نشوء النهي عن مفسدة في المتعلق لا المصلحة في الترك 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4563


وعلى الرابع المطلوب هو ذلك العنوان البسيط، وأمّا التروك الخارجية فهي محصّلة له، فيكون حاله من هذه الجهة حال الصورة الرابعة.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ مردّ هذه الصور الأربع جميعاً إلى إيجاب الترك، كما أنّ مردّ الصور الأربع الاُولى إلى إيجاب الفعل، ولا يرجع شيء من تلك الصور إلى المنع عن الفعل وحرمته واقعاً، وإن فرض ورود الدليل عليه بصورة النهي، والوجه في ذلك واضح، وهو ما ذكرناه من أنّ النهي عن شيء ينشأ عن اشتماله على مفسدة لزومية وهي تدعو المولى إلى اعتبار حرمان المكلف عنه، ولا ينشأ عن مصلحة كذلك في تركه، وإلاّ لزم أن يكون تركه واجباً لا أن يكون فعله

ــ[306]ــ

حراماً، ضرورة أ نّه لا مقتضي لاعتبار حرمان المكلف عنه أصلاً بعد ما لم تكن فيه مفسدة أصلاً، بل اللاّزم عندئذ هو اعتبار تركه في ذمته من جهة اشتماله على مصلحة ملزمة. وهذا بخلاف النهي الوارد في المقام، فانّه غير ناش عن مفسدة في الفعل، بداهة أ نّه لا مفسدة فيه أصلاً، بل نشأ عن قيام مصلحة في تركه، وهي داعية إلى إيجابه واعتباره في ذمّة المكلف.
وبكلمة واضحة: أنّ المولى كما يعتبر الفعل على ذمّة المكلف باعتبار اشتماله على مصلحة إلزامية ويبرزه في الخارج بمبرز كصيغة الأمر أو ما شاكلها، قد يعتبر الترك على ذمته باعتبار قيام مصلحة لزومية فيه ويبرزه في الخارج بمبرز ما، سواء أكان إبرازه بقول أم بفعل، وسواء أكان بصيغة الأمر وما شـابهها أم بصيغة النهي، ضرورة أنّ اختلاف أنحاء المبرز ـ بالكسر ـ لا يوجب الاختلاف في المبرز ـ بالفتح ـ أصلاً فانّه واحد ـ وهو اعتبار المولى الترك في ذمته ـ كان مبرزه قولاً أو فعلاً، كان بصيغة الأمر أو النهي، وهذا واضح.
ونتيجة ذلك هي أنّ الأمر ناش عن قيام مصلحة إلزامية في متعلقه، سواء أكان متعلقه فعل شيء أم تركه، كما أنّ النهي ناش عن قيام مفسدة إلزامية في متعلقه كذلك، والسر فيه ما عرفت من أنّ حقيقة الأمر هو اعتبار المولى الشيء على ذمّة المكلف من جهة وجود مصلحة ملزمة فيه، ومن المعلوم أ نّه لا يفرق بين اعتباره فعل شيء على ذمته أو تركه، كما أ نّه لا يفرق بين أن يكون مبرز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج فعلاً أو قولاً. وحقيقة النهي اعتباره حرمان المكلف عن الشيء باعتبار وجود مفسدة ملزمة فيه، ومن الواضح جداً أ نّه لا يفرق بين اعتباره حرمانه عن فعل شيء أو اعتباره حرمانه عن ترك شيء.
وقد تحـصّل من ذلك: أنّ هذا هو الميزان الأساسي لتمييز حقيقة النهي عن

ــ[307]ــ

حقيقة الأمر، وليست العبرة في ذلك بالمبرز ـ بالكسر ـ أصلاً، ضرورة أ نّه لا شأن له ما عدا إبرازه عن واقع الأمر وواقع النهي ولا خصوصية له أبداً.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net