دية أعضاء المرأة والذمّي والعبد - معاقلة المرأة الرجل إلى ثلث الدية 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7456


   (مسألة 308) : كلّ ما كان من أعضاء الرَّجُل فيه دية كاملة كالأنف واليدين والرجلين ونحو ذلك ، كان فيه من المرأة ديتها ، وكل ما كان فيه نصف الدية كإحدى اليدين ففي المرأة نصف ديتها (3) ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الذمّي ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــ
   (3) بلا خلاف بين الأصحاب ، بل الإجماع بقسميه عليه ، وتدلّ على ذلك الروايات المتقدّمة الدالّة على أنّ كلّ ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية كاملة وكلّ ما كان فيه منه اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية ، بضميمة ما دلّ على أنّ دية المرأة نصف دية الرجل ، فإنّ مقتضى إطلاق هذه الروايات هو أنّ في قطع أنف المرأة أو يديها أو رجليها وما شاكل ذلك تمام ديتها وهي نصف دية الرجل، وفي قطع إحدى يديها أو رجليها نصف ديتها ، وتدلّ على ذلك أيضاً الروايات الآتية الدالّة على أنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف .


ــ[394]ــ

فلو قطعت إحدى يدي الذمّي ففيه نصف ديته ، وفي الذمّيّة نصف ديتها (1) ، وكذا الحال في العبد ، فلو قطع إحدى يدي العبد كان فيه نصف قيمته (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) من دون خلاف بين الأصحاب .

   وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى الإطلاقات المتقدّمة ، بضميمة ما دلّ على أنّ دية الذمّي ثمانمائة درهم في الذكور وأربعمائة في الاُناث ـ صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : لا يقاد مسلم بذمّي في القتل ولا في الجراحات ، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمّي على قدر دية الذمّي : ثمانمائة درهم»(1) .

   فإنّ مقتضى إطلاق تلك الروايات وصحيحة محمّد بن قيس هو أنّ في قطع أنف الذمّي أو يديه أو ما شاكل ذلك تمام ديته وهو ثمانمائة درهم ، وفي الذمّيّة تمام ديتها وهو أربعمائة درهم ، وفي قطع إحدى يدي الذمّي أو رجليه نصف ديته وهو أربعمائة درهم ، وفي الذمّيّة نصف ديتها وهو مائتا درهم .

   (2) بلا خلاف بين الفقهاء .

   وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى الإطلاقات السابقة ـ معتبرة السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) «قال : جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن»(2) .

   ومعتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أنف العبد أو ذكره أو شيء يحيط بقيمته أ نّه يؤّدي إلى مولاه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 108 /  أبواب القصاص في النفس ب 47 ح 5 .

(2) الوسائل 29 : 168 /  أبواب قصاص الطرف ب 5 ح 1 .

ــ[395]ــ

   (مسألة 309) : كلّ جناية كانت فيها دية مقدّرة شرعاً سواء أكانت بقطع عضو أو كسره أو جرحه أو زوال منفعته ، فإن كانت الدية أقلّ من ثلث دية الرجل فالمرأة تعاقله فيها (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قيمة العبد ويأخذ العبد»(1) .

   فإنّ مقتضى إطلاق المعتبرة الاُولى والثانية أنّ في قطع أنف العبد أو يديه تمام قيمته فإنّها ديته ، وفي قطع إحدى يديه أو رجليه نصف قيمته .

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك عدّة نصوص :

   منها : صحيحة أبان بن تغلب ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما تقول في رجل قطع اصبعاً من أصابع المرأة ، كم فيها ؟ «قال : عشرة من الإبل» قلت : قطع اثنين «قال : عشرون» قلت : قطع ثلاثاً «قال : ثلاثون» قلت : قطع أربعاً «قال : عشرون» قلت : سبحان الله ، يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون ! إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ونقول : الذي جاء به شيطان «فقال : مهلاً يا أبان ، هذا حكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : انّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست مُحِق الدين»(2) .

   ومنها : معتبرة سماعة، قال: سألته عن جراحة النساء «فقال: الرجال والنساء في الدية سواء حتّى تبلغ الثلث، فإذا جازت الثلث فإنّها مثل نصف دية الرجل»(3).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 388 /  أبواب ديات الشجاج والجراح ب 8 ح 3 .

(2) الوسائل 29 : 352 /  أبواب ديات الأعضاء ب 44 ح 1 .

(3) الوسائل 29 : 352 /  أبواب ديات الأعضاء ب 44 ح 2 .

ــ[396]ــ

وإن كان بقدر الثلث أو أزيد صارت دية المرأة نصف دية الرجل (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ «قال: جراحات الرجال والنساء سواء، سنّ المرأة بسنّ الرجل، وموضحة المرأة بموضحة الرجل، واصبع المرأة باصبع الرجل، حتّى تبلغ الجراحـة ثلث الدية، فإذا بلغت ثلث الدية ضعفت دية الرجل على دية المرأة»(1).

   (1) الكلام في ذلك يقع في مقامين :

   الأوّل :  فيما إذا كانت الدية المقدّرة أزيد من ثلث دية الرجل .

   الثاني :  فيما إذا كانت بمقداره .

   أمّا المقام الأوّل :  فالظاهر أ نّه لا خلاف فيه بين الأصحاب وأنّ دية المرأة ترجع إلى النصف .

   وتدلّ على ذلك جملة من الروايات وقد تقدّم بعضها .

   ومنها : معتبرة ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قطع اصبع امرأة «قال : تقطع اصبعه حتّى تنتهي إلى ثلث الدية ، فإذا جاز الثلث كان في الرجل الضعف»(2) ، والرواية مطابقة لما في الكافي .

   ومنها : صحيحة الحلبي ، قال: سُئِل أبو عبدالله (عليه السلام) عن جراحات الرجال والنساء في الديات والقصاص السنّ بالسنّ والشجّة بالشجّة والاصبع بالاصبع سواء، حتّى تبلغ الجراحات ثلث الدية ، فإذا جازت الثلث صيرت دية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 163 /  أبواب قصاص الطرف ب 1 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 164 /  أبواب قصاص الطرف ب 1 ح 4 ، الكافي 7 : 301 / 14 .

ــ[397]ــ

الرجال في الجراحات ثلثي الدية ، ودية النساء ثلث الدية (1) .

   وأمّا المقام الثاني :  فالمعروف والمشهور فيه بين الأصحاب : أنّ المرأة تعاقل الرجل إلى الثلث ، فإذا بلغت الثلث رجعت دية المرأة إلى النصف من دية الرجل .

   وخالف في ذلك جماعة ـ منهم : الشيخ (قدس سره) في النهاية وصاحب الرياض(2) ـ وقالوا : إنّ جراحات المرأة تساوي جراحات الرجل ما لم تتجاوز ثلث الدية ، فإذا جازت رجعت دية المرأة إلى النصف .

   أقول : الصحيح ما هو المشهور بين الأصحاب ، وذلك لأنّ الروايات الواردة في المقام على طائفتين :

   إحداهما :  تدلّ على أنّ المرأة تساوي الرجل إلى الثلث ، فإذا زادت عليه رجعت دية المرأة إلى النصف .

   وثانيتهما :  تدلّ على أ نّها تساوي الرجل فيما دون الثلث ، فإذا بلغت الثلث رجعت دية المرأة إلى النصف .

   فمورد المعارضة بين الطائفتين هو ما إذا بلغت الدية الثلث ، فإنّ مقتضى الطائفة الاُولى : عدم رجوع دية المرأة إلى النصف ، ومقتضى الطائفة الثانية : رجوعها إلى النصف ، وحيث لا مرجّح في البين لتقديم إحداهما على الاُخرى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 165 /  أبواب قصاص الطرف ب 1 ح 6 ، وفي الكافي 7 : 300 / 8 ، والتهذيب 10 : 185/ 726 ، والوسائل المحقق جديداً «سُئِل أبو عبدالله (عليه السلام) عن جراحات الرجال والنساء في الديات والقصاص سواء ؟ فقال : الرجال والنساء في القصاص السن بالسن ... » .

(2) النهاية : 773 ، الرياض 2 : 559 (حجري) .

ــ[398]ــ

فتسقطان معاً .

   فالمرجع هو إطلاق صحيحة أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : جراحات النساء على النصف من جراحات الرجال في كلّ شيء»(1) .

   فإنّ مقتضاه اختصاص تساوي المرأة مع الرجل في ما دون الثلث دون الزائد عليه .

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ هذا الحكم هل يختصّ بما إذا كان الجاني على المرأة رجلاً أو يعمّ ما إذا كان امرأة ؟

   فيه قولان ، المعروف والمشهور بين الأصحاب هو القول الثاني .

   ومال إلى القول الأوّل المحقّق الأردبيلي (قدس سره)(2) ، بتقريب : أنّ مورد روايات الباب هو ما إذا كان الجاني رجلاً ، فالتعدّي عنه إلى غيره من الموارد يحتاج إلى دليل . وعليه ، فإذا كان الجاني على المرأة امرأة فالدية من الأوّل على النصف من دية الرجل ، فلو قطعت المرأة اصبع امرأة ففيه خمس من الإبل ، وهكذا .

   ومن هنا استشكل العلاّمة (قدس سره) في القواعد في التعميم(3) .

   أقول :  الصحيح ما هو المشهور والمعروف بينهم ، وذلك لأنّ مورد أكثر الروايات وإن كان كذلك إلاّ أنّ فيها ما يكون مطلقاً من هذه الناحية ، كمعتبرة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : جراحات المرأة والرجل سواء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 384 /  أبواب ديات الشجاج والجراح ب 3 ح 2 .

(2) مجمع الفائدة والبرهان 14 : 471 ـ 472 .

(3) القواعد 3 : 691 .

ــ[399]ــ

إلى أن تبلغ ثلث الدية ، فإذا جاز ذلك تضاعفت جراحة الرجل على جراحة المرأة ضعفين»(1) ، فإنّ مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين كون الجاني رجلاً أو امرأة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 383 /  أبواب ديات الشجاج والجراح ب 3 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net