كان فساد

ــ[127]ــ

الشرط من جهة عدم ترتّب غرض عقلائي على الشرط فإنهم مع التزامهم بفساد الشرط حينئذ التزموا بصحة العقد ، ولعلّ ذلك من جهة أنّ الشارع لما ألغى وجوب الوفاء بتلك الشروط سقطت عن كونها قابلة لتقييد العقد بها فالعقد غير مقيّد بشيء  .

وفي هذا التقريب ما لا يخفى كما أشار إليه شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) وذلك لأنّ التقييدات بحسب الأغراض الشخصية لا تدور مدار التقييد بحسب الأغراض النوعية ، فإذا اشترط في السلم كيلا خاصاً أو وزناً معيّناً مع عدم الفرق بينه وبين غيره ولو بشعيرة فلا محالة يكون هذا خارجاً عن الغرض العقلائي عند العقلاء إلاّ أنه مورد للغرض الشخصي وقد عرفت أنّ معنى الشرط تعليق الالتزام بالالتزام وإن لم يكن ذلك مورداً للغرض العقلائي أيضاً ، وعليه فلابدّ من أحد أمرين .

فإمّا أن نمنع فساد الشرط إذا لم يترتّب عليه غرض عقلائي كما قدّمناه وقلنا إنه لا دليل على اعتبار كون الشرط ممّا له أثر بحسب نظر العقلاء بل عموم أدلّة وجوب الوفاء بالشرط يقتضي عدم الفرق بينه وبين ما ليس فيه غرض عقلائي وعليه فالشرط صحيح والعقد أيضاً تام .

وإمّا أن نلتزم بالافساد في هذا الشرط أيضاً فيما إذا قلنا بفساده ولو من جهة دعوى أنّ العمومات تنصرف إلى الشرط المتعارف عند العقلاء وهو غير ما لا يكون عند العقلاء فيه غرض .

وبالجملة : فلا فرق بين فساد الشرط من جهة عدم ترتّب الغرض العقلائي عليه وبين فساده من سائر الجهات ، إذ في جميعها يكون الالتزام المعاملي مقيّداً بالالتزام بذلك الشرط الفاسد فلو قلنا بافساده نلتزم به في جميع موارده ، كما أنه إذا قلنا بعدم إفساده نلتزم به في جميع موارده .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net