لو قامت بيّنة على أنّ شخصاً قتل زيداً عمداً ، وأقرّ آخر بأنّه القاتل دون المشهود عليه 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3937


   (مسألة 108) : لو قامت بيّنة على أنّ شخصاً قتل زيداً عمداً ، وأقرّ آخر أ نّه هو الذي قتله دون

المشهود عليه وأنّه بريء ، واحتمل اشتراكهما في القتل، كان للوليّ قتل المشهود عليه وعلى المقرّ ردّ

نصف الدية إلى وليّ المشهود عليه ، وله قتل المقرّ ، ولكن عندئذ لا يردّ المشهود عليه إلى ورثة المقرّ

شيئاً ، وله قتلهما بعد أن يردّ إلى وليّ المشهود عليه نصف ديته ،

 


ــ[120]ــ

ولو عفا عنهما ورضي بالدية كانت عليهما نصفين (1) . وأمّا إذا علم أنّ القاتل واحد فالظاهر جواز

قتل المقرّ أو أخذ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

والفاضل في بعض كتبه وولده وأبي العباس من وجوب الدية عليهما نصفين(1) ، في غير محلّه .

   (1) بيان ذلك : أنّ في المسألة صوراً :

   الاُولى :  ما إذا علم أولياء المقتول بكذب المقرّ بخصوصه أو بكذب البيّنة كذلك .

   الثانية :  ما إذا احتمل الاشتراك في القتل بينهما .

   الثالثة :  ما إذا علم إجمالاً عدم الاشتراك وأنّ القاتل واحد .

   أمّا الصورة الاُولى :  فهي خارجة عن منصرف الصحيحة الآتية جزماً ، حيث إنّه لا يجوز قتل من

علم ببراءته بمجرّد إقراره أو قيام البيّنة عليه .

   وأمّا الصورة الثانية :  فمقتضى القاعدة فيها جواز قتلهما معاً ، وذلك لأنّ البيّنة التي قامت على أنّ

زيداً قاتل لا تخلو من أن تكون لها دلالة التزاميّة على نفي اشتراك غيره في القتل ، أو لا تكون لها هذه

الدلالة ، وعلى كلا التقديرين فهي لا تنفي اشتراك غيره فيه ، أمّا على الثان : فواضح ، وأمّا على

الأوّل : فلأنّ الدلالة الالتزامية المذكورة تسقط من جهة إقرار غيره بالقتل ، وأمّا إقرار المقرّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ المفيد في المقنعة : 736 ، الشيخ الطوسي في النهاية : 742 ، القاضي في المهذب 2 :

502 ، الفاضل في قواعد الأحكام3: 615 ، ابن الفاضل في إيضاح الفوائد 4 : 608 ، أبو العباس

في المهذب البارع 5 : 202 ـ 204 ، وحكاه عن الصهرشتي وأبي منصور الطبري في الجواهر 42 :

219 .

 
 

ــ[121]ــ

فهو حجّة بالإضافة إلى ما عليه من الآثار ، وأمّا بالإضافة إلى نفي القتل من غيره فلا يكون حجّة .

   فالنتيجة من ضمّ البيّنة إلى الإقرار هي أ نّهما معاً قاتلان على نحو الاشتراك ، فيجري عليهما حكم

الاشتراك في القتل ، غير أنّ وليّ المقتول إذا اقتصّ من المقرّ فقط فليس لورثته أخذ نصف الدية من

المشهود عليه ، وذلك لأجل أخذ المقرّ بإقراره .

   وتدلّ على ذلك أيضاً صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل قتل

فحمل إلى الوالي ، وجاءه قوم فشهد عليه الشهود أ نّه قتل عمداً ، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء

المقتول ليقاد به ، فلم يريموا حتّى أتاهم رجل ، فأقرّ عند الوالي أ نّه قتل صاحبهم عمداً ، وأنّ هذا

الرجل الذي شهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبه فلا تقتلوه به وخذوني بدمه ، قال : «فقال أبو

جعفر (عليه السلام) : إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقرّ على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على

الآخر ، ثمّ لا سبيل لورثة الذي أقرّ على نفسه على ورثة الذي شهد عليه ، وإن أرادوا أن يقتلوا الذي

شهد عليه فليقتلوا ولا سبيل لهم على الذي أقرّ ، ثمّ ليؤدّ الدية الذي أقرّ على نفسه إلى أولياء الذي

شهد عليه نصف الدية» قلت : أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعاً ؟ «قال : ذاك لهم ، وعليهم أن

يدفعوا إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية خاصاً دون صاحبه ثمّ يقتلونهما» قلت : إن أرادوا أن

يأخذوا الدية ؟ قال : «فقال : الدية بينهما نصفان ، لأنّ أحدهما أقرّ والآخر شهد عليه» قلت : كيف

جعلت لأولياء الذي شهد عليه على الذي أقرّ نصف الدية حيث قتل ، ولم تجعل لأولياء الذي أقرّ على

أولياء الذي شهد عليه ولم يقرّ ؟ «فقال : لأنّ الذي شهد عليه ليس مثل الذي أقرّ ، الذي شهد عليه لم

يقرّ ولم يبرّئ صاحبه والآخر أقرّ وبرّأ

ــ[122]ــ

الدية منه بالتراضي .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

صاحبه ، فلزم الذي أقرّ وبرّأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقرّ ولم يبرئ صاحبه»(1) .

   وهذه الصحيحة واضحة الدلالة على حكم هذه الصورة بشقوقها .

   وأمّا الصورة الثالثة :  فالمشهور أنّ الحكم فيها كما في الصورة الثانية ، ولكنّ المحقّق في الشرائع لم

يجزم بذلك حيث قال : وفي قتلهما إشكال ، لانتفاء الشركة ، وكذا في إلزامهما بالدية نصفين ،

والقول بتخيير الولي في أحدهما وجه قوي ، غير أنّ الرواية من المشاهير(2) .

   وذهب إلى التخيير جماعة، منهم : ابن إدريس في السرائر والفاضل في التحرير وولده في الإيضاح

وأبو العبّاس في المهذّب والمقتصر(3) .

   وقال في الجواهر بعد ما اختار مذهب المشهور : بل لعلّ طرحها ـ الصحيحة ـ والعمل بما تقتضيه

القواعد اجتهادٌ في مقابلة النصّ(4) .

   أقول :  الصحيح أ نّه لا مجال لما ذهب إليه المشهور ولا للقول بالتخيير .

   أمّا الأوّل :  فلأنّ الصحيحة إن دلّت على ذلك فإنّما تكون دلالته بالإطلاق ، وكيف يمكن الأخذ به

ورفع اليد عمّا دلّ على عدم جواز قتل المؤمن بغير حقّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 144 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 5 ح 1 .

(2) الشرائع 4 : 228 .

(3) السرائر 3 : 341 ، التحرير 2 : 251 ، إيضاح الفوائد 4 : 609 ، المهذب البارع 5 :

205 ـ 207 ، المقتصر : 432 .

(4) الجواهر 42 : 225 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net