فروع \ الأول- الثاني - الثالث 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3918

 

ــ[293]ــ


فـروع

   (الأوّل) : من دعا غيره ليلاً فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتّى يرجع إلى منزله ، فإن فقد ولم

يعرف حاله فعليه ديته (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب ، بل عن الغنية وغاية المرام : الإجماع على ذلك (1) .

   وتدلّ على ذلك صحيحة عمرو بن أبي المقدام ، قال : كنت شاهداً عند البيت الحرام ورجل ينادي

بأبي جعفر الدوانيقي وهو يطوف ويقول : يا أمير المؤمنين ، إنّ هذين الرجلين طرقا أخي ليلاً فأخرجاه

من منزله فلم يرجع إليَّ ، ووالله ما أدري ما صنعا به ، فقال لهما : ما صنعتما به ؟ ـ إلى أن قال : ـ

فقال لأبي عبدالله (عليه السلام) وهو قابض على يده : يا جعفر ، اقض بينهم «فقال : اقض بينهم

أنت» قال : بحقّي عليك إلاّ قضيت بينهم ، قال : فخرج جعفر (عليه السلام) فطرح له مصلى قصب

ـ إلى أن قال : ـ فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : «يا غلام ، اكتب : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، قال

رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كلّ من طرق رجلاً بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلاّ أن

يقيم البيّنة أ نّه قد ردّه إلى منزله . يا غلام ، نحّ هذا الواحد منهما واضرب عنقه» فقال : يابن رسول

الله ، والله ما أنا قتلته ، ولكنّي أمسكته ثمّ جاء هذا فوجأه فقتله «فقال : أنا ابن رسول الله (صلّى الله

عليه وآله وسلّم) ، يا غلام نحّ هذا فاضرب عنقه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغنية 2 : 414 ، لاحظ غاية المرام 4 : 427 ـ 429 .

ــ[294]ــ

للآخر» فقال : يابن رسول الله ، والله ما عذّبته ولكنّي قتلته بضربة واحدة ، فأمر أخاه فضرب عنقه ،

ثمّ أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره ، يضرب كلّ سنة خمسين

جلدة»(1) ، والرواية مطابقة لما في الفقيه .

   وتؤيّدها رواية عبدالله بن ميمون عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو

له ضامن حتّى يرجع إلى بيته»(2) .

   بقي هنا أمران :

   الأوّل :  أ نّه لا إشكال ولا خلاف في ثبوت الدية فيما فقد الخارج ولم يعرف حاله ، كما أ نّه لا

إشكال ولا خلاف في عدم ثبوت القود في فرض عدم وجدانه مقتولاً ، فإنّ الضمان الثابت بمقتضى

الرواية لا يدلّ على ثبوت القود ، وأمّا أمر الإمام (عليه السلام) الغلام بضرب عنق أحد الرجلين فهو

قضيّة في واقعـة ، ولا يبعد كون أمره هذا مقدّمةً لظهور الحال وانكشاف الواقع ، وإلاّ فلا وجه

لاختصاص ضرب العنق بأحدهما ، كما لا وجه لتصدِّيه (عليه السلام) للاقتصاص، فإنّ الاقتصاص حقّ

للوليّ وهو أخ الميّت في مفروض الكلام . وإنّما الإشكال فيما إذا وجد الرجل قتيلاً ، فالمشهور أ نّه لا

قود حينئذ أيضاً ما لم يثبت ببيّنة أو إقرار أنّ القاتل هو المخرج .

   ولكن ذهب العلاّمة في الإرشاد إلى ثبوت القود عندئذ (3) ، ونُسِب ذلك إلى المفيد(4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 51 /  أبواب القصاص في النفس ب 18 ح 1 ، الفقيه 4 : 86 / 279 .

(2) الوسائل 29 : 52 /  أبواب القصاص في النفس ب 18 ح 2 .

(3) الارشاد 2 : 224 .

(4) المقنعة : 746 .

ــ[295]ــ

نعم، إن ادّعى أهل الرجل القتل على الداعي المخرج فقد تقدّم حكمه في ضمن مسائل الدعاوي.

   (الثاني) : أنّ الظئر إذا جاءت بالولد فأنكره أهله صدّقت ما لم يثبت كذبها (1) ، فإن علم كذبها

وجب عليها إحضار الولد ، والمشهور أنّ عليها

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   ولا نعرف له وجهاً ظاهراً ، فإنّ القود لا يثبت إلاّ مع ثبوت القتل من المخرج ، والمفروض ـ في

المقام ـ أ نّه لم يثبت .

   الثاني :  أنّ الخارج إذا وُجِد ميّتاً ولم يكن فيه أثر القتل ، فهل يثبت الضمان على المخرج ؟ فيه

خلاف ، أثبته المحقّق في النافع(1) ، ونفاه في الشرائع(2) .

   والصحيح في المقام هو التفصيل .

   بيان ذلك :  أ نّه إن احتمل استناد الموت إلى المخرج وإن كان لأمر غير ظاهر فالضمان عليه ،

لإطلاق الدليل ، وأمّا إذا علم أ نّه مات حتف أنفه أو بسبب آخر لا يد للمخرج فيه فلا ضمان عليه ،

والرواية منصرفة عنه جزماً .

   (1) بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب .

   وتدلّ على ذلك صحيحة الحلبي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل استأجر ظئراً

فدفع إليها ولده ، فغابت بالولد سنين ثمّ جاءت بالولد وزعمت اُمّه أ نّها لا تعرفه ، وزعم أهلها أ نّهم

لا يعرفونه «فقال : ليس لهم ذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المختصر النافع : 305 .

(2) الشرائع 4 : 259 .

ــ[296]ــ

الدية مع عدم إحضارها الولد ، ووجهه غير ظاهر(1) ، ولو ادّعت الظئر أنّ الولد قد مات

صدّقت(2) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

فليقبلوه، إنّما الظئر مأمونة»(1)، ونحوها صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) (2).

   (1) وذلك لأ نّه لا دليل في المسألة ما عدا دعوى الاتّفاق وعدم الخلاف من الأصحاب ، فعندئذ إن

تمّ إجماع في المسألة فهو، ولكنّه غير تامّ ، لعدم حصول القطع أو الاطمئنان منه بقول المعصوم (عليه

السلام) . فإذن الأقرب هنا عدم ثبوت الدية عليها .

   وأمّا صحيحة سليمان بن خالد الآتية فلا تدلّ على الضمان فيما نحن فيه ، لأنّ موردها خيانة الظئر ،

فلا يمكن التعدّي عنه إلى المقام ، حيث لم تثبت خيانتها ، ومجرّد كذبها لا يوجب خروجها عن عنوان

الأمين ، وعلى فرض خروجها عنه بالكذب لا يمكن الالتزام بالدية بتلك الصحيحة ، وذلك لأنّ ثبوت

الدية في مثل المقام بما أ نّه على خلاف القاعدة فلا بدّ من الاقتصار على موردها ، والمفروض عدم

وجود دليل آخر على الضمان، أمّا اليد فلا أثر لها في المقام، حيث إنّ الحرّ لا يضمن بإثبات اليد عليه ،

والدية مترتّبة على القتل ، وهو غير ثابت .

   ومن هنا يظهر أنّ ما في الجواهر من الاستدلال بفحواها على ثبوت الدية في المقام(3) غريبٌ جدّاً .

   (2) لأ نّها أمينة ، كما تقدّم في صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 266 /  أبواب موجبات الضمان ب 29 ح 2 .

(2) الوسائل 21 : 469 /  أبواب أحكام الأولاد ب 80 ح 1 .

(3) الجواهر 43 : 84 .

ــ[297]ــ

   (الثالث) : لو استأجرت الظئر امرأة اُخرى ودفعت الولد إليها بغير إذن أهله ، فجهل خبره ، ولم

تأت بالولد ، فعليها دية كاملة (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) تدلّ على ذلك صحيحة سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل

استأجر ظئراً فدفع إليها ولده ، فانطلقت الظئر فدفعت ولده إلى ظئر اُخرى فغابت به حـيناً ، ثمّ إنّ

الرجل طلب ولده من الظئر التي كان أعطاها ابنه فأقرّت أ نّها استأجرته وأقرّت بقبضها ولده ، وأ نّها

كانت دفعته إلى ظئر اُخرى «فقال (عليه السلام) : عليها الدية أو تأتي به»(1) .

   وصحيحته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل استأجر ظئراً فأعطاها

ولده، وكان عندها، فانطلقت الظئر واستأجرت اُخرى فغابت الظئر بالولد، فلايدري ما صنعت به «

قال (عليه السلام): الدية كاملة»(2) ، ومثلها صحيحة ابن مسكان وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله

(عليه السلام)(3).

   ثمّ إنّه لا إشكال في ثبوت الحكم فيما إذا لم يكن موت الولد وحياته معلوماً ، لإطلاق الروايات ،

وأمّا إذا علم موته فالظاهر أيضاً ثبوت الحكم ، لإطلاق الصحيحة ، بل لا يبعد أن يكون ثبوت الدية

في هذا الفرض أولى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 21 : 469 /  أبواب أحكام الأولاد ب 80 ح 2 .

(2) الوسائل 29 : 267 /  أبواب موجبات الضمان ب 29 ح 3 .

(3) الوسائل 29 : 267 /  أبواب موجبات الضمان ب 29 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net