الشرط الخامس : أن يكون المقتول محقون الدم 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6681


ــ[100]ــ

   الشرط الخامس : أن يكون المقتول محقون الدم، فلا قود في القتل السائغ شرعاً ، كقتل سابّ النبيّ

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة الطّاهرين (عليهم السلام) ، وقتل المرتدّ الفطري ولو بعد توبته

والمحارب والمهاجم القاصد للنفس أو العرض أو المال ، وكذا من يقتل بقصاص أو حدّ وغير ذلك .

والضابط في جميع ذلك هو كون القتل سائغاً للقاتل (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

عين صحيح «فقال : إنّ عمد الأعمى مثل الخطأ ، هذا فيه الدية في ماله ، فإن لم يكن له مال فالدية

على الإمام ، ولا يبطل حقّ امرئ مسلم»(1) .

   ثمّ إنّه لا بدّ من حمل المعتبرة على ما إذا لم تكن له عاقلة ، بقرينة صحيحة الحلبي المتقدّمة الدالّة على أ

نّه إذا لم تكن له عاقلة فالدية في ماله . كما أ نّه لا بدّ من تقييد إطلاق ذيل الصحيحة بما إذا كان له مال

، وإلاّ فالدية على الإمام بمقتضى ذيل المعتبرة الدالّ على ذلك .

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ الشهيد الثاني (قدس سره) في المسالك قد رمى الروايتين بضعف
السند(2)، والظاهر أ نّه نظر في رواية الحلبي إلى رواية الشيخ (رحمة الله عليه) ، فإنّ في سندها محمّد بن

عبدالله ، وهو محمّد بن عبدالله بن هلال، الذي لم يرد فيه توثيق ولا مدح في كتب الرجال . وغفل عن

أنّ الصدوق (قدس سره) رواها في الفقيه بسند صحيح .

   وأمّا رواية أبي عبيدة فلا موجب لتضعيفها، غير أنّ في سندها عمّار الساباطي، وهو من أجلّ الثقات

.

   (1) وذلك لأنّ دم المقتول يكون عندئذ هدراً ، ومعه لا موجب للقصاص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 89 /  أبواب القصاص في النفس ب 35 ح 1 .

(2) المسالك 2 : 371 (حجري) .

 
 

ــ[101]ــ

ولا للدية، غاية الأمر أ نّه قد يكون دمه هدراً بالإضافة إلى كلّ شخص، كسابّ النبيّ (صلّى الله عليه

وآله وسلّم) والأئمّة الأطهار (سلام الله عليهم) ، وقد يكون هدراً بالإضافة إلى شخص دون آخر، كما

في موارد قتل المرتدّ الفطري ، وموارد القصاص ونحوهما والمحارب والمهاجم .

   هذا ، مضافاً إلى ورود النصوص الخاصّة بذلك :

   منها : ما ورد في سابّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) الدالّة

على جواز قتله لكلّ أحد ، ومعنى ذلك : أنّ دمه هدر ، وقد تقدّمت تلك الروايات في محلّها (1) .

   ومنها : ما ورد في من قتله الحدّ أو القصاص ، وهو عدّة نصوص :

   منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أ يّما رجل قتله الحدّ أو القصاص فلا دية

له»(2) .

   ومنها : صحيحة أبي العبّاس عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عمّن اُقيم عليه الحدّ ، أيقاد

منه ، أو تؤدّى ديته ؟ «قال : لا ، إلاّ أن يزاد على القود»(3) .

   فإنّها تدلّ على أ نّه لا قود ولا دية في ذلك مطلقاً ، أي سواء أكان قتله من جهة الارتداد أو الزنا أو

اللواط أو قتل النفس المحترمة .

   ومنها : ما ورد في المحارب والمهاجم الدالّ على أنّ دمه هدر ، وقد تقدّمت تلك الروايات أيضاً في

محلّها (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مباني تكملة المنهاج 1 : 320 .

(2) الوسائل 29 : 65 /  أبواب القصاص في النفس ب 24 ح 9 .

(3) الوسائل 29 : 65 /  أبواب القصاص في النفس ب 24 ح 7 .

(4) مباني تكملة المنهاج 1 : 385 .

ــ[102]ــ

   (مسألة 89 ) : المشهور على أنّ من رأى زوجته يزني بها رجل وهي مطاوعة ، جاز له قتلهما ، وهو

لا يخلو عن إشكال ، بل منع (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) يقع الكلام في صورتين :

   الاُولى :  أ نّه إذا ادّعى الزوج أ نّه رأى زوجته تزني فقتلها لذلك من دون أن تكون له بيّنة على

ذاك، ففي هذه الصورة لا إشكال ولا خلاف في ثبوت القود عليه ، وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أ نّه

على طبق القواعد ـ الروايات الآتية .

   الثانية :  أن تكون له بيّنة على ذلك ، ففي هذه الصورة : المعروف والمشهور بين الأصحاب ـ بل لم

يظهر الخلاف في البين ـ أ نّه لا قود عليه ، واستدلّ على جواز قتله وأ نّه لا قود عليه بعدّة روايات :

   منها : رواية سعيد بن المسيّب على رواية الشيخ (قدس سره) ورواية يحيى ابن سعيد بن المسيّب على

رواية الصدوق (قدس سره) : أنّ معاوية كتب إلى أبي موسى الأشعري : أنّ ابن أبي الجسرين وجد

رجلاً مع امرأته فقتله ، فاسأل لي علياً (عليه السلام) عن هذا ، قال أبو موسى : فلقيت علياً (عليه

السلام) فسألته ـ إلى أن قال : ـ «فقال : أنا أبو الحسن ، إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد ،

وإلاّ دفع برمته»(1) .

   ومنها : رواية الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن (عليه السلام) : في رجل دخل دار آخر

للتلصّص أو الفجور ، فقتله صاحب الدار ، أيُقتَل به أم لا؟ «فقال : اعلم أنّ من دخل دار غيره فقد

أهدر دمه ولا يجب عليه شيء»(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 135 /  أبواب القصاص في النفس ب 69 ح2، التهذيب 10 : 314 /

1168 ، الفقيه 4 : 127 / 447.

(2) الوسائل 29 : 70 /  أبواب القصاص في النفس ب 27 ح 2 .

ــ[103]ــ

   ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث «قال : أ يّما رجل اطّلع على قوم

في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقؤوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم . وقال : من اعتدى فاعتدي عليه

فلا قود له»(1) .

   وفيه : أنّ الرواية الاُولى وإن كانت تامّة دلالة إلاّ أ نّها ضعيفة سنداً من عدّة جهات ، فإنّ في سندها

الحصين بن عمرو ، وهو مجهول ، وكذا يحيى بن سعيد ، على أنّ طبقة أحمد بن النضر متأخّرة عن

الحصين بن عمرو فلا يمكن روايته عنه ، فالرواية مرسلة من هذه الجهة ، فلا يمكن الاعتماد عليها .

   وأمّا الرواية الثانية فلأ نّها ضعيفة سنداً ودلالةً ، أمّا سنداً : فلأنّ في سندها عدّة مجاهيل ، وأمّا دلالةً

: فلأنّ موردها دخول دار أحد للفجور أو التلصّص ، فيجوز قتله للدفاع .

   ومن هنا قلنا: إنّه لا يختصّ بالزنا، فلو دخل دار غيره لتقبيل زوجته ـ مثلاً ـ جاز قتله أيضاً، كما أ

نّه لا يختصّ بالزوج ، فلو دخل دار غيره للفجور بابنته أو اُخته ، أو لتقبيلهما ، جاز له قتله ، كما تقدّم

ذلك مفصّلاً (2) .

   وهذا بخلاف مورد كلامنا ، فإنّه فيما إذا لم ينطبق عليه عنوان الدفاع ، فإذن لا يقاس ما نحن فيه

بالموارد المتقدّمة ، فالرواية أجنبيّة عن محلّ الكلام .

   وبذلك يظهر الجواب عن الرواية الثالثة ، فإنّها وإن كانت تامّة سنداً ، إلاّ أ نّها أجنبيّة عمّا نحن فيه ،

فإنّها واردة في مقام الدفاع عن العرض ، وقد تقدّم أ نّه لا شبهة في جواز القتل لأجله(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 68 /  أبواب القصاص في النفس ب 25 ح 7 .

(2) تكملة مباني المنهاج 1 : 421 ـ 423 .

(3) تكملة مباني المنهاج 1 : 423 .

ــ[104]ــ

   فالنتيجة :  أنّ شيئاً من هذه الروايات لا يدلّ على مذهب المشهور .

   على أنّ صحيحة داود بن فرقد، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «إنّ أصحاب رسول

الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قالوا لسعد بن عبادة : أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلاً ما

كنت صانعاً به ؟ قال : كنت أضربه بالسيف، قال : فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

فقال : ماذا يا سعد ؟ فقال سعد : قالوا : لو وجدت على بطن امرأتك رجلاً ما كنت صانعاً به ؟ فقلت

: أضربه بالسيف ، فقال : يا سعد ، فكيف بالأربعة الشهود ؟ فقال : يا رسول الله ، بعد رأي عيني

وعلم الله أن قد فعل ؟ قال : أي والله ، بعد رأي عينك وعلم الله أن قد فعل ، إنّ الله قد جعل لكلّ

شيء حدّاً ، وجعل لمن تعدّى ذلك الحدّ حدّاً»(1) .

   ظاهرة في عدم جواز قتله وأنّ الله تعالى جعل للزنا حدّاً ، وأ نّه لا يجوز قتل الزاني قبل شهادة الأربعة

، فلا يجوز التعدّي عنه ، ومن تعدّى فعليه حدّ .

   فما في الجواهر من أ نّه يمكن أن تكون الصحيحة بياناً للحكم في الظاهر ، وأ نّه لا مانع من قتله في

الواقع ولا إثم عليه(2) .

   لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّه خلاف ظاهر الصحيحة ، فلا يمكن الالتزام به بلا دليل ولا قرينة .

   وأمّا ما في الجواهر أيضاً من نسبة صحيح آخر إلى داود بن فرقد ، وهو ما  كتبه معاوية إلى أبي

موسى (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 14 /  أبواب مقدمات الحدود ب 2 ح 1 .

(2) الجواهر 41 : 369 .

(3) الجواهر 41 : 369 ـ 370 .

ــ[105]ــ

   فالظاهر أ نّه سهو من قلمه الشريف ، حيث إنّ تلك الرواية لم يروها داود ابن فرقد .

   أضف إلى ما ذكرناه : أ نّه لو تمّت دلالة تلك الروايات على جواز القتل فإنّما تتمّ في خصوص قتل

الرجل الزاني ، ولا تدلّ على جواز قتل الزوجة المزني بها .

   نعم ، أرسل الشهيد (قدس سره) في الدروس : «أنّ من رأى زوجته تزني فله قتلهما»(1) .

   وبما أنّ هذه المرسلة لاتوجد في كلام من تقدّم على الشهيد فلا يحتمل استناد المشهور إليها ليقال :

إنّها منجبرة بعمل المشهور ، على أنّ الكبرى ممنوعة . ثمّ إنّ الحكم على تقدير ثبوته يختصّ بحال الزنا،

فلو علم الزوج أنّ رجلاً زنى بزوجته سابقاً لم يجز له قتله ، وذلك لأنّ عمدة الدليل عليه هي رواية ابن

أبي الجسرين المتقدّمة ، وهي لا تدلّ على أزيد من ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 28 : 149 /  أبواب حد الزنا ب 45 ح 2 ، الدروس 2 : 48 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net