تبصرة : في كيفية تأثير الصلاة في الانتهاء عن الفحشاء 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4784

 

تبصرة

إذا لم يعقل جامع بين الأفراد الصحيحة فما هو المؤثر في النهي عن الفحشاء والمنكر ؟

والجواب عنه : هو أنّ حديث كيفية تأثير الصلاة في الانتهاء عن الفحشاء

ــ[177]ــ

والمنكر يمكن أن يكون بأحد وجهين :

الأوّل : أنّ الصلاة باعتبار أجزائها المختلفة كمّاً وكيفاً ، مشتملة على أرقى معاني العبودية والرقية ، ولأجل ذلك تصرف النفس عن جملة من المنكرات وتؤثر في استعدادها ، للانتهاء عنها من جهة مضادة كل جزء من أجزائها لمنكر خاص ، فانّ المصلي الملتفت إلى وجود مبدأ ومعاد إذا قرأ قوله تعالى (الْحَمْدُ للهِِ رَبِّ ا لْعَالَمِينَ ) التفت إلى أنّ لهذه العوالم خالقاً هو ربّهم ، وهو رحمن ورحيم ، وإذا قرأ قوله تعالى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) التفت إلى أنّ الله يسأل عمّا ارتكبه من القبائح ويجازي عليه في ذلك اليـوم ، وإذا قرأ قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) التفت إلى أنّ العبادة والاستعانة منحصرتان به تعالى وتقدس ، ولا يصلح غيره للعبادة والاستعانة .

وإذا قرأ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ ا لْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ ا لَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ا لْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) التفت إلى أنّ طائفة قد خالفوا الله وعصوه عناداً ، ولأجله وقع عليهم غضبه تعالى وسخطه، أو أ نّهم خالفوه بغير عناد فصاروا من الضالِّين .

وهناك طائفة اُخرى قد أطاعو الله ورسوله فوقعوا في مورد نعمائه تعالى ورضاه ، ففاتحة الكتاب بمجموع آياتها تكون عبرة وعظة للمصلين الملتفتين إلى معاني هذه الآيات ، ثمّ إذا وصل المصلي إلى حدّ الركوع والسجود فركع ثمّ سجد ، التفت إلى عظمة مقام ربّه الجليل ، وأنّ العبد لا بدّ أن يكون في غاية تذلل وخضوع وخشوع إلى مقامه الأقدس ، فانّهما حقيقة العبودية وأرقى معناها ، ومن هنا كانت عباديتهما ذاتية .
ومن هنا كان في الركوع والسجود مشقة على العرب في صدر الاسلام ، فالتمسوا النبي (صلّى الله عليه وآله) أن يرفع عنهم هذا التكليف ويأمرهم بما شاء ، وذلك لتضادهما الكبر والنخوة ، وبما أنّ الصلاة تتكرر في كل يوم وليلة

ــ[178]ــ

عدّة مرّات ، فالالتفات إلى معانيها في كل وقت اُتي بها لا محالة تؤثر في النفس وتصرفها عن الفحشاء والمنكر .

الثاني : أنّ الصلاة باعتبار أ نّها مشروطة بعدّة شرائط فهي لا محالة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فانّ الالتزام باباحة المكان واللباس وبالطهارة من الحدث والخبث مثلاً ، يصرف المكلف عن كثير من المحرمات الإلهية .

وقد نقل عن بعض السلاطين أ نّه كان يمتنع عن شرب الخمر لأجل الصلاة ، وكيف ما كان فالصلاة باعتبار هاتين الجهتين ناهية عن عدّة من المنكرات لا محالة .

فتلخّص : أنّ تأثير الصلاة في النهي عن الفحشاء باعتبار هاتين الجهتين واضح ، هذا تمام الكلام في المقام الأوّل .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net