لو قطع كفّاً تامّة من ليس له أصابع أصلاً ، أو ليس له بعضها - حكم ما لو قطع اصبع شخص وسرت الجناية إلى كفّه اتّفاقاً 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4141


ــ[213]ــ

   (مسألة 192) : ذهب جماعة إلى أ نّه لو قطع كفّاً تامّة من ليس له أصابع أصلاً، أو ليس له بعضها،

قطعت كفّه واُخذت منه دية الناقص، وفيه إشكال، والأقرب عدم جواز أخذ الدية (1) ، وأمّا إذا كان

الناقص عضو المجنيّ عليه ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) الحكم المذكور وإن ادّعى الشيخ في الخلاف الإجماع عليه معلّلاً بأ نّه أقرب إلى المثل بعد تعذّر

الصورة(1) ، إلاّ أ نّه لا دليل عليه ، فإنّ الإجماع لم يتمّ ، ولا يوجد دليل آخر .

   هذا ، وعن الشيخ في المبسوط التفصيل بين ما إذا أخذ القاطع دية أصابعه أو استحقّها ، وما إذا

كانت أصابعه مفقودة خلقةً أو بآفة ، فعلى الأوّل كان للمجنيّ عليه أخذ دية الأصابع منه ، وعلى الثاني

لم يستحقّ شيئاً (2) .

   واختار هذا التفصيل ابن فهد في المهذّب البارع والقاضي في الجواهر(3) .

   ومن الغريب أ نّهم استندوا في ذلك إلى رواية سورة بن كليب عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال :

سُئِل عن رجل قتل رجلاً عمداً ، وكان المقتول أقطع اليد اليمنى «فقال : إن كانت قطعت يده في جناية

جناها على نفسه ، أو كان قطع فأخذ دية يده من الذي قطعها ، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا

إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها إن كان أخذ دية يده ويقتلوه ، وإن شاءُوا طرحوا عنه دية يد

وأخذوا الباقي . قال : وإن كانت يده قطعت في غير جناية جناها على نفسه ولا أخذ لها دية قتلوا قاتله

ولا يغرم شيئاً ، وإن شاءُوا أخذوا دية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخلاف 5 : 193 ـ 194 .

(2) المبسوط 7 : 79 ـ 80 .

(3) المهذب البارع 5 : 228 ـ 229 ، جواهر الفقه : 215 ـ 216 .

ــ[214]ــ

كما إذا قطعت يده الناقصة اصبعاً واحدة أو أكثر ، فهل له قطع يد الجاني الكاملة أم لا ؟ فيه أقوال ،

الظاهر أنّ له القطع من دون وجوب ردّ شيء عليه (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

كاملة . قال : وهكذا وجدناه في كتاب عليّ (عليه السلام) »(1) .

   وجه الغرابة ـ مضافاً إلى ضعف الرواية سنداً ، فإنّ سورة بن كليب الواقع في سند الرواية مردّد بين

الأسدي الواقع في أسناد تفسير عليّ بن إبراهيم ، الذي روى عن أبي جعفر (عليه السلام)، وبين

النهدي الذي لم يثبت توثيقه ولا مدحه ، ومضافاً إلى أنّ موردها جناية النفس دون الطرف ، ولا نقول

بالقياس  ـ  : أنّ الرواية أجنبيّة عن المسألة ، فإنّ موردها نقصان يد المقتول دون القاتل ، ومورد

مسألتنا هذه نقصان يد الجاني باصبع أو أصابع .

   فالنتيجة : أ نّه لا دليل على هذا التفصيل ، ولا نصّ في المسألة ، فمقتضى أدلّة القصاص هو الاقتصار

على قطع اليد .

   (1) بيان ذلك : أنّ في المسألة أقوالاً :

   منها :  ما عن الفاضل في القواعد والشهيد الثاني في المسالك ومحكيّ التحرير من أ نّه لا تقطع يد

الجاني، بل تقطع الأصابع منها بمقدار أصابع المجنيّ عليه فحسب، وتؤخذ منه دية الكف حكومةً(2).

   ومنها :  ما عن ابن إدريس من عدم جواز القصاص لفقد المماثلة(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 111 /  أبواب القصاص في النفس ب 50 ح 1 .

(2) القواعد 3 : 633 ، المسالك 2 : 384 (حجري) ، التحرير 2 : 258 (حجري) .

(3) السرائر 3 : 416 .

ــ[215]ــ

   ومنها :  جواز القصاص بقطع اليد بعد ردّ دية الفاضل من الجاني .

   وهذا القول هو المعروف والمشهور بين الأصحاب ، بل عن الغنية دعوى الإجماع عليه(1) .

   واستدلّ على هذا القول برواية الحسين بن العبّاس بن الجريش عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) :

«قال: قال أبو جعفر الأوّل (عليه السلام) لعبدالله بن عبّاس: يابن عبّاس، اُنشدك الله، هل في حكم الله

اختلاف ؟ قال : فقال : لا ، قال : فما تقول في رجل قطع رجل أصابعه بالسيف حتّى سقطت ، فذهب

وأتى رجل آخر فأطار كفّ يده ، فاُتي به إليك وأنت قاض كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع:

أعطه دية كفّه، وأقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت ، وأبعث إليهما ذوى عدل، فقال له: قد جاء

الاختلاف في حكم الله ، ونقضت القول الأوّل ، أبى الله أن يحدث في خلقه شيئاً من الحدود وليس

تفسيره في الأرض ، اقطع يد قاطع الكف أصلاً ، ثمّ أعطه دية الأصابع ، هذا حكم الله»(2) .

   ويمكن الاستدلال على هذا القول أيضاً برواية سورة بن كليب المتقدّمة .

   والصحيح في المقام أن يقال :

   أمّا القول الأوّل :  فهو باطل جزماً ، ضرورة أنّ الأمر في المقام يدور بين أمرين لا ثالث لهما : إمّا أن

نقول بقطع يد الجاني، نظراً إلى إطلاقات أدلّة القصاص كتاباً وسنّةً ، التي تدلّ على ذلك ، من دون

فرق بين اليد الكاملة والناقصة . وإمّا أن لا نقول بقطع يده ، نظراً إلى أنّ اليد الكاملة لا تقطع بالناقصة

. وأمّا قطع أصابعه فحسب وأخذ دية الكف بالحكومة فلا وجه له أصلاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغنية 2 : 410 .

(2) الوسائل 29 : 172 /  أبواب قصاص الطرف ب 10 ح 1 .

ــ[216]ــ

   (مسألة 193) : المشهور أ نّه لو قطع اصبع شخص ، وسرت الجناية إلى كفّه اتّفاقاً ، ثبت القصاص

في الكفّ ، وفيه إشكال ، والأظهر عدم ثبوته (1) ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   وأمّا القول الثاني :  فأيضاً لا وجه له، فإنّ المماثلة إنّما هي بين اليدين، والمفروض أ نّها موجودة، ولا

دليل على اعتبار أزيد من صدق اليد . وعليه ، فالإطلاقات محكّمة ، ولا أثر لوجود النقص في إحداهما

باصبع أو أكثر دون الاُخرى .

   وأمّا القول الثالث :  فهو وإن تمّ بالإضافة إلى القصاص ، لما عرفت من أ نّه مقتضى الإطلاقات، ولا

دليل على التقييد، إلاّ أ نّه غير تامّ بالإضافة إلى وجوب ردّ دية الاصبع الفاضلة في الجاني، وذلك لأنّ

الإجماع في المسألة غير متحقّق .

   وأمّا رواية الحسين بن العبّاس بن الجريش فهي ضعيفة سنداً ، فإنّ في سندها سهل بن زياد، وهو لم

يثبت توثيقه ، والحسين بن الجريش ضعيف جدّاً، على أنّ الرواية مقطوعة البطلان جزماً ، فإن ابن

العبّاس لم يدرك زمان أبي جعفر الأوّل (عليه السلام) .

   وأمّا رواية سورة بن كليب فقد عرفت أ نّها ـ مضافاً إلى ضعف سندها ـ واردة في جناية النفس

دون جناية الطرف ، فلا يمكن قياس المقام بموردها .

   فالنتيجة :  هي ثبوت القصاص بمقتضى الإطلاقات وعدم وجوب ردّ شيء عليه .

   (1) وذلك لما تقدّم من أنّ موضوع القصاص هو الجناية العمديّة(1). والمفروض أنّ السراية لم تكن

مقصودة وأنّ الجناية على الاصبع لم تكن ممّا يوجب السراية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 3 و ص 151 .

ــ[217]ــ

وإنّما له قطع اصبع الجاني وأخذ دية الكفّ منه(1) ، وأمّا إذا تعمّد السراية ، أو كانت الجناية ممّا

تسري عادةً ، فليس له القصاص في الاصبع وأخذ دية الكفّ ، بل هو بالخيار بين القصاص في تمام

الكف وبين العفو وأخذ الدية مع التراضي(2) .
ـــــــــــــــــ

ـــــ

عادةً ، فلم يثبت موضوع القصاص بالإضافة إلى الكفّ . فإذن لا وجه لما عن المشهور من أنّ السراية

توجب القصاص مطلقاً وإن كانت اتّفاقية .

   (1) وفاقاً لما عن الشيخ في موضع من المبسوط(1)، فإنّه إذا لم يثبت القصاص ثبتت الدية لا محالة ،

لأنّ حقّ المسلم لا يذهب هدراً .

   (2) لتحقّق موضوع القصاص حينئذ . وعليه ، فبطبيعة الحال يثبت حقّ القصاص للمجنيّ عليه. وبما

أنّ الجناية واحدة فهو مخيّر بين الاقتصاص والدية مع التراضي، وليس له التبعيض بالاقتصاص من

الأصابع ومطالبة الدية بالإضافة إلى الكفّ .
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المبسوط 7 : 80 ـ 81 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net