التمسك بالعام في الشبهات الحكمية - نسبة عدم جواز التمسك بالعام بعد التخصيص إلى العامة 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4001


ــ[312]ــ

الأوّل: يفرض الكلام في الشبهة الحكمية يعني ما كان الشك في شمول العام للفرد أو الصنف ناشئاً من الاشتباه في الحكم الشرعي، كما إذا افترض ورود عام مثل: أكرم كل عالم، وورد مخصص عليه مثل: لا تكرم المرتكب للكبائر منهم، وشك في خروج المرتكب للصغائر عن حكم العام من ناحية اُخرى، لا من ناحية الشك في دخوله تحت عنوان المخصص للقطع بعدم دخوله فيه.
الثاني: يفرض الكلام في الشبهة المفهومية، يعني ما كان الشك في شمول العام للفرد أو الصنف ناشئاً من الاشتباه في مفهوم الخاص، أي دورانه بين السعة والضيق كما إذا ورد: أكرم كل عالم ثمّ ورد: لا تكرم الفسّاق منهم، وافترضنا أنّ مفهوم الفاسق مجمل يدور أمره بين السعة والضيق، أي أ نّه عبارة عن خصوص مرتكب الكبائر أو الجامع بينه وبين مرتكب الصغائر، والشك إنّما هو في شمول حكم العام لمرتكب الصغائر ومنشؤه إنّما هو إجمال مفهوم الخاص وشموله له، وأمّا في طرف العام فلا إجمال في مفهومه أصلاً.
الثالث: يفرض الكلام في الشبهة المصداقية، يعني ما كان الشك في شمول العام للفرد أو الصنف ناشئاً من الاشتباه في الاُمور الخارجية كما إذا دلّ دليل على وجوب إكرام كل هاشمي، ودلّ دليل آخر على حرمة إكرام الفاسق منهم وشككنا في أنّ زيداً الهاشمي هل هو فاسق أو لا، فيقع الكلام في إمكان التمسك بالعام بالاضافة إليه وعدم إمكانه.
أمّا الكلام في الأوّل: فالظاهر أنّ عمدة الخلاف فيه إنّما يكون بين العامة(1) حيث نسب إلى بعضهم عدم جواز التمسك بالعام مطلقاً، ونسب إلى بعضهم الآخر التفصيل بين ما كان المخصص منفصلاً وما كان متصلاً، فذهب إلى عدم
ـــــــــــــــــــــ
(1) المحصول 1: 402، الإحكام للآمدي 2: 439.

ــ[313]ــ

جواز التمسك بالعام على الأوّل دون الثاني، هذا.
والصحيح هو جواز التمسك به مطلقاً، أي بلا فرق بين المخصص المتصل والمنفصل.
أمّا في الأوّل: فهو واضح، حيث إنّ دائرة العام كانت من الأوّل ضيّقاً، نظراً إلى أنّ المخصص المتصل يكون مانعاً عن ظهور العام في العموم من الابتداء، بل يوجب استقرار ظهوره من الأوّل في الخاص.
وبكلمة اُخرى: أ نّه لا تخصيص في البين، وإطلاقه مبني على المسامحة، لما تقدم من أنّ أداة العموم كلفظة «كل» أو ما شاكلها موضوعة للدلالة على عموم المدخول وشموله بما له من المعنى، سواء أكان من الأجناس أو الأنواع أو الأصناف، فلا فرق بين قولنا: أكرم كل رجل وقولنا: أكرم كل رجل عادل أو كل رجل إلاّ الفساق منهم، فانّ لفظة «كل» في جميع هذه الأمثلة تستعمل في معناها ـ وهو عموم المدخول وشموله ـ غاية الأمر أنّ دائرة العموم فيها تختلف سعةً وضيقاً كما هو الحال في سائر الموارد والمقامات، ومن الطبيعي أ نّه لا صلة لذلك بدلالتها على العموم أبداً. فالنتيجة أنّ إطلاق التخصيص في موارد التقييد بالمتصل في غير محلّه.
وأمّا الثاني: وهو ما كان المخصص منفصلاً، فقد يقال إنّ التخصيص كاشف عن أنّ عموم العام غير مراد من الأوّل وإلاّ لزم الكذب، فاذا انكشف أنّ العام لم يستعمل في العموم لم يكن حجةً في الباقي لتعدد مراتبه، ومن المعلوم أنّ المعاني المجازية إذا تعددت فارادة كل واحد منها معيّناً تحتاج إلى قرينة، وحيث لا قرينة على أنّ المراد منه تمام الباقي فبطبيعة الحال يصبح العام مجملاً فلا يمكن التمسك به. وعلى الجملة ففي كل مورد كان المعنى المجازي متعدداً فارادة أيّ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net