شهرة كفاية الغسل مرّة في التطهير من بول الرّضيع 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7554


ــ[30]ــ

وأما من بول الرضيع غير المتغذي بالطعام فيكفي صبّ الماء مرّة وإن كان المرّتان أحوط (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإلاّ وجب غسله مرّتين ، لأنه بول متحقق في الثوب أو البدن ولا فرق في تحققه بين الحدوث والبقاء .

   (1) الكلام في هذه المسألة يقع من جهات :

   الاُولى : أن الصبّة الواحدة هل تكفي في إزالة بول الرضيع غير المتغذي بالطعام أو لا بدّ في تطهيره من صبّ الماء عليه مرّتين ؟

   المشهور بل المتسالم عليه بينهم كفاية الصب مرّة خلافاً لما حكي عن كشف الغطاء من اعتبار الصب مرّتين (1) ، ولعل الوجه فيه أن حسنة الحلبي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن بول الصبي ؟ قال : تصب عليه الماء» (2) الدالّة على كفاية الصبة الواحدة مطلقة ، ومقتضى قانون الاطلاق والتقييد تقييدها بما دلّ على اعتبار التعدّد في مطلق البول كما في حسنة أو صحيحة أبي إسحاق النحوي (3) وحسنة الحسين بن أبي العلاء (4) وغيرهما من الأخبار المشتملة على قوله (عليه السلام) : «صب عليه الماء مرّتين» بعد السؤال عن إصابة البول للجسد ، هذا .

   ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه المشهور في المسألة ، وذلك لأنّ حسنة الحلبي وإن كانت مطلقة إلاّ أن حسنة الحسين المتقدِّمة ظاهرة الدلالة على كفاية الصبة الواحدة في بول الصبي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن البول يصيب الجسد ؟ قال : صب عليه الماء مرّتين فانّما هو ماء» ، «وسألته عن الثوب يصيبه البول ؟ قال : إغسله مرّتين» ، «وسألته عن الصبي يبول على الثوب ؟ قال : تصب عليه الماء قليلاً ثم تعصره» (5) . والوجه في الظهور : أن التفصيل قاطع للشركة فانّه (عليه السلام) فصّل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كشف الغطاء : 179 السطر 8 .

(2) الوسائل 3 : 397 / أبواب النجاسات ب 3 ح 2 .

(3) الوسائل 3 : 395 / أبواب النجاسات ب 1 ح 3 .

(4) الوسائل 3 : 395 / أبواب النجاسات ب 1 ح 4 .

(5) الوسائل 3 : 397 / أبواب النجاسات ب 3 ح 1 .

ــ[31]ــ

بين بول الصبي حيث اكتفى فيه بالصب مرّة وبين غيره فأوجب فيه الصب مرّتين ، وهذا يدلنا على أن التعدّد إنما هو في بول غير الصبي ، وأمّا بول الصبي فيكفي فيه الصب مرّة واحدة كما التزم به المشهور .

   الجهة الثانية : هل العصر بعد الصب معتبر في بول الصبي أو يكفي في إزالته مجرّد الصب ؟

   قد يقال باعتبار العصر في تطهيره نظراً إلى ما ورد في ذيل حسنة الحسين المتقدِّمة «تصب عليه الماء قليلاً ثم تعصره» ولا سيما بناء على أن الغسالة نجسة ، فان الماء ينفعل بملاقاة البول لا محالة ، ولا مناص في تطهير المتنجِّس حينئذ من إخراج الغسالة بالعصر .

   ولكن الظاهر عدم الاعتبار ، وذلك لأن الأمر بالعصر في الحسنة يحتمل أن يكون جارياً مجرى العادة والغلبة ، فان الغالب عصر المتنجِّس بعد الصب عليه ، كما يحتمل أن يكون مستحبّاً للقطع بكفاية العصر ـ على تقدير القول به ـ مقارناً مع الصب ، فالتقييد بكونه بعد الصب قرينة على ما ذكرناه ، فلا دلالة للحسنة على اعتبار العصر بعد الصب .

   وأما غسالة بول الصبي فان قلنا بطهارة الغسالة المتعقبة بطهارة المحل كما هو الصحيح فلا كلام ، وأما إذا قلنا بنجاستها فالأمر أيضاً كذلك ، لأنه لا يجب إخراج الغسالة في التطهير عن بول الصبي للحكم بطهارتها ما دامت باقية في محلها تبعاً له فلا  يحكم بنجاستها بالانفصال .

   الجهة الثالثة : هل الرش كالصب في التطهير عن بول الصبي ؟

   الصحيح عدم كفاية الرش عن الصب ، لأن الوارد في ألسنة الأخبار المتقدِّمة إنما هو الصب فلا دليل على كفاية الرش والنضح وإن استوعبا الموضع النجس ، فان ظاهر الأخبار اعتبار القاهرية في الماء وغلبة المحل دفعة .

   نعم ، ورد في روايتين الأمر بالنضح في بول الصبي ففي إحداهما : «يغتسل من بول

ــ[32]ــ

الجارية وينضح على بول الصبي ما لم يأكل» (1) وثانيتهما : «أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ الحسن بن علي (عليه السلام) فأجلسه في حجره فبال عليه قال : فقلت له : لو أخذت ثوباً فأعطني إزارك فاغسله ، فقال : إنما يغسل من بول الاُنثى وينضح من بول الذّكر»(2) إلاّ أنهما عاميان ولا يمكن أن نرفع اليد لأجلهما عن الأخبار المعتبرة الآمرة بالصب كما تقدّم .

   الجهة الرابعة : هل الحكم بكفاية الصب خاص بالصبي أو يعم الصبية أيضاً ؟ قد يطلق الصبي ويراد به الجنس فيشمل الاُنثى والذكر ، إلاّ أن إرادته من لفظة الصبي في روايات الباب غير ظاهرة ، فبما أن الوارد فيها هو الصبي فلا مناص من أن يقتصر في الحكم بكفاية الصب عليه ويرجع في بول الصبية إلى عموم ما دلّ على أن البول يغسل منه الثوب أو البدن مرّتين ، لأن المقدار المتيقن من تخصيص ذلك إنما هو التخصيص ببول الصبي ، وأما بول الصبية فيبقى مشمولاً لعموم الدليل أو إطلاقه .

   وأما ما ورد في ذيل حسنة الحلبي من قوله (عليه السلام) «والغلام والجارية في ذلك شرع
سواء»(3) فلا يمكن الاستدلال به لاجمال المشار إليه في قوله : «في ذلك» لأنّ المتقدِّم عليه أمران: أحدهما: قوله (عليه السلام) «يصب عليه الماء» وثانيهما: قوله «فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلاً» ولم يعلم أن الجارية كالغلام في كفاية صبّ الماء في تطهيره ، أو أن المماثلة إنما هي في لزوم الغسل بالماء فيما إذا كان يأكل الطعام ومعه نشك في التحاق بول الصبية ببول الصبي ، فلا مناص حينئذ من الاكتفاء في الخروج عن مقتضى الأدلّة الدالّة على لزوم غسل البول مرّتين بخصوص بول الصبي .

   الجهة الخامسة : أن عنوان الرضيع لم يرد في شيء من الروايات المعتبرة وإنما ورد فيها عنوان الصبي مقيداً في بعضها بما إذا لم يأكل الطعام ، وحيث إن الصبي غير المتغذي بالطعام لا ينفك عن كونه رضيعاً فعبّر عنه الأصحاب بالرضيع ، وعليه فالمدار إنما هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه أبو داود في سننه ج 1 ص 103 / 377 بتغيير يسير وكذا غيره .

(2) نفس المصدر وعنه في تيسير الوصول ج 3 ص 57 .

(3) الوسائل 3 : 397 / أبواب النجاسات ب 3 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net