3 ـ إذا وقع التعارض بين دليلين بالتباين مع ورود مخصص مّا 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4108


 النوع الثالث من التعارض بين أكثر من دليلين: ما إذا وقع التعارض بين الدليلين بالتباين وورد مخصص مّا، وهذا أيضاً يتصور على صور ثلاث:

 الصورة الاُولى: ما إذا ورد المخصص على أحدهما فيخصص به، وتنقلب النسبة من التباين إلى العموم المطلق، فيقدّم الخاص على العام ويرتفع التعارض، مثلاً إذا دل دليل على وجوب إكرام العلماء، ودل دليل آخر على عدم وجوب إكرام العلماء، ودل دليل ثالث على وجوب إكرام العالم العادل، تكون النسبة بين الأوّلين التباين، وبعد تخصيص الثاني بالثالث باخراج العالم العادل منه تنقلب النسبة بين الأوّل والثاني من التباين إلى العموم المطلق، ويكون الثاني أخص مطلقاً بالنسبة إلى الأوّل.

 ومن هذا القبيل الأدلة الواردة في إرث الزوجة من العقار، فمنها ما يدل على أ نّها لا ترث من العقار بقول مطلق(1). ومنها ما يدل على أ نّها ترثها كذلك(2). ومنها ما يدل على أ نّها ترثها إذا كانت اُم ولد (3).

 الصورة الثانية: ما إذا وقع التعارض بين الدليلين بالتباين، و ورد المخصص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 26: 205 / أبواب ميراث الأزواج ب 6.

(2)، (3) الوسائل 26: 212 / أبواب ميراث الأزواج ب 7 ح 1 و 2.

ــ[482]ــ

على كل واحد منهما مع عدم التنافي بين المخصصين في أنفسهما أصلاً، فتنقلب النسبة من التباين إلى العموم من وجه، ويتعارضان في مادة الاجتماع، ويرجع إلى الترجيح أو التخيير، مثلاً إذا دل دليل على كفاية الغسل مرة واحدة في ارتفاع النجاسة وعدم اعتبار التعدد في حصول الطهارة، ودل دليل آخر على عدم كفايتها واعتبار التعدد، ودل دليل ثالث على اعتبار التعدد في الغسل بالماء القليل، وهو المخصص لما يدل على عدم اعتبار التعدد مطلقاً، ودل دليل رابع على عدم اعتبار التعدد في الغسل بالماء الجاري، وهو المخصص لما يدل على اعتبار التعدد مطلقاً، فيقع التعارض بين الأوّلين بالتباين، وبعد تخصيص كل واحد منهما تنقلب النسبة إلى العموم من وجه، ويتعارضان في مادة الاجتماع ـ وهو الغسل بالكر ـ فان مقتضى ما يدل على اعتبار التعدد إلاّ في الغسل بالماء الجاري هو اعتباره في الغسل بالكر، ومقتضى ما يدل على عدم اعتبار التعدد إلاّ في الغسل بالقليل هو عدم اعتباره في الغسل بالكر، فيعامل معهما معاملة المتعارضين من الترجيح أو التخيير.

 الصورة الثالثة: ما إذا وقع التعارض بين دليلين بالتباين، و ورد المخصص على كل منهما مع التنافي بين المخصصين أيضاً بالعموم من وجه، كما إذا دل دليل على وجوب إكرام العلماء، ودل دليل آخر على عدم وجوب إكرامهم، ودل دليل ثالث على وجوب إكرام العالم العادل، ودل دليل رابع على عدم وجوب إكرام العالم النحوي. ولا أثر للقول بانقلاب النسبة والقول بعدمه في هذه الصورة.

 إذ على القول بانقلاب النسبة، كانت النسبة ـ بين دليل وجوب إكرام العلماء ودليل عدم وجوب إكرامهم بعد خروج العالم النحوي من الأوّل وخروج العالم العادل من الثاني ـ العموم من وجه، حيث يجتمعان في العالم العادل النحوي،

ــ[483]ــ

ويفترقان في العالم العادل غير النحوي وفي العالم الفاسق النحوي، فيحكم بوجوب إكرام العالم العادل غير النحوي، وبعدم وجوب إكرام العالم الفاسق النحوي، ويرجع إلى الاُصول العملية أو الترجيح أو التخـيير في إكرام العالم العادل النحوي.

 وأمّا على القول بانكار الانقلاب يسقط العامان عن الاعتبار رأساً، ويؤخذ بالخاصين، وحيث إنّ بينهما العموم من وجه، يعمل بهما في مورد افتراقهما، ويرجع إلى الاُصول العملية أو الترجيح أو التخيير في مورد الاجتماع ـ وهو العالم العادل النحوي ـ فتكون النتيجة عين نتيجة القول بانقلاب النسبة.

 هذا تمام الكلام في بيان صور التعارض بين أكثر من دليلين. ولو فرض التعارض بين أكثر من دليلين ـ سوى ما ذكرناه من الصور ـ يعلم حكمه مما ذكرناه.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net