دية الحمل لو كان نطفة أو علقة أو مضغة أو نشأ عظم أو كُسي لحم أو ولجته الروح إن كان ذكراً أو اُنثى 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5173


ــ[490]ــ


فصل

في دية الحمـل

   (مسألة 379) : إذا  كان الحمل نطفة فديته عشرون ديناراً ، وإن كان علقة فأربعون ديناراً ، وإن كان مضغة فستّون ديناراً ، وإن نشأ عظم فثمانون ديناراً ، وإن كسي لحماً فمائة دينار ، وإن ولجته الروح فألف دينار إن كان ذكراً ، وخمسمائة دينار إن كان اُنثى (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، بل في الانتصار والغنية ومحكيّ السرائر والمبسوط الإجماع
عليه(1).

   وتدلّ على ذلك معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال : جعل دية الجنين مائة دينار وجعل منيّ الرجل إلى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء ، فإذا كان جنيناً قبل أن تلجه الروح مائة دينار ، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ خلق الإنسان من سلالة وهي النطفة فهذا جزء ، ثمّ علقة فهو جزءان ، ثمّ مضغة فهو ثلاثة أجزاء، ثمّ عظماً فهو أربعة أجزاء، ثمّ يكسا لحماً فحينئذ تمّ جنيناً فكملت لخمسة أجزاء مائة دينار، والمائة دينار خمسة أجزاء، فجعل للنطفة خمس المائة : عشرين ديناراً ، وللعلقة خمسي المائة : أربعين ديناراً، وللمغضة ثلاثة أخماس المائة : ستّين ديناراً ، وللعظم أربعة أخماس المائة : ثمانين ديناراً ، فإذا كسا اللحم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الانتصار : 532/ 296، الغنية 2 : 415، السرائر 3: 416 ، المبسوط 7: 193 ـ 194 .

ــ[491]ــ

كانت له مائة كاملة ، فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكراً ، وإن كان اُنثى فخمسمائة دينار ، وإن قتلت امرأة وهي حبلى متمّ فلم يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أو اُنثى ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصفين : نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى ، ودية المرأة كاملة بعد ذلك ، وذلك ستّة أجزاء من الجنين . وأفتى (عليه السلام) في منيّ الرجل يفرغ (يفزع) عن عرسه فيعزل عنها الماء ولم يرد ذلك نصف خمس المائة : عشرة دنانير ، وإذا أفرغ فيها عشرين ديناراً ، وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الذكر والاُنثى والرجل والمرأة كاملة ، وجعل له في قصاص جراحته ومعقلته على قدر ديته وهي مائة دينار (1) .

   وتؤيّد ذلك عدّة روايات :

   منها : رواية سليمان بن صالح عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «في النطفة عشرون ديناراً ، وفي العلقة أربعون ديناراً ، وفي المضغة ستّون ديناراً، وفي العظم ثمانون ديناراً ، فإذا كسى اللحم فمائة دينار، ثمّ هي ديته حتّى يستهلّ، فإذا استهلّ فالدية كاملة»(2)، وقريب منها رواية سعيد بن المسيّب(3).

   وفي مقابل هذه المعتبرة المؤيّدة بما ذكر عدّة روايات تدلّ على خلافها في الجملة :

   منها : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يضرب المرأة فتطرح النطفة «فقال : عليه عشرون ديناراً» فقلت : يضربها فتطرح العلقة «فقال : عليه أربعون ديناراً»  فقلت : فيضربها فتطرح المضغة «فقال :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 312 /  أبواب ديات الأعضاء ب 19 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 313 /  أبواب ديات الأعضاء ب 19 ح 3 .

(3) الوسائل 29 : 316 /  أبواب ديات الأعضاء ب 19 ح 8 .

ــ[492]ــ

عليه ستّون ديناراً» فقلت: فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم «فقال: عليه الدية كاملة» الحديث(1).

   ومنها : صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها «قال : إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشقّ له السمع والبصر فإنّ عليها دية تسلّمها إلى أبيه» الحديث(2) .

   وأفتى بمضمونها العماني(3) .

   ولكنّ الصحيح هو القول المشهور ، وذلك لأنّ معتبرة ظريف نصّ في أنّ دية العظم إذا كسا اللحم ولم تلجه الروح مائة دينار ، وهاتان الصحيحتان ظاهرتان في أنّ فيه الدية كاملة بالإطلاق فنرفع اليد عنه بنصّ المعتبرة ونقيّده بما إذا ولجته الروح .

   بقي هنا شيء :  وهو أ نّه قد وردت عدّة روايات في أنّ دية الجنين : الغُرّة ـ  العبد أو الأمة  ـ وهي على طوائف ثلاث :

   الاُولى :  ما دلّ على أنّ الدية غرّة تعييناً ، وهي عدّة روايات :

   منها : صحيحة داود بن فرقد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : جاءت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنيناً ، فقال الأعرابي : لم يهلّ ولم يصح ومثله يطل ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اسكت سجاعة ، عليك غرّة وصيف عبد أو أمة»(4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 314 /  أبواب ديات الأعضاء ب 19 ح 4 .

(2) الوسائل 29 : 318 /  أبواب ديات الأعضاء ب 20 ح 1 .

(3) حكاه عنه في المختلف 9 : 411 .

(4) الوسائل 29 : 319 /  أبواب ديات الأعضاء ب 20 ح 2 .

ــ[493]ــ

   ومنها: معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: قضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في جنين الهلاليّة حيث رميت بالحجر فألقت ما في بطنها ميّتاً فإنّ عليه غرّة عبد أو أمة»(1) .

   ومنها : صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «أنّ رجلاً جاء إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد ضرب امرأة حبلى فأسقطت سقطاً ميّتاً فأتى زوج المرأة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاستعدى عليه ، فقال الضارب : يا رسول الله ، ما أكل ولا شرب ولا استهلّ ولا صاح ولا استبشّ (استبشر)، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنّك رجل سجاعة، فقضى فيه رقبة»(2) .

   فهذه الروايات تدلّ بإطلاقها على أنّ دية الجنين الغرّة ، سواء أولجت فيه الروح أم لم تلج ، ولأجل ذلك تكون معارضة للروايات المتقدّمة التي تدلّ على التفصيل بين الصورتين، فتحمل هذه الطائفة على التقيّة من جهة موافقتها للعامّة .

   هذا ، ولكنّ الشيخ الطوسي (قدس سره) قد حمل الجنين في هذه الروايات على ما لم تتمّ خلقته كالعلقة والمضغة(3) ، بقرينة صحيحة أبي عبيدة الآتية .

   وفيه : أ نّه لا وجه لهذا الحمل بعد ظهور الجنين فيما تمّت خلقته ، ولا سيّما مع فرض سقوطه ميّتاً كما في بعض تلك الروايات ، والصحيحة لا تصلح أن تكون قرينة على ذلك كما سيأتي بيانه .

   الطائفة الثانية :  ما دلّ على أنّ الدية غرّة أو أربعين درهماً في خصوص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 319 /  أبواب ديات الأعضاء ب 20 ح 3 .

(2) الوسائل 29 : 319 /  أبواب ديات الأعضاء ب 20 ح 4 .

(3) التهذيب 10 : 287 / ذيل حديث 1112 ، الاستبصار 4 : 301 / ذيل حديث 1129 .

ــ[494]ــ

العلقة أو المضغة ، وهي صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها «قال : إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشقّ له السمع والبصر فإنّ عليها دية تسلّمها إلى أبيه . قال : وإن كان جنيناً علقة أو مضغة فإنّ عليها أربعين ديناراً أو غرّة تسلّمها إلى أبيه» الحديث(1) .

   فإنّها تدلّ على أنّ دية العلقة أو المضغة غرّة أو أربعون ديناراً تخييراً .

   أقول :  إنّ الصحيحة لا يمكن الأخذ بها لا صدراً ولا ذيلاً :

   أمّا من جهة الصدر : فلأ نّه ظاهر في لزوم تمام الدية وهو ألف دينار فيما تمّت خلقته وإن لم تلج الروح فيه ، ولا سيّما بقرينة أ نّه جعل ذلك مقابل العلقة أو المضغة ، وهذا مقطوع البطلان ولم يذهب إليه أحد لا من العامّة ولا منّا إلاّ العماني كما تقدّم .

   وأمّا من جهة الذيل : فلأنّ ظاهره هو أنّ دية العلقة أو المضغفة مخيّرة بين الغرّة وأربعين ديناراً ، وهذا لم يقل به أحد لا من العامّة ولا من الخاصّة .

   وبذلك يظهر أنّ هذه الصحيحة غير صالحة لأن تكون قرينة على حمل الروايات السابقة على العلقة أو المضغة .

   الطائفة الثالثة :  ما دلّ على أنّ الغرّة دية تخييراً فيما كان الجنين في شرف الولادة ، وهي صحيحة أبي عبيدة والحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سُئِل عن رجل قتل امرأة خطأً وهي على رأس ولدها تمخض «فقال : خمسة آلاف درهم، وعليه دية الذي في بطنها وصيف أو وصيفة أو أربعون ديناراً»(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 318 /  أبواب ديات الأعضاء ب 20 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 320 /  أبواب ديات الأعضاء ب 20 ح 6 .

ــ[495]ــ

   أقول :  إنّ ظاهر هذه الصحيحة هو التخيير بين هذه الاُمور الثلاثة ، وهو مقطوع البطلان ، حيث لا قائل به لا من العامّة ولا من الخاصّة .

   وقد حملها الشيخ على ما لم تتمّ خلقته .

   وفيه ـ مضافاً إلى ما تقدّم في صحيحة أبي عبيدة ـ  : أ نّه بعيد جدّاً ، نظراً إلى أنّ قوله : وهي على رأس ولدها تمخض ، ظاهر في وضع الحمل التامّ بعد ولوج الروح فيه ، وهذه قرينة اُخرى على أ نّه لا يمكن الالتزام بها ، لما تقدّم من أنّ ديته ألف دينار ، فكيف يمكن أن تكون ديته أربعين ديناراً .

   فالنتيجة :  أ نّه لا بدّ من طرح هذه الرواية وردّ علمها إلى أهله .

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ المحقّق الأردبيلي (قدس سره) قد ناقش فيما ذكره الأصـحاب من أنّ دية الجنين إذا تمّ ولم تلجه الروح مائة دينار (1) ، وحاصل مناقشته : هو أنّ هذا الإطلاق في غير محلّه وأ نّه لا بدّ من التفصيل بين ما كان الجنين ذكراً وما كان اُنثى ، فعلى الأوّل : ديته مائة دينار ، وعلى الثاني : خمسون ديناراً، ويستفاد ذلك من أخبار الباب ، نظراً إلى أ نّه جعل فيها دية المرأة نصف دية الرجل ودية الجنين التامّ إذا  كان ذكراً نصف خمس دية الذكر وهو مائة دينار ، وإذا كان اُنثى نصف خمس دية الاُنثى وهو خمسون ديناراً ، وإليه أشار بقوله (عليه السلام) في معتبرة ظريف : وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة ، إلخ .

   أقول :  الصحيح هو ما ذكره الأصحاب كما تقدّم ، فإنّ قوله (عليه السلام) في معتبرة ظريف «فإذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة» إذا ضُمّ إليه قوله (عليه السلام) فيها: «فإذا اُنشئ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجمع الفائدة والبرهان 14 : 324 ـ 327 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net