الأصل في المتعارضين السقوط - توهم أنّ الأصل في المتعارضين التخيير 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 3855


 إذا عرفت ذلك فنقول: الأصل في المتعارضين التساقط وعدم الحجية. أمّا إذا كان التعارض بين دليلين ثبتت حجيتهما ببناء العقلاء، كما في تعارض ظاهر الآيتين أو ظاهر الخبرين المتواترين فواضح، إذ لم يتحقق بناء من العقلاء على العمل بظاهر كلام يعارضه ظاهر كلام آخر، فتكون الآية التي يعارض ظاهرها بظاهر آية اُخرى من المجمل بالعرض، وإن كان مبيّناً بالذات. وكذا الخبران المتواتران.

 وأمّا إن كان دليل حجية المتعارضين دليلاً لفظياً كما في البينة، فالوجه في التساقط هو ما ذكرناه في بحث العلم الاجمالي(1): من أنّ الاحتمالات المتصورة بالتصور الأوّلي ثلاثة: فامّا أن يشمل دليل الحجية لكلا المتعارضين، أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 405 ـ 406.

 
 

ــ[441]ــ

لايشمل شيئاً منهما، أو يشمل أحدهما بعينه دون الآخر. لايمكن المصير إلى الاحتمال الأوّل، لعدم إمكان التعبد بالمتعارضين، فانّ التعبد بهما يرجع إلى التعبد بالمتناقضين، وهو غير معقول. وكذا الاحتمال الأخير، لبطلان الترجيح بلا مرجّح، فالمتعيّن هو الاحتمال الثاني. ونظير ذلك ما ذكرناه في بحث العلم الاجمالي(1) من عدم جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي، فانّ شمول الدليل للطرفين موجب للمخالفة القطعية والترخيص في المعصية، وشموله لأحدهما ترجيح بلا مرجّح، فلم يبق إلاّ عدم الشمول لكليهما.

 وتوهم أنّ مقتضى الأصل عند التعارض هو التخيير، لأن كلاً من المتعارضين محتمل الاصابة للواقع، وليس المانع من شمول دليل الاعتبار لكل منهما إلاّ لزوم التعبد بالمتناقضين، وهذا المحذور يندفع برفع اليد عن إطلاق دليل الاعتبار بالنسبة إلى كل منهما بتقييده بترك الأخذ بالآخر.

 مدفوع بأنّ لازمه اتصاف كل منهما بصفة الحجية عند ترك الأخذ بهما، فيعود محذور التعبد بالمتناقضين. مضافاً إلى أ نّه على تقدير تماميته يختص بما إذا كان دليل الاعتبار لفظياً ليمكن التمسك باطلاقه، بخلاف ما إذا كان لبياً كالاجماع، إذ المتيقن منه غير صورة التعارض.

 لا يقال: يمكن تقييد الحجية في كل منهما بالأخذ به، ونتيجة ذلك هو التخيير وجواز الأخذ بأيّ منهما شاء المكلف.

 فانّه يقال: كلا، فانّ لازمه أن لا يكون شيء من المتعارضين حجة في فرض عدم الأخذ بهما أصلاً، فيكون المكلف مطلق العنان بالنسبة إلى الواقع، فيتمسك بالبراءة لو لم يكن في البين دليل آخر من عموم أو إطلاق أو أصل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الجزء الثاني من هذا الكتاب ص 411.

ــ[442]ــ

مثبت للتكليف، ولا يلتزم القائل بالتخيير بذلك.

 ولا يقاس المقام على التخيير الثابت بالدليل، فانّه لو تمت الأخبار الدالة على التخيير في تعارض الخبرين، فهي بنفسها تدل على لزوم الأخذ بأحدهما، وعند تركه يؤاخذ بمخالفة الواقع، نظير الشبهات قبل الفحص التي لا تجري البراءة فيها. وهذا بخلاف ما إذا استفيد التخيير من تقييد دليل الاعتبار، فان مفاده بناءً على التقييد ليس إلاّ حجية كل من المتعارضين في صورة الأخذ بواحد منهما، ولا تعرض له لوجوب الأخذ وعدمه.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net