اجتماع الأمر والنهي \ الجهة الاُولى 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5869


ــ[360]ــ
 

اجتماع الأمر والنهي

ها هنا جهات من البحث:
الاُولى: أنّ عنوان النزاع في هذه المسألة على ما حرّره الأصحاب قديماً وحديثاً يوهم كون النزاع فيها كبروياً، بمعنى أنّ موضوع المسألة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ومحمولها الجواز أو الامتناع، بمعنى أنّ القائلين بجواز الاجتماع يدّعون أ نّه لا مانع من اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد، بدعوى أ نّه لا مضادة بينهما ومعه لا مانع من اجتماعهما فيه. والقائلين بالامتناع يدّعون استحالة اجتماعهما فيه، بدعوى وجود المضادة بينهما، وعليه فمردّ النزاع في المسألة إلى دعوى المضادة بين الأحكام الشرعية بعضها مع بعض وعدم المضادة، فعلى الأوّل لا مناص من القول بالامتناع، وعلى الثاني لا بدّ من القول بالجواز.
والتحقيق: أنّ النزاع في هذه المسألة لا يعقل أن يكون كبروياً، بداهة استحالة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد مطلقاً، حتّى عند من يجوّز التكليف بالمحال كالأشعري، وذلك لأنّ اجتماعهما في نفسه محال، لا أ نّه من التكليف بالمحال، ضرورة استحالة كون شيء واحد محبوباً ومبغوضاً للمولى معاً على جميع المذاهب والآراء فما ظنّك بغيره.
وعلى الجملة: فلا شبهة في استحالة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد، حتّى عند القائل بجواز الاجتماع في المسألة، فانّه إنّما يقول به بملاك أنّ تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون، وأمّا مع فرض وحدته فلا يقول بالجواز أصلاً.

 
 

ــ[361]ــ

فإذن لا نزاع في الكبرى، والنزاع في المسألة إنّما هو في الصغرى.
وبيان ذلك: هو أنّ الأمر إذا تعلق بطبيعة كالصلاة مثلاً، والنهي تعلق بطبيعة اُخرى كالغصب مثلاً وقد اتّفق في الخارج انطباق الطبيعتين على شيء واحد ـ وهو الصلاة في الأرض المغصوبة ـ فعندئذ يقع الكلام في أنّ النهي المتعلق بطبيعة الغصب، هل يسري منها إلى ما تنطبق عليه طبيعة الصلاة المأمور بها في الخارج أم لا؟ ومن الواضح جداً أنّ سراية النهي من متعلقه إلى متعلق الأمر ترتكز على نقطة واحدة، وهي اتحاد المجمع وكونه موجوداً بوجود واحد، كما أنّ عدم السراية ترتكز على تعدد المجمع وكونه موجوداً بوجودين.
فالنتيجة: هي أنّ مركز النزاع في هذه المسـألة ونقطة الخلاف فيها بين الأعلام والمحققين إنّما هي في أنّ المجمع لمتعلقي الأمر والنهي كالصلاة في الأرض المغصوبة مثلاً في مورد التصادق والاجتماع، هل هو موجود واحد حقيقةً وبالذات وأنّ التركيب بينهما اتحادي، أو هو متعدد كذلك وأنّ التركيب بينهما انضمامي؟ فمردّ القول بالامتناع في المسألة إلى القول باتحاد المجمع لهما في مورد التصادق والاجتماع، إذ على هذا لا محالة يسرى النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به في الخارج، فإذن يلزم انطباق المأمور به على المنهي عنه فعلاً، وهذا محال. ومردّ القول بالجواز فيها إلى القول بعدم اتحاد المجمع، وعليه فلا يسري النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به بناءً على ما هو الصحيح من عدم سراية حكم أحد المتلازمين إلى الملازم الآخر.
وقد تحصّل من ذلك بوضوح أنّ النزاع في مسألتنا هذه صغروي، ولا يعقل أن يكون كبروياً.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net