التوضؤ أو الاغتسال في الدار المغصوبة - التوضؤ أو الاغتسال في الفضاء المغصوب 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4302

الرابع: وهو التوضؤ أو الاغتسال في الدار المغصوبة، قد تقدّم الكلام فيه في بحث الضد(1) بشكل مفصّل، وملخّصه: هو أنّ المكلف تارةً متمكن من الوضوء أو الغسل في غير المكان المغصوب، وتارة اُخرى لايتمكن منه في غيره لانحصار الماء فيه، فعلى الثاني بما أنّ متعلق الأمر هنا غير متعلق النهي، حيث إنّ الأوّل عبارة عن الغسلتين والمسحتين مثلاً، والثاني عبارة عن الكون في الدار، والمفروض أ نّهما لا ينطبقان على موجود واحد في الخارج، فلا مانع من القول بالجواز، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى: أنّ وظيفة المكلف في هذا الفرض وإن كانت هي التيمم، لفرض أ نّه لا يتمكن من الوضوء أو الغسل شرعاً وإن تمكن منه عقلاً، وقد ذكرنا في غير مورد أنّ مشروعية الوضوء أو الغسل مشروطة بالتمكن من استعمال الماء عقلاً وشرعاً، وفي المـقام بما أنّ الوضوء أو الغسل يتوقف على ارتكاب محرّم ـ وهو التصرف في مال الغير ـ فلا يتمكن منه، فإذن لا محالة تكون وظيفته التيمم لكونه فاقداً للماء.
فالنتيجة على ضوئهما هي: أنّ المكلف لو عصى ودخل الدار المغصوبة فتوضأ أو اغتسل فلا إشكال في صحته، بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب، وهذا واضح. وعلى الأوّل فلا شبهة في صحة الوضوء أو الغسل ولو قلنا بالفساد في الفرض الأوّل، وذلك لأنّ الصحة في هذا الفرض لا تتوقف على القول بالترتب، بل لو قلنا باستحالته فمع ذلك يكون صحيحاً، والوجه فيه: هو أنّ المكلف
ـــــــــــــــــــــ
(1) في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص 511.

ــ[510]ــ

مأمور بالطهارة المائية فعلاً، لتمكنه منها، غاية الأمر أ نّه بسوء اختياره فقد ارتكب المحرّم بدخوله في المكان المزبور، ومن الظاهر أنّ ارتكاب محرّم مقدّمة للوضوء أو الغسل أو في أثنائه إذا لم يكن متحداً معه لا يوجب فساده، هذا كلّه فيما إذا لم يكن الفضاء مغصوباً، بل كان مباحاً أو مملوكاً للمتوضئ.
الخامس: وهو التوضؤ أو الاغتسال في الفضاء المغصوب، أنّ الظاهر بطلان الوضوء فحسب دون الغسل.
أمّا الوضوء: فمن ناحية المسح حيث يعتبر فيه إمرار اليد وهو نحو تصرف في ملك الغير فيكون محرّماً، ومن الواضح استحالة وقوع المحرّم مصداقاً للواجب. فإذن لا بدّ من القول بالامتناع هنا لفرض اتحاد المأمور به مع المنهي عنه في مورد الاجتماع، ولا يفرق في ذلك بين صورتي انحصار الماء فيه ـ أي في الفضاء المغصوب ـ وعدم انحصاره فيه. نعم، لو تمكن المكلف من إيقاع المسح في غير الفضاء المغصوب وأوقع فيه لصح وضوءه على الأقوى وإن كان الأحوط تركه.
وعلى الجملة: فوظيفة المكلف في صورة الانحصار وإن كانت هي التيمم ولكنّه لو دخل في الفضاء المغصوب وتوضأ فيه، فإن أوقع المسح في غير الفضاء المغصوب لكان وضوءه صحيحاً، بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب، وإن أوقع المسح فيه لكان فاسداً، لاستحالة كون المنهي عنه مصداقاً للمأمور به، لفرض أنّ المسح تصرف في ملك الغير، ومعه لا يمكن أن يكون واجباً.
ومن هنا استشكلنا في صحة التيمم في الفضاء المغصوب من جهة أنّ المعتبر فيه إمرار اليد وهو نحو تصرف فيه، ولا يفـرق في هذا بين وجود المندوحة وعدمها.

ــ[511]ــ

وأمّا الغسل: فبما أ نّه لا يعتبر فيه إمرار اليد فلا يكون تصرّفاً فيه، لفرض أنّ الواجب فيه وصول الماء إلى البشرة، ومن المعلوم أ نّه لا يكون تصرّفاً فيه، والتصرّف إنّما يكون في مقدّماته كما هو واضح.
فإذن لا مانع من القول بالجواز في المقام والالتزام بصحة الغسل بناءً على ما ذكرناه من إمكان الترتب ووقوعه خارجاً.

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net